كل لصوص الدول هكذا يفعلون ليعودوا كرسل محبة وسلام لمن سرقوا قوتهم وثيابهم قبل ايام

سلام فضيل

الحوار المتمدن-العدد: 2012 - 2007 / 8 / 19 - 10:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

في بداية الثمانينيات حصل في مدينتنا حدث احدث صدى واسع وارباك عند الكثير من الناس ‘ بالرغم من اجواء الحرب الدائرة آنذاك ‘ وما زالت مستمرة ‘ ولكن ذلك الحادث سيطر على حديث الناس في الشارع والبيت والمقهى .
وكان اكتشاف عصابة نصب واحتيال وسرقة ‘ والمفاجئة ليس في اكتشاف عصابة ‘ وانما في نوعية افراد هذه العصابة وكيفية عملهم ‘ خاصة وان السرقة كانت قليلة جدا في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات ‘ حيث صحافة الحزب الشيوعي ومقراته مازالت حاضراتا بين الناس ‘ وايضا وفرة فرص العمل حد الفائض منها .
ولهذا كانت دهشة واستياء الناس ‘ لحد الاستغراب ‘ حيث كان افراد عصابة النصب والسرقة ‘ موظفين من الصف الاول لوظائف الدولة والمدينة ‘ وما يتبع ذلك من نفوذ ووجاهة ورهبة عند الناس في مثل مجتمعنا وسيطرة الثقافة الابوية ‘(الاذلاليه ) ‘ فكانت ( العصابة ) مدير البنك المركزي في المدينة وبعض مساعيده وعدد من كبار التجار ‘ ولم يكن عملهم التسلل الى غرف العجائز وسرقة ما في صرائرهن وكثيرا ما تظهر خرزة مسبحة او حبة هيل عسى ان يتذكرها ذلك الذي تساقطت اسنانه وظل يردد بعض كلمات الهوى ‘ بل كل ما كانوا يفعلوه ‘ هو ان يأتي التجار الى مدير البنك ويشرحون له نوعية وتفاصيل الصفقة ‘ والربح المتوقع والمبلغ المطلوب عليه توفيره لهم ‘ من حسابات المودعين ‘ شرط ان تكون فترة البيع والشراء قصيرة ‘ كي يعاد المبلغ قبل اكتشافه ‘ وسرعان ما ظهر على بعضهم الثراء الفاضح من بناء القصور التي ما زالت بارزة من بين بيوت المدينة ‘ وفي احدى المرات تأخرت الصفقة ساور الشك احدهم من باب معرفة الحرامي بالحرامي ‘ من انهم( خانوه) بينما هي المواد تأخر وصولها وكانت اسمدة وبذور‘ بمئات الالاف من الدولارات ‘ فابلغ عنهم وضبطو ا متلبسين بالتهمة ‘ ولم يوجد شيئ مسجل باسمائهم ‘ ومات احدهم بعد صدور الحكم بفترة وسبقه احد المودعين الذي وجد نفسه مفلسا ‘في لحظة مباغته .
واغلق اشهر محل حلويات في المدينة لان عقد الايجار باسم احدهم ‘ وبيعت ادواته بالمزاد بعد ان اكلها الصدء . وصار المقربين منهم من اصحاب الشركات التي توفر فرص العمل وتساعد الفقراء ‘ وتمتدح العصامية وتلعن الفساد والحرامية ؟!
ومن يتابع مايجري في العراق الان ‘ هو ما كانت تلك العصابة ‘ تخجل من الاقتراب اليه وليس فعله ‘ ومن يتابع صفقة استثمار شركة الهاتف النقال التي تعقد الان في عمان ‘ وهي بداية تبييض الاموال ‘ وتعقد امام انظار العالم كله لدرجة المبالغة في الاعلان عنها وواشراك ممثلين قوى سياسية وموظفين في الدولة يتمتعون بالكثير من المصداقية ‘ لتكون صفقة بعيدة عن كل الشبهات ‘ وهي اقرب ما تكون مستنسخة عما فعله الحرامية في روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي واستلام بوريس يلتسين رئاسة الدولة في روسيا ‘ حيث نهبت مئات المليارات ‘ وبيضت من خلال الشركات ‘ وصار اصحابها الان من المنافسين على منصب رئاسة الدولة ‘ ويطالبون بالشفافية ويلعنون الفساد ويدعمون او يقودون حركات سياسية وشعبية تغلق الشوارع بالتظاهر بين الحين والاخر ؟!
على الدباغ قال اليوم في العديد من وسائل الاعلام نحن نشكر هذه الشركات التي تريد ان تستثمر وتوفر فرص عمل للعراقيين كما نشكر التي استثمرت ومازالت وهي مشاركة في هذه المزايدة ‘ رغم اتهامها بالتقصير (السرقة ) من الناس لان العراق الان عراق الاستثمار ؟!
كل حرامية الدول هكذا يفعلون ليعودو كرسل محبة وسلام لمن سرقوا اموال قوتهم قبل ايام .

#سلام_فضيل (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل