أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - مرجعية السلام في خطاب بوش















المزيد.....

مرجعية السلام في خطاب بوش


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1984 - 2007 / 7 / 22 - 12:10
المحور: القضية الفلسطينية
    



استهل الرئيس بوش خطابه بتذكير العالم بأنَّ لديه مآثر أيضا قائلاً إنَّه كان أوَّل رئيس للولايات المتحدة يدعو إلى قيام دولة فلسطينية "ديمقراطية" تعيش جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل في سلام وأمن؛ أمَّا ما حَمَلَه على أن يدعو إلى ذلك، قبل أكثر من خمس سنوات، فهو إدراكه لحقيقة أنَّ الفلسطينيين ينبغي لهم أن يعيشوا في حال جديدة تخلو من "الفقر" و"الاحتلال".

تلك "المأثرة" فَقَدَت، أو أفْقَدَها الرئيس بوش نفسه، كثيرا من معانيها؛ لأنَّه لم يفعل شيئا، مُذْ "دعا"، يسمح له بأن يقول في خطابه إنَّه أوَّل رئيس للولايات المتحدة "دعا"، ثمَّ جَعَل دعوته حقيقة واقعة، فكل ما فعله بعد "الدعوة" لم يتعدَّ السعي في إكراه الفلسطينيين، بأساليب شتى، على التفريط في جوهر قضيتهم القومية، وفي جوهر حقوقهم القومية، قبل، ومن أجل، حصولهم على تلك الدولة "الديمقراطية"، التي تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل في سلام وأمن.

لقد أكَّد لهم قولا وعملا أنَّ استخذاءهم لشروط حصولهم على تلك الدولة والتي تضمَّنتها "رسالة الضمانات" التي سلَّمها لشارون، أي تخلِّيهم عن "وديعة عرفات"، هو وحده الذي يمكنه أن يأتي لهم بتلك الدولة "الديمقراطية المسالمة".

والفلسطينيون، الذين يزدادون اقتناعا كل يوم بأنَّ "حماس" أساءت كثيرا، وكثيرا جدا، إليهم، وإلى قضيتهم القومية، إذ ارتكبت ما ارتكبته في قطاع غزة، لا يمكنهم أن يقتنعوا بما أراد الرئيس بوش أن يقنعهم به إذ قال في خطابه "أجرى الفلسطينيون انتخابات حرَّة، واختاروا رئيسا ملتزما السلام"؛ لأنَّهم أجروا أيضا انتخابات حرَّة، اختاروا فيها مجلسا تشريعيا تهيمن عليه "حماس"؛ وقد انبثقت منه "حكومة حماس"، التي لرفضها تلبية شروط ومطالب "اللجنة الرباعية الدولية"، ظَهَر الفلسطينيون على أنَّهم اختاروا في حرِّة تامَّة، وعلى نحو ديمقراطي، برلمانا وحكومة "غير ملتزمين السلام".

ولو كان لدى الرئيس بوش ما يكفي من الجرأة للاعتراف بـ "الحقيقة" لاعترف بأنَّ الولايات المتحدة وإسرائيل هما من تسبَّب، في المقام الأوَّل، بإفقاد "خيار السلام" جاذبيته لدى الغالبية العظمى من الفلسطينيين، وبتمكين "حماس"، بالتالي، من إحراز نصرها الانتخابي الكبير الذي عَرَف قادة "التحرير الثاني (لقطاع غزة)" كيف يُحوِّلونه إلى هزيمة للشعب الفلسطيني وقضيته القومية.

كان على الرئيس بوش أن يعترف للفلسطينيين بأنَّ الولايات المتحدة خذلتهم بعدما أجروا انتخابات حرَّة، اختاروا فيها رئيسا ملتزما السلام.

"اللحظة" إنَّما هي، بحسب قول الرئيس بوش، "لحظة الوضوح"، و"لحظة الاختيار"، بالنسبة إلى الفلسطينيين جميعا، فقطاع غزة هو "النموذج السلبي"، والضفة الغربية هي "النموذج الإيجابي".

وهذا القول إنَّما يعني أنَّ الرئيس بوش عاقد العزم على جَعْل سوء الحال في قطاع غزة مقياسا تُقاس به فحسب إيجابية النموذج المضاد في الضفة الغربية، وكأنَّ الخيار السياسي الذي يريد للفلسطينيين الأخذ به هو الذي ينشأ ويتطوَّر من خلال المفاضلة بين سياسة أدَّت في قطاع غزة إلى نقص في الطحين، مثلا، وسياسة أدَّت في الضفة الغربية إلى وفرة فيه.

وكلَّما اضْطَّر الفلسطينيون إلى مزيد من هذه المفاضلة تضاءلت لديهم الحاجة إلى "المفاضلة الفضلى" وهي المفاضلة بين الحل النهائي الذي تتضمنه "رسالة الضمانات" والحل النهائي الذي تتضمنه "وديعة عرفات"، فالرئيس بوش، وعن عمد، لم يأتِ على ذكر اسم عرفات إذ ذَكّر أسماء أبطال السلام.

"نموذج غزة" سيستمر ما استمرَّت الحاجة إليه بوصفه وسيلة لإقناع الفلسطينيين على وجه العموم بأنَّ الكارثة التي يرونها في هذا النموذج ستُصيبهم جميعا إنْ هُم ظلوا يرفضون الحل النهائي الذي تضمَّنته "رسالة الضمانات".

وفي "نموذج غزة"، ليس من عمل يمكن أن تؤدِّيه سلطة "حماس" في القطاع سوى السماح بدخول المساعدات الإنسانية إليه، فالكارثة التي يراد لها الاستمرار هناك يجب ألا تنتهي إلى نتائج من قبيل أن يموت الفلسطينيون جوعا أو مرضا.

وسيتولى بلير بالتعاون مع دايتون بناء "مؤسَّسات الدولة (قبل قيام الدولة)"، على أن يأتي عملهما، أو مهمتهما، بما يؤكِّد أنَّ الفلسطينيين قد استوفوا شروط حصولهم على "دولة فلسطين الديمقراطية التي تعيش جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل في سلام وأمن".

والعمل الأوَّلي لمبعوث "الرباعية الدولية" بلير، والذي يقوم على "الإصغاء فالتفكير"، سينتهي إلى إقرار "خطَّة لبناء المؤسَّسات الفلسطينية"، ثمَّ يأتي "التمويل الدولي". وبعدما يَثْبُت ويتأكَّد نجاح "خطَّة بناء مؤسَّسات الدولة"، يصبح ممكنا، بحسب قول الرئيس بوش، بدء مفاوضات جدِّية توصُّلا إلى إقامة دولة فلسطينية.

ولكن، هل من مرجعية لهذه المفاوضات؟ أجل، لديها مرجعية، أوضح الرئيس بوش وشرح بعضا من أهم عناصرها ومكوِّناتها. أوَّلا، ينبغي لهذه المفاوضات أن تؤدِّي إلى قيام دولة فلسطينية "قابلة للحياة، متَّصلةً أجزاؤها"، أي أنَّ "دولة فلسطين" يجب أن تكون "أجزاء"، على أن يَتَّصِل بعضها ببعضٍ.

ثانيا، لا بدَّ من حلٍّ لمشكلة "الحدود" يقوم على المزاوجة بين "خط الرابع من حزيران (1967)" و"الحقائق الجديدة"، التي بموجبها تَضُمُّ إسرائيل إليها (بالاتِّفاق مع الفلسطينيين) أجزاء من أراضي الضفة الغربية (ومن القدس الشرقية، أو القدس الشرقية كلها). ويعود إلى الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني أمر الاتِّفاق (عبر التفاوض السياسي الثنائي) على "الحدود الجديدة"، أو على "تعديل الحدود".

ثالثا، وفي "نهاية المطاف"، يمكن التوصُّل إلى اتِّفاق على حلٍّ نهائي للمشكلات الأخرى، كمشكلتي "اللاجئين" و"القدس".

وإذا كان الرئيس بوش يريد لـ "دولة فلسطين" أن تكون "ديمقراطية مسالمة" فإنَّه يريد للولايات المتحدة أن تظلَّ على التزامها الدفاع عن إسرائيل بوصفها "دولة يهودية، ووطنا للشعب اليهودي"، وكأنَّ مواطنيها من العرب (الفلسطينيين) لن يبقوا جزءا من هذه الدولة إلا بفضل "ديمقراطيتها وإنسانيتها فحسب"!

الرئيس بوش لم يَدْعُ في خطابه، أو حتى الآن، إلى "عقد لقاء دولي في الخريف المقبل"؛ ولكنَّه قال إنَّه "سيدعو" إلى عقده. ولكن مَنْ يُمْكنه الحضور والمشاركة؟ عن هذا السؤال أجاب الرئيس بوش قائلا: سيجيء إلى هذا اللقاء ممثِّلو الدول "التي تؤيِّد مبدأ الدولتين، وتَنْبُذ العنف، وتَعْتَرِف بحق إسرائيل في الوجود، وتلتزم كل الاتفاقيَّات السابقة. الطرفان الأساسيان في هذا اللقاء هما الإسرائيليون والفلسطينيون. أمَّا "جيرانهما" فلن يَحْضُر منهم إلا من استوفى تلك الشروط.

رايس، وبأمرٍ من الرئيس بوش، سترأس هذا اللقاء، الذي سيُبحثُ فيه ما أُنْجِز من مهمَّة "بناء مؤسَّسات فلسطينية"، وما يُمْكِن عمله في هذا الشأن، كما سيُبْحَث في ما يمكن القيام به دبلوماسيا لدعم الطرفين (الإسرائيلي والفلسطيني) في محادثاتهما ومفاوضاتهما الثنائية، توصُّلا إلى أن يصبح "في مقدورنا المضي قُدُما في مسارٍ يؤدِّي في آخر المطاف إلى قيام الدولة الفلسطينية".

ولم ينسَ الرئيس بوش أن يأتي، في خطابه، على ذِكْر "مبادرة السلام العربية"، فقد وصف إعادة تأكيد الدول العربية التزامها تلك المبادرة في قمَّة الرياض بأنَّها "خطوة أولى مُسْتَحبَّة"، قائلا إنَّه ينبغي للدول العربية الآن "أن تبني على أُسُس المبادرة"؛ ولكن كيف؟ أجاب قائلا: "من خلال نَبْذِها خرافة أنَّ إسرائيل غير قائمة، ومن خلال توقُّفها عن التحريض على معاداة إسرائيل في وسائل إعلامها الرسمية، ومن خلال قيام ممثِّلين لها على مستوى وزاري بزيارة إسرائيل".

وحتى يَفْهَم العرب السياق الجديد لجهود ومساعي السلام قال الرئيس بوش وأوضح أنَّ كل تلك الجهود والمساعي إنَّما هي جزء من كل؛ وهذا "الكل" إنَّما هو تمكين "قوى الاعتدال" من التغلُّب على "قوى التطرُّف" على المستوى الإقليمي، وكأنَّ "دولة فلسطين الديمقراطية المسالمة" لن تصبح حقيقة واقعة إلا بعد، وبفضل، نجاح "قوى الاعتدال" في إلحاق الهزيمة بـ "قوى التطرف" في الشرق الأوسط برمَّته.

وهذا "الحل"، الذي من أجله سيدعو الرئيس بوش إلى عقد لقاء دولي في الخريف المقبل، إنَّما يقوم على "الضفة الغربية أوَّلا"، و"التطبيع أوَّلا"!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -سلام- نكهته حرب!
- طريقان تفضيان إلى مزيد من الكوارث!
- أعداء العقل!
- عشية -الانفجار الكبير-!
- كيف يُفَكِّرون؟!
- بعضٌ من المآخِذ على نظرية -الانفجار العظيم- Big Bang
- ما ينبغي لنا أن نراه في مأساتهم!
- ما وراء أكمة -الإسلام هو الحل-!
- البتراء.. شرعية منزَّهة عن -الانتخاب-!
- هذا الفقر القيادي المدقع!
- -روابط القرى-.. هل تعود بحلَّة جديدة؟!
- خيارٌ وُلِد من موت الخيارين!
- -الأسوأ- الذي لم يَقَع بعد!
- وَقْفَة فلسطينية مع الذات!
- هذا -الكنز الاستراتيجي- الإسرائيلي!
- -رغبة بوش- و-فرصة اولمرت-!
- تحدِّي -الضفة- وتحدِّي -القطاع-!
- بعضٌ من ملامح المستقبل القريب
- هذا -النصر- اللعين!
- ثنائية -الإيمان- و-الإلحاد-.. نشوءاً وتطوُّراً


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - مرجعية السلام في خطاب بوش