أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - ما ينبغي لنا أن نراه في مأساتهم!















المزيد.....

ما ينبغي لنا أن نراه في مأساتهم!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1973 - 2007 / 7 / 11 - 10:52
المحور: القضية الفلسطينية
    


لم أرَ عجزا قياديا وسياسيا فلسطينيا كهذا العجز الذي تُرينا إيَّاه الأزمة الإنسانية التي يعانيها نحو ستة آلاف فلسطيني في الجانب المصري من معبر رفح، والتي تشتد وتتفاقم.

بدايةً، دعونا نفترض، أو نتوقَّع، أن يطول لأسباب شتى مَنْع هؤلاء، وفيهم أطفال ونساء وشيوخ ومرضى، من العودة إلى ديارهم في قطاع غزة. وينبغي لكل من يدَّعي بأنَّه يقود، أو يشارِك في قيادة، الشعب، وبأنَّه مسؤول عنه مهما كان نوع أو حجم المسؤولية، أن يُفَكِّر ويَعْمَل، في هذا الشأن، بما يتَّفِق مع هذا الافتراض أو التوقُّع. دعونا نفترض، أو نتوقَّع، ذلك لنسأل من ثم: هل من مبرِّر مُقْنِع لكثير من أوجه وجوانب تلك المعاناة التي نراها؟!

إنني لا أرى، و"المعانون" أيضا لا يرون، سببا وجيها ومُقْنِعا يمنع القيادة الفلسطينية المختلفة في جنس الملائكة، ويمنع "الأشقَّاء" في مصر، وفي سائر بلاد العُرْب، من أن يهيِّئوا لهؤلاء المعانين الذين لا يزيد عددهم عن ستة آلاف فلسطيني أسباب حياة عادية وطبيعية حيث هم وإلى أن تصبح عودتهم "المقبولة سياسيا" ممكنة، فهل تعاني تلك القيادة، وهؤلاء "الأشقَّاء"، نقصا في الأموال والثمرات أم أنَّهم، ومن فرط حرصهم على منع ما يشبه "التوطين" هنا، وحتى تبقى "القضية حيَّة"، قد قرَّروا أن يعاملوهم كما عُومِل ويُعامَل اللاجئون الفلسطينيون في المنافي العربية؟!

أيَّها "الساسة"، الذين تسوسون الأمور بغير عقل فيُنْفَذُ أمركم فيُقال "ساسة"، "المشكلة" ليست كما ترونها بآفاقكم التي تَسَع كل شيء ولا يسعها شيء؛ و"حلُّها" عمليٌ من ألفه إلى يائه، ولا يحتاج إلى أن تستنفدوا في البحث عنه، وصنعه، جهدكم ووقتكم "الثمينين"، فمصر وإسرائيل فقط يمكنهما التوصُّل إلى "اتِّفاق مؤقَّت"، ينتهي العمل به بعد 24 ساعة من التوصُّل إليه، ويُسْمَح بموجبه بعودة كل من يرغب في العودة، أو في مقدوره (أمنياً) العودة، إلى قطاع غزة، عبر معبر "كرم أبو سالم" الذي تسيطر عليه إسرائيل سيطرة كاملة.

أمَّا إذا استطاعت مصر (في هذا الاتِّفاق) أن تُلْزِم إسرائيل الامتناع عن اعتقال أيٍّ من العائدين فعندئذٍ يصبح ممكنا أن يعود جميعهم. وإذا لم تستطع مصر ذلك فَلْيَقُم الحريصون على منع إسرائيل من اعتقال بعض العائدين بإعادتهم إلى قطاع غزة تهريبا، فـ "الأنفاق السرِّية" تتَّسِع لهم.

بعد (وليس قبل) تنفيذ هذا "الاتِّفاق المؤقَّت"، ودرءا لخطر جَعْل معبر "كرم أبو سالم" بديلا من معبر "رفح" حيث يتغنُّون بـ "السيادة الفلسطينية عليه"، يمكن إغلاق المعبر الأوَّل بـ "قوَّة النيران الفلسطينية".

لنستمع إلى بعضٍ ممَّا قالوه في تبرير رفضهم حلَّ "المشكلة" عبر معبر "كرم أبو سالم". قالوا إنَّهم يرفضون؛ لأنَّهم يصرِّون على "مطلب قومي (سيادي)" هو فتح معبر "رفح"، فالمرور (مرور المسافرين) عبر معبر "كرم أبو سالم" يُعيد إخضاع قطاع غزة "الذي تحرَّر من القبضة الإسرائيلية" إلى "السيطرة الإسرائيلية المباشِرة". وحمَّلوا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مسؤولية بقاء معبر "رفح" مُغْلَقا، متَّهمين إيَّاه بالسعي إلى جَعْل معبر "كرم أبو سالم" بديلا (دائما) من معبر "رفح".

لقد قُلْتُ من قبل إنَّ تحرير معبر "رفح" هو وحده ما يَجْعَل "تحرُّر قطاع غزة من القبضة الإسرائيلية" أمرا غير مشكوك فيه، فقطاع غزة لم يتحرَّر بعد؛ لأنَّ معبر "رفح" لم يتحرَّر بعد؛ وكل من يرى غير ذلك إنَّما يَبُثُّ أوهاما، يُعَدُّ تحرُّر الفلسطينيين منها شرط بقاء.

وقُلْتُ إنَّ الشعب الفلسطيني كله سيُصَفِّق لكل جماعة أو جماعات فلسطينية مسلَّحة تستطيع أن تَفْتَح معبر "رفح" بقوة السلاح، وأنْ تبقيه مفتوحا، يمرُّ منه ليس المسافرون فحسب وإنَّما الواردات والصادرات الفلسطينية.

في الجانب الفلسطيني من معبر "رفح" ليس من وجود لجندي إسرائيلي واحد؛ ومع ذلك يَقِفُ معبر "رفح" متحدِّياً الفلسطينيين على فتحه، وإبقائه مفتوحا. أمَّا الأسباب التي تجعل الفلسطينيين في قطاع غزة في هذه الحال من العجز فأهمها هو أنَّ للمعبر جانبا آخر تسيطر عليه الحكومة المصرية، ولا بدَّ، بالتالي، من "إقناعها" بفتحه، وبإبقائه مفتوحا.. وأنَّ إسرائيل، ومِنْ على بُعْد، تستطيع إغلاقه، وإبقائه مغلقا، بقوَّة النيران، إذا لم تَقُم بتدميره.

ولو كان الأمر ممكنا سياسيا (واستراتيجيا) لحُفِرَت أنفاق واسعة تحت الأرض على جانبي الحدود الفلسطينية ـ المصرية، لِيَمُرَّ عبرها الفلسطينيون وكل ما يحتاجون إلى إدخاله إلى القطاع وإخراجه منه (بضائع وغيرها).

وإنصافا للحقيقة، وتقويضا للوهم، نقول إنَّ "مفتاح" معبر "رفح" ليس في جيب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي لم يَقُلْ يوما ما يُظْهِرَه على أنَّه مِمَّن يعلِّل النفس بوهم أنَّ قطاع غزة قد تحرَّر فعلا من الاحتلال الإسرائيلي، وأن لا سيادة عليه غير السيادة الفلسطينية، فهذا الشريط الساحلي الفلسطيني الضيِّق والفقير، والذي يقطنه نحو مليون ونصف المليون فلسطيني، هو مُذْ عَرَف "التحرير الأوَّل" في حال أسوأ من حال الاحتلال العسكري الإسرائيلي المباشِر؛ ولو كان لـ "المجتمع الدولي" حسَّاً إنسانيا، وإرادة سياسية حرَّة، لأعلن أنَّ قطاع غزة "المحرَّر" هو مُذْ "تحرَّر" مسرح لجرائم إسرائيلية أكثر بشاعة من جريمة بقائه خاضعا لاحتلال عسكري إسرائيلي مباشِر. لقد أخرجت إسرائيل كل جنودها ومستوطنيها من قطاع غزة لِتُحْكِم قبضتها عليه، وعلى أهله، أكثر من ذي قبل.

وكيف للرئيس الفلسطيني أن "يأمر" بإعادة فتح معبر "رفح" وهو الذي لا يملك الآن من وجود أمني، أو سيادة أمنية هناك؟!

إنَّ المراقبين الأوروبيين، والإسرائيليين أيضا، لن يمتثلوا لهذا "الأمر" إذا ما ظلَّ أمن السلطة الشرعية الفلسطينية غائبا عن هذا المعبر.

لقد أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وقف كل أعمال البناء ومشاريع إعادة الإعمار في قطاع غزة بسبب النقص الشديد في مواد البناء الأساسية كمثل الإسمنت. وهذا النقص الشديد سببه إغلاق إسرائيل للمعابر. ودعت "الأونروا" إلى فتح كل المعابر ليس لإدخال المواد الغذائية والدواء فحسب وإنَّما لإدخال المواد والسلع الأخرى. والمشاريع التي أعلنت "الأونروا" وقفها كانت ستُشغِّل نحو 120 ألف فلسطيني من أهل القطاع. وسيؤدِّي هذا (مع عوامل أخرى) إلى زيادة الضغوط على برنامج المساعدات الإنسانية.

وهذا إنَّما هو بعض من الحقائق الواقعة التي يكفي أن تَضْرب "السياسة" عنها صفحا حتى تغدو سياسة غير صالحة للقيادة والحُكم، فإذا لم تُصْنًَع "السياسة"، و"المواقف السياسية"، بما يراعي تلك الحقائق والوقائع فهل يمكن عندئذٍ القول بوجود "قيادة سياسية"؟!

والأسوأ من ذلك أن يقترن تجاهل تلك الحقائق والوقائع بتعليل النفس بوهم (تأكَّد للفلسطينيين غير مرَّة أنَّه وهم خالص) أنَّ العالم، بدءا من جزئه العربي والإسلامي، لن يقف موقف المتفرِّج إذا ما تفاقمت واشتدت المعاناة الإنسانية لأهل القطاع، وسيَصْدُر عنه من الأقوال والأفعال ما يَجْعَل لـ "الصمود" ثمارا سياسية طيبة!

هذا هو الهراء بعينه، والوهم القاتل بعينه؛ وهذا هو بالتالي ما يحتاج الفلسطينيون إلى نبذه وتطليقه ثلاثاً. وعليه، لن يختلف "فلسطينيان" في أنَّ إزالة آثار "التحرير الثاني" هي المَدْخَل الذي عبره يمكن إدخال بعضٍ من معاني التحرير الحقيقية في "التحرير الأوَّل"، فالمأساة ـ المهزلة التي نراها في وضع أولئك الستة آلاف فلسطيني يجب أن تقرع ناقوس الخطر، فإذا لم يُقْرَع، وإذا قُرِع ولم يُسْمَع، فإنَّ ملايين الفلسطينيين سيصبحون عمَّا قريب في وضع مماثل.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما وراء أكمة -الإسلام هو الحل-!
- البتراء.. شرعية منزَّهة عن -الانتخاب-!
- هذا الفقر القيادي المدقع!
- -روابط القرى-.. هل تعود بحلَّة جديدة؟!
- خيارٌ وُلِد من موت الخيارين!
- -الأسوأ- الذي لم يَقَع بعد!
- وَقْفَة فلسطينية مع الذات!
- هذا -الكنز الاستراتيجي- الإسرائيلي!
- -رغبة بوش- و-فرصة اولمرت-!
- تحدِّي -الضفة- وتحدِّي -القطاع-!
- بعضٌ من ملامح المستقبل القريب
- هذا -النصر- اللعين!
- ثنائية -الإيمان- و-الإلحاد-.. نشوءاً وتطوُّراً
- -التقسيم الثاني- لفلسطين!
- -حماس- خانت شعبها!
- حرب إسرائيلية بسلاح فلسطيني وأيدٍ فلسطينية!
- مناورات على مقربة من -ديمونا-!
- حل مشكلة -حق العودة- يبدأ من هنا!
- -النكسة-.. معنىً ومبنىً!
- -لُغْز- العبسي!


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - ما ينبغي لنا أن نراه في مأساتهم!