أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض العصري - في نقد المعتقدات الدينية المسيحية 1















المزيد.....


في نقد المعتقدات الدينية المسيحية 1


رياض العصري
كاتب

(Riad Ala Sri Baghdadi)


الحوار المتمدن-العدد: 1979 - 2007 / 7 / 17 - 10:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تستمد المعتقدات الدينية المسيحية مفاهيمها وثوابتها بالدرجة الاساس من سيرة حياة مؤسسها عيسى بن مريم ( أو يسوع المسيح حسب المصادر المسيحية ) وهذه السيرة تشتمل على الاحداث المتعلقة بعيسى شخصيا منذ ما قبل ولادته وحتى ما بعد صلبه وكذلك أقواله وتعاليمه اثناء فترة الدعوة او التبشير القصيرة والتي أصطلح على تسميتها العهد الجديد , وان من اكثر المعتقدات المسيحية اثارة للجدل هي قضية حمل مريم بعيسى وهي عذراء لم يمسها رجل , وقضية قيامة عيسى من الموت بعد صلبه , وكذلك قضية المعجزات التي حدثت على يد عيسى خارقا بها قوانين الطبيعة , واننا على ثقة بان سيرة حياة عيسى بن مريم من لحظة الحمل به وحتى حادثة اختفاء جثته من القبر قد أقحمت فيها الكثير من الاساطير والخرافات مما لا يتقبلها العقل ولا يقر بها المنطق , وان هناك شكوكا قوية حول مدى موثوقية هذه الوقائع لانها تبدو لنا غير واقعية وغير منطقية ولا تتفق مع قوانين الطبيعة بأي حال من الاحوال , فمريم وعيسى كلاهما كائنين بشريين , وقد ولد كل منهما كما يولد البشر , وعاش كل منهما حياته كما يعيش البشر , ومات كل منهما كما يموت البشر , فلماذا أقحمت أمور لا تمت بصلة لطبيعة البشر في سيرة حياة كل منهما ؟ في مقالنا هذا سنناقش هذه القضايا المثيرة للجدل بدافع البحث عن الحقيقة والرغبة في تحرير الانسان المعاصر من الاوهام والخرافات التي تنطوي عليها هذه المعتقدات , وسنحاول وضع تفسير منطقي وواقعي لهذه القضايا الغامضة يحقق شرط التوافق مع قوانين الطبيعة , ولكي نكون مؤهلين لمناقشة هذه القضايا فان ذلك يستلزم الاطلاع على الفكر الديني المسيحي وكذلك البيئة التي عاش فيها عيسى وطبيعة العلاقات الاسرية والاجتماعية خلال حياته , فالفكر كما هو معروف نتاج عقل الانسان وعصارة وجدانه وضميره , مع اضافة عوامل خارجية تلعب دورا في تحديد ملامح هذا الفكر وفي توجيه مساره , وهذه العوامل تتمثل في ظروف نشأة الانسان في بيئته ومحيطه , الفكر هو أشبه بالثمر , فكما ان حالة الثمر الذي تنتجه كل شجرة يتأثر من حيث الكم والنوع بعوامل خارجية مثل حالة التربة وظروف المناخ , وكذا الحال بالنسبة لأي فكر, فنوع الفكر الذي ينتجه عقل الانسان يتأثر بحالة البيئة الاجتماعية والطبيعية التي نشأ فيها هذا الانسان والظروف التي مر بها خلال سني حياته مع عدم اغفال العوامل الوراثية في تحديد القدرات العقلية للانسان , ان طبيعة الظروف التي ولد فيها عيسى والبيئة التي عاش فيها والمراحل التي مر بها وكذلك معاناته وآلامه خلال مراحل حياته تجسدت كلها في الافكار والمباديء التي نادى بها , ولكي يكون تقييمنا سليما وعادلا للمباديء والقيم التي انطوت عليها رسالة عيسى الى العالم , فانه ينبغي ان نستقرأ السيرة التاريخية لصاحب الرسالة , وخاصة مرحلة ما قبل التبشير , ونخضعها للتحليل والتمحيص .
يشتمل هذا المقال على مناقشة وتحليل لظروف حمل مريم , وظروف ولادة عيسى , وقضية المعجزات , وقضية القيامة من الموت والصعود الى السماء وفقا للمصادر المسيحية , واننا سنتّبع اسلوب التحليل العلمي والمناقشة الموضوعية الحيادية أزاء تلك الاحداث آملين ان نصل الى معرفة حقيقة ما جرى من وقائع غفل او تغافل عنها مؤرخوا العقيدة المسيحية , ويجدر بنا ان نبين ان وضع سيرة حياة أي شخصية تاريخية على طاولة البحث يعني وضع كل ما له صلة بصاحب تلك السيرة أقوالا وأفعالا على طاولة التشريح واجراء عمليات الكشف والتشريح والتحليل عليها لمعرفة حقيقتها , هذا وان التشريح في الاقوال والافعال الصادرة عن تلك الشخصية التاريخية لا يعني التجريح بها أبدا , فغايتنا من التشريح هي معرفة الحقيقة وليس التجريح , كما سيشتمل المقال على تقديم رؤية وتفسير للاحداث التي سيتم مناقشتها واخضاعها للتحليل مع محاولة استنتاج ما بقي مجهولا منها وضاعت حقيقته , ملتزمين بالاسلوب المنطقي والواقعي في وضع رؤيتنا وتفسيرنا , ونؤكد هنا ان هذه التفسيرات والاستنتاجات ربما تكون خاطئة او ربما تكون صائبة لاننا وضعناها وفقا لتقديراتنا ولما بين ايدينا من المعلومات ولكنها على العموم تبقى محاولة جادة لرسم صورة صادقة وحقيقية لاحداث تاريخية تخص سيرة حياة مؤسس ديانة عريقة في تاريخها وكبيرة في مساحة انتشارها وعديد اتباعها .
وقبل الخوض في البحث والتحليل والمناقشة نود ان نثبت هاتين الملاحظتين واللتين سنعتمدهما في بحثنا :
1 ـ لا يمكن اعتماد كل ما هو مدون في الكتب المقدسة والمنقول عن تلاميذ مؤسس الديانة المسيحية الذين عاصروه كحقائق ثابتة , , لان المبالغة والتهويل وتضخيم الامور هي من طباع البشر في المجتمعات المتخلفة في الازمنة السابقة وحتى في زمننا هذا , ومن هذا المنطلق فان التشكيك بما دونّه السابقون او القدماء يعتبر اسلوبا مقبولا في المناقشة وصولا الى الحقيقة .
2 ـ يجب ان نضع المحبة جانبا عندما يكون هدفنا الحقيقة , لان الحقيقة شيء والمحبة شيء آخر, ان من يبحث عن الحقيقة باخلاص ونزاهة وحيادية عليه ان يرضي عقله وضميره قبل ان يرضي قلبه , اذ ليس من الصحيح ان ندون سيرة حياة كل من نحبه وفقا لما نشتهي وكأننا نرسم لوحة فنية زاهية ضاربين بالحقيقة عرض الحائط , يجب ان تكون الحقيقة مصانة فلا يتم اخفائها او اجراء تغييرات عليها لدوافع عاطفية او استجابة لميول , نحن لا نقف بالضد من العواطف والميول ولكننا نعارض تغيير الحقائق ارضاء للعواطف والميول , من حق أي انسان أن يحب من يشاء ولكن لا ينبغي ان يكون هذا الحب على حساب الحقيقة فيخفيها او يغيرها وفقا لما تشتهي عواطفه , قد يكون الانسان الذي نحبه عظيما بأخلاقه وأعماله وكلامه , فنحترمه ونجلّه لاخلاقه ونتعاطف معه ونميل اليه محبة واقتناعا , ولكن اعجابنا بالانسان يجب ان لا يجعلنا نؤلف روايات من الخيال لتعظيمه , او يجعلنا نغض الطرف عما هو غير معقول من سيرة حياته , واننا مع محبتنا لعيسى بن مريم وتقديرنا لمكانته الكبيرة في تاريخ الفكر الانساني , فان هذا الحب يجب ان لا يحول دون تتبع الحقيقة في ما يتعلق بسيرة حياته والعقيدة التي أسسها , ونحن نعتقد ان سيرة حياة مؤسس الديانة المسيحية قد أقحمت فيها الكثير من الامور غير الواقعية والبعيدة عن الحقيقة والتي هي من نسج خيال اتباعه بتأثيرات المحبة والتعاطف , ان العواطف والميول عندما تصبح هي من يوجهنا ويقودنا دون مراعاة للمعايير العقلية والقواعد المنطقية فاننا سنظلم الحقيقة حتما وحينئذ سنخسر ثقة الاخرين , ومن منطلق احترام وصون الحقيقة فاننا سوف لا نجد أي حرج في الطرق على كل الابواب حتى المغلقة منها , ولن نتردد في السير في كل الطرق حتى غير السالكة منها , ولن نتردد في فحص وتدقيق جميع المصادر حتى المقدسة منها , لمناقشتها بكل تفاصيل بحثا عن حقيقة كل ما هو غامض ومشكوك فيه , وكم هناك من الامور الغامضة والمثيرة للريبة والشكوك في العقائد الدينية والتي يتم دائما اللجوء الى اخفائها خلف ستار المقدسات .
المناقشة :
1ـ قضية حمل مريم العذراء أو ما يسمى ( الحبل من غير دنس ) : وفقا للمصادر الدينية المسيحية فان مريم العذراء عندما كان عمرها 15 أو 16 سنة وفي مكان منعزل عن الناس ظهر لها الملاك مرسلا من قبل الرب وأخبرها انها ستحبل بالمسيح عيسى وهي عذراء من دون ان يمسها بشر , ففرحت بهذه البشارة وفي نفس الوقت تفاجأت كيف انها تحبل من غير ان يتقرب منها رجل فأخبرها الملاك بان الحمل بأمر ربها , فحملت على أثر ذلك التبليغ بعيسى , هذه هي الرواية الدينية لقضية الحمل ونحن نعتقد ان موضوع ظهور الملاك لمريم وهي في هذه السن الصغيرة مرسلا من قبل الرب ليبشرها بحملها بعيسى هو موضوع يثير الكثير من الشكوك والريبة , ونحن نتسائل لماذا اختار الرب فتاة صغيرة في سن المراهقة لتكون هي من يحمل هذه التجربة الكبيرة او لنسميها المعجزة العظيمة ؟ هل ان خالق الكون والبشر ذو القدرة العظيمة قد صعب عليه ايجاد امرأة بالغة ناضجة في تلك الظروف مكانا وزمانا تصلح لحمل معجزته فاختار هذه الفتاة الصغيرة والتي لم تبلغ بعد سن الرشد والبلوغ ؟ ولو افترضنا ان هذه المهمة العظيمة تستلزم توفر شرط الطهارة والاصل الشريف فلماذا لم يختار الرب بدلا من مريم امرأة بالغة من نفس عائلة مريم , كأن تكون أم مريم ذاتها مثلا ( أي القديسة حنّة ) ؟ ألم يكن باستطاعة الرب اختيار أم مريم للقيام بهذه المهمة العظيمة فتنجب ابنا ذكرا ليكون فيما بعد هو حامل رسالة التبشير وهو المخلص بدلا من انجابها لانثى ـ والتي هي ابنتها مريم ـ ؟ هل ان أم مريم العذراء وهي جدّة عيسى ليست أهل لهذه المهمة العظيمة وليست جديرة بهذا الحمل ؟ واذا افترضنا ان الرب ديكتاتور لا يتراجع عن قراراته وانه لا بد من مريم ولا بديل عنها , فلماذا لم ينتظر هذا الرب الصبور ثلاثة أعوام حتى تصل مريم سن البلوغ لتصبح مؤهلة من الناحية العقلية لادراك مغزى ان تحمل هذا الحمل العظيم وهذه المسؤولية الخطيرة , ونحن نعلم بان الرب قد انتظر واحد وثلاثون عاما بعد الحمل لكي يبلغ عيسى السن التي تؤهله للتبشير بالخلاص ونشر رسالته الى العالم ؟ دعونا نفترض ان المتطلبات الملحّة للمرحلة التاريخية التي تمر بها البشرية لا تسمح بالانتظار ثلاث أعوام لتصبح مريم مؤهلة من الناحية العقلية للقيام بهذه المهمة , وقد علمنا بأن مريم كانت مخطوبة ليوسف النجار من قبل ان يظهر الملاك لها كما تشير المصادر المسيحية , فلماذا لم ينتظر الرب قليلا الى ان تتزوج مريم من خطيبها يوسف ليحدث هذا الحمل بعد الزواج حتى يكون حملا طبيعيا ومقبولا ولا يثير الشكوك والريبة ؟ هل ان مكانة عيسى ستتأثر, وان رسالته ستصبح عديمة الجدوى لو انه كان جنينا طبيعيا في بطن أمه ناتجا عن هذا الزواج ؟ كما نود ان نطرح السؤال المنطقي الاتي : من المعروف علميا ان الجنين البشري ينمو عن بويضة انثوية بشرية مخصبة بواسطة حيمن ذكري بشري , وكما نعلم فان عيسى من البشر , حيث عاش حياته كالبشر ومات على الصليب كما يموت البشر , فاذا كان الرب له القدرة على جعل بويضة أنثوية بشرية تنمو الى جنين بشري من غير ان تكون مخصبة بحيمن ذكري بشري خارقا بذلك قوانين التناسل والتكاثر والوراثة عند الجنس البشري , لكي يصبح هذا الجنين فيما بعد معجزة من معجزاته ويصبح نبيا من أنبيائه , فان لهذا الرب القدرة بالتأكيد على خلق هذا الجنين المعجزة حتى دون الحاجة الى بويضة انثوية طالما انه يمتلك القدرة على خرق قوانين التناسل والتكاثر والوراثة , فاذا افترضنا ان الرب قد استغنى فعلا عن البويضة من مريم لخلق معجزته , وأنه زرع بطريقة ما بويضة مخصبة او ربما جنينا مخلوقا خلقا في رحم مريم , وطبعا نحن لا نستطيع ان نتصور هنا كيف أجريت عملية الزراعة هذه , وكيف ان مريم لم تعلم بها حيث انها فوجئت بخبر حملها , على اية حال , فان هذا يعني ان حاجة الرب لمريم كانت رحمها فقط لحمل الجنين دون ان يكون لمريم أي صلة وراثية بجنينها , والسؤال هنا هل ان مريم في هذه الحالة ليست أم عيسى من الناحية الوراثية ؟ وهل نفترضها مجرد مربية لعيسى ؟ نحن نعتقد ان الموضوع شائك ومعقد والحقيقة فيه ضائعة , لقد عانت مريم كثيرا جدا من حملها هذا ومن نظرة المجتمع القاسية اليها وهي ما تزال صغيرة السن غير متزوجة وليس لها خبرة بمثل هذه الامور , ترى من هو الضحية في هذه الواقعة الغامضة ؟ هل مريم هي الضحية لان ربها قد جنى عليها بهذا الحمل الذي حدث بطريقة غير طبيعية والذي سبب لها بؤسا وشقاءا وتشردا , اذ انتبذها مجتمعها وقاطعها المقربون , وذهب أيضا ضحية هذا الحمل وليدها عيسى , اذ عاش في ظروف قاسية من حرمان وضياع بسبب نكران المجتمع له لانه بلا أب ؟ أم ان الرب هو الضحية في هذه الواقعة لانه نسب اليه مسؤولية حمل مريم العذراء وهو بريء من هذا الحمل ومما ترتب عليه ؟ اننا نعتقد ان موضوع حمل مريم من غير ان يمسها رجل هو موضوع تحيط به الشكوك بشكل كامل , وهناك حاجة لوضع تفسير منطقي ومعقول لهذه القضية .
2ـ قضية الملاك الذي ظهر لمريم ليبشرها بالحمل : الشيء الاخر المثير للاستغراب في واقعة الحمل هو موضوع ظهور الملاك لمريم العذراء الفتاة المراهقة وهي في خلوتها بعيدا عن أعين الناس وعن أسماعهم ليبلغها بأنها ستكون حاملا بمشيئة الرب بجنين يدعى عيسى , وواضح هنا ان هذا الحمل لم يحدث بارادة مريم ولا بارادة أحد من البشر وانما حدث بارادة الرب , وهنا نتسائل : لماذا يكون عملية التبليغ لمريم بهذا الخبر الكبير والعظيم على انفراد وليس امام الناس ؟ لماذا السرية في التبليغ بالحمل مع ان آثار هذا الحمل ستظهر علانية امام الناس لاحقا ؟ هل ان الملاك يخجل من الظهور امام الناس , أم انه يحتقر الناس ؟ لماذا يستمتع الرب بزرع الشكوك وعدم الثقة في العلاقة بينه وبين عباده من خلال اسلوب توصيل التعاليم والوصايا والتبليغات الى انبيائه ورسله ومقربيه على انفراد ومن خلف الستار او من خلف الجدار او من فوق الجبال أو من تحت البحار؟ هل أن الرب يعتبر البشر كالاطفال وبالتالي لا يجوز التحدث امامهم علانية في الامور الكبيرة التي تتعلق بشؤونهم ؟ أليس الظهور امام الناس للاعلان عن الحمل دليلا لا شك فيه على صدق الادعاء وصحة المعجزات وبالتالي يكون قوة دافعة للناس للايمان بعيسى ؟ ألا يستحق موضوع حمل مريم من غير ان يمسها رجل ان يكون التبليغ فيه امام الناس علانية ليكونوا شهودا على صحته منعا للتخرصات والاقاويل والشكوك ؟ ان وجود الشهود هو شرط لازم لاكمال اجراءات عقد القران او الزواج , فلماذا قرار حمل مريم بأمر ربها ليس له شهود ؟ وأين مكانة الشهود وأين دورهم في تعاليم و وصايا العقيدة ؟ هذه الاسئلة تبحث عن اجابات مقنعة
3ـ موضوع العلاقة بين مريم ويوسف النجار : تشير المصادر المسيحية الى ان يوسف النجار هو خطيب مريم من قبل ان يظهر الملاك لها ويبشرها بحملها للمخلّص عيسى , ويوسف هذا لا يمت لمريم بأي صلة نسابة أو قرابة , وقد اتخذ من مريم زوجة له , وهو ايضا مربي عيسى , وواضح ان يوسف لم يكن زوجا لمريم وفقا للشريعة اليهودية التي كانا يدينان بها وانما هو اتخذها كزوجة له , هذا يعني ان مريم قد عاشت مع يوسف في بيت واحد دون ان تربطهما رابطة الزواج هذا ما فهمناه من المصادر, ان هذا الموضوع يثير شكوكا كثيرة حول طبيعة العلاقة بين يوسف ومريم , ما هو التفسير لهذه الحالة أن تسكن وتعيش مريم مع رجل ( أي يوسف ) وهي لا تربطها به رابطة زواج ولا صلة نسابة او قرابة ؟ ما هي طبيعة العلاقة التي جمعتهما معا ؟ وهل ان مريم كانت مقيمة في بيت يوسف عندما ظهر لها الملاك ليبلغها بالحمل أم كانت مقيمة عند أهلها او مقيمة في مكان آخر؟ المصادر المسيحية تصف يوسف بانه خطيب مريم وليس زوج مريم مع انهما عاشا سوية , فلماذا لم يتزوج يوسف من مريم زواج شرعيا طالما انهما كانا مخطوبين لبعضهما وكلاهما ينتميان الى الديانة اليهودية ؟ هل ان رجال الدين اليهود رفضوا ان يعقدوا زواجهما بسبب وقوع حادثة الحمل لمريم قبل الزواج ؟ وما هي الدوافع التي كانت وراء موافقة يوسف على ان تعيش معه في بيته امرأة حامل رغم جهله بمصدر حملها , ومن ثم قيامه بتبني وتربية وليدها عيسى رغم جهله بوالد هذا الطفل ؟ وهل هناك مصالح مشتركة جمعتهما في بيت واحد ؟ ولماذا لم يتزوج يوسف من امرأة أخرى غير مريم لكي تكون له أسرة ويكون له ابناء من نسله ؟ هل كان يوسف يعاني من مشكلة ما في قدراته البدنية او في قواه العقلية مما يعيقه عن الزواج ؟ هل أختير يوسف للقيام بهذا الدور لانه الرجل المناسب من قبل الاطراف المتورطة في قضية مريم لسترالخطيئة التي ارتكبت بحق هذه الفتاة المسكينة ؟ اسئلة تبحث عن اجوبة واقعية , في الحقيقة ما نراه نحن ان طبيعة العلاقة بين يوسف ومريم ليست واضحة , وفيها غموض وهناك حاجة لتحليل هذه العلاقة وبيان طبيعة العلاقة والمصالح التي ربطت بينهما .
4 ـ قضية مكان ولادة عيسى : تشير المصادر المسيحية الى ان مريم كانت تقيم في بيت يوسف النجار في مدينة بيت لحم عندما انجبت عيسى , ووفقا لبعض الروايات المسيحية فان مريم قد جاءها المخاض في اسطبل فوضعت فيه ابنها عيسى , وفي رواية اخرى جاءها المخاض في مغارة أحد جبال بيت لحم , ونحن لا نعرف ان كان هناك جبال في مدينة بيت لحم ؟ وفي الروايات الاسلامية جاءها المخاض عند جذع نخلة , ونرجوا ان لا تخيب أملنا مدينة بيت لحم فلا نجد فيها نخلة واحدة , الروايات في هذه القضية كثيرة ونحن نتسائل هنا بالنسبة لرواية الاسطبل هل كان هذا الاسطبل جزءا من بيت يوسف أم هو مكان خارج البيت وبعيد عنه ؟ واذا كان جزءا من البيت فلماذا وضعت مولودها في الاسطبل وليس داخل البيت ذاته ؟ او لماذا وضعته في مغارة جبل او عند جذع نخلة بعيدا عن البيت اذا كانت فعلا مقيمة مع يوسف في بيته ؟ ولماذا لم تكن أمها معها في لحظات الوضع , هذه اللحظات الحرجة في حياة كل امرأة وخاصة في الولادة البكر؟ تساؤلات منطقية تبحث عن تفسير
5ـ قضية العلاقة بين عيسى ووالدته مريم : طبيعة العلاقة بين عيسى ووالدته اكتنفها غموض غريب , اذ نلاحظ عدم ذكره لوالدته مريم او اشادة بها في خطبه واحاديثه المدونة في الكتب المقدسة , وحتى في وقائع واحداث جولاته للتبشير لا نرى أي وجود لوالدته في حياته او حتى اشارات عنها في احاديثه , وهذا ما يجعلنا نضع علامة استفهام عن طبيعة العلاقة التي كانت قائمة بين عيسى ووالدته , والتساؤل هنا لماذا عيسى كان ينادي والدته يا امرأة وليس يا أمي ؟ ولماذا هجر عيسى أمه وعاش بعيدا عنها وحتى لم يذكرها في خطبه وكذلك لم يذكر مربيه يوسف ؟ ولماذا عاش حياته دون زواج ؟ هل ارتبطت أمه في ذهنه بعقدة ما فهجرها وأضرب عن الزواج ؟ تساؤلات تبحث عن اجابة .
6 ـ موضوع قيامة عيسى من الموت : العقيدة المسيحية ترتكز بشكل كامل على فكرة قيامة عيسى الجسدية من الموت , فهذا الحدث هو جوهر المسيحية , وان الاعتقاد بألوهية عيسى مبني على هذه الواقعة , فالمصادر الدينية تذكر حادثة اعدام عيسى صلبا من قبل السلطات الرومانية الحاكمة بناءا على توصية من زعماء الطائفة اليهودية الذين وقفوا بالضد من اراء وفكر ومعتقدات عيسى , لقد تركت واقعة صلب عيسى أثرا كبيرا في نفوس الذين شهدوا الواقعة وحتى الذين سمعوا بها ولم يشهدوها وخاصة بين معارفه واتباعه , فأكسبته هذه الواقعة تعاطفا كبيرا من جموع الناس الذين يعرفونه والذين لا يعرفونه , تعاطفوا معه لانه أعدم بلا ذنب , فهو ليس بمجرم ولا قاتل ولم يرتكب عملا منكرا , فكان اعدامه على الصليب ظلما وعدوانا , وتضيف المصادر المسيحية الى واقعة الصلب حادثة قيامته من الموت بعد صلبه بليلتين حيث قام في اليوم الثالث وصعد الى السماء بجسده , وان اصحابه عندما جاؤوا لزيارة قبره في اليوم الثالث لم يجدوا جثته , فظهر لهم وتحدث معهم ثم اختفى بعد ان وعدهم بالعودة مجددا , هذا وان المصادر لم تذكر ان الدفن كان في قبر في باطن الارض وانما الدفن كان عبارة عن أيداع للجثة في قبر حجري او كهف في مدفن خاص وليس عام , وقد أغلق مدخل الكهف بحجر ووضع حراس عليه من الجنود الرومان , ولا ندري لماذا وضعت جثته في الكهف ولم يتم دفنها في باطن الارض ؟ ولماذا في مدفن خاص ؟ ولماذا حراس من الرومان ؟ هل كانت هناك خطة معينة أعدت لها من قبل السلطة الحاكمة ؟ وهل ان قيامة عيسى من الموت حدثت امام انظار الناس أم هو مجرد استنتاج ناجم عن اختفاء الجثة دون علم أحد ؟ وما هي مدى مصداقية الذين ادعوا رؤيته والتحدث معه بعد اختفاء جثته ؟ وبما ان الحراس على القبر كانوا من الجنود الرومان فهل شهد الجنود قيامة عيسى من القبر ؟ هل اعلنت السلطة الرومانية امام الناس ان عيسى قد قام من القبر وصعد الى السماء استنادا الى شهادة شهود عيان ؟ ان احتمال اخفاء الجثة من قبل جهة ما هو احتمال قوي جدا ولكن كيف تمت هذه العلمية بشكل سري ولم يكتشفها احد ؟ ولماذا أخفيت الجثة ؟ ومن هي هذه الجهة صاحبة المصلحة في اخفائها ؟ تساؤلات تبحث عن تفسير
الى هنا ينتهي الجزء الاول , في الجزء الثاني سوف نستكمل المقال بعرض تفسيرنا لهذه الاحداث والوقائع



#رياض_العصري (هاشتاغ)       Riad_Ala_Sri_Baghdadi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في نقد الفكر الديني
- ما هي عقيدة العصر الجديد ؟
- أضواء حول مقال - نهاية العقيدة الدينية
- نهاية العقيدة الدينية
- المباديء الاخلاقية في عقيدة العصر الجديد 2
- المباديء الاخلاقية في عقيدة العصر الجديد 1
- المباديء الفكرية في عقيدة العصر الجديد 3
- المباديء الفكرية في عقيدة العصر الجديد 2
- المباديء الفكرية في عقيدة العصر الجديد 1
- المباديء السياسية في عقيدة - العصر الجديد
- العلمانية في عقيدة - العصر الجديد
- المباديء الاقتصادية في عقيدة العصر الجديد
- نقد المعتقدات الدينية
- مفاهيم ورؤى من ( العصر الجديد ) 8
- مفاهيم ورؤى من ( العصر الجديد ) 7
- مفاهيم ورؤى من (العصر الجديد ) 6
- مفاهيم ورؤى من ( العصر الجديد ) 5
- مفاهيم ورؤى من ( العصر الجديد ) 4
- مفاهيم ورؤى من ( العصر الحديد ) 3
- مفاهيم ورؤى من ( العصر الجديد ) 2


المزيد.....




- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض العصري - في نقد المعتقدات الدينية المسيحية 1