أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بافي رامان - تركيا بين كماشة الجيش و العلمانية المزيفة















المزيد.....


تركيا بين كماشة الجيش و العلمانية المزيفة


بافي رامان

الحوار المتمدن-العدد: 1978 - 2007 / 7 / 16 - 07:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما الذي يجري في تركيا هذه الايام ؟ انتخاب رئاسة في البرلمان ، فشل وصول مرشح حزب العدالة و التنمية عبد الله غول ؟ ثم انتخاب من الشعب ، ثم انتخابات برلمانية مبكرة ، و تحركات لافتة في اوساط الجيش والجنرالات من جهة و الحكومة من جهة اخرى ،و بيانات و بيانات مضادة بين الحكومة و المعارضة ، و دخول القضايا الرئاسية و الحكومية الى المحكمة الدستورية ،و موافقة رئيس الجمهورية الحالي على بعض القضايا و عدم موافقته على الآخر ، و التهديد بالتدخل العسكري من خلال تحشد القوات العسكرية على حدود كردستان العراق الى هناك ، و عدم الدخول ، و اعلان بعض الولايات الكردية مناطق عسكرية ، و تصعيد الحرب ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني ، على الرغم من اعلان وقف اطلاق النار من جانب هذا الحزب ؟ و ما دور الصراع الامريكي – البريطاني في الصراع ؟ و هل للحزب العمال الكردستاني دور و بخاصة و قد لوحظت ان اعمال من التفجيرات قد قامت بها الجيش و العسكر في بعض المناطق الكردية و التركية و اتهم بها هذا الحزب و نسبت اليها خلال هذه المعمة ؟ و كيف هي موازين القوى للاحزاب التركية في انتخابات البرلمان التي ستجري خلال هذا الشهر ؟ لماذا يهدد الجيش و العسكر بالتدخل العسكري في كردستان العراق و في هذه الاونة بالذات ؟ و هل هناك علاقة ما بين الصراع السياسي القائم بين الحكومة الحالية و متشددي التيارات العلمانية و التطورات الاخيرة ؟
ان الجيش و العسكر من خلال الجنرالات يحاولون التحرك على جميع الاصعدة و من خلال المتشددين من العلمانيين فقرروا بدء الهجوم المضاد على سياسات حزب العدالة و التنمية ، و يمكن القول ان تعزيز النزعة العسكرية في البلاد عبر افتعال معارك خارج الحدود و خاصة في كردستان العراق ، و يحاولون ان يعززوا التأييد الشعبي التركي لهذا الخيار ، و خصوصا ان حزب العدالة و التنمية يقف الى حد ما الى جانب الحوار مع قادة الاكراد في العراق . و من هنا فان تصاعد عمليات حزب العمال الكردستاني ، و سفك الدماء التركية كما يزعم قادة الجيش و العسكر و ذلك من خلال عرض جنازات الجنود على الشاشات التلفزة ، لابد ومن دون (( قرار سياسي )) بالرد العسكري ، و من هنا سيتحمل مسؤوليته حزب العدالة و التنمية الذي سيتهم حينها امام الرأي العام بأنه مفرط بالدم التركي ، فتتقلص نسبة التأييد الشعبي ، وان التهديد العسكري التركي ليس سوى حلقة من حلقات الضغط على حزب العدالة و التنمية ، فاذا ضعف الحزب و تراجع في الانتخابات ، تراجع التهديد العسكري في كردستان العراق . و اذا كان الجيش التركي مصمما للاطاحة بحزب العدالة و التنمية فليس افضل لها القيام بعملية عسكرية في كردستان العراق لان ذلك ستحرك اوراق كل طرف في الداخل التركي .و اذا دخل الجيش التركي الى هناك اكيد لن يكون في نزهة فالاكراد العراقيون موحدون و خلفهم الحكومة المركزية في بغداد ، و كذلك لا يوجد ارضاء من الامريكان الحليف الرئيسي للدولة التركية في حلف الناتو بهذا التدخل ، بالاضافة الى وعورة الاماكن التي يتواجد فيها مقاتلو حزب العمال الكردستاني في شمال العراق و خاصة في جبال قنديل .
من الواضح ان الجميع في تركيا في سباق مع الوقت ، فموعد الانتخابات النيابية المبكرة في 22 يوليو ( تموز )) الجاري يضغط و يتصل به كل التحركات . المؤسسة العسكرية و من خلفها المعارضة كانت تريد استغلال العمليات المتجددة و المتصاعدة لحزب العمال الكردستاني ذريعة لشن هجمات ما وراء الحدود في كردستان العراق . الهدف كان و مازال واضحا هو خلق مناخات توتر و تصعيد قومي لدى الشعب التركي ، و لكي تظهر للرأي العام ان حزب العدالة و التنمية متساهلا مع الارهاب كما يدعون ، من خلال موقفه المعارض للقيام بتدخل عسكري في كردستان العراق ، هدف و رهان دولة العسكر الخفي في تركيا هو على تجيير المزيد من الاصوات لحزب الحركة القومية ليتمكن من دخول البرلمان ، و كانت ذلك ملفتا للنظر من خلال الشعارات التي رفعت خلال تشييع جنازات قتلى الجيش التركي ضد الحكومة تحديدا و كذلك المظاهرات و المسيرات في المدن الكبرى خلال الاستفتاء البرلماني على مرشح حزب العدالة و التنمية عبدالله غول و ذلك من خلال استغلال مشاعر القومية التركية من خلال شخصية مصطفى كمال اتاتورك و الدولة العلمانية ، على الرغم ان المعارضيين و معهم العسكر و الجيش بالاساس ضد العلمانية التركية و ضد الانفتاح و الاصلاح و الديمقراطية ، و ضد انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي التي تسعى اليها منذ استلام السلطة من قبل حزب العدالة و التنمية ورئيس وزرائها السيد طيب اردوغان ، لان سباق الخيار العسكري مع الخيار الديلوماسي و السياسي بلغ ذروته مع توجيه رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان دعوة لرئيس الحكومة العراقية السيد نوري المالكي لزيارة انقرة لتباحث الوضع المتوتر على الحدود العراقية – التركية ، على الرغم ان الزيارة لم تتم حتى الآن و لكن اردوغان يريد كسب الوقت و تقطيعه الى موعد اجراء الانتخابات النيابية ، و هذا لا يعني طبعا ان الحكومة الحالية ضد الخيار العسكري في كردستان العراق ، لكن توقيت هذا الخيار ليست لصالحها و لا يخدم الحملة الانتخابية للحزب الذي يطمح الى انتصار كاسح في هذه الانتخابات ايضا ؟ و جاءت انتصارا اخرا للاسلاميين المعتدليين في تركيا ضد العلمانيين المزيفيين و ذلك عندما أقرت المحكمة الدستورية العليا قبل فترة اجراء الانتخابات الرئاسية بالاقتراع العام المباشر ، رافضة طعنيين قدمهما الرئيس التركي الحالي احمد نجدت سيزار و حزب الشعب الجمهوري المعارض للمطالبة ببطلان التصويت الذي جرى في البرلمان على حزمة و عدد كبير من التعديلات الدستورية التي اقترحها حزب العدالة و التنمية الحاكم . و أقرها البرلمان بالآغلبية ، فيما حذر الخبراء من ان الجيش لن يقف مكتوف الايدي امام نجاح حزب العدالة في الانتخابات الرئاسية خاصة انه يعتبر نفسه حامي حمى العلمانية ، على الرغم ان رئيس الجمهورية في تركيا لا يتمتع بصلاحيات كبيرة ، غير انه يصادق على اي مشروع قانون صادر عن البرلمان ، وله حق نقض اي قانون موجود ، و هو في نفس الوقت القائد العام للقوات المسلحة و الجيش ، و يعتبر الرئيس و المؤسسة العسكرية او الدولة الخفية حماة النظام الجمهوري العلماني ، و تخشى القوى العلمانية من التفريط كما يدعون في هذا الموقع المهم و الحساس للشعب ، الذي يمكن ان ينتخب له رئيس من التيارات الاسلامية او القومية او حتى الكردية بعد اجراء تعديلات على الدستور تسمح بترشيح للرئاسة كل مواطن حاصل على شهادة جامعية و يتجاوز عمره الاربعين سواء كان نائبا برلمانيا ام لا . على الرغم ان الجيش و الدولة الخفية تعمل من اجل عدم استقرار الامن في تركيا ، و العمل دائما الى خلق توتر الاوضاع السياسية و العسكرية اما ضد الشعب الكردي او ضد دول الجوار من خلال استغلال قضية جزيرة قبرص مع اليونان ، و كل ذلك لان كبار العسكر و الجيش لهم علاقات دولية مع الشركات العالمية الكبرى للسلاح و مع المافيات العالمية ، و لذلك اذا تم تحقيق الديمقراطية الحقيقية في تركيا و كسب الشعب الكردي حقه في تقرير مصيره ، لا يبقى للجيش و العسكر اي دور في تركيا و هذا من شروط الاتحاد الاوروبي لانضمام تركيا اليها ، لذلك فان الجيش و من معهم يعملون في عدة اتجاهات :
1 – عدم دخول تركيا الى الاتحاد الاوروبي .
2 – عدم استقرار الوضع الامني في تركيا .
3 – التدخل في شؤون دول الجوار لكي تكون الحكومة في استنفار دائم عسكريا و سياسيا .
من جهة اخرى تجددت المخاوف من احتمال قيام الجيش بانقلاب عسكري في تركيا حيث قال الخبير التركي ارول اوزكوراي ، ان المؤسسة العسكرية التركية ، التي تعتبر نفسها حامية المكتسبات الجمهورية و المبادىء العلمانية ، تتدخل في حال اختيار شخص تعتقد انه غير مناسب لرئاسة الجمهورية ، مشيرا ان هذه المؤسسة تمارس السياسة في تركيا من خلال مجلس الامن القومي و كأنها حزب سياسي ، معربا عن اعتقاده بانها تمثل في الوقت الحالي اكبر حزب سياسي في البلاد . و لان الجيش و العسكر التركي قاد انقلابات عسكرية مباشرة عامي 1960 و 1980 و ضغط على الحكومات لتقديم استقالتها في عامي 1971 و 1997 ، في الحالات التي استشعر فيها خطر تقويض مبادىء العلمانية التركية .
و لكن المشكلة ان الجيش و الدولة الخفية الآن اصبح يقف وحيدا و قليلا بعد سلسلة من الاجراءات و القوانيين التي وضعها حزب العدالة و التنمية لكي تطبق المعايير الاوروبية على تركيا للانضمام اليها ، و لم يعد هذه المؤسسة صاحبة الاغلبية في النفوذالسياسي و حتى داخل مجلس الامن القومي الذي كان يتشكل بشكل تقليدي من الجيش للضغط على الاحزاب ، و اصبح الآن له رئيس مدني و اغلبية مدنية ايضا كما يزيد من تكبيل دور الجيش في الضغط او التدخل العسكري لان تدخله ينهي الحديث عن انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي . و هكذا فان الحياة السياسية يخيم عليها احتمال قيام الجيش بانقلاب عسكري تحت ذريعة الدفاع عن النظام العلماني ، الذي اسسه مصطفى كمال اتاتورك عام 1923 ، و في العموم ليست وقائع الحاضر الا حصيلة تراث طويل من الانقلابات العسكرية ، اعقبتها في كل مرة تعديلات دستورية كانت تقوي حجم التدخل العسكري و موقع الجيش في الحياة السياسية و المدنية . على الرغم ان المؤسسة العسكرية و الامنية قدم الدعم في السابق للتيار الاسلامي لمواجهة المد الكردي ، بقيادة حزب العمال الكردستاني و من خلال جناحه السياسي (( حزب الشعب الديمقراطي )) ، لكون المجتمع الكردي في تركيا محافظ و متدين و عشائري و هذا ما يفسر ان الاصوات الكردية التي ذهبت الى حزب العدالة و التنمية و حزب السعادة الاسلاميين في الدورة السابقة من الانتخابات و تجاوزت اصواتهم ، الاصوات التي حصل عليها الحزب الشعب الديمقراطي – الكردي ، بكثير و الذي تحول فيما بعد لحزب المجتمع الديمقراطي .
و مهدت المحكمة الدستورية العليا في تركيا بعد اقرارها اجراء الانتخابات الرئاسية بشكل مباشر من قبل الشعب و ذلك بعد رفضها طلبات الالغاء هذا التعديل ، الطريق امام الكثيريين لهذا المنصب الرئاسي ، و ابلغ رئيس المحكمة هاشم كيليتش الى الصحافيين ان ستى قضاة المحكمة من اصل 11 ايدوا رفض الطلب و قال ان : (( ستة من قضاتنا وجدوا ان ليس ثمة ما يتعارض و الدستور في حزمة الاصلاحات )) مؤكدا ان (( هذه الحزمة تبقى سارية )) و قدم طلب الرفض استنادا الى عيب في الشكل كل من رئيس الجمهورية احمد نجدت سيزار و حزب الشعب الجمهوري الاشتراكي الديمقراطي المعارض الرئيسي في مجلس النواب و يعني رفض المحكمة انه لم يعد في وسع سيزار او الحزب المعارض التصدي للاصلاحات ، و انه بات مرغما على طرحها على استفتاء ، مما يشكل المرحلة الاخيرة قبل احتمال سريانها ، و اهم النقاط الواردة في التعديلات التي اقترحها حزب العدالة و التنمية هو انتخاب الرئيس بالاقتراع الشعبي المباشر في دورتين لولاية مدتها خمس سنوات يمكن ان تجدد مرة واحدة ، بدل ولاية مدتها سبع سنوات غير قابلة للتجديد كذلك تتضمن التعديلات اجراء الانتخابات النيابية كل اربع سنوات بدل خمس سنوات . و انتهت الجولة الاولى من الصراع على السلطة بتقدم المؤسسة العسكرية في الجولة الاولى اذ حال انذار 27 ابريل العسكري و قرار المحكمة الدستورية دون سيطرة حزب العدالة و التنمية على موقع رئيس الجمهورية و يبدو ان انقلاب العسكر الدستوري لم يكن متعلقا بشخص عبدالله غول و لا بزوجته المحجبة بل بأي مرشح تابع لحزب العدالة و زعيمه رجب طيب اردوغان . و سيناريو العسكر بدأ مع الضغط لادخال اكبر عدد من الاحزاب الى البرلمان بهدف تصغير حجم كتلة العدالة و التنمية و في هذا الاتجاه كان ضغط العسكر لتوحيد حزبي الطريق المستقيم و الوطن الام اليميين ، كما عمل لتوحيد حزبي الشعب الجمهوري و اليسار الديمقراطي اليسارييين العلمانيين كما يسمون انفسهم فضلا عن توحيد احزاب اخرى لتشكل كتلا كبيرة قادرة على تجاوز نسبة العشرة في المائة المطلوبة . و مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية العامة ، بدأت احزاب المعارضة اما بالتحالف او الاندماج لتقوية موقعها الانتخابي و كان آخرها هذه الاحزاب و اكبرها هو حزب الشعب المعارض ، حيث قرر الشعب الجمهوري التحالف مع اليسار الديمقراطي ليخوض معا الانتخابات النيابية التشريعية . و قال دنيز بايقال رئيس حزب الشعب الجمهوري ، اننا مستعدون لخوض هذه الانتخابات الى جانب حزب اليسار الديمقراطي و مستعدون ايضا للتراجع عن شرطنا المسبق بحل الحزب و ضمه الينا . و اضاف بايكال قائلا : (( اننا نوافق على التوحد الذي يقوي حزب اليسار الديمقراطي ، و لا يضعفه )) . و في البرلمان السابق كانت هناك دعاوي لالغاء عقوبة الاعدام تماشين مع القوانيين الاوروبية و كذلك السماح باستخدام اللغة الكردية في المدارس الخاصة و الفضائيات و المناطق الكردية ، لانه و كما قال اغلب السياسيين الاتراك بما فيهم طيب اردوغان و مسعود يلماظ ان الطريق الى اوروبا تمر من دياربكر العاصمة الكردية في كردستان تركيا ، و الغاء الاعدام تعني مباشرة انقاذ رأس زعيم حزب العمال الكردستاني (( pkk )) السيد عبدالله اوجلان من خبل المشنقة و من هنا ، احاطت بهذه النقاط ايضا تعقيدات و خلافات كبيرة و كثيرة و توترات داخل الحكومة و في مجمل الحياة السياسية في الاوساط التركية . بعد كل هذه التخبطات و الصراعات في البرلمان و الشاعر التركي دعي الحكومة الحالية الى اجراء انتخابات مبكرة في تركيا لانقاذ البلاد من التخبطات و ذلك في 22 من هذا الشهر ، و يقوم النظام الانتخابي في تركيا على قاعدة ان اي حزب يريد الدخول الى البرلمان عليه ان يحصل على مجموع اصوات نسبتها عشرة في المائة على مستوى تركيا عموما ، لكن يجوز الترشح بصورة مستقلة على ان ينال المرشح في دائرة انتخابية ما ، على رقم يعادل حاصل عدد المقترعين مقسوما على عدد المقاعد المحددة لهذه الدائرة ، و لكن هذه المرة قد يخسر المستقليين بعض الاصوات و كانت ذلك لعبة من الحكومة و الجيش و العسكر و خاصة في المناطق الكردية بسبب الامية المنتشرة هناك ، و ذلك عندما تم نزول اسماء المستقليين مع قوائم الاحزاب ، و فرضوا وجود ختم باسم كل واحد داخل غرفة الاقتراع ، و قد يحصل خروقات كثيرة من قبل الجيش و الاجهزة الامنية من جهة او عدم معرفة بعض المقترعييين اسماء لمين راح التصويت كما قلنا بسبب الامية و الجهل ؟ النظام الانتخابي هذا في السابق لم يكن يوفر امكانية كبيرة لدخول عدد كبير من المستقليين ، و لكن هذه المرة يكتسب الترشح بصورة مستقلة اهمية استثنائية ، اذ قرر قادة حزب المجتمع الديمقراطي – الكردي الترشح بصورة مستقلة لان لهم اصوات في معظم المحافظات في المناطق الكردية ، لكنهم لم يكونوا ينجحون في الحصول كحزب على العشرة في المائة على صعيد تركيا . لقد وضع النظام الانتخابي هذا في الاساس لمنع وصول الاسلاميين و الاكراد الى البرلمان و لكن انقلب السحر على الساحر و خدم هذا النظام (( حزب العدالة و التنمية )) ليس فقط للفوز ، بل لتجيير اصوات الاحزاب التي فشلت لحسابه ؟
حزب (( المجتمع الديمقراطي )) و الانتخابات النيابية :
=============================
هذا الحزب المعترف به على الساحة السياسية التركية ، و الذي يمثل اكراد تركيا و ينسجم مع سياسات حزب العمال الكردستاني ، بل يتهم في اغلب الاحيان بانه يتلقى تعليماته مباشرة من زعيم الحزب عبدالله اوجلان المعتقل في جزيرة ايمرالي التركية منذ اكثر من ثمانية سنوات ، يرى ان خوضه الانتخابات النيابية بموجب القانون الحالي الذي يشترط حصول الحزب على عشرة في المائة من الاصوات في عموم تركيا سيكون مستحيلة و بدون فائدة ، و خصوصا انه لم يحصل في الانتخابات الماضية على اكثر من خمسة في المائة تقريبا ، و حتى لا يبقى خارج البرلمان قرر الحزب التقدم الى الانتخابات ، في اكثر من 40 محافظة على الاقل بمرشحين على اساس انهم مستقليين ، و ليس كقائمة حزبية و هذا قد يتيح لهم وصول حوالي 30 او اكثر الى البرلمان نظرا لسيطرة الحزب على بعض المناطق الكردية . و لكن على الحزب ان يراجع نفسه قبل الاخريين و العمل الى مراجعة الذات و تطهير الحزب من الانتهازييين و الوصولييين و المنتفعيين من خلال تقييم تجربة الحزب على الساحة السياسية لان الحزب لم يتمكن من الارتباط مع الجماهير الشعبية و ارتباط الجماهير بالقضية الكردية بشكل خاص و انما خلقوا في كثير من الاحيان مريديين بطريقة التصوف العمياء داخل صفوف الجماهير و يبحثون عن المصفقين لهم ، اما الذين يعملون من اجل القضية الكردية و ينتقدون في بعض الاحيان سياساتهم فمصيرهم خارج الحزب و الاتهام بمئة تهمة و تهمة ؟ و اذا قيمنا التجربة السابقة من الانتخابات النيابية فان اصوات هذا الحزب كانت حوالي مليون و سبعمائة ألف صوت من اصل حوالي 12 مليون كردي كان يحق لهم التصويت لان نسبة الشعب الكردي في تركيا عموما بين 20 الى 25 مليون نسمة هذا يعني ان الشعب الكردي حتى الآن لم يرتبط بقيضته القومية بشكل جدي و انما الشعب الكردي او الجماهير الكردية مشتته بين دولة العسكر و الحكومات و الاحزاب السياسية التركية و حزب الله و حماة القرى . كل ذلك له اسبابه :
1 – سياسة الحكومات التركية المتعاقبة بحق الشعب الكردي من الظلم و القمع و الترهيب و الترغيب و الاضطهاد و تغريغ اكثر من اربعة الاف قرية كردية و تشريد الملاييين الى داخل تركيا و خارج البلاد و تطبيق سياسة التذويب في المجتمع التركي و اعتبار الشعب الكردي (( اتراك جبال )) .
2 – قبل الانقلاب العسكري في عام 1980 كانت اغلب الاكراد في المناطق الكردية يتكلمون باللغة الكردية ، و الآن و بعد كل هذه الدماء و الشهداء فان اغلب الاطفال و حتى النساء الامييين يتكلمون اللغة التركية ، و اغلب المثقفيين يتزوجون من نساء الاتراك تباهينا بتعليمهم ؟ و حتى الذين يعيشون في اوروبا في اكثر الاحيان يتكلمون اللغة التركية و يذهبون الى المدارس التركية و يردد اطفالهم نشيد استقلال التركي ؟ على الرغم ان اللغة الكردية مسموحة في جميع انحاء اوروبا ؟
3 – الدولة سمحت في الاونة الاخيرة بفتح مدارس خاصة باللغة الكردية ، و لكن لم يفتح احد مثل هذه المدارس في مدينة دياربكر ، اما في مدينة باطمان و التي تبلغ عدد سكانها حوالي سبعمائة الف نسمة لم يذهب الى المدرسة اكثر من ستين طالبا مما اضطر بصاحبها الى اغلاقها ؟ على الرغم ان اللغة هي العنوان الاساسي لاي شعب ؟
4 – التصريحات الغير مسؤولة لكثيرين من قادة هذا الحزب ، فاغن السيدة ايسل طوغلوك نائبة رئيس حزب المجتمع الديمقراطي قالت في اخر تصريحات لها : انها تمثل مصطفى كمال اتاتورك و سياسته ، و يبدو انها نسيت او تناست ان اتاتورك كان مهندس اتفاقية لوزان ؟
5 – هذا الحزب لا يختلف في كثير من الاحيان من بعض الاحزاب التركية الذين يدعون العلمانيية و يتاجرون بدماء جنود الاتراك على الشاشات الفضائية و لكسب تأييد الشعور القومي لدى الشعب التركي ، و كذلك فان هذا الحزب تتاجر لصالح بعض الانتهازييين و الوصولييين بدماء شهداء الشعب الكردي على الرغم ان دماء الشهداء لم تسيل من اجل القضية الديمقراطية في تركيا فقط ؟
6 – اخطاء كثيرة ارتكبت حتى في هذه الدورة الانتخابية من قبل هذا الحزب ، فتم ترشيح امراة من محافظة دياربكر و مقيمة في عنتاب في محافظة ماردين على الرغم من احترامنا لها و تضحياتها و لكن سؤال يطرح نفسه الا توجد امراة في كل هذه المحافظة قدمت التضحيات اكثر منها لتكون ممثلة لهذه الجماهير ؟ و تم ترشيح امراة من محافظة المرش في محافظة وان ؟ و ابعاد بعض الوطنيين و كانوا مرشحين من قبلهم لان بعض الانتهازييين خافوا على مناصبهم ؟
و لكن لابد بعد هذه الانتخابات من اجراء تقييم جدي لمسيرة الحزب على جميع الاصعدة السياسية و من اعلى المستويات ، و العمل لكسب الوطنييين و الاحرار و اصحاب الرأي لان القضية الكردية مرتبطة بالارض و الشعب و اللغة . و بذلك يمكن ان يحققوا الشيء الكثير من اجل القضية الكردية و ليس فقط لمصالح بعض الانتهازيين و يمكن لن يتجاوزا حتى النسبة المئوية ليدخول اغلى البرلمان كحزب و ليس فقط كمستقليين و قال استطلاع للرأي اجرته اوساط قريبة من حزب العدالة و التنمية الحاكم في تركيا ان حزب المجتمع الديمقراطي (( DTP)) (( القريب من حزب العمال الكردستاني )) سوف يحصل على اكثر من ثلاثين مقعدا في البرلمان التركي في الانتخابات التشريعية القادمة ، و لم يستبعد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان اقامة تحالف بين حزبه و مرشحي حزب المجتمع الديمقراطي المستقلين ، و قال اردوغان في برنامج تلفزيوني حول الانتخابات التشريعية المبكرة في البلاد . ان تاريخ اقامة التحالفات بين الاحزاب السياسية في البلاد يبين ان احزابا كثيرة اختلفت وجهات نظرها و برامجها نجحت في اقامة التحالفات ، موضحا ان الظروف السياسية بعد الانتخابات القادمة هي التي ستقرر خريطة التحالفات .



#بافي_رامان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكم بعد المداولة
- الارهاب................... و الانظمة الاستبدادية؟
- هل الوطن اولا؟ ام الكرسي؟ في ظل مخططات النظام السوري الاستبد ...
- اخاف على وطني من العدو الداخلي؟
- النظام السوري بين الشعارات الغوغائية و الممارسات العملية
- تركيا بين احلام العثمانيين من خلال الجيش و ما يسمون انفسهم ب ...
- الطبقة العاملة تحتفل بعيدها في ظل الارهاب المنظم؟
- يوم الصحافة الكردية تصادف يوم تزيف الانتخابات السورية
- لعبة الانتخابات في الدول التي تتقاسم كردستان
- عامودة مدينة المظلومين و الهاربين من الظلم؟
- مسرحية الانتخابات النيابية في سوريا ؟
- دوروسائل الاعلام على الراي العام ؟ 2
- يوم الاول من نيسان يوم الضحك على الذقون و مقدس عند النظام ال ...
- دور وسائل الاعلام على الرأي العام ؟(1
- استراتيجية النظام السوري الاستبدادي في الحياة؟
- المرأة بين حجاب السلفيين ؟ و الاتجار بافلام الخلاعية؟
- تلاحم الحركة الكردية في سوريا ضرورة تاريخية؟ ام مجرد فنتازيا ...
- الارهاب الفكري وتراث البعث السوري
- الانتخابات القادمة في ظل النظام السوري الاستبدادي
- قانون الاستثمار رقم 8 في ضوء فساد النظام السوري


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بافي رامان - تركيا بين كماشة الجيش و العلمانية المزيفة