أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - معبر رفح والخطاب الفلسطيني المشوه















المزيد.....

معبر رفح والخطاب الفلسطيني المشوه


علي جرادات

الحوار المتمدن-العدد: 1974 - 2007 / 7 / 12 - 10:59
المحور: القضية الفلسطينية
    



منذ انهيار الاتحاد السوفييتي كقطب مواجه للسياسة الأمريكية، وسيطرة الإدارة الأمريكية كقطب أوحد على السياسة والعلاقات والمؤسسات الدولية، أصبحت حركات التحرر الوطني والاجتماعي، أمام سؤال: ما العمل؟؟؟. فلم تكن تداعيات ذاك التحول الزلزال عادية. أما على صعيد حركة التحرر الفلسطينية تحديداً، فقد كانت آثاره مضاعفة، ليس بسبب ثبات العداء الأمريكي لحقوق الفلسطينيين ونضالهم الوطني الدفاعي فقط، بل أيضا بسبب ترافق الآثار السلبية لذاك الزلزال مع الانعكاسات الكارثية لاستثمار الإدارة الأمريكية لمغامرة النظام العراقي في الكويت، وعجز النظام الرسمي العربي عن حل تداعياتها في اطار عربي، بل والذهاب بعيداً إلى درجة الاصطفاف السياسي والعسكري مع السياسة الأمريكية، والرهان على ضغط أمريكي على إسرائيل لاحراز تسوية معها، تلبي ولو الحد الأدنى مِن الحقوق العربية والفلسطينية المغتصبة.
وتفاقمت الانعكاسات السلبية لهذين التحولين الكبيرين دولياً وقومياً على مسار النضال الوطني الفلسطيني، بسبب ما كان، وما زال، قائماً مِن شرخٍ فلسطيني داخلي، بسبب بقاء "حماس" خارج منظمة التحرير الفلسطينية كإطار وطني جامع، كان يجب ويمكن، وما زال يجب ويمكن، إدارة التعارضات الفلسطينية الداخلية ديموقراطياً في اطارها، على قاعدة "الاختلاف داخل الوحدة"، وهذا ما لم يحصل، وما "قسمة" الوطن بين الضفة وغزة إلا ذروة خطيئة عدم انجازه، فيما القادم أعظم، رغم أن صيغة الائتلاف في جبهة وطنية هي حاجة موضوعية لحركات التحرر، وقانون مِن قوانين ادارة تعارضاتها الداخلية، بل واحدة مِن مسلمات وبديهيات عملها، ولا أظن أن الحالة الفلسطينية كان يجب أن تبقى دون تلبية هذه الحاجة الموضوعية كقانون بدهي، فما بالك وقد تضاعفت ضروراتها بعد دخول القضية الفلسطينية في أقسى ظرف دولي اقليمي قومي مجافٍ، بفعل التحولين آنفي الذكر وتداعياتهما الكارثية، يخطيء مَن ظن أن القضية الفلسطينية قد تجاوزتها، أو لم يعِ بدقة مقدار تفاقمها بعد "غزوة" الحادي عشر مِن ايلول 2001 "البنلادنية"، والاستثمار الأمريكي لها، عبر احتلال افغانستان والعراق، ووضع كامل المنطقة على فوهات براكين استراتيجية "الفوضى الخلاقة" لكل صنوف الحروب والفتن الداخلية، التي لا يعرف مِن السياسة سوى اسمها، كل مَن لا يدرك ضرورة عدم الزج بالقضية الفلسطينية في تعقيدات دوامتها القاتلة، ولا يعي بعمق كم هو مطلب، بل مخطط أمريكي إسرائيلي للزج بها في أتون هذه التعقيدات.
هذا الوضع، وهذه الظروف الدولية المجافية والعجز العربي الرسمي عن مساندة العامل الوطني الفلسطيني في التصدي لها وتجاوزها، كان يتطلب، وما زال يتطلب، وعيا عميقاً وتحسساً استثنائيا لضرورة مداواة جروح الوضع الداخلي للعامل الوطني، وقطع خطوات عملية ملموسة ونوعية لتجاوز الشرخ الداخلي، وتوحيد الطاقة الفلسطينية، وبلورة اجاباتها الوطنية الجامعة على تلك التحولات الهائلة، وكان يتطلب الكف عن ممارسة الخطاب الشعبوي غير المسؤول، الذي ينفخ هذه الذات الفئوية أو تلك، ويضخم الخلاف الداخلي، إلى درجة انكار المحتوى الموضوعي للأزمة الفلسطينية، وكأن ما بين الأطراف الفلسطينية مِن تباينات قائمة، ولن تختفي، هو السبب الجوهري للأزمة الفلسطينية، أو كأنه يمكن عزل السبب الداخلي للأزمة عن واقعها الموضوعي دوليا وقوميا، فضلا عن عدوانية السياسة الإسرائيلية وتوسعيتها، ورفضها الانصياع ولو للحد الأدنى مِن الحقوق الفلسطينية، واصرارها على مواصلة سياسة الاستباحة لكل ما هو فلسطيني، وسعيها لفرض الحقائق على الأرض، بما يعزز طموحها في تصفية القضية الوطنية الفلسطينية، يغذي هذا الطموح قراءة قيادة الاحتلال الدقيقة لميزان القوى بالمعنى الشامل، علاوة على ما تلحظه مِن تفاقم للشرخ الوطني الفلسطيني الداخلي، ورهان اللعب على جروحه الموجعة.
هنالك فرق بين ضرورة توفر قوة الإرادة كشرط للصمود وتحقيق الانجازات، وهو شرط مطلوب دوماً وعلى طول الخط، وبين عدم ربط هذا الشرط الضروري بشرطي الحكمة السياسية وعمق البصيرة، اللذان بدون توفرهما، تصبح السياسة شكلاً مِن اشكال ممارسة الإرادوية القاتلة، التي تفرض الفكر على الواقع، وكأنه الواقع، ما يغذي توالد الخطاب الشعبوي، يلحظ كل ذي بصيرة تناميه لدى النخب القيادية الفلسطينية، كما يتنامي الفطر في يوم ماطر، لا ابالغ إن قلت أنه واحد مِن الأسباب الأساسية التي أوصلت الحالة الفلسطينية إلى ما هي عليه، وخاصة في قطاع غزة، وما قضية معبر رفح، ومأساة العالقين فيه، إلا دليلا واحدا، إنما مكثفا، على النتائج المتوقعة لسيادة العقلية الإرادوية، وخطابها الشعبوي الفئوي الذاتي الفج، الذي تعي قياداته، أن الأزمة أعمق وأشمل مِن مجرد اختزالها في صيغ "تقديس" الذات و"أبلسة" الغير، وتعي أن غزة لم تتحرر فعلاً، وأن هناك مغزى سياسي كبير خلف اقدام شارون على فك الارتباط العسكري والاستيطاني مع غزة بصورة أحادية، مع الحفاظ على السيطرة الإسرائيلية عليها برا وبحراً وجواً، وبدون اتفاق سياسي مع أية جهة فلسطينية، أي مع حفظ الحق في اعادة الأمور إلى ما كانت عليه جزئيا أو كليا، في أية لحظة ترى فيه القيادة الإسرائيلية ضرورة لذلك، وأن هناك معنى سياسي كون فتح معبر رفح لم يكن ليكون لولا الاستياء الأوروبي مِن صلف الشروط الإسرائيلية، ما اضطر وزيرة الخارجية الأمريكية في حينه لتأجيل سفرها لمدة يومين حتى تتحقق "مكرمة" معبر رفح ضمن شروط محددة.
ذو دلالة كبيرة وهامة أن يوصل الخطاب الشعبوي، وعقليتة القيادية الارادوية، العالقين على معبر رفح إلى درجة اليأس والقول: ليس مهما مِن أين يكون الدخول إلى غزة، بل المهم الدخول. تلك عبارة مِن جملتين، ولكن فيها ما يكثف ما يجري، وما سيكون عليه الحال لمليون ونصف المليون فلسطيني في "سجن" غزة.
في السياسة هنالك فرق بين تجاوز الحواجز وانكارها، والفرق أن الانكار يتصرف كأن الحواجز غير موجودة، وبالتالي يصطدم بها، فيتحطم ويتحطم مَن معه ومَن يعتمد عليه، بينما التجاوز، يكون تقديراً لهذه الحواجز، ويأخذ الإجراءات للقفز عنها أو الدوران حولها، وذلك ما يحتاج إلى ترتيب وتخطيط واستجماع قوى. واعتقد أن ما آلت إليه الأمور في غزة، أي "قسمة" الوطن، وقضية معبر رفح ليست أكثر مِن تكثيف مأساوي لها، هي نتيجة طبيعية لمنهج سياسي ينكر وجود الحواجز، ولا يريد التوصل إلى سياسة وطنية جامعة موحدة لتجاوزها، فقد كان هذا هو حال السياسة الفلسطينية بطرفيها منذ نهاية ثمانينيات القرن العشرين، وتربع السياسة الأمريكية كقطب أوحد على عرش السياسة والعلاقات والمؤسسات الدولية، مع كل ما تلا هذا الزلزال مِن عواصف سياسية في المنطقة العربية خصوصاً، ومنطقة الشرق الأوسط عموماً، كان على طرفي الصراع في الساحة الفلسطينية، منظمة التحرير الفلسطينية و"حماس"، أن يدركا مخاطر استمرار هذا الشرخ، ويعملا على درئها، ويكفا عن لعبة التمترس الذاتي، وهو ما انتهى بجنون اللجوء إلى خيار الحسم العسكري، الذي أعتقد أن قيادته لم تعِ جيدا مخاطره وعواقبه، ولم تحسب حساب تداعياته، ما وضعها في مصاف ذاك الذي قفز للسباحة في بحر، دون دراية بعمق مائه، أو حدة عواصف محيطه.
والحال؛ فإنه لا يجوز لأحد اتهام الآخر بالانفراد بالمسؤولية عما آلت إليه الأمور، ويبرأ نفسه كلياً مِن المسؤولية، فهكذا منطق ذاتي فئوي، لن يقود إلا إلى هكذا خطاب شعبوي، وهذا بدوره لن يوصل إلا إلى هكذا نتائج كارثية وطنية. والمشكلة أن مَن يعاني ويلاتها، هو الشعب الفلسطيني، ومشروعه الوطني، وليس النخب القيادية الشعبوية، التي ما زالت "تخطب" على الناس ذات الخطاب، دون خجل، وحتى في قضية معبر رفح التي تفقأ عين كل مَن يدعي، أن هنالك "سيادة" فلسطينية مِن أيِّ نوع كان.



#علي_جرادات (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وعي المظهر وانكار الواقع
- قطع الحوار انتحار ولكن
- صراع على السلطة أم قلبٌ لمعناها؟!!!
- حلقة الخلاص الوطني المركزية
- ًكي يبقى النهر لمجراه أمينا
- العبرة في النتائج
- خطوة إضطرارية أم إنتحارية؟!!!
- موانع إجتياح غزة سياسية
- 5 حزيران تطرف النصر والإنهزام
- تجليات الفوضى الخلاقة
- تجاوز لكل الخطوط
- لماذا يستباح الدم الفلسطيني؟!!!
- دعوة لإستعادة الوعي
- الحكم أم الوطن؟
- رهان النسيان والذاكرة الجمعية
- الطغيان الأمريكي....مصاعب وإنتكاسات
- أين فينوغراد العرب؟!!!
- إتجاه الإنفجار المرتقب
- القصف العسكري والسياسي الإسرائيلي عن بُعد
- تقتحم القلعة من داخلها


المزيد.....




- أصبحت متاجر الكتب تلجأ إلى تقديم الجعة والنبيذ للحفاظ على رو ...
- -زيارة أخوية-.. محمد بن زايد يستقبل أمير قطر وهذا ما بحثاه
- صاروخ حوثي يصيب مطار بن غوريون وشركات أوروبية تعلق رحلاتها إ ...
- رغم استئناف حركة الملاحة.. شركات طيران عالمية تلغي رحلاتها إ ...
- رغم عدم تحقيق اللقب رسميا ـ بايرن يحتفل بلقب البوندسليغا
- بوتين: ليست هناك حاجة لاستخدام الأسلحة النووية بأوكرانيا بعد ...
- سفير باكستان في موسكو: روسيا قادرة على المساعدة في تخفيف الت ...
- زيلينسكي يلوح بفرض عقوبات ضد دول تدعم روسيا
- رئيس وزراء فرنسا يحذر من مخاطر تتعلق بالدين العام
- مباحثات مصرية عراقية مكثفة قبل القمة العربية


المزيد.....

- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - معبر رفح والخطاب الفلسطيني المشوه