أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عايد سعيد السراج - سقوط المدائن في عهد عمر بن الخطاب




سقوط المدائن في عهد عمر بن الخطاب


عايد سعيد السراج

الحوار المتمدن-العدد: 1973 - 2007 / 7 / 11 - 10:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كيف سقطت طيسفون عاصمة الدولة الفارسية , وكيف تم توزيع الغنائم والسبايا , وبيع بنات الملك كسرى بن هرمز , وأين ذهب التاج والسجادة المشهورة , وسواره ونطاقه , وخزائن اللؤلؤ والجواهر 0
(000 لما فتح سعد بن أبي وقاص مدينة طيسفون , المسماة عند العرب المدائن , وكلن ذلك في خلافة عمر بن الخطاب سنة 61 هجرية , أرسلت الغنائم التي اغتنمها جيش المسلمين إلى المدينة , وكان فيها مال كسرى , ومن جملة ذلك سوارا كسرى , وتاجه , ومنطقته , وبساطه الكبير , وكان ستين ذراعاً في ستين ذراعاً منظوماً باللؤلؤ والجواهر الملونة على ألوان أزهار الربيع , كان يبسط لكسرى في إيوان ويشرب عليه إذا عدمت الزهور 0 وأرسلت مع الغنائم السبايا أيضاً وهن من بنات كسرى , وكنّ ثلاثاً وعليهن من الحلى والحلل والجواهر ما يقصر اللسان عن وصفه 0 وأمر عمر بن الخطاب بالمال الذي جيء به من أموال كسرى فصبّ في صحن المسجد , وأخذ يفرقه على المسلمين 0 وعند ذلك دعا سراقة وقال له ارفع يديك وألبسه السوارين , وقال له : قل : الحمد الله الذي سلبهما كسرى بن هرمز , الذي كان يقول أنا رب الناس , وألبسهما سراقة بن مالك , ورفع عمر بهذا الكلام صوته 0 ثم قطع البساط وفرقه بين المسلمين , فأصاب علياً من قطعة باعها بخمسين ألف دينار , ثم جيء ببنات الملك الثلاث , فوقفن بين يديه , وأمر المنادي أن ينادي عليهن , وأن يزيل نقابهن عن وجوههن ليزيد المسلمون من ثمنهن , فامتنعن من كشف نقابهن ووكزن المنادي في صدره , فغضب عمر وأراد أن يعلوهن بالدرة ( السوط ) وهن يبكين , فقال له علي : مهلاً يا أمير المؤمنين , فإني سمعت رسول الله يقول : ارحموا عزيز قوم ذل , وغني قوم افتقر 0 فسكن غضبه , فقال له علي : إن بنات الملوك لا يعاملن معاملة غيرهن من بنات السوقة , فقال له عمر : كيف الطريق إلى العمل معهن ؟ فقال : يقومن , ومهما بلغ ثمنهن يقوم به من يختارهن , فقومن , وأخذهن علي , فدفع واحدة لعبد الله بن عمر , فجاءت منه بولده سالم , ودفع الثانية لمحمد بن أبي بكر /403 / , فجاءت منه بولده القاسم , ودفع الثالثة لولده الحسين فجاءت منه بولده علي الملقب بزين العابدين (1) 0
إن هذه الحادثة , أعني معاملة عمر لبنات كسرى هذه المعاملة الغليظة , وانتصار علي لهن , هي الضمير الذي اشتبكت عليه وشائج مذهب التشيع لعلي وأولاده من القديم , فإن الفرس المغلوبين على ملكهم , كانت نفوسهم في صدر الإسلام تنقد غيظاً , وقلوبهم تضطرم حقداً على العرب الذين كانوا هم الرافعين لواء تلك النهضة العربية الإسلامية , والذين اكتسحوا بجيوشهم الجرارة بلاد فارس من أدناها إلى أقصاها 0
ثم أنهم دخلوا في الإسلام كرهاً , وأخذوا يعملون على إعادة ملك الأكاسرة من طريق الدين , فتظاهروا بحب علي وأولاده من أبناء الحسين , النازلين من صلب ابنه علي زين العابدين ,الذي يمت بنسبه من جهة أمه إلى الأكاسرة ملوك الفرس 0 وقد ساعدهم على ذلك ظاهرة الآية القرآنية : ( قل لأ أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ) (1) وقد أوضحنا المراد من هذه الآية فيما تقدم من الكلام عن الخلافة 0
هذا هو أساس فكرة التشيع , ثم اتسعت هذه الفكرة وتشعبت بمرور الزمان , فافترق لها المسلمون إلى فرق وطوائف شتى كلهم متعادون محتربون 0 قلنا إن فكرة التشيع لعلي وأولاده كان منبعها من القومية الفارسية , ولكن طلاءها الديني قد غر ّ الأغرار من العرب أيضاً , فانخدعوا لها وتمذهب من تمذهب بها منهم , حتى تفرقوا شيعاً , وكلما مرّ عليهم الزمان زادوا تفرقاً , وكانت السياسة هي الحطب الجزل لنيران لهم : " لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض " (2) / 404 /
لا جرم أن مكيدة الفرس هذه قد نجحت , إذ أوقعوا بها التفرقة بين العرب الرافعين لواء النهضة , وتوفقوا إلى حل عقدة الأخوة الدينية التي عقدها محمد بين المسلمين , وجعلهم يداً واحدة على من سواهم 0 وما سقوط الدولة الأموية إلا أثر من آثار هذه الفكرة , تلك الدولة العربية المحضة التي فتحت الفتوح ودوخت بجيوشها البلاد في الشرق والغرب , وقد أديل بسقوطها العجم من العرب , لولا أن تدارك بقسوته بعض شرها الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور في فتكه بأبي مسلم الخراساني , وحفيده هارون الرشيد في فتكه بالبرامكة 0 ولم يزل أبناء إيران إلى يومنا هذا ينظرون إلى بلاد العراق نظر المسلوب إل سلبه المغصوب منه , وهذه أطلال الإيوان في شرقي بغداد لم تزل قائمة تطوف بها أنظارهم وتحوم حولها أحقادهم 0
ونحن إذا رأينا الفارسي يتستر بستار التشيع لعلي وأولاده , فيلعن عمر بن الخطاب الذي هو من أجلّ رجال النهضة العربية الإسلامية , ويبغضه أشد البغض , ويمثله بحمار معمم ينهال عليه بالسياط ضرباً وباللسان شتماً ولعناً , كما تفعله الشيعة في بعض أعيادهم المذهبية , فلا نعجب من ذلك لأن عمر بن الخطاب على يده كان سقوط دولة الفرس , ولأن عمر بن الخطاب هو الذي عامل تلك المعاملة الغليظة بنات الملك كسرى 0 وإنما نعجب كل العجب من أن نرى العربي أيضاً يفعل هذا الفعل المنكر الذي لا يليق ل، يتشفى به إلا من كان في الدرك الأسفل من الهمجية , فانظر إلى المذاهب والأديان كيف تمسخ الناس مسخاً حتى تجعلهم ألأم من القرود طباعاً , وأقبح منها فعالاً 0 / 405 /
ثم أن عمر بن الخطاب قد أساء إلى بنات كسرى , وقد أغلظ لهن في القول والفعل , كما أنه أساء إلى العربية بتقسيمه تلك الغنائم وتفريقها بين المسلمين بعد تمزيقها شر ممزق , إذ كان يجب عليه أن يحتفظ بتاج كسرى ومنطقته وبساطه لتكون عند العرب مفخرة لهم من مفاخرهم التاريخية , ولكن عمر لم يكن فيما فعله من بيع البنات وتقسيم الغنائم إلا تلميذاً لمحمد , فإن محمداً هو الذي أباح سبي النساء في حروبه وجعلهن ملكاً تحت رق من سباهن , إن شاء وطأهن وإن شاء باعهن , وهو الذي أحلّ الغنائم لأتباعه , وأوجب تقسيمها عليهم , بعد أخذ خمسها لله ولرسوله ) يتبع 00 0

(1) أنظر السيرة الحلبية , 2 / 45 0
(1) سورة الشورى , الآية : 23 0
(2) صحيح البخارى , كتاب العلم , الحديث رقم : 118 , كتاب الحج , الحديث رقم : 1623 و 1625 ؛ وكتاب المغازي , الحديث رقم : 4051 و 4035 و 4054 , وكتاب الأدب رقم : 5700 , وكتاب الديانات , الحديث رقم : 6360 , وكتاب الفتن 000 ؛ صحيح ومسلم , كتاب الإيمان , الحديث رقم ك 98 و 99 وسنن الترمذي , كتاب الفتن الحديث , رقم : 2119 0
* من كتاب الشخصية المحمدية للكاتب والشاعر – معروف الرصافي -






#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد في المدينة
- محمد والجن
- سعاد خيري , أمُّ الحالمين0
- أمراض اليمين, واليسار المتطرف0
- مبروك – آلن جونستن0
- أسفاره قبل النبوة
- العرب أميون ومحمد منهم -2-
- العرب أميون ومحمد منهم 1
- هل لمحمد كلام بعد النبوة
- آيات الحلال والحرام في الصيام
- محمد وآيات الخمر
- كيف كان يأتي الوحي ؟
- صور الوحي
- التايكوندو - يزهر في بلاد الرافدين
- صراع الأخوة الأعداء
- محمد قبل النبوة
- الخلوة في حراء وبدء الوحي
- فكرة النبوة وكيف حصلت لمحمد
- هل الحل هو إبادة الشعب الكردي؟
- هل عيّن محمد أحداً للخلافة


المزيد.....




- سلي طفلك تحت التكييف..خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة 2025 ...
- فوق السلطة: شيخ عقل يخطئ في القرآن بينما تؤذن مسيحية لبنانية ...
- شيخ الأزهر يدين العدوان على إيران ويحذر من مؤامرة نشر الفوضى ...
- مسيرة مليونية في السبعين باليمن للتضامن مع غزة والجمهورية ال ...
- إسرائيل تعرقل صلاة الجمعة بالأقصى وتمنعها في المسجد الإبراهي ...
- أوقاف الخليل: إسرائيل تمنع الصلاة بالمسجد الإبراهيمي لليوم ا ...
- من -مشروع أجاكس- إلى -الثورة الإسلامية-.. نظرة على جهود أمري ...
- قائد الثورة الاسلامية: العدو الصهيوني يُعاقب.. انه يُعاقب ال ...
- الشرطة الأمريكية تحقق في تهديدات ضد مرشح مسلم لرئاسة بلدية ن ...
- بابا الفاتيكان يحث قادة العالم على السعي لتحقيق السلام بـ-أي ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عايد سعيد السراج - سقوط المدائن في عهد عمر بن الخطاب