أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم الوراق - وجهة نظر في الإسلامويين.....!!!!!















المزيد.....



وجهة نظر في الإسلامويين.....!!!!!


ابراهيم الوراق

الحوار المتمدن-العدد: 1959 - 2007 / 6 / 27 - 12:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة(1)
معذب من البؤساء...!!! أحتاج إلى من ينقذني...!!! أحتاج إلى من يعرفني...!!! أحتاج إلى من يدافع عني...!!!
أريد أن أعيش في الأدغال، في الغابات، أريد أن أهرب، من الزمن، من المكان، من الحركة، من الوجود، أريد أن أفرمن كل شيء يسمى إنسانا، كرهت نوعه، شكله، لغته، كرهت جميع الألسن، أريد أن لاأسمع صوتا، ولا حسيسا، ولا هسيسا، كرهت أن أرى بين من يرى ويسمع، كرهت العداء ولغة الانتقام، كرهت المناورات، كرهت الدهاء، كرهت الأرض التي تأوي هؤلاء، فسواء كانوا بالأرض أم بالسماء، فلا الأرض لي معهم ولا السماء، ولا البر لي ولهم ولا البحر، فإن كانوا بشرا فلي حظ من الجن، وإن كانوا من عالم الجن فبطن الأرض أولى لي من أعلاها، لنا الله من هؤلاء، لهم طول باع في الخبث والدهاء، لعناء، ساقطون، مائعون...
تالله لا أدري أين أقيم...؟؟؟ ربما أقيم في مسبعة تفترس الانسان، ربما أقيم بأرض خراب صوح فيها الغراب، إنني مقيم في جزيرة الوهم، في ضيعات النفاق، في مزابل التاريخ، ودعت مع الحلم ملايين الأفكار، ودعت الأوتار التي كانت تطربني، ودعت العيدان التي كانت تغنيني، ودعت الطبيعة بجمالها والبهاء، ودعت الصفاء والنقاء، تالله إن الوجود في الغاب حظ جزيل مع غياب هؤلاء، تالله إن الحياة مع الذئاب ألطف بالروح من هؤلاء، تالله إن بطن الحوت يريك الطبيعة على أصلها أهون من ساعة مع هؤلاء...
لعمرك ماضاقت بلاد بأهلها ...ولكن أخلاق الرجال تضيق
أنا مهدد من قبل مجهول غادر، خائن، ماكر، إنه شبح من أشباح الزمن الحالي، تيس من جبال التخلف والتصحر....سمه ما شئت، إنه عدوي، لن أتحدث عنه كما هو، لن أصفه إلا ببعض مصاديقه، وأنا أريد فيما بعد أن اعريه وأكشفه لروحي ونفسي، قرأت في آي القرآن ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض، انتظرت طويلا أن ينصرني هؤلاء بالحق فما فعلوا، وقد نصرني من لم يقرأ هذه الآية إلا في لوحات الفنادق وهو ثمل من نشوة الخمرة.... بل كان نصيبي أن أهانوني، وكأنني غريب عن دائرتهم، وحقيقة غريب الدار والأهل، وقد قيل لي هذا في مناسبات عدة، وما زال بوق الخبال يقوله بصخب، بل مازال صداه يتردد على أذني وهو يقول: سأحشد عليك قبيلي، وسأجلب عليك بخيلي ورجلي، ويا للغرابة حين يستشهد بقوله تعالى: ولولا رهطك لرجمناك...!!!! وأنا حالي يحكي، فدعا ربه أني مغلوب فانتصر....
قرأت قوله تعالى: إن الذين يدافع عن الذين آمنوا، فها أنذا أنتظر، وعسى النصر أن يأتي، وهو قريب لا محالة.....
سأتحدث عن أناس يزعمون خداعا أنهم أهل دين وخلق، ويحسبون أنهم هداة مهديون، وهم طائفتان، طائفة تغني مع القطيع، وتسرح في كل عرض، وتنهق مع كل موتور، فهؤلاء وإن كان ضررهم علي كبيرا، وإذايتهم لي ممتدة وإلى اليوم، فحسبي أنهم يموتون بغيظ يحرق منهم النياط، ويكوي منهم الأرواح، فلا ابتلى الله أهل القبلة بحرد يدبرهم كل صباح ومساء، ولا أعلم الله أهل الركوع بمآسيهم المخزية، وآلامهم الموجعة، وهم يزرعون الأشواك في طريق العباد، ويعطلون قانون الحياء في الوجود، إنني لن أضيع جهدي مع هؤلاء الآفنين، ولن أتكلم في حقهم بما يجعلهم عظة الآخرين، ولن أسميهم إلا خفافيش يتحركون في ظلمة الإشاعات، ولن أعتبرهم إلا لصوصا يسرقون الأضواء، ويتسلقون المقامات، ويمشون كالنعامة وراء الأجواق، هجيراهم الصيد في الماء العكر، وحاصل جهدهم إثارة النعرات، وإشعال الحروب الغير النظيفة، وقدكتبت عنهم ما يعريهم ويكشفهم سوءة مخزية، لكنني قدرت الأمر حق قدره، ووعيت جادة الصواب، فعلمت أن كل كلمة أكتبها عنهم تضييع للوقت في ما لا جدوى من ورائه، وأن كل شعور أضخه في حقهم هوان لي، فلا أشفاهم الله من غيضهم..!!! ولا تركهم يلعقون من هذه الشجرة الملعونة ثمارا يانعة....!!!!!
وإذا ضلت العقول على علم...فماذا تقولــه النصحاء
أما الطائفة الثانية فلي من وقتها بعض الدقائق، ولي معها جولات وصولات، وسأبين لها أنها تجاوزت الحد، وتعدت الطور، وأهانت نفسها حين جعلت قصارى جهدها أن تشتغل بهدم الآخرين، وأن تؤسس مجدها على طمس هوية الآدميين، فأقول لها واقفا الوقفة الأولى:
إن الإسلاميين لا يستلون إلا سلاحا يتيما، ولا يتقنون إلا جريمة واحدة، ورب سائل سيسألني ما هي الوسيلة التي يحسون بأنهم تشربوا علمها في قلوبهم، واستسلخوها من تجارب غيرهم...؟؟؟ وسأجيبه بمنطق الرائي، وحجته مقدمة على السامع، سيما إذا كان الرائي ممن له اتصال مباشر بالموضوع إما كلا أو جزءا، وما سأقوله قد عانيت من ويلاته كمئات ممن دمرتهم تلك العواصف الهوجاء، وزلزلت أركانهم تحرشاتهم الرعناء، لكنهم بقوا، ولو لمدة من الزمن، وإن استمرت الغارات، وامتدت الضغائن والعداءات، وانتفت المحبة والصداقات... إن الوسيلة التي يملكها هؤلاء بسيطة في تركيبها، قديمة في استعمالها، آثمة في جرائمها، مخزية في تضاريسها، يعتصرها من جب الظلام من أهاض النقص جناحه، ودمدمت عليه تخاريف خداعه....إنها وسيلة حشد العامة والرعاع، وتهييج السفلة الدهماء، فهذا سلاحهم القذر، ومنتهى وزرهم الآثم، وتلك شنشنة بدت لغيرهم من السياسين فجعلوها سفينة في مسلسلات مخازيهم، وسلما يرتقونه في تحصيل مراداتهم، فكم من هنات حولوها سبة وعارا..!!! واأسفاه..!!! كم من سوء فهم، وشؤم ظن، استحال عندهم إلى حقائق يخدشون بها الكرامات، ويهينون بها الحرمات، وكم من إشاعات كاذبة، وأباطيل مزينة، وأغاليط رسموها في أذهان الآخرين نكاية بالمخالفين، وانتقاما من الآخرين، وما حصل للمفكرين والأدباء المتنورين، لا ينأى عما يعانيه كل متحرر من ثلة أجرمت في الأرض بالفساد، وأسفت بعقول الناس بالبهتان، وإنني ما زلت أتساءل مع نفسي كيف عد هؤلاء النبز واللمز والهمز أخلاقا إسلامية تستدر بها عواطف العوام للوقيعة بفلان أو علان...؟؟؟ ولا أدري كيف يمزج هؤلاء في مركبهم الجمعي بين متناقضات تقدح في إنسانية الإنسان وكمالاته..؟؟؟!!!! وكيف انتحل القوم صفة المصلحين بالشوشرة والبلبلة والإفتان للغير...؟؟؟
ومن المخازي التي أصبحت وشما عليهم تجاه كل مفكر، أنهم يتناولون بشكل فاتر كل الزلات التي تصدر من أنصارهم، وينفخون في هنات أعدائهم، وقد يتنافى هذا مع الأمانة الأخلاقية التي تفرض عليهم أن يساووا بين أعراض الناس، فسواء الأصدقاء والأعداء، والأدهى من هذا أن ينكروا جميل أعدائهم وخصومهم من باب رفض الآخر بخيره وشره، وعجره وبجره، وهنا تغيب النظرة الحقيقية للإيمان والقيم، وتختلط لديهم المفاهيم والتصورات، فالإيمان نسبي لأنه ارتباط بالحق عبر سلسلة خاصة، أما القيم فهي مطلق مشترك بين جميع أمم الأرض كالخير والشر والجمال والقبح، فالعبرة هنا تقع بالقيم التي من تجسداتها وتمثلاتها ما يسمى بالأخلاق، وليس بالإيمان، لأن الإيمان قد يكون في قلب أجوف لا يراعي إلا ولا ذمة، ولا يقدس حقيقة ولا منطقا... والإيمان يمنح الإنسان ارتباطا بالله، والقيم تعلم الانسان وسيلة التعامل مع المجتمع، والإنسان بفطرته السليمة يمكن له أن يحقق ذلك الحد الأدنى من القيم بدون أن تتدخل وسائل أخرى، وقد تتدخل في بعض الأحيان سيما إذا كانت مشوهة كالتي يحملها الإسلاميون فيتحول الإنسان إلى تيس ناطح لا يسالم غيره، ولا يرحم مخاصمه، فأين القيم التي يتبجح بها هؤلاء إذا كان مصدرها الهوى، فتمنح للموافق، وتنفى عن المعاند، وتعنف في محل الرفق، وترفق في موضع العنف، وإن كنا لا نقبل على جميع الأحوال أن يحصل العنف على الناس حتى يسعدوا بحياتهم، وينعموا بخيراتهم...؟؟؟ وأين النظرة الشمولية للدين التي يصدح بها سحر هؤلاء وهم يقدمون القرابين لصنم النفس المستبد بهم وبأحلامهم...؟؟؟ وأين الاعتداد بما نراه من البدهيات الفطرية في الإنسان وهو مركوز في جبلته على الخطإ، ومجعول للإبتلاء....؟؟؟؟
وهنا يمكن القول بأن الإسلاميين قد مسخوا القيم والأخلاق، وجعلوا النتيجة متعلقة بالانتماء العضوي إلى فكرهم، والإنتهاء إلى مملكتهم الخشنة، وهذا لا يبعد في حدوده الدنيا من العصبية التي تجعل الجنس أو اللغة أو الأرض سببا للتفاضل...
الوقفة الثانية،
إنني كنت أعتبر وجود الحركة الدينية (الإسلاموية) ضرورة حياتية فرضتها أزمات الأمة الإسلامية المتكررة، وفريضة اجتماعية يلزم وجودها في واقع يعيش الخلل والفوضى، وتعتمل فيه موجات مضطربة من الانحرافات والفساد، لكنها بدت لي مع تعاقب الأيام حركة قائمة على مبدإ الاستئصال والإقصاء، وناشئة من أجل الكره والعداء، وهذا أمر قد تقرر بجميع الأدلة والصيغ، وحلم تزخر به كتبهم الفكرية والعقدية، وحكمة تفرزها حركاتهم الاجتماعية، وتثمرها أدبياتهم التوجيهية، ومما يدل على ذلك ما نراه من القول بالنيابة عن الحق المطلق في إقامة الشرع، وما نلمسه من الدعوة إلى الخروج على الحكومات، وما نعيشه من تكفير للمجتمعات، وما نلحظه من موقف مترجرج من الحضارة والمدنية، وما نعانيه من طقوس فرضوها على الكيان المسلم بدعوى الحفاظ على الدين والقيم....
إن ما يثير العجب عندي أن ما يتحرك به هؤلاء من آليات بائدة هي عينها التي تحرك بها غيرهم من ذوي التوجهات الإلغائية، وما ينثرونه من فكر هو من بقايا امتدادات الآخرين ممن ضحوا من أجل المبدإ في يوم كان فيه الإسلاميون لعبة في يد الأنظمة، ولقمة سائغة تهجن بها الشعوب الثائرة، وهذا ما يؤكد عندي رؤية أحد المفكرين الأشقياء- وأعني الوعي الشقي- حين اعتبر الحركات الدينية نتاجا ساقطا من التجارب المشوهة، فما تراه في غيرهم متفرقا، تجده لديهم مجتمعا، يتشاكس في لوحة منفرة مقززة، ويثور في صورة رعناء مهوشة، فلا أدري ما الفرق بينهم وبين غيرهم ممن كانوا بالأمس جزارين بسكين الايديولوجيا..؟؟؟!!! وما الفاصل بينهم وبين المغتصبين للأرض في يومنا هذا...؟؟؟!!!! إن وسائل الترهيب والتخويف والتشويه ليست إلا حصيلة تلقنها الفكر الحركي الإسلاموي من دروس التاريخ الذي يؤطر النظرة الاستعلائية للمنتمين إلى هذه الشطحات، ويعبد الطريق لممارسة التنعيف والغلظة المفاهيمية على الأمة، والقارئ لمنطلقات فكرهم سيخرج بقناعة جازمة تبين له وجود بقع مجلطة في أدمغتهم، لا تقبل بالحوار، ولا ترضى عن الآخر، وإن خدعوا الناس بتلك المبادئ المسطحة التي أتت عليها رياح عاتية في موسم السياسة فتركتها بلقعا صفصفا، ومن يعاشرهم سيرى طرق قبولهم للغير، وسيلحظ كيف يتحركون ضد من لم يعتقد معتقدهم، ومن نحا نحوا غير واديهم، فلا أدري هل يؤمنون بثقافة تشاركية تقف على قدم المساواة مع الآخر...؟؟؟ أم يؤسسون كما كان أسلافهم لثقافة تصادمية متشنجة تستند إلى تراث غاص بملايين العزائم التي لا تدر فرصة سانحة للحوار، ولاتترك مساحة حرة للتعايش السلمي..؟؟؟ فأين المقولات النظرية التي تتبحبح بها كتاباتهم ومنتدياتهم- التعددية ..حرية التعبير..حقوق الانسان..-...؟؟؟ هل أخنى عليها الدهر...؟؟؟!!! أم صارت مع طابور المصالح نسيا منسيا....؟؟؟!!!! فيالخسارة مبادئ الديقراطية حين تسكت الأصوات، وتمنح الامتيازات للإخوان، ويغمى على البعداء، ويأثم الأعداء....!!!!
الوقفة الثالثة،
إن مما أصيب به الإسلاميون من عته وخرف، ما نراه من انتحال فكري، وابتزاز تراثي، وانتقائية حين ينسبون كل القيم على أنها إسلامية الصنع، ربانية المصدر، فلا تكاد تتحدث عن فضيلة من الفضائل إلا ووجدتهم يلحقونها بالإسلام، وينسبونها إلى مكارم الحضارة الإسلامية، ولو من باب لي أعناق النصوص، وتحوير الأحاديث، وتلفيق التاريخ، فحقوق الإنسان، والتعددية، والمساواة و غيرها من مبادئ الديمقراطية، يعتبرونها ماركة مسجلة باسم الإسلام، وعملة إسلامية لها تاريخها المزدهر في الحضارة العربية، وهذا من تخاريف العقل الإسقاطي، وتدجين يرسم في العقل البشري سحرية مقولاتهم، ويفرض بعدا روحيا عند من لا يعرف حقيقتهم، فهل الناس في حاضرهم وماضيهم لم يعرفوا للأخلاق قيمة حتى جاء هؤلاء ليقولوا بأن الإسلام دعا إلى كيت وكيت قبل ظهور الحضارة الغربية، أو أن الإسلام كان سباقا إلى ذا وذاك قبل قبوله في الغرب، أو ربما أنكروا وجود ذلك حتى في الديانات السماوية والفلسفات القديمة، وهذا منتهى فكرهم، ومستوى نظرهم، وإن كنا نرى أن الديمقراطية التي ينادي بها هؤلاء ليست هي الديمقراطية بالمعنى القيمي الذي يسعى المفكرون والمتنورون من الغرب والشرق إلى تبسيطه في حياة الفكر والثقافة والأدب والسياسة، بل هي ديمقراطية بمفهوم آخر يعتمد على اللاهوت الديني، ويتكأ على المعتقد الوراثي، فالديمقراطية الحقيقية تسعى إلى فرض سلوك تنسجم فيه جميع الأطياف والألوان السياسية والدينية، وما يدعوا إليه الإسلامويون يجهل الآخر، ولا يقبل النقد، ولا يحترم الآراء، بل يحاربها ويقمعها بكل ما أوتي من وسائل خبيثة تتنافى مع مبادئ العقلانية والمكاشفة والمصارحة، وتتعارض مع العلم والفكر الحر، وتستوحي كل تصوراتها من الظلام الجاثم على عقولهم المعادية للحضارة الإنسانية بكل معانيها الروحية والقيمية والجمالية والفلسفية، وهذه ديمقراطية تكتسي عندهم وثوقية تجعلها فوق النقد واحتمال الخطإ ووجود الأمثل، وهنا مكمن الخطر الذي يهدد المجتمعات الإنسانية سيما إذا وصلت هذه التيارات الإسلاموية إلى أعلى هرم الدولة، وتمكنت من استقطاب الفكر الدوغمائي المتحالف مع ميزان المصالح في المؤسسات الدينية الشعبية والرسمية، واستطاعت أن تنسجم في خطتها اللحظوية مع أطماع الغرب وغروره، فرغم ما سينال الفكر الإسلاموي من اخفاقات بسبب عدم توفره على مشروع متكامل ينسجم مع رغبة الإنسان في العيش الحر الكريم، فإنه سيترك بصمة على تفكير الكثيرين ممن يزاوجون بين الدين والسياسة، بل يرون الدين المسيس مسيحا مخلصا من كل الكوابيس التي تزعج المواطن العربي، وتجعله ينتظر من هذه الحلول الجاهزة ترياقا لكل آلامه، وسلما لكل أحلامه...

الوقفة الرابعة،
إن نظافة الحس، وطهر القصد، يأبى على الحركة الإسلاموية لو كانت تتنظر صلاح أحوال الأمة، أن تشتغل في استغلال الدين الذي يعتبر مشتركا بين الناس للاستقطاب بواسطته، والاستقواء بسببه، فالدين والسياسة صنوان متنافران، والمزج بينهما جمع بين المتناقضين، والخلط بين البشري والإلهي، والنسبي والمطلق نوع من الدهاء الذي يمارس على الأمة منذ زمان، ومكر يسبب دائما براكين العداء والتحارب، ولا يمكن أن يصنع ذلك واقعا مرضيا إلا إذا تم اغتصاب حريات الناس وقناعاتهم، وانتقلت عدوى النفاق والخداع إلى القلوب، والإسلاميون قد امتشقوا من حراب السياسة هذه الحربة، حربة التلون والتكيف والتركيب المزجي، واصطادوا من أزبال التاريخ تجارب دموية، فدالت لديهم الأحلام، وخابت منهم الأماني، وصاروا رعايا للكذب، وأقواما ينفض سوقهم على الخداع، فلا الدين احترموه، ولا السياسة مارسوها، فالسياسة عندهم وسيلة لتشكيل حكومة إسلامية ترعى مصالح العباد، وتقيم العدل والمساواة والحرية، فهذا ما تقوله أدبياتهم، وتنعق به أحبارهم، لكن المستوعر على التصور، والمستعصي على الحد، هل يمكن إيجاد حكومة بهذه المفاهيم...؟؟؟ وكيف ستكون هذه الحكومة الإسلامية التي سيقيمها هؤلاء...؟؟؟ هل هي حكومة قرآنية لا تعتمد على الفهم البشري...؟؟؟ أم حكومة تعتمد على النصوص التراثية المتضاربة...؟؟؟ وهل إذا اعتمدت الفكر البشري ( التراث) ستنزع عنها غلالة الاختلاف...؟؟؟ وهل إذا اختلفت لا يؤدي اختلافها إلى تطاحن وتعارك...؟؟؟ وهل إذا تعاركت وكفر بعضها البعض سيحكم عليها بأنها حكومة إسلامية...؟؟؟ وهل إذا حكمنا عليها بكونها إسلامية ستنال الإجماع في الحكم...؟؟؟ وإذا لم تنل الإجماع فما مصير هذه الأمة....؟؟؟ أليس من الأولى أن نقول بأن الدم القاني المغدور ما زال ظلمة على تاريخنا المنهك...؟؟؟ أم نحن شعوب نعشق الدم في ليالي زفافنا أوعند إرادة القربان لربنا...؟؟؟ أم لا بد من انقلابات تتوسط بالعنف والإرهاب لنيل المبتغى من الأرض...؟؟؟
إن من الخيانة للإنسان أن نؤطره بالتمويه، أو أن نسعى إلى فرض نسق معين عليه، أو الاعتداد بنمط فكري خاص بدون أن نعطي نفس المساحة لغيرنا من التوجهات حتى تمارس حقها في تصديقنا أو تكذيبنا، وتستوعب جميع المجالات بفكرها المحتمل للطرفين، وتجسد مبدأ التعدد والتنوع والاختلاف في الحقيقة الواحدة، وإن كنا على المستوى النفسي لا نقبل بذلك، لكننا نرضى به فنيا لكونه سيمدنا بمصداقية تجعلنا نسمح لغيرنا بما نسمح به لأنفسنا، وهذا متعذر في التيارات الإسلاموية النازعة إلى تكفير غيرها من التوجهات والأفكار، والمنحدرة إلى الإعتقاد بالوثوق بإطلاقية مبادئ السياسة الشرعية، والاعتداد بالحقيقة المطلقة الواحدة، وهذا التطاول المقيت على حريات الغير في اعتبار الأفكار المحبوبة والمردودة، سواء كان مخالفا معاندا، أو كان مخالفا مداجيا، لا يمارسه إلا الدجالون ممن يريدون أن يطبخوا طبخة سياسية عليها مسحة دينية لتنال عاطفة الشعب الدينية، أو ممن يستأسدون بالفكر المطلق على أنه نهاية منالات الإنسان في الوجود، والإنسان في حريته وهي المطلق الذي يجب أن يقدس، لا أن يساق كالنعاج، بل يزال جهله بتعليمه كيف يفكر...؟؟؟ وكيف يعيش في حياته كريما...؟؟؟ لكن ما تريده الحركات الأصولية يتنافى مع هذه المبادئ، فهي تريده لتفرض عليه نمطها الفكري، ثم تسيسه بدعوى الدين كما يحلوا لها بدون اعتبار لإنسانيته، واعتداد لحريته....فما عسى القائل أن يقول لتيوس تندت حلوقها بالخطاب في مهاوي التاريخ، وماذا ينعى على نفسه من مصائب الزمان...؟؟؟ هل يعرض آراءه في المزاد العلني...؟؟؟ أم يقول إن الدين والسياسة لا يلتقيان، فبينهما خط تماس، فالدين مطلق، والسياسة نسبية، والجامع بينهما فن القول والخطابة، فمن أتقنهما كان منهما أقرب، لكنهما لا يجتمعان، فإذا حضرت صلاة السياسة صليت بلا وضوء، وإن حضرت مواسم الوعظ حضرتها الأعراض، لكن يعفى لكل ما أقدم عليه، فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم على زعمهم الكاذب.
الوقفة الخامسة،
إن الحركة الإسلاموية لا تقبل بالتعدد، ولا ترضى بالتنوع، ولرب قائل يقول: إننا نجد في البنى التنظيرية ما يؤكد عدم صحة هذا الملحظ، وبطلان الدعوى، قد لا أنكر وجود كتابات جاءت تحت الرغبة الضرورية لظروف المرحلة، لكنها تبقى خيالا جامحا، وتجريدا متماهيا في الهلامية، لا ارتباط له بالواقع، ولا اتصاف له بالعقل، وما يؤكد ذلك ما عانته الحركة الإسلاموية من صراعات دموية بين فصائلها، فالحرم الجامعي الذي كان في الأصل محلا لتحصيل المعرفة عشعشت فيه النراعات البينية الإسلاموية حتى أزهق ذلك بعض الأرواح البريئة التي سافرت إلى العالم الأخروي بموجدة على التيارات الأخرى، وما نعيشه من تناقضات على مستوى الفكر والحركة، وما يطرف من اضطراب لا يحق في المطلق المزعوم نهايته، بل هو ناتج عن فكر بشري يسعى من أجل احتلال المراكز، وتحقيق الأرقام، وهذه هي السياسة العامة التي تتحكم في الفكر الإسلاموي، ولي شاهد آخر من واقعنا ونحن نعيش بين أناس لا يراك أحد منهم تقف على الرصيف مع ليبرالي، أو ماركسي،( وقل لهم وجود في حياتننا) إلا واتهموك بشتى التهم، ونعتوك بأقبح الأوصاف، بل يقيمون الدنيا ويقعدونها بدناءة وخسة ترتبط بتجييش العوام، ودغدغة العاطفة الدينية بدعاوى نقض الناموس العام، أو مخالفة العرف الخاص، فلا حرج عليهم إذا كان في آخر اسقاطات الفكر الإسلاموي أن يمارس نفاق السياسة، ولا عليه إن اتهم النوايا، ولاضرر إن هدم عروش كرامة الآخرين، ولا عليه إن تسلط عليها بلسانه البذيء، ولا عليه إن سعى من أجل إهالة التراب على تاريخ الآخرين،كل ذلك مغفور لهم ماداموا يبحثون عن تأسيس حكومة ثيوقراطية تتبنى الفكر الديني المتطرف المغالي الذي لا يسمح بالحوار والتعايش السلمي، ولا يقبل أن يجد لغيره مكانا ولو وجودا نسبيا في مكان بعيد عنه، وهذا ما نراه منهم حين لا يقبلون بالسياسات الغربية ولو في بلدانها، لأن البارز في الخطابات الدينية أنها مصدر الفساد والدياثة، وأن الحركات الإسلاموية نبع الفضل والخير....
الوقفة السادسة،
إنني أقرأ في هذه الأيام التي استعرت فيها نيران العداء فيما بين الغرب والشرق آراء تخَبِّرعن الإسلام المعتدل، وقد قدمت دراسات على مستويات رفيعة في الغرب والشرق تذكر بوجوب التفاوض مع التيارات الإسلاموية المعتدلة من باب البرغماتية المفضية إلى نيل المكاسب الآنية، وقد يعد هذا استراتيجية معقلنة للتترس من الإسلامويين الإرهابيين بأحزمة من الإسلاميين المعتدلين، لكن خبايا أدبيات هذه التيارات كلها تتساوى، ومن اطلع عليها لا منأى عن أن تبين له أنها جميعها لا تنتمي إلى الإعتدال، ولا تنتهي إلى الوسطية بصلة، (وإن كنت أتحفظ من كلمة الوسطية لأنها تتنافى مع التعددية في الرأي) فحسبها من الدين ما لطف الأجواء، وأزاح كابوس الخوف، وأعان على جزء من المراد، فأين الاعتدال والوسطية من حركات تأسست في طقس حار، ونشأت في ظروف عاصفة، وتأدبت بأخلاق تقيأتها في منشوراتها الحاثة على الجهاد والنضال حتى تقام الدولة الاسلامية المحتكمة إلى الشرع الحكيم...؟؟؟ إن القائل بهذاه الوسطية المنتحلة يمارس نوعا من الدجل الإعلامي، والتضليل الفكري، وإن القانع بهذا شخص مسطح التفكير، مهلهل النظرة، ولاغرو إذا قلنا بأن الحركات الدينية سواء المتطرفة أو المعتدلة حركات عنف وإرهاب، وذاك مشاهد بجميع العدسات، ومعقول لجميع العقول، والناظر في أحوال المنتسبين إليها، والمتسمين بسمتها يلاحظ من قرب أو من بعد وبتلقائية تسعر نيران الحقد في هذه القلوب التي تريد حشر الناس على مبادئهم، وحشد الجماهير على توجهاتهم، فإما أن يكون الشعب معهم أوضدا عليهم، وهذا مناط يحقق لدينا تطرف فكرهم، واعوجاج نظرتهم، وتخبط تحركهم، وما يحكونه ما هو إلا نوع من التكتيك المرحلي للتمويه على الغرب وعملائهم من الحكام- كما يحلو لهؤلاء من باب التهريج والشوفينية الخطابية أن يسمو به الحكام- فمقولات الإسلاميين قبل أحداث 11 سبتمبر تعلن في صراح القول أن لا تسامح، لكن الخطاب بعد ذلك تغير تماشيا مع وضعية العالم، والتماسا للواقع بخيط من دهاء، وانتقالا من وضع الرفض إلى محل القبول بالتجربة، وإن كان ما ينثر من تهديد بإلغاء مبادئ الديمقراطية ليس بخاف على المتتبعين لمسار الحركة الإسلاموية حتى وإن قبلت بها نفاقا كوسيلة للوصول إلى سدة الحكم عبر صناديق الاقتراع، لكن سرعان ما تظهر الحقيقة حين تصل إلى الفتات على مائدة السياسة، وتلعق حلاوة بعض المكاسب التي وصلت إليها بسبب أو بآخر، وإن كان ذلك لا يعني أن الشعب قد تعاطف معها حتى منحها الثقة، بعض أو أن المطامح السياسية قد تحققت، وإنما هو إرادة في التغيير للمواطن المنهك باليومي، فكما استبشر الناس خيرا مع طوالع الإمتدادات القديمة، كذلك استبشر الناس خيرا بلوائح هؤلاء، لأن الأمل ما زال غضا، والهم ما زال رازحا.... ونسب الأمية في أوطاننا مرتفعة، خصوصا الأمية الدينية والسياسية، وهذا ما يفرض من الشعوب الإسلامية أن تنعق مع كل ناعق، وترقب كل صاعد...ولا أنس ماحييت تلك اللحظات البئيسة التي انتظرت فيها الحركات الإسلاموية ميلاد ربيبها باشمئزاز وتقزز، فلولا بعض الكتابات التي سهلت ابتلاع هذه الغصة، أوساهمت في هضم هذا الفكر القادم- المشاركة السياسية- لما برح الكثير من التراثيين دائرة انكارهم للعمل السياسي، بل العيش في فلك انتقاد السياسة وأحبارها، وياللعجب كيف استحالت البطون القوراء إلى جراب مليئة بغنائم السياسة، وكيف تندت حلوق حرشاء بفاتر مياه المصطلحات المفبركة، فأين الأمس من اليوم... وتالله لولا ذلك الزخم الهائل من الكتابات التي فرضت جوا من التشاحن والتباغض بين الأنظمة وعموم الشعب... لما تخلصت الذوات من فوبيا السياسة...!!!! فمن سيصدق إسلاميي اليوم بأنهم تخلوا عن الاسلام المتشدد الذي خلق جوا فاسدا، ومناخا متعفنا من القنوط من السياسة وجدواها...؟؟؟ ومن يستطيع ترويض الشبل المعروف بسوء خلقه، وفطرته الشريرة، ليكون وديعا تسلم منه البلاد والعباد...؟؟؟ فمن هم الإسلاميون حقيقة...؟؟؟ هل هؤلاء الذين كانوا يحشنون بطاريات العداء للأنظمة للسياسة الغربية...؟؟؟ أم هؤلاء الذين يقبلون أعتاب الغرب للبقاء في اللعبة السياسية...؟؟؟ أم هؤلاء الذين كانوا قبل مناداتهم بالديمقراطية دمويين ينادون بالجهاد...؟؟أم هؤلاء الذين يكدون من أجل فرض نظام سياسي لا يرحم الرأي الآخر، ولا يقبل بالتعدد، ويسعى لتنميط المجتمع وقف قراءات وتأويلات تراثية تنتهي إلى التجارب السياسية الماضية...؟؟؟ فأين الإسلام في وضوحه رسالته الروحية من هذه التناقضات الفجة المبينة لعوار هذه التوجهات العرجاء...؟؟؟ وأين الثبات والإستقامة في ذهنية ترعى بواكر المصلحة في كل لحظة وحين...؟؟؟ لقد بئس من ظن أن هؤلاء يمثلون الإسلام، بل أصيب بالعوار من حسب إسلاما متماهيا يقبل جميع الأشكال والصور حقيقة مثلى، يحق للعامة اتباعها وتجسدها...
الوقفة السابعة،
إنني لا أرى حركة شبيهة بالفاشية كالحركات الدينية التي أبت إلا أن ترى العبيد رعايا لها، فإما الدخول في مستنقعها، أو حرب باردة تتحرك في الخفاء بالضغينة والعداء، فما هو ذنب من لم يختر توجهات الحركة الإسلاموية إذا كان لا يرضى لنفسه أن يكون في كوكبتها..؟؟؟ أهل نعتب عليه لكونه أراد الحرية الشخصية...؟؟؟ أم نمدحه لعدم مداراته وادهانه لنا...؟؟؟ أم عدم الإنتماء إليها خروج عن الملة...؟؟؟ أم المنتمي إليها قد تجاوز قنطرة السؤال، وبلغ مراح الفضيلة...؟؟؟
إنني أجد كثيرا من المتأسلمين ظاهريا يداجون هذه الحركات، ويتملقون أتباعها، ويتوسلون إلى غرور رهبانها، وقد رأيت هذا بالعين المجردة من أئمة وخطباء ووعاظ يشترط عليهم في أول شروط توليتهم لمنصب الإمامة أن يكونوا حس المجتمع النابض، ومركز التوجيه والإرشاد، لا ان يكونوا رعايا لتوجه دون توجه، ومدية تفري أوداج الخصائص والمقومات التي يقوم عليها المجتمع، وإن كنت لا أربط إصلاح الأمة بهذه الفئة، ولا أحبذ هذا حتى ممن يقوله، وإن كانت الأنساق التي يقوم عليها المجتمع لا بد أن تراعى من قبلهم حتى لا يستشيط العوام غضبا للمنازعة، وتتحول المجتمعات إلى براكين للدماء المستنفرة، وكثر ما سمعت منهم عيانا أنهم ينافقونهم ويخادعونهم لئلا يقعوا فريسة لأنسنتهم الناهشة، وصيدا لبنالهم المسمومة، وربما استداروا عليهم ظهرا لتحقيق مصلحة من الدولة، أو ربما تكلموا مع المسئولين بكلام يتنافى مع ما يفضون به من أسرار لهؤلاء، فهذه الأوضاع الآسنة من الناحية المنطقية قد تكون متسمة بنوع من النفعية التي عرف بها ما يسمى بأئمتنا وعلمائنا ووعاظنا، لكنه من الناحية الخلقية لا يمكن أن يسمى إلا نفاقا وكذبا وخيانة للدولة وللشعب، فهل انعدمت الأخلاق من هؤلاء حتى صار من يكذبهم يصدقونه، ومن يصدقهم يكذبونه، ومن باب الحكاية العابرة، ناقشني أحدهم فقلت له: إن توجهي واضح، وموقفي منكم لا نزاع فيه، فأنا لا أحضر أعراسكم ولا أخبر بأتراحكم، ولا أتماشى مع فكركم ورغبتكم، فماذا تريد مني...؟؟؟ إذا كنت لا تود أن تراني إلا مخادعا لك فبئس الرأي رأيك، وإذا كنت ترى رأيي ليس من باب التعدد فعلى الدنيا العفاء....!!!! لكن الرأي الحصيف الذي يقابل به هذا الفكر أنهم عوام ورعاع وسفلة لا ينفع فيهم وعظ، ولا يرضيهم موقف....!!! فكيف يفسر الإسلامويون هذه الرغبة النافرة منهم...؟؟؟ أم كيف يتصورننا في أنفسهم ونحن لا نخدع أمتنا بتمرير خطابات ظلامية على منابر الأمة لتعود العائدة عليها باستبداد واستكبار ممرع بالخبايا النفسية، والطوايا المستلهمة لقناعها من رحاب التراث الديني، ولا أخفي أن الرؤية الفكرية والعقدية للإسلاميين لو لم تطبخ في المساجد، وأعلى المنابر، لن تكون لها قيمة ومكانة بين الناس، ولولا فشل النخب المثقفة التي كانت يغلب عليها الطابع الإيديولوجي في حشد الشعوب واستقطابها، لما بلغ الإسلامويون إلى هذه المراكز التي تجعل شد الحبل فيما بينهم وبين غيرهم من الديمقراطيين لا يحقق طموحا للأمة، ولا يخدم مصالح المواطنين...
الوقفة الثامنة،
إن التشدد في الدين، والغلو في المعتقد، منبعان صافيان للإرهاب الفكري، وهناك تلازم حقيقي بين الفهم السيء للدين وبين الإرهاب، وهذا واقع نلمسه في حياة الإسلاميين، فما أن يتأدلج أحد منهم في نسق فكري إسلاموي حتى يكفر الحكام والمجتمعات، وينعى على الشعب سكوته عما يراه منكرا وقبحا، وللتاريخ أقول بأنني رأيت عشرات ممن مستهم تلك الأفكار بضجعتها السالبة، وخالطتهم تلك النبرة المستهترة بالآخر، قد فقدوا ميزان القياس، وعطلوا الإرقام وحروف الربط، فخالوا من لم يعشش الظلام في دماغه عميلا أو جاسوسا أو مخبرا، وربما ولولوا بهذا في كل ناد ومجمع، وقدموه نصحا لغيرهم لئلا يزج بهم في أتون الظهور، وكأني بعقولهم الخربة قد صنعت ناطحات سحاب – أسموها المهدي المنتظر- تخترق فضاء الدجل والكذب والخرافة الذي خشوا على اكتشاف النظام له، فمن هؤلاء صناعة وخبرة وتفكيرا حتى يتبجحوا بخدمة الوطن، وماعداهم من أطر الدولة فخائنون وكذابون، لكن العمى المستبد بأدمغة الكثيرين ممن لم تعصف بهم أفكارهم في السجون، او على أسرة المستشفيات النفسية، أو في منصات الخطابة، هو الذي جعلهم يندسون في المجتمع بهذه المصطلحات القادحة في اعتبارهم لكل شريف وكريم، ولا أدري أهل الشعوب تحتاج إلى من يبين لها كيف تتحرر من هيمنة الاقتصاد العالمي...؟؟؟ أم هي محتاجة إلى من يلطخ لها ذهنها بأفكار الانتقام والثأر من الغرب والحكام والعملاء للنظام كما يقولون...؟؟؟ ولرب قائل يقول بأن الإسلاميين المتنورين، أو الإسلاميين العلمانيين، أو الإسلاميين الليبراليين يرفعون شعارات ويافطات تعلن بأنهم يحمون الذمم والحريات، ويرغبون في سيادة الحرية والعدالة، فهذا موجود في كتبهم وكتب غيرهم من المتشددين، لكن ما ينادون به يختلف عن ما يمارسونه من تجريف لكل مخالف ومنابذ، ويستعملونه في تحركاتهم ضد التوجهات الأخرى، ومن اليقين في ادراك تصوراتهم أن نعد ذلك وقاية يتترسون بها في لحظات تحتاج إلى نوع من اللباقة السياسية لتمرير خطابات مشوهة، أو للهروب من تهم تخلع عليهم من قبل غيرهم، أو لتجاوز خطابات قديمة لا يمكن أن تكون خطابا آنيا، لكننا إذا نظرنا إلى القيم التي تحركهم في واقع أمرهم، وتسوسهم في حياتهم، فإننا نرى ولاءهم أو شماتتهم ولو على المستوى الباطني والشعوري للأعمال الإرهابية التي تستهدف الكفار كما يعبرون، وربما ينبرون من وراء بيانات تختلط فيها الحقيقة بالهزيمة الوقتية، وقد لا يصح أن نعد هذا غريبا عن أناس تظهر عليهم أمارات السرور لما يحل بالغرب من نكبات وأزمات، بل الأغرب في تصور من يخالهم أناسا يعيشون بعاطفة مرهفة، أن توظف هذه المآسي التي تحل بالغرب في حشد الرعاع حولهم، فكم من مرات سمعنا من خطباء ووعاظ ينتمون إلى هذه الزمرة أن إعصار كارتينا كان انتقاما إلهيا من أمريكا الظالمة...!!! لكننا لا نرى تفسيرا لإعصار غونو الذي حل بالسلطنة، فهل هو من عقاب الله للشعب المستضعف...؟؟؟ أم ابتلاء لتحقيق المكاسب العلية في الآخرة...؟؟؟

الوقفةالتاسعة

إن الذي ساهم في ظهور هذه التيارات المتطرفة ما حصل من نكبات في تاريخ الأمة، وما وقع من تغيير في بنيات المجتمع، وما هذه الموجة من التناقضات التي تطال حياة المسلمين في زمن الفتنة الماكرة، وهذا التغيير الذي اجتثت من المجتمع جميع القيم والأخلاق إلا نوع من الارتباك الحضاري، والتأثم الإيديولوجي، سببته عملية التمدن والحضارة التي صعقت الركود والتخلف الفكري للأمة، وقد سادت نبرة التحسر جميع الأعمال التي تنادي إما بالعودة إلى ذلك الماضي، أو الإنسجام مع الوافد الجديد، أو الإنغماس فيه إلى حد التماهي، ولكا من هذه التوجهات قواعدها ومراكزها، والحركات الإسلاموية من هذه التلفيفة نوع من الجوقة الباكية على الماضي بكل اسقاطاته وترسباته، وكأنها تريد عودة المجتمع إلى سالف عهده، وايقاف عملية التحديث والمدنية، وبعض الكتاب ذهب إلى أن الحركة الدينية صنع غربي، وهذا خطأ في تقدير هذه الظاهرة، فالحركات الدينية نشأت كما غيرها في ظروف تعتمل فيها مجموعة من العوامل، ولها جذورها التاريخية على المستوى النظري، لكن الغرب وظف هذه الحركات بإرادة أو بغير إرادة في نسق يخدم مصالحه، ويتفاعل مع الإستراتيجيات التي يحارب بها في أيام الحرب الباردة، كما نجد ذلك متجليا في الحرب الأفغانية السوفيتية، وما شهدته تموجات الاسلاموية من صعود وهبوط أنشأ مناخا مزدوجا ينسجم مع التقسيمات الحديثة للحركات الدينية، تطرف/ اعتدال، وهذا التقسيم إما حقيقي مرتبط بتفاعلات الحركات الإسلاموية، وإما منشؤه الغرب، أو المصالح التي يحاول الإسلامويون أن يصلو إليها، أو المفبركون من الكتاب الذين يتغيون الربح المادي، أو الإثارة الوقتية، فيمشي مع أذواق الإسلاميين كتابة وتحريرا، ويهديهم عصارة دمدماته ومكرماته، فلا يرى يافطة تعلق على صحراء الإسلامويين إلا وطالب بطن التراث بها ليفرغ لهم أفكارا يناصرون بها ذلك الجديد، ولو كان تأويلا أو تحويرا أو تكلفا، أو منشؤه انسجام البرجوازية والإسلاميين وبعض السياسييين في توحد بعض الرؤى، وإن كان هذا لايعني ذلك انساجاما آليا، بقدر ما يعني الإحتفاظ على المراكز والمناصب، كما أن ذلك لا ينفي وجود بقع سوداء في ذهنية المتقابلين، فالطوابير الثلاثة تبحث عن مكان لها في سلسلة المجتمع، والمتصارعون بعد الشتات يبحث كل منهم عن موقع في تركيبة العالم، كل هذه القراءات يمكن لنا أن نفسر بها هذه النشأة، ويكفي أنها تدرجت في مجموعة من المراحل التي تبين انها لا تنتهي إلى رزمانة متكاملة منسجمة في تصوراتها، وإنما تظهر في حقبة بشكل مناف لما تظهر به في حقبة أخرى، وهذا سبب انهزامها وانهيارها، وننتظر من الزمن القادم أن يكشف جميع الأوراق، ولي عودة بتفصيل إلى هذه الوقفات.....
إن الذي خلق الحقيقة علقما****لم يخل من أهل الحقيقة جيلا
خاتمة،
تقف بي عجلة الحياة عند إحدى منعرجاتها، ولا أدري كيف سيكون مروري بها...؟؟؟ أهل سيكون مرورا كالذي مضى...؟؟؟ أم سينقلني إلى قناعات أخرى أشد اعتقادا وصرامة...؟؟؟
إنني لا أدري لم اشتدت الرياح في وجهي حتى صرت أنكر نفسي بين أناس عاتبوني باسم الإسلام..!!! وآذوني باسم الإسلام...!!! واستطالوا على عرضي باسم الإسلام...!!!
لم تكن أوراقي التي أزهرت بمنأى عن كيد هؤلاء ومكرهم، ولم تكن أيام حياتي الهانية بمفازة من شر هؤلاء وخبثهم، بالأمس كنت أظن السم الزعاف الذي أتلقفه كل صباح ومساء سينتهي إلى يوم تبلى فيه السرائر فيعرف هؤلاء أن ما يظنون ما هو إلا رجم بالغيب، وسباحة في عماية..!!! لكنني في يومي تأكد لدي أن هؤلاء لن يمنحهم استقرارا إلا ما يصيبني من أذى وسوء...!!! وياللغرابة حين يظن هؤلاء أن ما ينالنا بسببهم من بلايا وخزايا من مقت الله علينا، فأقول لهؤلاء دعوا الله عز وجل الذي نؤمن به جانبا، فهو لا يرضى الظلم، ولا يقبل الأذى، وإن كان لكم من رب غير ربنا فلا أدري، ألم ير ربكم الذي تتوهمون اتباعه ما أصابني من أذاكم أبيت معه الليل أتلوى في فراشي بدون نوم ولا قرار...!!! ألم ير ربكم تعفر وجوه أبنائي وزوجتي بالدموع البريئة التي تذرف على أبيهم وهو يمس بمكروهكم...!!! ألم ير ربكم آبائي وقد أفنوا في أعمارهم أوقاتا ينادمون الأحلام لعلني أكون في يوم من الأيام رب أسرة مستقر، فها أناذا قد وصلت إلى بعض أحلام آبائي بدون زبونية ولا محسوبية، فلم يرضكم ما نالني من فضل الله علي، فأقمتم الدنيا ولم تقعدوها، وكأنكم في مأتم ضاعت فيه كل غروراتكم الكاذبة...!!! ألم ير ربكم تمويهكم على الناس بالليل والنهار وأنتم تصورننا منابع كل ما يحاك ويدبر من مكائد في هذا المقام...!!! ألم ير ربكم إساءتكم إلي في المجالس كلها بدون ضمير من عقل ولا روح...!!! فماذا سأقول.... وماذا سأقول...!!! لله أمري وأمركم، وبين يديه نختصم...!!!
فأقول لكم صادقا: لن أستسلم، فكافكم تهديدا بالهاتف، وكفاكم وشاية بالهاتف، وكفاكم دناءة بالهاتف، لن أستسلم....

(1) حين كتبت هذا المقال، لم أجد بداية ولا نهاية أحسن من هذه المقدمة، ولا أجدر من هذه الخاتمة، وقد كتبت كل واحدة منهما منفصلة عن الأخرى، لكنها تستوعب حياة إنسان سببت له جراحات اللسان بتورا دامعة، وشجاجا غامضة، وأتمنى أن يزيدني القدر صبرا على المصاب.....



#ابراهيم_الوراق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجهة نظر في الإسلامويين...!!!!
- الطريقة التيجانية بين خيارين، الروحية، أو السياسة.
- جذور التصوف
- أهمية التصوف
- التصوف وحوار الحضارات
- ][®][^][®][توابيت الموت ][®][^][®][
- مشروع شاعرة
- لن أرحل
- إلى الذي سأل أين الله
- قرية المجانين
- حين ولدتني أمي !!!
- خيال إنسانة
- خيال من خيالات انسانة
- لقاء على شاطئ سيدي بوزيد
- مسار عمرو خالد ، وخالد الجندي ، في الميزان
- صراع الوهم ، أم صراع الإرادات
- عمرو خالد بين الأسطورة والحقيقة
- شظايا في افق الكلمات
- اعباء الروح 1
- حوار بين العقل والعاطفة رقم 6


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم الوراق - وجهة نظر في الإسلامويين.....!!!!!