ابراهيم الوراق
الحوار المتمدن-العدد: 1512 - 2006 / 4 / 6 - 00:55
المحور:
الادب والفن
هبت نسائمها من هذا الباب الخلفي ، وفاحت رائحتها من هذه المغاني ، رأيتها تئط نحو المائدة ، كلمتها بعيني حين رمقتها تأخذ قنينة ماء ، تناولت منها كأسا مترعا ، شربته على نهم عجول ، أحسست بجنين يخترق أحشاءها ، يعب ما تشربة من رواء الشعر .
أكبرتها حين سمعت مناجاة تناديها من روحي ، شبقية ، ثائرة ، منتفضة ، تحنو نحو هذا العالم الأوعر ، ذات افقدتها ركامات من غبار التاريخ القاتم لذاذتها بالفاني من القيم .
ليتني ، ما سمعت صوت هذا الأعجف ، يحكي عن هذا الصالون ، يقول في اعتداد ظاهر : عقيم هذا الفضاء ، سليب شريد في فضاء الكره ، لم يشعرزمانا الا برغبة العجائز ، مومسات تحكمهن حميا غرامات صارت بائدات مع الزمن الأسقم ، تنتشين بأسطورات حافية تجفل نحوهذا الرذيل المستبذل .
سمعت صوتا يناديها بإسمها الفاتر ، لم اتذكر من اسمها إلا حروفا مهموسة ، لا أدري سرا وراء بحثي عن قاموس الإعراب ، كم سألت عن إعرابها أقواما عاشوا للصبح على السكر الذي لا أحس به إلا طيفا من ذاك النوى البعيد .
لم أدر كيف خاست حروفها في دمي ، شراييني تسبح في صفاء هذا الماء ، سبحة في يم هذا النادي ، افقرتني في ذاكرتي ، كما أيبست أعوادا ندت في ربيع الجمال، فأدوتها هشيما بحريقها في خريف الأحلام ، رأيتها واقفة ترتكز الى سعة المكان ، تأملت هذا المشهد لوحة فلكلورية ، وأنا لا أرى لحالي دواءا إلا قرض الشعر ، وقص الحكايات ، أما رسم لوحاتي بهدب عيني بماء روحي ، فليس هذا لي إلا على الورق ، آضت مسامعي لتسرق من هسيس أنجية حروفا مكلومة من فضاء هذا المكان ، ضاعت أحلامي فصرت أسير من وراء السراب ، قيل لي إنها شاعرة !!!! لم أصدق ، وجه صبيح ، وجسم فوار ، وصدر موار ، وردف رجراج ، وقد رشيق .
لم أتمالك نفسي وأنا لا أحن إلا الى كل كاتبة وشاعرة، تسمرت كالضوء الذي أراه خافتا بين عيني يوم أحسست بعاطفة هوجاء ، وضغطة حمقاء ، لم أعرف سرها، وليتني عرفت ماوراء السر من خبر ، ألف تفسير وتفسير لمصدر هذا الضلال ، فسرت هذا المعنى بما رأيت من لاعج الحب ، لكنني لم أستطع هضم المعنى ، فكرت ، وكم فكرت لأراها أمامي تقرض الشعر ، تنشد الموال ، تحيي رمة من فؤاد هاضت منه أحلامه ، فتهدلت حياته ، فهل تطيق حبي ، صداقتي ، أم مجنونة كالتي ، آوت الى جحر الضب ، فنالتني منها قبل مسمومة كالتي أفقدت عزا لمن أرى له في قلبي هوانا واحتقارا
بداية النقيصة
أختني ملامحها أسيرا بين أطياف البين الذي أحسست به ، شعورا غريبا يمتصني بشراهة الجائع ، عاطفة قديمة تتركني دائما في غور السكر ضائعا ، أخذت تنداح مع الأيام صورتها بين أطباق روحي ، تنساب في صراع مع عقلي الكديد ، تحكم قبضتها علي فأنزاح الى قصي من الفراغ كالعطر ينسل من قارورتها كالهباء ، يخترقني رفسا فيتركني طريحا متمددا بين دروب هذا المكان الذي أكره ان يرانا على سريره مريضا بالزكام ، هرولت نحو الباب حين هاجت يقظتها بين جوارحي .
سروالة سوداء ، يعجبني من الألوان السواد ذكرى مرت بحكمها الجبار على كل الحياة ، مدسوسة ، مكدسة مكتنزة ، جعلتني بدينا في ليلة الوله .
هذه اللون وخزة في دماغي ، سر في انجذابي ، حقنة في دماغي .
هذا اللون أجلسني سنين على فراش الطبيب ، يقتص مني بجرع ذرات دمي بذاك المرود .
هذا اللون بعته ليلا واشتريته نهارا ليبقى لي دائما أبدا وشما مرسوما .
سرت نحو الباب الموصد ، أرنو الى المجهول ، رجعت القهقرى منتظرا، جلست على الكنبة منسرحا في سراب الأمل ، فأطرح السؤال ونقيضه ، أجاوب نفسي ، بعد ما أعللها ببحر من الرجاء المنقطع ، أهل سيتحقق الحلم في عالم الرجاء ،؟؟ أم سنتعش هبات ذاتها بين أطياف خيالي كالسرطان؟؟ لحظة تموت ، فتستحيل ركاما من المخدر القاتل ، أحلام ثرة آلت أن لاتفنى فحييت ردحا من الزمن ، فنكثت عهدها فغاضت في الروح وجودا وحضورا وشهودا وغيابا .
حكيت عن الشعراء ، عرفت من هو امرؤ القيس ، عرفت من هو بشار بن برد ، عرفت من هو ابو نواس ، وأخيرا عرفت من هو ابن الفارض ، سمعت للكون أزيزا يردد الصدى لوحات من الفن الشجي ، توثبت روحي فرارا من هذا القفص قتماثلت بي أمام الزجاج ، أراه مرآة مجلوة تنكسف في صفائها إرادات شتى ، صرت أرض رأسي برضخه ، فهانت بين عيني جسوم تثاقلت بها مسارات عانت فيها وجوه حرى ترتاح ليوم التكريم والذكرى ، وحين يتهشم بين عيني أراه سرابا يستحيل وهما رمادا عمقا أدركت به ما عن لفؤادي من بهاء المكان ، تسلقت الجداران بعيني ، تفرست الوجوه بخاطري ، ألممت بها بين الهوامش ، لم أعثر عليها رمزا دالا على العنف في قذف اللوائح الناحئة على نضال الجسد ، هبة من ريح تنساب من وراء الأشجار ، تتفشى بين جسدي كخمرة اردت للعقل منطقه فحامت به الهوام نحو الرضى بالقين المصفد ، عدت الأدراج بعيني أتأمل فارهة أرخت سبيا من الشعر ، رياضية ترسي لكماتها نحو قفاي كاليد الشلاء للزمن الذي جعلني مع رتقاء لا تعنى بأمر ولا خبر .
قمت كالمعتوه أنتقل بين المراحض ، ابحث عن ورقة اكتب فيها شعرا ، أرسله رادودا يشجي ، وقانونا يحمل القلوب على الحزن ، عذرا فهذا باطني ، حر، لا ألام على نقض ما تراه أساسا للكلام ، مهلا ، لا تحك خبري ، فأنت مني ببعد ، لا أراك فيه قريبا .
دست هذه الورود أسبح في حشمة ، أرفس الأمل بين دقات قلبي ، وجدتها ذرة ثكلى ، تهمس بأبيات شعر، تستوحيها من قلبي كالمرود ملطحا بالكحل ، وقفت خاشعا أرنوا بطرفي نحوها ، فاستحالت إلى محال ، أرقصني في غيبوبة سارحة تسهمني بسهام خيالها الخادع .
عفت منها الديار ، ففاقت غيرها بصيد قلبي ، وتهجير عقلي ، فتشاعرت ، بل صرت شاعرا بفقدانها ، كما كانت عذابا بلقياها المحروم . سألت عنها كل فضاء ، بحثت عنها في كل ناد ، فلم يسمعني الزمان إلا صوتا بحوحا ، يئن من صدري ، ينزاح ، ينساب ، يلتهمني ، ينتشلني في خفوت ، ليقذفني شرارة موردة في روحها ، سواء كانت أو لم تكن إلا متشاعرة تخبو ثورتها من وراء الإزار .
لا أدري ، روحي فيها عذاب ، حنين ، امل ، ألم .
هذه بحور شعري عرفتها ، فياليتني عرفتها لأتركها وحيدة في لطف الشعر ، أرمي بها في لجة الصورة ، أستوعب منها بحرا يرميها إلى قنن الجبال .
مشروع شاعرة قادمة .
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟