ابراهيم الوراق
الحوار المتمدن-العدد: 1362 - 2005 / 10 / 29 - 09:15
المحور:
الادب والفن
طرقت عليها باب عرينها ، احمل اليها رسالة من قلبي ، سمعت حسيسها وهي تنظر الي من وراء الاحراج ، تكلمني بصوت شجي ، وتخاطبني بكلام رقيق ، عدت الى الوراء ، لاتذكرتها يوم أن رأيتها بباب محطة القطار ، تركب امواج البحر ، وتحملها دفعات الرياح ، تذكرتها يوم جلست الى جنبي في عنان السماء ورعد الطائرة يرسل اصواتا ثقيلة الى آذاننا ، تذكرتها يوم ان سألتني اهل هذه الحافلة ستسافر الى فضاء مولاي عبد السلام ، تذكرتها مترنحة في جذبة صوفية ، تهذي بالالف الفاعلة ، وشين الشهود ، وتستدير حروفها ، في وقفة الحروف ، وبحر الكلمات ، تذكرتها وهي تخاطبني بشعاع من المعاني ، وفيض من المباني ، فلم استطع ان افهم من امبراطورية مدلولوتها ، الا حروفا تدل على اشارات تفضي به الى قاع غير ذي قرار انسلت الشمس من وراء من هذه الدوال ، لتملا قلبي فيضا ونورا ، نظرت الي من وراء الكون فبثت سمومها في خيالي ، نظراتها تنكئ بقلبي شجاجا دامعة ، ثوان معدودة ، والوقت سريع ، وضعت الرسالة بين يديها ، وابلغتها الخبر . ودعتها لانصرف من دائرتها فنادتني باسمي المستعار ، ثم تبسمت ببسمة خفيفة ، وقالت : قرأت في السطر الاول ، حبيبتي
ايقطتني بنظراتها الفاترة ، هددتني بكلماتها الناصعة ، رأيتها تتدرج في بهائها نحوي ، وتندفع بقوة ترومني ، فضاء بديع من الخيال ، وعالم من الزهور والورود ، وافكار جميلة تموت في طهرها لا تجد لها مقابر الا في اوراقي ، وحين تحيى على مشرحة تفكيري ، اسالها عن العز الضائع بين ثنايا العمائم ، والتائه بين طوايا التمائم ، يغيب الاحساس ، وتفنى الشهادة ، وتموت نياط القلب ، ولم يبق الاتيار حركته افكار لا تجد لها مراقص الا في قعر محبرتك ايها الكاتب
انصهرت العينان في سكرهما الابدي ، واستسلمت القلوب الدميعة لوابل النشوة ، لحظة !! اهل تحبين ان نهيم على روابي العشاق ؟؟رسوم واطلال ، وكتبان ووهاد ، وزهور ورياحين ، سكنت روحي ، وهمدت شرايين الدم في جسمي ، وانا انتظر ساعة الحسم ، جواب كالصاعقة ، ثم تلوح لي جنود نظراتها مرة اخرى تختزلني من ذرات الوجود لم ار نفسي موجودا ، بل انا طليق شريد ، سراب او نسمة او نشوة تنفذ في اعماق قلبها
امر بباروكة شعرها الفاحم ، اراه منسدلا على جيدها ، وانحدر بهدوء الى تفاصيل جسمها ، لارى نهدين ناشزين بانسجام ، ينهالان علي بالسبي والاغراء
وحين انعطف جنبا الى مدار خيالها ارى ذلك الوجه الصبوح ، تتقاسمه الوان ناصعة ، وتخترقه مسحة من الجمال
فهل سأطوي بكلماتي محاسنها ، واسرد بخفقاتي مظاهر جمالها ؟؟
بين هذه العوادي ، حال ، حضرة ، سكر ، فناء ، صحو ، استيقظ على انس النسيم ، تعانق وشم قلبي في افق الخيال ، وتناجي في عيني بحور الامال ، وانا بين يديها اسير ، تلتف بي الاحداق في موكب الشموع ، ارسف في غلي ، واجر هموما
هنا اصيب القلب بطعنة نجلاء ، واهين الروح بسهم مريش
في هذه العرصة ، وهي جالسة على كرسيها ، نتأمر باموارها الغرورة ، والنهار قد ارتحل الى الى عمق الوادي ، فاضت غروب الدموع ، وتدفقت معنات الروح
في صمت رهيب خاطبتني
اتمنى ان لا تنسى انك اسير محظوظ ، صوب نظرك في هذه الوجوه الشاحبة من وراء القضبان ، وانظر الى هذه الاوراق اليابسة بفلتات العيون الفواتر ، من اضرم فيها نار العلل ، وارداها في رماد النسيان اسير محظوظ ، اكررها على صدى نغمات العود ، والقيان في رقص حفيف ، والسكر البريء قد نال من النفوس لبها ، وآسية تبحث عني بين دروب العدم ، وحين تصادفني ، تجرني الى عالم طهرها الجميل ، سكرة ، ونشوة ، والارواح تتلاصق ، والجوارح تعف
تغمسني في اعباء الروح ، واوحال الظل القادم من شظايا القلب الغريب
احاول ان اتفلت من يدها ، فتلتفت جهة اليمين ، فتمسكني مرة اخرى بهدب من خيالها ،وحين اضع يدي بين يديها تدوسه بهروبها ، فتتمدد اناملي حبائل للاستنجاد ، لكنها تتركني لسطو حبالي ، وضجيج مرافئي
اتلو سورة ، ارددها مع الكون ، فأخال صوتي شعاعا ينطلق من انانيتي
فاقول لن ارجع
ثم يهجم التفكير ، ويستسلم الرعديد ، شحوب وهزال ، وسهر وضنى ، وبثور من شقوق سوائم الماضي ، ثم تجود مرة اخرى بعفو الوصال ، فاقف في حضرتها خطيبا ، فتغضبها كلماتي ، لم تسجنيني هنا في زنزانة غرورك ايتها الغرورة ؟؟ ضغطة عنيفة على جرداء الرجاء
والتحام على مسرح البسمات ، والاقدار في استهزائها تسوق الي بؤسا وتحمل طقوس الشقاء
اعباء الروح 2
حين اعيش في زنزانة من عاج ، تقف سعتها كسم الخياط ، وفضاؤها كالأفق يوم الشتاء ، تجرفني افكاري بسيلها العنيد ، ترطمني بضفتي الخيال ، وتوقفني في مباحث الهموم ، يم هادر ، يصطادني فيه ذاك الغرور ،و يقتنصني ذلك المارد الخدوع ، فيوهمني بالخروج من الأسار، وحين يوقفني عند شاطئ الأماني ، ويقول لي بلسانه الجهور ، امكت هنا منتظرا حتى اعود ، اظنني ساعيش هنا اياما ، وطنت نفسي على التجلد في مأساة الحياة ، واستعددت للقاء بعد الرجوع ، وحين عادت اهانتني بالنسيان ،وسيبيني للهموم ، وحين اقول لها : ياأيتها المخادعة ، لماذا تجلسين جذلانةهناك من وراء الشباك ، وانا هنا اسبح في لجة الاشواق ، فتردعليك بالاهمال ، وتخاطبني بالنفور ، ثم تكلمني المرآة بالإيماء ، ترسم على عنقي قبلة الوداع ، فتخرج ومضة من نافذة الاحلام ، اراها فراشة ترفرف حول الروح ، اراها وردة ترسل الشذى الى الأكوان ، اراها نحلة تجود بالشهد على العباد ، أراها ملهمة تلقي في قلبي صبرا وايمانا ، مشاهد احنو بها على قلبي في يوم البعاد ، حين اسمع لصدري انينا وحنينا ، حين اتذكر ربع الحبيب زمانا قبل ان يطل علي في صبحي رسوما واطلالا
ياقمري التائه في رحباء فؤادي ، ياولوعة بموسيقى القلوب ، الا تشتاقين الى العزف والنشيد ؟؟ موسيقى تنبعث من مدرجة التاريخ تنسبك في اصواتها اعاصير الأمل ، وبكاء اليأس الهامي بلا انقطاع
انظر في المرآة مرة اخرى ، فأراها بين اطباق السماء ، تتسلى عني بشعرها الجعد المغرار ، وتتلهى عني بتطييب وجهها بأشكال الورود
تساؤلات في مخابر الحياة ، توحيها الينا اعماق تجربة الزنازن المزمجرة بالاكبار ، اواجه هديرها كل صباح ، واستنطاقات في مخافر الاحزان
ثم تنزوي بي الايام الى الخالي من السنين ، لابحث عن سرداب يعيش في ركن قصي من مغارات البؤس ، اجلس فيها حانيا بآمالي الى كليم القلب ، وعليل الروح ، ليخبرني عن قدر الجرح الذي اهداه اليه هدوء الصحراء ، وسكون الواحات
صبيان يرعيان البهم صغارا ، ومخايل الرجولة تعلو ، ويفوعة الانوثة تثور ، ونتوء في الصوت ، وبهاء في الملامح ، والقدر لم يصن العرض ، ولم يحم الذمار
نتيجة
مفاهيم مستعصية على الحل ، وكؤوس مترعة من الجنون ، وبكاء على الاجداث والصلبان ، وقيس وليلى في عرس الشبقية يجران في كنيسة المهد اذيال السراب
تيارات تمور ، ينزح بي لاعجها الى عرش مدفون في آجام القلب انظر في عرسها الوهمي ، وهي ترمقني بعبارات تستفزني ونظرات تبتلعني
سيدتي : انت سادية ، ثم تضحك في غورها
سيدتي : انت صبية ترتوي منك الشهوة باللعاب والمزاح
انت سيدة ، و انا مسلاة بين يديك ، بل طفل في لحدك ، فان اردتني قطة لطيفة جلست الى سريرك ، في عمق ليلك ، ارقب منك يقظتك ، وانتظر منك لمحة بل خطفة من تعنيفك الابدي
وتمشي المغرورة في بساط بؤسي ، تعذبني ، واذا ادركت مني عنفا رشفتني كذرات الاوكسجين ، وحين يربو خداعها ، تلمسني بهدب من اناملها ، فاغيب في مقام المحووالزوال ، واتشظى بين ذرات الفناء
ثم يسود المكان جو من الصمت الرهيب ، و لحظات الترقب المهين ، فترفع رجلها على مشرحة الهوى ، في رقصة تتناسق فيها الألوان ، وتنسجم فيه المقاييس ، ذات سوية ، ورقص مميل ، ولون فتان ، وموسيقى الكون تحكي تحية للسيدة المصونة صاحبة هذا الفناء ، موسيقى صامتة تداعب نسيم اليل ، وحركات تتغنج في مشيتها الى القلوب ، وبسمات خافتة تدور بين العشاق ، وعيون فواتر ترنو الى يوم اللقاء
ويستمر الحفل ساعات تحمله هبات الأثير صلاة الى روح معمدي بأغنية الحب ، قيس وليلي
اتنهد بزفرة ، ابكي بلوعة ، اموت لفجأة
انأخر الى الوراء لئلا اصير فحمة في ضغطة مغناطيسها الكهربائي
وصليل القيد يفسد الصوت ، ويعترض بيني وبين رؤية الألواح
لوحة كالفسيفساء ، تدندن بانتهاء عهدي ، وتبشرني بانتحار احلامي
وعند هذه المنصة ، وانا اخرج ذرة من مسام القيد ، استسلم لهذا الوجد الذي اصهرني خمرة من الصاب والعلقم ، واركع في منتجع كبرها مستعطفا بصدى ماتمليه علي لحظات الزمن المخبوء بين ادراج التاريخ القديم
وتنهدت آخر شرفة من هذا البناء ثم تخرج الطيور من اوكارها ، والخيول من حظيرتها ، والأسماك من سجنها
حرية حرية حرية ، هذه انشودة العهد القديم
ويتسلل خيط من الرماد الى رحابها ليعلن زمن التحرر ، فهل سيستمر الحب
اعباء الروح 3
حبيبتي
هذه محاولة كتبتها سنة 1991
اهل هذا خيال ، ام حلم ، ام حقيقة ، ام نفحات قلب اكتسرته العيون ، ام نسمات تهب من شط الوادي المبارك في البقعة الطاهرة ، ام افراح تغني للحياة اغنية المجد والشموخ
حبيبتي
حبيبتي ، دعي الحب يقودك ، ولا تحاولي ايقاف لحظات جنونه
حبيبتي ، دعينا نعش لحظتنا الجميلة ، فنحن لا نستطيع ان نعيد الزمان لو انصرف
حبيبتي ، كل يوم يمر علينا يحمل لنا ضياء وظلاما ، وشروقا وغروبا ، ويبشرنا بالأمل الكبير في بداية علاقتنا وانتهائها
حبيبتي ، انت الحب ، والملاذ ، والمرفأ ، والأمل المرجى ، وانت الصداقة ، والإخاء ، والأماني الإنسانية ، وانت الأمومة ، والأخوات ، والأسرة المجتمعية
حبيبتي ، في عينك يكمن البحر ، والجبل ، والوديان ، والورود ، والبساتين وكل المعاني الجميلة في قطب الكون المتجمد في عروقي ، في شراييني ، في ذرات وجودي
هكذا وصف حبيبته ، وهكذا خاطبتها ، وهكذا ارتميت في احضانه ، وهكذا أطفأ لهيبا تماثل في احشائه ، وهكذا اشعل سعيرا كان قبل جمرة تكاد رمادات الحب المتفاني تطفئ وهجها المتوقد
تلك الرمادات الجميلة التي تكاد تذهب بجمرات الجليد المتراكب في ركود خاشع على صفحات مرآة القلب الجميل ، وترسي سفين الهوى على يم الامنية الوديعة اللطيفة
بحر من المعاني ، يخوضه شاعرنا ، على خشبة نحيفة ، فكان الغرق نتيجته والبشارة
صاحبنا ، يرمي برأسه في لجة البحر، يسبح في عمق الحياة ، يبحث عن صدف اللؤلؤ المكنون ، ونحن نراه ، يحاول محالا في تيار الحياة ، ويبتغي احجارا كريمة في اسطورة الوجود
معلمنا ، يصعد منبر الاوراق ، في زهو وخيلاء ، فيرسل مزمورا من الكلمات المشبعة بروح الأنانية والإعتداد ، وكأني به يتشاعر ، فيظن نفسه قال شعرا ، فإذا به قال شعيرا
يامعلمنا ، لو كنت تخاطب البعير لما كان لك من بد ان ترى الشعير سعيرا
يامعلمنا ، ان الخلاف لن يزيدنا الا الظغينا
فهل تقبل منا حلا وسطا ؟؟ تلك حبيبتك ، فانظر فيها كما ترى ، أما انا ، فلا أرى لي الا ان اكرهها ، كي اظل مقبولا عندك أثيرا امينا
دعني ابغضها ، فان مال قلبي اليها كنت لك من الخائنين
معلمي لقد غرقت قبل ان تودعني !!، وقبل ان تزداد الى حنينا
فهلا مددت يدك الي تستنصحني ، وان قلت ، ادع الله لي ، قلت لك لاردك الله ، آمينا
اما انا فحبيبتي ، حين اعاينها أرى للوجود بسمة ، وللحياة لذة ، وللقمر شهوة ، وكأنني انظر اليها كفاحا عيانا ، تبعث مني ايمانا ويقينا
فلا ارغم وصفها على أحد
ولا اقول ، ان حبها واقع على قلبي كوقع السيوف على احد
كل هذا معروف معلوم ، اخذه الخلف عن السلف ، ونظمه الشعراء في القصيد ، ومازال سيتردد على ادراج الحياة الى نهاية الأبد
ولكنني حين اصفها ، اقول : حبيبتي ، هي حبيبتي ، هي الدال والمدلول ، وهي انا ، وانا منها كذرة في ساحل الحياة ، استنشقها حين تمدني ، وهي المدد
هل تعلمون ، في الظلمة تهبط الأفكار ، هبوط القطر على عقل هذا النحيف ، أوكما تهبط سياط الأقدار على هذا العبد الضعيف
في الظلمة وحدها ، يعلم الشاعر ان النور يحد من جود المعجم وطواعية الكلام
تحديت هذا القدر ، لاشعل الكون شمعة ، فإذا بي اشتعل غيضا ، لكوني نسيت ايحاءات الظلام
اعود الأدراج الى الوراء ، اخضع للقدر ، وحين اضع رأسي في مخدعي يمثل امامي كالجندي المجرم يحاول ضربي واهانتي ، حتى لا اقدر على رسم ملامحي ، ولا ان افكر في خط افكاري
احترت في يقيني ، وتيقنت في حيرتي
فعلمت ان للظلمة بهاء ونورا ، وان للنهار ظلمة وهلاكا ، وان للقدر كبرياء وغرورا
قررت الخضوع ، فوجدت هذه الخطوط موشومة بين ألواحي ، ومع ذلك فشلت لانني لا اعرف كيف اكتبها
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟