|
تحرير متبادل بين حماس وفتح
أحمد الخميسي
الحوار المتمدن-العدد: 1954 - 2007 / 6 / 22 - 11:22
المحور:
القضية الفلسطينية
أعلنت حركة حماس أنها " حررت " غزة .. من حركة فتح ! وأعلنت حركة فتح بدورها أنها حررت نفسها من حكومة حماس بحكومة جديدة ، ومع التحرر المتبادل من " الوحدة الوطنية " تظل غزة خاضعة بالكامل للسيطرة الإسرائيلية المطلقة على الجو والبحر وكافة مصادر الكهرباء والطاقة والماء والسلع والمعابر والحدود ، وقد تفشى الجوع والبطالة في سكانها علاوة على ما أسفر عنه التحرر المتبادل من خسائر في اشتباكات استخدمت فيها كل الأسلحة من بنادق وصواريخ وقذائف، وكل الأساليب من قصف وتدمير المؤسسات وإشعال النيران في المنازل وإعدام المواطنين ، إلي آخر صور ذلك الاقتتال المشين والمخزي لكل من شارك فيه من الطرفين دفاعا عن حكم هزيل لا يمثل شيئا من طموح الشعب الفلسطيني ولا يساوي شيئا في ميزان كفاحه.التحرير المتبادل أفضى – منذ صعود حماس للحكم – إلي مقتل نحو ستمائة مواطن غير المئات من الجرحى والأطفال الذين تيتموا. حماس حسب تصريحات قادتها تدافع عن فوزها في الانتخابات، وفتح حسب تصريحات قادتها تدافع عن شرعية المؤسسات الفلسطينية. فهل كانت الانتخابات الديمقراطية أو المؤسسات الشرعية هي هدف نضال الشعب الفلسطيني لأكثر من نصف القرن؟. أما عن فتح فقد اختطت لنفسها منذ اتفاقيات أوسلو في سبتمبر 1993 خط السلام مع إسرائيل وقبلت بالتنازل عن معظم أرض فلسطين مقابل حكم محلي ودويلة فلسطينية منزوعة السيادة وتفتقد كل قدرة على التطور المستقل. وحين بدأت حماس حركتها عام 1987 تعاطف الكثيرون معها وأنا منهم بفضل برنامجها الداعي إلي رفض طريق التسوية وثماره المرة، ومن ضمنها سلطة الحكم الذاتي التي اعتبرتها حماس في مواثيقها مجرد إفراز لاتفاقيات التعايش مع العدو ومجرد ستار لإضفاء الشرعية على الاحتلال. فما الذي استجد بحيث تصبح الحكومة التافهة في ظل سلطة حكم ذاتي موضوعا جديرا بالقتال ولو أدى لسفك دماء الفلسطينيين؟ . هل يكفل وجود حماس على رأس الحكومة شروطا أفضل لمواصلة النضال الفلسطيني ؟ أم على العكس من ذلك فإن تلك الحكومة في ظروف الحصار الدولي والعربي ستصبح حبلا يلتف على رقبة حماس أولا وأخيرا ؟ . وإذا كانت حماس تستهدف فعلا لا قولا تحرير فلسطين ، فلماذا لا تنصرف إلي ذلك التحرير ؟ وتثبت للجماهير الفلسطينية أنها لا تصارع من أجل حكومة لكن من أجل وطن بأكمله ؟ . لقد انزلقت حماس بكامل إرادتها إلي صراع مشين ، أسوأ ما فيه ، أنها خرجت به عن أهداف النضال الفلسطيني. وقبل أن تستولي حماس على غزة ، كان الصراع يدور في الأساس بين خطين سياسيين ينادي أحدهما بالسلام الفاشل ، ويدعو الآخر لمواصلة النضال . أما بعد مهزلة غزة ، فقد أدرجت حماس نفسها بين أطراف عملية أوسلو التي تدافع إلي آخر رمق عن سلطة حكم ذاتي، فحكمت على نفسها بالموت، ووضعت نفسها مع الآخرين على المستوى ذاته من كافة النواحي ، وتحولت إلي ميلشيا تصارع من أجل كراسي حكم شكلي على حساب الشعب الفلسطيني . ولو أن الصراع الذي دار كان صراعا بين برنامجين كما يردد قادة حماس ، فإن ما يحتاجه برنامج المقاومة هو إنزال الضربات العسكرية بإسرائيل وليس الاستيلاء على مقرات السلطة ومبانيها ! ولقد كانت المقاومة هي العمل الوحيد الكفيل بعزل الخطوط السياسية الأخرى ، أما ما قامت به حماس فهو مجرد انجراف إلي اقتسام كعكة أوسلو التي طالما ادعت أنها تتقزز من طعمها الفاسد ! لقد أيد كتاب الجماعات الإسلامية تحرير حماس لغزة وكتب بعضهم يشد على أيدي قيادات حركة حماس الذين – حسب تعبيره – أنجزوا : " في ساعات ما كان يحتاج لسنوات " ! فما الذي أنجزوه ؟ مجرد البقاء في الحكومة ؟! أم أنهم يتصورون خطأ أن ذلك سيفسح أمامهم فرص النضال؟ فهل ضاقت تلك الفرص وهم خارج الحكم؟. ويقول كتاب الجماعات الإسلامية إن علينا أن ندين من يتعاملون مع إسرائيل، أي فتح ، لأنهم السبب في كل الكوارث ، لكن ألم تقدم حماس أيضا أكبر خدمة لإسرائيل بحرفها للنضال إلي اقتتال داخلي بعيدا عن المحتل والاحتلال؟ . الغريب أن تأييد حماس لم يأت فقط من الإسلاميين ، بل جاء وبنفس المنطق من فصائل تدعي أنها يسارية ، فقد أصدرت مجموعة تطلق على نفسها " معسكر القوى المناهضة للإمبريالية " بيانا في 15 الحالي تقول فيه : " إننا نحيي استيلاء حماس على السلطة، لكونها تحقق أخيراً إرادة الشعب التي عبر عنها بكل جلاء في الانتخاب غير أنه قوبل ولا يزال يقابل من العالم بالتجاهل ". وفي كل حالات التأييد وضع الجميع انتخابات حماس،أو بالعكس شرعية عباس ، كأنها الهدف الذي عاش الشعب الفلسطيني لأجله ! وخلال ذلك كله تلح على الكثيرين عبارة الشاعر محمود درويش تعليقا على ما جرى : " أنا والغريب على ابن عمي ، وأنا وابن عمي على أخي ".
#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعذيب العقل
-
أين أنت أيها التنوير ؟
-
أهمية أن تكون من كندا
-
لينين والقضية الفلسطينية
-
عندنا ما فيش قتل .. فيه منع بس
-
حماس لتحرير الحكومة أم فلسطين ؟
-
الحركة الثقافية وحياة خليل كلفت
-
رسالة بهاء طاهر إلي المعارضة المصرية
-
عن أي حجاب يدور الحديث في مصر؟
-
الناس يصعدون إلي السماء
-
بلاغ ضد الشعب
-
الإمبراطورية الأمريكية تحكم الرقابة على العالم
-
د. رشاد الشامي .. رحيل عالم كبير
-
المسلسلات المصرية
-
غزة تفطر على مدافع الاحتلال
-
قوات الديمقراطية الأمريكية والصحافة العراقية
-
إسرائيل عدو الثقافة الأول
-
نجيب محفوظ لحظة وداع
-
حجر وورد .. وجوه لبنانية
-
تحرير الانتصار اللبناني من الكذب القادم
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|