سوريا بوابة البلقنة الأبعد من المُدرك
عدنان الصباح
الحوار المتمدن
-
العدد: 8568 - 2025 / 12 / 26 - 17:11
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
ليس الأمر حديثا فلقد سبق ان بلقن المنتصرين في الحرب العالمية الأولى تلك الدول العثمانية بعد هزيمة القوى المركزية "المانيا ... تركيا ... النمسا – المجر ... بلغاريا " ضد دول الوفاق " بريطانيا ... فرنسا ... روسيا ... الولايات المتحدة ...إيطاليا ... اليابان " والتي كان نتيجتها انهيار امبراطوريات وتقسيم دول بأسرها بنظام التفتيت والذي اطلق عليه نظام البلقنة وعرف هذا عن الدول التي كانت تتشكل منها الخلافة العثمانية.
في نهايات الحرب العالمية الاولى تدخلت الولايات المتحدة بمهمتين الأولى ارسال 2 مليون جندي والثانية تقديم القروض لدول الوفاق مما جعل امريكا تفرض هيمنة اقتصادية على الطرفين بعد هزيمة قوى المركز وتفتيتها وبذا تحولت من دولة تنوء بأحمال الديون الى دولة دائنة فرضت ما أرادت على المهزومين والمنتصرين معا بعد ان تحولت الى اكبر دائن في العالم .
حين اندلعت الحرب العالمية الاولى عام 2014 أعلن الرئيس الامريكي وودرو ويلسون انذاك الحياد ولكنه عاد عام 1917 وبعد ان بات الجميع منهكين من الحرب الى اعلان دخول الحرب الى جانب دول الوفاق تحت يافطة " العالم يجب ان يكون آمنا للديمقراطية " ووجد طريقه للسطو على العالم واقامة عصبة الامم وتمزيق القوى العظمى واضعفافها عبر احترابها المتبادل وسرقة ثرواتها جميعا بلا استثناء بعد ان تمكنت من الاثراء الفاحش نتيجة بيع الذخائر لدول الوفاق والعالم المرعوب من الحرب الكونية تلك.
في الحرب العالمية الاولى استخدمت الولايات المتحدة المهاجرين والسكان الأصليين وقودا للحرب مقابل الحصول على الجنسية كما استخدمت النساء مقابل الحصول على حق الاقتراع اي ان المقايضة المادية هي الاساس الذي قامت عليه الولايات المتحدة ولا زالت بالارضاخ حتى لمواطنيها وهم ما فعلته ثمنا للجندية للافارقة المهاجرين والسكان الاصليين والنساء.
الولايات المتحدة تكرر نفس الموقف ي الحرب العالمية الثانية بالانتقال من الحياد حتى 1940 الى الانخراط الكامل في الحرب بعد الولاية الثالثة الفريدة للرئيس الامريكي روزفلت وجاء التدخل بعد الحياد ومرة اخرى بنفس الأكذوبة " الدفاع عن الديمقراطية " مما جعل الولايات المتحدة تحكم سيطرتها على العالم وتقبل بتقاسم النفوذ آنذاك بينها وبين الاتحاد السوفياتي وتحولت الى الدولة الغربية المهيمنة على المنظومة الغربية برمتها وانتقل العالم الى حرب صامتة بين قطبيه حتى انهيار الاتحاد السوفياتي وظهور نظام القطب الواحد.
حروب الخليج التي انتهت بحرب جماعية ضد العراق التي تم تدميرها بالكامل مما فتح الابواب لتغييرات جذرية في الشرق الاوسط الذي بات تابعا للولايات المتحدة ولم يبق في المواجهة سوى ايران وحلفائها مما جعل التخلص مما بات يسمى بمحور المقاومة بوابة للسطو على الشرق الاوسط بوابة للسطو على العالم وقد تكون حرب الخليج وافغانستان اخر تدخل امريكي مباشر بالحروب في الشرق الاوسط وبات استخدام الاتباع لصناعة الحروب هي الطريقة الامريكية الجديدة والتي تقوم على قاعدة إشعال الحروب والقيام بدور الوسيط السياسي وبنفس الوقت المزود بالسلاح لإشعال الحروب وهو ما فعلته امريكيا في الحرب الاوكرانية الروسية ولا زالت تفعله كما تؤجج حالة العداء في الشرق الاوسط مع ايران لتزويد دول الخليج بأسلحة لا تفيدها وبدل ان تستخدم للدفاع عن النفس تستخدم هذه الاسلحة في حروب بينية كالحرب على اليمن او الصراع السوداني او صراعات ليبيا او الصراع مع دولة الاحتلال.
امريكا ترغب ببلقنة الشرق الاوسط لكي تجعل دولة الاحتلال الدولة الاكبر في المنطقة ويقف في وجهها بلدين هما مصر اولا ثم السعودية وتسعى الولايات المتحدة لاغراق السعودية في الصراع اليمني اليمني بينما تحالو ان تجد اليات لاغراق مصر في صراعات على حدودها مع ليبيا ومعع السودان ومع اثيوبيا الطامعة في مياه النيل وفي بوابة على البحر الاحمر تواجه بها مصر بشكل ا بآخر والى ان يكون ذلك تجد في بلقنة سوريا ومعها لبنان وسيلة لاضعاف الجميع وتوسيع رقعة ومساحة دولة الاحتلال اكان في جنوب سوريا بعد الجولان وشرم الشيخ وكذا جنوب لبنان فخلط الاوراق في كل من سوريا ولبنا وتشجيع تقاسم الكعكة السورية بينتركيا وروسيا واسرائيل وتحت ادارتها وتحقيقا لمصالحها وهو ما يعني نقل التجربة او دمجها في لبنان وكذا في اليمن باختلاق صراع ثلاثي يقسم اليمن نهائيا الى جانب ان ذلك وفر اليات للتخلص من حكاية الدولة الفلسطينية المستقلة بعد ان تمكنت من فصل غزة عن الضفة بقرار اممي جديد يمنحها حق السطو على غزة بينما توفر هي الغطاء لدولة الاحتلال لاتمام سطوها على الضفة الغربية بما يضمن غدا توسع دولة الاحتلال في جنوب سوريا وجنوب الليطاني بعد ان تصبح تلك المناطق جزء من صراعات نفوذ لا يملكها احد فحين يكون جنوب سوريا مختلفا عن شمالها وشرقها وساحلها ووسطها لا يبقى من يطالب بما لدى دولة الاحتلال التي يراد لها ان تتحول عبر حلف ابراهام الامني سيدة المنطقة كممثل امين لمصالح الولايات المتحدة.
ان بلقنة الشرق الاوسط ستوفر للولايات المتحدة القدرة شبه التامة لبلقنة من تشاء غدا عب احكام سيطرتها على مربط العالم القديم " اسيا واوروبا وافريقيا " والتي تعتبر غزة مربط الجميع كرابط بين اسيا وافريقيا واوروبا عبر المتوسط مما يسهل على الولايات المتحدة ادارة الحروب بين الجميع وذلك ما تحتاجه لسببين هما نفس اسباب ادارتها للحربين العالميتين الاولى والثانية وهما
- الركود الاقتصادي الذي بدأ اواخر عام 2007 واستمر حتى 2009 وبقيت تاثيراته حتى ايامنا حيث تراجع الانتاج الاجمالي للولايات المتحدة كثيرا ووقعت الولايات المتحدة تحت ضغط ديون عالية
- التغير العالمي والانتقال القادم من اقتصاد السلعة الى اقتصاد المعرفة وحاجتها الى ادوات سلعة المعرفة من معادن نادرة تتطلب القدرة على السطو الدائم عليها حد احتكارها.
- وجودد ظروف مساعدة على معاودة تسويق الاسلحة والاتجار بها كما فعلت وتفعل في كل الحروب البينية وفي مقدمتها الحرب الغربية على روسيا بواسطة أوكرانيا بأموال أوروبا
- وجود صراعات كامنة يمكن اثارتها بين الهند وباكستان وكذا افغانستان وكذا ايران وصراع كامن بين الصين واليابان وأزمة تايوان وكذا الصراع بين تايلاند وكمبوديا وصراعات افريقيا وازمة بحر الصين الجنوبي وتضارب المصالح مع الصين لعديد الدول هناك الى جانب صراعات الشرق الأوسط التي لا نهاية مرئية لها.
في سبيل تحقيق امريكا لمصالحها بتجارة الحروب واضعاف الجميع والسطو على الثروات كان شعار ترامب الثاني من شقين الاول القائل بصناعة السلام بالقوة اي بإجبار الجميع على الاستسلام عبر اضعافهم باغراقهم بحروب لا نهاية لها الا على يد الولايات المتحدة والثانية بنظريته القائلة ان " الحرب التي تنتصر بها هي الحرب التي لا تخوضها " وطبعا الا حين تكون واثقا من انتصارك على كل الاطراف وتجربة الحربين العالمية الاولى والثانية لا زالت امام اعين الجميع كيف بدات الحرببن بامريكا محايدة وانتهتا بأمريكا منتصرة على طرفي الحرب وهو ما تسعى لتكراره وان بمديات واليات مختلفة ودون ان تكلف نفسها عناء خوض اية حرب في تحارب الجميع بدور الوساطة في السياسة وتزويد أطراف الحروب بالسلاح لجني الأرباح.