إمبريالية المعرفة 13
عدنان الصباح
الحوار المتمدن
-
العدد: 8379 - 2025 / 6 / 20 - 20:37
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
عالم من الحروب لعالم من الخراف:
هذا ما تسعى اليه رأسمالية المعرفة اليوم وهو ان تصل الى مرحلة يصبح العالم به ليس اكثر من مجموعات من الخراف المطيعة تكتفي بطعامها وشرابها والإستظلال بظل رأسماليتهم ومعرفتهم بل وحتى روحانيتهم الاكثر مادية من سلعهم.
بشرية كل مهمتها ان تقدم ثروات الارض لأسيادها وان تنتجها لهم بأدواتها ثم ان تستهلكها بأفواهها نفسها طائعة غير مكرهة وهو ما يمكن ان نسميه حالة عكس الاحلام الشيوعية التي ذهب اليها منظروها في ضرورة العودة الى تشكيلة المشاع بشكل واعي ومنظم وانساني فاراد اعداؤها لها العكس وهو العودة الى تشكيلة الرق والعبودية ولكن ايضا بطريقة منظمة واعية وانسانية فكيف لها ذلك.
بالضرورة اذا اردت الوصول الى نفس النتائج فان عليك ان تستخدم نفس الاساليب وبما ان الرأسمالية الاكثر ذكاء " امبريالية المعرفة " تريد استعباد العالم فان عليها ان تستخدم نفس الوسائل " جوهر الوسيلة " وليس مظهرها ووسيلة الاستعباد اداتان هما الثروة والسلطة وبمعنى اكثر وضوحا " المال والقوة " وهو ما يعني قوتان قوة المال حين وقوة العنف الذي بدء جسديا وينتهي اليوم بكل وسائل الدمار من اسلحة لا حدود لشيطانها ابدا من الرصاصة حتى استخدام ظواهر الطبيعة كسلاح والجيل الثامن للحروب الذي تنفرد به الان هو هذا السلاح الطبيعة للقتل لا للحياة كما تفعل دولة الاحتلال في غزة الغذاء والماء والدواء للقتل لا للحياة.
الولايات المتحدة اسست لذلك منذ زمن طويل وقد يكون منذ الاجداد الاوائل اصحاب السطوة الاولى على الضعفاء في القارة الامريكية ولو اردنا ان نقيم مكانة الولايات المتحدة بين الامم لما وجدناها في المقدمة وفي كل الاحصائيات التي بحثت عنها باحثا عن مكانة الولايات المتحدة وفي ما اذا كانت تتقدم على اي من الشعوب والامم الاخرى بشكل مطلق اي انها تحتل المرتبة الاولى فلم اجدها الا في مكانين فهي الاولى في وفيات الاطفال والاولى في تصدير الاسلحة وتجارة الموت.
الولايات المتحدة كعاصمة لراس المال العالمي وللشركات عابرة القارات وكمسيطرة على حركة المال على الارض ظل ينقصها دوما ما هو ضروري لزمن اقتصاد المعرفة وهي المعادن ولذا هي تدير اليوم هذه المعركة بكل الوسائل تضغط على الصين اقتصاديا حتى وقعت على اتفاقية الضرائب والمعادن استخدمت اوكرانيا اداة ضغط على روسيا لإضعافها فتصبح اوكرانيا ملحقة بالمطلق فتقدم معادنها هدية وتضعف روسيا بعد اضعاف الاطراف والحلفاء فتوقع على نفس الاتفاقية والان الدور على ايران لتاتي طائعة وتقبل بتقديم ثرواتها هدية للولايات المتحدة وفي الطريق سيبقى الشعار الامريكي الاقوى الذي عبر عنه ترامب مرتين:
الاولى في خطاب القسم:
حين قال " ان المعركة التي تنتصر بها هي تلك التي لا تخوضها " والولايات المتحدة جعلت من افغانستان اخر المعارك التي تخوضها بعد ان تركت افغانستان لأعداء اخرين منها الفقر بعد ان سطت على تريليونات المعادن النادرة بحجة مقاومة طالبان وكذا اشعلت النيران في بلد مثل السودان الذي يعتبر الافقر رغم غناه النظير في الذهب فهو البلد رقم 13 عالميا في انتاج الذهب والصمغ والكروميت منقطع والزنك والمنغنيز والغاز الطبيعي واليورانيوم والكاولين والكوبالت وغيرها وغيرها وها هي تخضعه بيد ابناءه فلا تستولي على خيراته فقط بل وتتخلص من ابنائه بأيديهم وكذا ليبيا الى جانب ثروتها النفطية فهي كذلك غنية بالذهب واليورانيوم وغيرها الكثير وهذا ينسحب ايضا على العراق وغيرها وفي جميع الاحوال تستخدم وكلائها لتحقيق اهدافها دون ان تكون طرفا في اعمالها القذرة.
الثانية في حرب الجمارك:
حين اعلن عن نظامه التعامل بالمثل في موضوع الجمارك على الواردات وبدا بالقول لماذا لا تصبح كندا الولاية 51 وانسحب ذلك على المكسيك وبنما ثم السطو على غرينلاند واعلان نية السطو على غزة وهذا يعني ان الولايات المتحدة تفتح حدودها للجميع لكي تصبح امبراطورية العالم وبدل الدول المستقلة والوطنية بعد تفريغها من وظائفها ولايات امريكية لا اكثر ولا اقل.
الولايات المتحدة كعاصمة للراس مال العالمي كانت قد بدات خطواتها نحو طريقها القادم منذ امد بعيد حين جعلت من الدولار عملة العالم مدعوما بالذهب اولا ثم جعلت ذاتها ذهبا والغت احتياطي الذهب عن الدولار وبقي على مكانته لقياس سائر العملات وفي الطريق امسكت بيدها بمفتاح المال في العالم عبر الامساك المطلق بالنظام البنكي العالمي.
اليوم الرأسمالية تريد التخلي عن النقد الملموس مستفيدة من عالم المعرفة والعالم الرقمي بتحويل النقد الى عملة رقمية وهو ما سيحد من فرصة الافلات من سطوتها ليس من الدول فقط بل وحتى من الافراد العادين في اي بعة من الارض كانوا.
الاوغاد الذين سطوا على الهنود الحمر وبلادهم وخيراتهم وحتى اسمهم باتوا يعتقدون ان هذا الاسلوب ممكن للسطو على الكون بعد ان مارسوا ابشع انواع الجرائم وبنفس طريقة اجدادهم على يد قاتلهم الماجور بنيامين نتنياهو وعصابته ضد الفلسطينيين في والعالم يصمت صاروا يعتقدون ان بالإمكان تكرار ذلك في كل مكان من الارض الا ان الحالة التي يعيشها العالم اليوم وانا اكتب ذلك يؤكد ان لا زال على الارض من يمكنه ان يقول لا للولايات المتحدة مباشرة فيرد عليها بالقوة ويفاوضها من مواقع القوة بالفعل والقول كما تفعل ايران اليوم وكذا تفعل روسيا منذ ثلاث سنوات والمقاومة الفلسطينية منذ قرن واليمنية منذ عشر سنوات واللبنانية منذ عقود.