استعادة الدور الطليعي لأحزاب اليسار الماركسي التقدمي الديمقراطي في بلدان الوطن العربي


غازي الصوراني
الحوار المتمدن - العدد: 8543 - 2025 / 12 / 1 - 19:28
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي     

إن إشكالية الحزب الثوري هي إشكالية لازالت قائمة وستبقى قائمة، وعلى الفكر الاشتراكي الماركسي العلمي أن لا يقف عند المسلمات أو المقولات الجاهزة، بل عليه أن يعمق البحث في هذا الموضوع، وأن يستفيد من مختلف التجارب الثورية في التاريخ، وإلا فإن حركة التحرر الوطنية الديمقراطية في ارجاء الوطن العربي ستضل الطريق ، خاصة وانه في ظل اوضاعنا العربية المتخلفة والتابعة الراهنة ، تعرضت عناوين الحزب الماركسي والشيوعي ، وعبارات الرفيق والمناضل والثوري وما في سياقها لعمليات مبرمجة وموجهة من قوى طبقية وسياسية معادية ، داخلية وخارجية ، الى جانب حملات مغرضة ، انتهازية ومأزومة او غير واعية من داخل بعض احزاب وفصائل اليسار ، بذريعة التخلي عن الماركسية والمنهج المادي الجدلى لحساب الهبوط السياسي عن المنهج المادي الجدلي ، وعن الثوابت الوطنية التحررية والقومية التقدمية عبر خلطة فكرية توفيقية ديماغوجية ملفقة ، يمينية في جوهرها ، وهي حملات مؤثرة ومؤذية تساهم في تشويه فصائل واحزاب اليسار الماركسي في الوطن العربي ، لكنها تشير وتدل ايضا إلى انحطاط الأخلاق السياسية، وشحوب الفضائل الحزبية الثورية بوجه عام لدى من يروجون هذه الحملات ، مستهدفين انتاج وتسويق أيديولوجية تلفيقية انتهازية إصلاحية تضليلية لتغطية الطبيعة المتذبذبة للشريحة "البورجوازية" التي ينتمون إليها، لكن ثقتنا قوية بدور المثقف الماركسي العضوي في التصدي السياسي والديمقراطي لكل هذه الاصناف من المثقفين الانتهازيين ، الى جانب الإقرار الداخلي بتطبيق الديمقراطية أولا ثم المركزية ثانيا لضمان ممارسة النقدوالنقدالذاتي لكافةممارسات الحزب في كل مراحل مسيرته النضالية من ناحية ولضمان عدم استفحال المركزية وعبادة الفرد والبيروقراطية في صفوف الحزب.
فهذا المثقف العضوي هو الذي اختار الانحياز إلى الحزب الثوري ، مدافعا ومناضلا في صفوف جماهير الفقراء من العمال والفلاحين والكادحين وكل المضطهدين ، حاملا لواء الماركسية، كعلم ومنهج ثوري ومستقبلي ، يبدأ مع كارل ماركس ولا يتوقف عنده او عند كبار خلفائه في العصر الحديث.
من هذا المنطلق يجب أن نعيد تحديد معنى اليسار الماركسي المتطور المتجدد خصوصاً... ماذا يمكن أن يعني بالملموس هذا الكلام ؟ إنه يعني ان نتخلى عن النظرة العقائدية الجامدة إلى الماركسية ، واعادة الاعتبار إلي جوهر" الديالكتيك التاريخي" والمنهج المادي الجدلي ، والاقتناع بأن التاريخ الذي لا نهاية له لا يسير دوما وبالضرورة على خط مستقيم صاعد, وان الصراع الطبقي هو أحد اهم العوامل الرئيسية المحركة له إلي جانب عوامل أخرى، لذلك يجب أن تستعيد الماركسية دورها ككاشف لحركة الواقع وكمنظر لها على الصعد الوطنية والقومية والاممية .
لذا يجب أن نعمل من أجل أن تستعيد الحركة الماركسية دورها التغييري التقدمي الديمقراطي في بلادنا عبر دور طليعي متميز على طريق الحوار الجاد لتأسيس الحركة الماركسية العربية…. هذه هي المهمة الراهنة، وهذا هو الهدف الاستراتيجي المركزي في لحظة تفاقم التناقضات التناحرية مع دولة العدو الإسرائيلي والتحالف الامبريالي إلى جانب تفاقم التناقضات الطبقية مع كافة قوى اليمين والقوى الرجعية وقوى الاسلام السياسي وكافة مظاهر زادوات الاستغلال الطبقي والاستبداد والقهر، وهنا بالضبط تتجلى ضرورة الترابط في مسيرة النضال بين الأهداف التحررية والديمقراطية بالمعنى المطلبي ومن المنظور الطبقي .
إننا في لحظة إعادة صياغة الأهداف التي تعبر عن الطبقات المعنية بالصراع ضد الرأسمالية، ومن أجل تأسيس نمط إنتاجي بديل، اشتراكي وديمقراطي ، وعلينا أن ندرك أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب توعية وتأسيس وتنظيم القوة المنظمة الجذرية حقا ، و الثورية حقا ، و نقصد بذلك الطبقة العاملة المتحدة مع الفلاحين الفقراء وكل الكادحين والمضطهدين في إطار تحالف يضم كل الفئات المتضررة من النظام الامبريالي /الصهيوني ومن كل اشكال الاستغلال والاستبداد والتبعية .
المهم أن ننطلق من قناعتنا بأن "الناس هم الذين يصنعون التاريخ" ، هذه هي القيمة الثورية التاريخية للماركسية، خاصة وأننا نعيش اليوم في ظروف شديدة الانحطاط في ظل تكريس اوضاع التبعية والتخلف خاصة عبر دويلات النفط في الخليج والسعودية من ناحية ، وتفاقم مظاهر الفقر والصراع الطبقي، وغياب الأفكار التوحيدية على الصعيدين الوطني والقومي، وفي ظروف انتشار الإسلام السياسي والفتن والصرعات الطائفية من ناحية ثانية ، وبالتالي فإن الحاجة إلى برنامج الثورة الوطنية التحررية والديمقراطية بآفاقها الاشتراكية اكبر بما لا يقاس من أي مرحلة سابقة..فالمستقبل لمن يحمل هذه الرؤية ويجسدها بالممارسة ...حتما سننتصر.