حاجة المثقف العربي إلى بلورة مفهوم جديد للمعرفة
غازي الصوراني
الحوار المتمدن
-
العدد: 8354 - 2025 / 5 / 26 - 21:49
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
في مجابهة السيطرة الرأسمالية المعولمة الراهنة تتبدى حاجة المثقف العربي إلى بلورة مفهوم جديد ديمقراطي تقدمي للمعرفة، فالعقود الثلاثة الأخيرة، التي اختزلت الزمان والمكان، فأصبحت المعلومات والمال ورؤوس المال تنتقل في زمن حقيقي، مخترقة الحدود والسماوات،ما يستدعي من المثقف العربي، التأمل والتفكير ومتابعة المستجدات النوعية التي ستدفع إلى بلورة مفهوم جديد للمعرفة، صاعداً وثوريا وديمقراطيا تقدميا بلا حدود أو ضوابط، بعد أن أصبحت صناعة الثقافة والمعلومات من أهم صناعات هذا العصر بلا منازع .
فقد باتت السيطرة الرأسمالية المعولمة على العالم تهدد كل مناطق الأطراف عموماً وبلداننا العربية خصوصاً التي تعيش اليوم حالة من الانتفاضات العفوية والمتغيرات التي تحمل في طياتها الكثير من بذور القلق وتشاؤم العقل بسبب هذا الضعف المريع للمثقف العضوي الديمقراطي الثوري عموما واليساري على وجه التخصيص من جهة وبسبب قوة تأثير القوى اليمينية بمختلف اطيافها السياسية والدينية من جهة ثانية، بحيث يمكن ان يحمل المشهد الانتفاضي العفوي الراهن – في احشاءه – جنينا لثقافة خليط لمفاهيم الاسلام السياسي والليبرالية الرثة، تسعى إلى اعادة تشكيل ثقافة التخلف وتبرير الخضوع والتبعية و علاقات الاستغلال تحت مظلة هشة من الديمقراطية الشكلية التي ستتيح –في حال نضوجها- إلى تحول المشهد الراهن ليصبح –خلال سنوات قليلة قادمة – خاضعاً لحركات الإسلام السياسي ومشروعها القائم على ثلاثة أعمدة هي:
أولاً: الاستخدام الامثل للديمقراطية الشكلية بوسائل وخطابات ديماغوجية وغيبية بما قد يمهد لتجاوزها والغائها ، ثانياً: إحلال خطاب إيديولوجي شمولي محلي (ينتهي إلى) خضوع شكلي لطقوس دينية لا غير( سمير امين ). ثالثاً: قبول الانفتاح الكومبرادوري الشامل على الصعيد الاقتصادي ، اذ ليس هناك أي تناقض بين الاسلام السياسي والنظام الراسمالي العالمي.
وهنا أدعو إلى إعمال الفكر أو العقل للوصول إلى المفهوم الواضح للثقافة ارتباطاً بالمشهد القادم او المحتمل، وارتباطا بخصوصية الواقع وبالتفاعل معه ، وهنا يمكن القول أن الثقافة هي جملة ما يبدعه الإنسان والمجتمع على صعيد العلم والفن ومجالات الحياة الأخرى، المادية والروحية، من اجل استخدامها للإجابة على الأسئلة الكبرى للإسهام في حل مشكلات التقدم والتطور .