تطور اللاهوت العبراني من التعدد للتوحيد


كمال غبريال
الحوار المتمدن - العدد: 8515 - 2025 / 11 / 3 - 02:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

"بدأت القبائل العبرانية برؤية لاهوتية متعددة الآلهة. وكان"يهوه" و"إيل" من الآلهة العديدة التي عبدتها شعوب منطقة الشرق الأدنى. وقد ظلت القبائل العبرانية تتأرجح زمناً بين هذا وذاك. حتى استقرت على "يهوه". قبل أن تدخل مرحلة لاهوت التوحيد، وعبادة إله واحد عالمي"

مامدى صحة هذه العبارة؟

Gemini AI:

هذه العبارة صحيحة بشكل عام من منظور الدراسات التاريخية والأثرية لتطور الأديان في الشرق الأدنى القديم وفي سياق ظهور ديانة بني إسرائيل القديمة. 🧐
📜 العلاقة بين "يهوه" و"إيل" في الشرق الأدنى القديم
• "إيل" هو الكلمة السامية الشمالية الغربية التي تعني "إله" أو "رب"، وكان اسم علم لـالإله الأعلى في الديانة الكنعانية القديمة وديانات بلاد الشام.
• كان "إيل" يُعرف بصفات مثل الحكمة والحنان، وهو "أبو البشرية" و"أبو السنوات"، وكان يُصوَّر في كثير من الأحيان على أنه يرأس مجمع الآلهة.
• "يهوه" كان إلهاً قديماً، وتشير بعض المصادر إلى أنه ظهر كـإله محارب ارتبط أولاً بمناطق مثل سعير وأدوم وتيمان.
• تشير النصوص الأوغاريتية القديمة إلى أن "يهوه" كان يُعتبر في البداية ابناً للإله "إيل" (أو "عليون").
• يُعتقد أن القبائل الإسرائيلية القديمة، مثلها مثل جيرانها الكنعانيين، كانت في الأصل تعبد تعدد الآلهة (يهوهية)، ومن بينها "إيل" و"يهوه" وآلهة أخرى مثل "بعل" و"عشيرة".
• حدث توفيق بين المعتقدات (Syncretism) حيث أصبح مقبولاً في مرحلة ما أن الإله الكنعاني "إيل" هو نفسه "يهوه" (كما في الإشارة إلى "إيل شداي" في النص العبري لسفر الخروج).
📈 التحول إلى عبادة "يهوه" المنفردة
• تشير الدراسات إلى أن ديانة إسرائيل القديمة مرت بمراحل:
• تعدد الآلهة: عبادة آلهة متعددة.
• اليهوهية (Yahwism) / وحدة العبادة (Henotheism): وهي مرحلة الاعتراف بوجود آلهة أخرى، ولكن إفراد العبادة ليهوه وحده كإله وطني لإسرائيل ويهوذا، مع تركيز ديني على دوره.
• التوحيد (Monotheism): وهي المرحلة التي تطورت لاحقاً (خاصة بعد السبي البابلي) حيث أصبح "يهوه" هو الإله الوحيد الموجود ورب الكون، ورفض وجود آلهة أخرى.
• المقصود من عبارة "تتأرجح زمناً بين هذا وذاك" يعكس هذه المرحلة المبكرة من وحدة العبادة أو التعددية المحلية، حيث كان هناك صراع وتنافس بين عبادة "يهوه" وعبادة "إيل" وغيره من الآلهة الكنعانية مثل "بعل"، قبل أن يستقر العهد القديم على التركيز على يهوه وتفرده، مع دمج صفات الإله "إيل" فيه في نهاية المطاف.

🏛 الإله "إيل" في أوغاريت (الديانة الكنعانية)
"إيل" (-bm{-text{ El}})، أو "إيلو"، كان يُعتبر كبير الآلهة في البانثيون الكنعاني، كما هو موثق في نصوص أوغاريت القديمة (مدينة سورية تعود إلى الألفية الثانية قبل الميلاد).
• الأب والملك: كان يُنظر إليه على أنه الأب والملك لكامل الآلهة والبشر، وغالباً ما يُشار إليه بـ "أبي السنين" أو "الثور إيل" (رمزاً للقوة).
• الحكيم والعتيق: كان يُصوَّر كشخصية حكيمة، مُسالمة، ذات لحية رمادية، يجلس بعيداً عن صراعات الآلهة الأصغر سناً (مثل بعل).
• مجلس الآلهة: كان "إيل" رئيس مجمع الآلهة، ويُتخذ قراراته في هذا المجلس.
• العلاقة بيهوه: تشير بعض النظريات إلى أن الإسرائيليين الأوائل قد تبنوا في البداية "يهوه" كـإله من آلهة "إيل" العديدة، أو حتى ابناً له، قبل أن يصبح إلههم القومي الأوحد.
🔄 تطور التوحيد في اليهودية: من اليهوهية إلى التوحيد المطلق
لم يتحول الإيمان بالإله "يهوه" إلى التوحيد المطلق (رفض وجود أي آلهة أخرى) بشكل فوري، بل مر بمراحل تاريخية مهمة:
1. المرحلة اليهوهية (وحدة العبادة - Henotheism):
• في هذه المرحلة، التي سبقت السبي البابلي، كان الإيمان السائد هو إفراد العبادة ليهوه بصفته الإله الوطني لشعبي إسرائيل ويهوذا.
• كان هذا يعني: "يهوه هو إلهنا الأقوى، ويجب أن نعبده وحده"، لكنه لم ينكر بالضرورة وجود آلهة أخرى للشعوب المجاورة (مثل الإله "كموش" للموآبيين).
• شهدت هذه الفترة صراعاً متواصلاً بين كهنة يهوه والأنبياء ضد عبادة الآلهة الكنعانية الأخرى (مثل البعل وعشيرة) التي كانت منتشرة بين عامة الشعب.
2. مرحلة التوحيد المطلق (Monotheism):
• بدأت هذه المرحلة تتضح بقوة أثناء وبعد السبي البابلي (القرن السادس ق.م.).
• أصبح المفهوم هو: "يهوه ليس إلهنا الأقوى فحسب، بل هو الإله الوحيد الموجود في الكون".
• هذا التحول الفكري العميق، الذي كرّسه الأنبياء مثل إشعياء الثاني، أدى إلى تحول اليهوهية إلى ما نعرفه الآن بـ اليهودية، حيث أصبح يهوه خالق الكون بأكمله ورب كل الأمم.