عفواً أصدقائي اليساريين
كمال غبريال
الحوار المتمدن
-
العدد: 8455 - 2025 / 9 / 4 - 00:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كان مصطلح اليسار يطلق في البداية على المعارضين الجالسين جهة اليسار في الجمعية الوطنية إبان الثورة الفرنسية عام 1789 م. ثم صار اليسار يطلق على المنتمين للإيديولوچية الشيوعية المعادية للرأسمالية.
وبعد سقوط الشيوعية في سائر معاقلها. وسيطرة الرأسمالية على اقتصاديات جميع دول العالم، بما فيها مراكز الشيوعية، أفاق قطاع من اليساريين على الحقيقة وتمثلوها وخضعوا لها معدلين قناعاتهم لتتفق مع حقائق الواقع.
فيما قطاع آخر من اليساريين، انتحلوا لأنفسهم لقب الليبرالية، وقد صارت محل تقديس العصر. رغم أن الليبرالية بمفهومها هي المضاد تماماً للمنشأ الشيوعي الديكتاتوري الذي نشأ عليه اليساريون. هؤلاء ظلوا على حالة العداء لكل ماهو رأسمالي. وكان هذا يعني بالتبعية العداء لمجمل الحضارة الإنسانية التي ارتدت كلها ثياب الرأسمالية.
هؤلاء تدهورت بهم الأمور. وصاروا عبر شمول معارضتهم للحضارة معادين للإنسان ذاته. واتخذوا لأنفسهم أردية تبدو إنسانية راقية. في حين أنها تعني حقيقة العداء للإنسان.
وفيما ظل بعضهم على صرامة رؤيته الإيديولوچية الاشتراكية، ذهب كثيرون لاعتناق الفوضوية. كما لو كان تفضيلا للانتحار على القبول بحقيقة واقع يعجزون عن قبوله.
وذهب آخرون إلى ما أسموه رؤية خضراء. راحت بمبرر حماية البيئة إلى تطرف يجعلهم معادين للأنشطة والصناعات. وعموم اتجاه الحضارة والتقدم الإنساني.
والنباتيون الذين يجرمون ذبح وأكل الحيوان، يجرمون عنصراً من عناصر حياة الإنسان وتزويد جسده بالمقومات اللازمة لنموّه. وتفاقم الهوس ليصل لتجريم حتى شرب ألبان الحيوانات.
لا يبدو هذا أبداً رحمة بالحيوان، بقدر مايبدو عداء متعمداً ومسعوراً للإنسان. مايبدو مثل حالة ذئب يرتدي ثوب حمل. أو ثعبان يتخذ شكل سمكة!!
هؤلاء أيضاً تحولوا من نصرة الجنس الأسود، تعويضاً عما لحق به في الماضي، إلى مازوخية تضطهد الإنسان الأبيض.
بل وقد ذهبوا في معاداتهم للإنسان والإنسانية إلى معاداة الطبيعة البيولوچية والفسيولوچية الإنسانية ذاتها، والتي ينقسم فيها البشر لذكر وأنثى. فصار خلط الأمر بينهما مصدر فخر وتظاهرات ودعايات في كل مناسبة وبدون مناسبة!!
وأخيراً ولن يكون الآخر. مانشهده من تضامن يساري عالمي بأوروبا وأمريكا مع الإرهاب المتأسلم الفلسطيني وغير الفلسطيني. وقد تحولت عواصم ومدن أوروبا لأوكار للإرهاب المتأسلم. وماتبعه من جرائم يرتكبها المهاجرون. ليس فقط في حق أهل البلاد، وإنما في حق قيم الحضارة الأوروبية عالمية الانتشار!!
(أشكر إدارة تحرير "الحوار المتمدن" على سعة الصدر ونشر هذا المقال- خالص تقديري)