عشر سنوات علي ثورة 25 يناير - ماذا حدث للاقتصاد في مصر ؟! 2- الديون المحلية والخارجية


إلهامي الميرغني
الحوار المتمدن - العدد: 6796 - 2021 / 1 / 23 - 23:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان     

عشر سنوات علي ثورة 25 يناير - ماذا حدث للاقتصاد في مصر ؟!
2- الديون المحلية والخارجية
تحدثنا في الجزء الأول من المقال عن سياسات الفقر والافقار في مصر وتطورها خلال العشر سنوات الأخيرة،ونتطرق الان الي سياسات الإغراق في الديون المحلية والخارجية واعباء الاستدانة علي الاقتصاد المصري.كانت مصر في الفترة الأخيرة من حكم مبارك تقلل من الاعتماد علي الديون الخارجية لصالح الاعتماد علي الديون المحلية ولكن الي اين وصلت المديونية بنوعيها بعد عشر سنوات علي ثورة يناير ورحيل مبارك الشخص وبقاء مبارك النظام.
الديون المحلية
في يونية عام 2010 كانت الديون المحلية لمصر لا تتجاوز 808 مليار جنيه وار تفعت بعد ثورة يناير لتصل الي 1.1 تريليون جنيه في يونيه 2012 عند تولي محمد مرسي رئاسة الدولة اي ارتفعت الديون المحلية حوالي 300 مليار جنيه بين 2010- 2012.
وصلت الديون المحلية في يونية 2019 إلي 3.8 تريليون جنيه أي انه ما بين يونية 2014 ويونية 2019 ارتفعت الديون المحلية في عهد الرئيس السيسي بنحو 2.2 تريليون جنيه حيث تمثل القروض المحلية خلال هذه الفترة 58% من إجمالي الديون المحلية منذ حكم مبارك وحتي الان.
كما أرتفعت أذون الخزانة العامة من 266 مليار عام 2010 إلي 1.6 تريليون جنيه في يونية 2019 كما ارتفعت قيمة سندات الخزانة من 159 مليار جنيه لتصل الي 976 مليار جنيه. ويتوالي التوسع في الاقتراض الداخلي.
الديون الخارجية
تم التوسع في الاقتراض الخارجي خاصة مع دعم صندوق النقد الدولي للسياسات الاقتصادية المصرية من الغاء للدعم واطلاق حرية الاسعار والقطاع الخاص وبيع الاصول المملوكة للدولة والتي توجت باتفاق 2016 واقراض مصر 12 مليار دولار علي دفعات مع تعهد الحكومة بالتزامات عديدة منشورة في اتفاقية القرض.ثم تبعها مزيد من القروض من الصندوق والبنك.
ارتفعت الديون الخارجية من 33.7 مليار دولار في يونية 2010 إلي 46 مليار دولار في يونية 2014 ووصلت الان الي 108.7 مليار جنيه في يونية 2019 و 111.3 مليار دولار في مارس 2020 وقبل القروض الجديدة من البنك والصندوق. بذلك ارتفعت الديون الخارجية منذ 2014 بقيمة 65.3 مليار دولار وبما يمثل 59% من إجمالي الديون الخارجية . ومن المهم أن نميز ان ديون مصر الخارجية في 2010 وحتي نوفمبر 2016 كانت تقوم علي اساس سعر صرف الجنيه امام الدولار بستة جنيهات بينما بعد 2016 ارتفعت قيمة الديون الخارجية مقومة بالدولار من 6 جنيه الي 18 جنيه ثم 16 جنيه .اي ان مصر اصبحت مدينة حتي مارس الماضي بديون خارجية قيمتها 1.8 تريليون جنيه .
بذلك ارتفع مجمل ديون مصر المحلية والخارجية لتصل الي 5.6 تريليون جنيه او 5600 مليار جنيه .وبما يمثل 82.3 % من الناتج المحلي الاجمالي لمصر الذي يبلغ في 2020/2021 ما قيمته 6.8 تريليون جنيه .
يعكس ذلك أن الاقتصاد المصري يعتمد بشكل كلي علي الاقتراض الداخلي والخارجي لتمويل مشروعاته وهو ما اثبتت التجربة انه لن يحقق تنمية حقيقية ويزيد معدلات الفقر والافقار ويؤدي للمزيد من تدهو الانفاق علي التعليم والصحة.
فوائد الديون تلتهم الموازنة وتفاقم العجز
كانت خدمة الديون المحلية والخارجية كاقساط وفوائد حتي عام 2010 لا تتجاوز 117.3 مليار جنيه ارتفعت الي 429.5 مليار جنيه في 2014/2015 ولكنها وصلت الي 775.7 مليار جنيه في 2018/2019.
في موازنة العام الحالي 2020/2021 بلغ اجمالي المصروفات 1.7 تريليون جنيه منهم 566 مليار فوائد ديون و 555.6 أقساط ديون مطلوب سدادها في العام الحالي اي 1121.6 مليار جنيه وبما يمثل 65% من مصروفات الموازنة تواكب مع ذلك تزايد متواصل في عجز الموازنة العامة .
نتيجة عدم توافر مدخرات واستثمارات لتمويل عملية التنمية قدرت الحكومة في الموازنة الحالية انها ستقترض 987.7 مليار جنيه إضافية جديدة لتغطية العجز ونقص التمويل .لذلك يشكل تفاقم الديون المحلية والخارجية والاعباء التي يضعها المدينين مشكلة كبري تفقد واضعي السياسات سيطرتهم علي توجيهات الاقتصاد القومي مراعاة لشروط ومتطلبات مؤسسات التمويل الدولية .
لذلك بعد عشر سنوات من ثورة 25 يناير نجد أننا نواجه أزمة كبري في الديون التي تشكل عبئ علي الجيل الحالي والاجيال المقبلة.فقد توفي الخديوي اسماعيل وظلت مصر تسدد الديون التي اقترضها الخديوي لمدة 42 سنة بعد وفاته.
لذلك مهم التفكير في بدائل حقيقية للتمويل من مصادر سلعية كالزراعة والصناعة والتصدير والاستثمار المباشر ووضع خطة لتخفيض المديونية.خاصة وان اغلب الديون تنفق علي مشروعات استهلاكية ليس لها مردود مما يزيد الاعباء عند سداد الفوائد والاقساط وبما يؤثر علي سيادتنا الوطنية ويعيق اي جهود لتنمية حقيقية .
22/1/2021