الاستثمارات الإماراتية في مصر
إلهامي الميرغني
الحوار المتمدن
-
العدد: 8382 - 2025 / 6 / 23 - 07:40
المحور:
الادارة و الاقتصاد
تفيد بيانات البنك المركزي المصري حول تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر عام 2023/2024 إلى دخول 56.6 مليار دولار تدفقات داخلة و10.5 مليار دولار تدفقات مصرية خارجة ليصبح صافي تدفق الاستثمار الأجنبي لمصر 46 مليار جنيه منها 39.4 مليار دولار للدول العربية وبلغ صافي الاستثمار الأجنبي المباشر للإمارات 37.6 مليار دولار وهي تشكل 82% من إجمالي صافي تدفق الاستثمار الأجنبي الي مصر وتمثل 95% من الاستثمار الأجنبي للدول العربية في مصر.
تتعدد تقديرات قيمة الاستثمارات الإمارتية في مصر وعدد شركاتها العاملة في مصر والتي لا تقل عن 1250شركة وقد تصل الي 1941 شركة. كما بلغت الديون الإماراتية لمصر 22.2 مليار دولار حتى عام 2023. ذلك بخلاف مشروع رأس الحكمة والذي قدرت تكلفته الأولية ب 35 مليار دولار ومتوقع ان تصل الي 180 مليار دولار عند اكتمال المشروع.
سهّلت مصر للإمارات شروط الاستثمار في أراضيها، وكانت أبوظبي أول من حصل على "بطاقة ذهبية"، والتي بموجبها أصبح المشروع الاستثماري الإماراتي يحصل على موافقة واحدة من جميع الوزارات من أجل إنجاز المشاريع، بحسب ما أكدته وزير الاستثمار والتعاون الدولي السابقة في مصر، سحر نصر، عام 2019، قائلة إن تلك البطاقة "الأولى من نوعها".
تم اعتماد شركة أبو ظبي التنموية القابضة وصندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية كمؤسسات حكومية للاستفادة من الإعفاءات التي نص عليها اتفاق تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب من الضرائب على الدخل المبرم بين حكومة جمهورية مصر العربية وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة في أبو ظبي بتاريخ 14 / 11 / 2019 والذي صدر بالموافقة عليه قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 558 لسنة 2020 وتم نشره بالجريدة الرسمية. كما صدق مجلس النواب بالموافقة علي قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 211 لسنة 2025، بشأن الموافقة على بروتوكول (2) ملحق للاتفاق بين حكومة جهورية مصر العربية وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة بشأن تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب من الضرائب بالنسبة للضرائب على الدخل.
لذلك أثير الكثير من التساؤلات حول المكاسب والخسائر لمصر من توقيع هذه الاتفاقية التي صدر بها قرار رئيس الجمهورية وصدق عليها مجلس النواب بالموافقة. في ظل وجود استثمارات إماراتية داخلة الي مصر تبلغ 38.9 مليار دولار بينما لا تتجاوز الاستثمارات المصرية في الإمارات 1.3 مليار دولار وبما يعكس ان الإعفاءات الضريبية للإمارات ستحقق لها أرباح مضاعفة وتفقد مصر جانب مهم من إيراداتها الضريبية من دولة تشكل 82% من الاستثمار الأجنبي في مصر و95% من الاستثمار العربي.
لكن الشارع المصري يراوده القلق من الإمارات والاستحواذات الي تقوم بها الإمارات في مصر منذ استحواذ شركة أبراج كابيتال على العديد من المنشآت الصحية كمستشفيات خاصة ومراكز أشعة ومعامل تحاليل. ويدفعنا ذلك لمحاولة تتبع هذه الاستحواذات الإماراتية خلال السنوات الأخيرة.
الإمارات والاستحواذ على الشركات المصرية
علي مدي العقد الأخير ومنذ 2014 أصبحت الإمارات أكبر مستثمر أجنبي في مصر خاصة في ظل علاقتها مع إسرائيل والاتفاقيات بينهما. ولذلك نحاول تتبع خطة الاستحواذ الإماراتي وتأثيرها على الاقتصاد المصري والاستقلال الاقتصادي وفي ضوء اتفاقية الإعفاء الضريبي الأخيرة.
- شركة “ألفا أوريكس ليمتد”، التي اشترت حصة " البنك الأهلي المصري " وهو أكبر بنك حكومي في مصر- وذلك بعدما باع البنك حصته (9.5%) في “البنك التجاري الدولي” (خاص)، واشترتها الشركة الإماراتية.
- على نحو مشابه، اشترت “ألفا أوريكس ليمتد” حصة مملوكة للبنك الأهلي المصري في شركة “فوري” لتكنولوجيا البنوك، والتي تُعد الأبرز في مصر بمجال التكنولوجيا المالية، وتمتلك الشركة الإماراتية 12.6% من أسهم “فوري”.
- استحوذت الشركة الإماراتية أيضاً في 2022 على الحصة الكاملة لبنك الاستثمار القومي (الحكومي)، والبالغة 21.5% من رأسمال شركة “أبو قير للأسمدة”، كما استحوذت الشركة نفسها على حصة 20% من حصة وزارة المالية المصرية في شركة “مصر لإنتاج الأسمدة”.
- بهذا الاستحواذ أصبحت الإمارات حاضرة في أحد أكثر القطاعات حيوية وأهمية والمتصلة بالزراعة في البلاد، لا سيما وأن شركة “أبو قير” كانت قد باعت في 2021، 55% من إنتاجها السنوي للجمعيات الزراعية التابعة لوزارة الزراعة بالأسعار التي تحددها الدولة (الأسعار المدعومة). ولكن الوضع يتغير بعد سيطرت الامارات علي حصة في الشركة وأصبحت تتحكم في الأسعار لتعظيم الأرباح وبغض النظر عن اضرار الزراعة المصرية وخراب بيوت الفلاحين.
- استحواذ شركة “ألفا” على حصة 32% كانت مملوكة للهيئة العامة لميناء الإسكندرية (حكومية)، في “شركة الإسكندرية لتداول الحاويات”.
- وصلت أيضاً الاستثمارات الإماراتية في مصر إلى حد الاستحواذ في نوفمبر 2023 على حصة لمصر في الشركة الشرقية للدخان، تُقدر بـ 30%، وبهذا الشراء انخفضت حصة الحكومة المصرية في الشركة إلى 20.95%.
- تُعد شركة الشرقية أكبر منتج للتبغ في البلاد، وتهيمن الشركة على نحو 75% من حجم السوق المحلية للدخان، وتسببت الشركة في إثارة غضب الشارع المصري بسبب رفعها المتكرر لأسعار السجائر. وبذلك تتحول مكاسب الشركة السنوية الي الامارات مع اعفائها من الضرائب في مصر وفقاً للاتفاق الأخير.
- قبل شهر من التوصل لصفقة “رأس الحكمة”، استحوذت “القابضة” و”أدنيك” الإماراتيان على حصة 40.5% من شركة “أيكون” التابعة لمجموعة طلعت مصطفى القابضة المصرية، والتي تمتلك حصصاً كبيرةً في فنادق تاريخية في مصر، وتحدثت شركة “القابضة” عن استثمار غير مباشر من خلال “أيكون” في 7 فنادق تاريخية فخمة مملوكة للحكومة المصرية.
- كما تستحوذ الإمارات أيضاً على محفظة أراض تقدر مساحتها ب 16 مليون متر مربع، وذلك بعدما استحوذت مجموعتا " القابضة" و"الدار" الإمارتيتان، في عام 2021 على شركة “سوديك” المصرية الضخمة للعقارات، والتي كان لديها 10 مشروعات عقارية.
- تتحكم الإمارات أيضاً بأراضٍ مصرية من خلال مشاريع تديرها شركة “إعمار” التي يرأسها محمد علي العبار، ولدى الشركة 6 مشاريع عقارية ضخمة في مصر، من أبرزها “مراسي الساحل الشمالي”، ومنتجع “سول” على الساحل الشمالي أيضاً، و”أب تاون كايرو” في القاهرة.
- صندوق أبو ظبي للتنمية يمتلك أيضاً محفظة من العقارات داخل مصر من خلال شركة “أبو ظبي للاستثمارات السياحية” التابعة للصندوق، ولدى الشركة 3 فنادق في مصر، كما تمتلك 99.3% من أسهم " شركة مصر العربية للفنادق" التي تمتلك منتجعاً في متحف مصر المفتوح بمدينة الأقصر.
القطاع الزراعي
تسيطر الاستثمارات الإمارتية علي سلع زراعية حيوية كالقمح والذرة والبنجر.
لدى الإمارات استثمارات واسعة وحساسة في قطاع الغذاء داخل مصر، ومن بين أبرز الاستثمارات استحواذ " الظاهرة"، التي تتبع القابضة” الإماراتية، على زراعة القمح في مصر، وتؤكد الشركة أنها تزرع 28 ألف هكتار (الهكتار 10 آلاف متر مربع) داخل الأراضي المصرية، وتقول عن نفسها في موقعها الإلكتروني “إنها تسهم في ضمان الأمن الغذائي لمصر، من خلال إنتاج العديد من المحاصيل الأساسية”.
وافق مجلس النواب، في 15 ديسمبر 2024، على اقتراض الحكومة 500 مليون دولار، على مدار 5 سنوات، من مكتب أبو ظبي للصادرات "ADEX"، لتمويل شراء القمح لصالح الهيئة العامة للسلع التموينية من شركة الظاهرة الإماراتية. وبذلك أصبحت مصر تستورد القمح المصري من شركة إماراتية تزرعه في توشكي وبقرض علي مصر.
هذه الشركة الإماراتية التي يرأسها حمدان بن زايد شقيق رئيس الإمارات، أصبحت أكبر منتج للقمح والذرة في القطاع الخاص بمصر، كما أنها تنتج العديد من المحاصيل الهامة الأخرى، مثل “البصل، والبنجر السكري، والحمضيات والذرة الرفيعة، إضافة لعلف الحيوانات.
كذلك فإن الاستثمارات الإماراتية في مصر حاضرة في قطاع الزراعة، من خلال شركة “جنان” الإماراتية للاستثمارات الزراعية والتي تمتلك عقوداً طويلة مع حكومة أبو ظبي، وتؤكد الشركة امتلاكها مشروعاً في شرق العوينات في مصر، بمساحة تزيد على 14 ألف هكتار، وتقوم من خلاله بإنتاج علف الذرة والقمح، وتبيعه للسوق المحلية، وتصدر كميات منه للخارج.
تستحوذ الاستثمارات الإماراتية في مصر أيضاً على جزء كبير من صناعة السكر في البلاد، وذلك من خلال ملكية مجموعة “الغرير” الإماراتية لشركة “القناة للسكر” بنسبة 70%، فيما تستحوذ “الأهلي كابيتال” المصرية على 30% فقط من الشركة، وتعاني مصر مؤخراً من أزمة كبيرة في توفر السكر في الأسواق، إضافة إلى الارتفاع الكبير في أسعاره.
قطاع تجارة الجملة والتجزئة والسلع الغذائية والأدوية
وفي أحدث تحرك إماراتي لتوسيع حضور أبو ظبي في قطاع الأغذية بمصر، أصبحت شركة “أغذية” أحد أذرع شركة “القابضة” الإماراتية، تستحوذ على 70% من أسهم “مجموعة أبو عوف” المصرية الشهيرة للأغذية، والتي تُباع منتجاتها في عموم مصر.
وفي فبراير 2024، رفعت الشركة الإماراتية من حصة أسهمها بالمجموعة المصرية، التي تبيع بالتجزئة مجموعة واسعة من المنتجات، بما في ذلك “القهوة الفاخرة والمكسرات والوجبات الخفيفة الصحية ومنتجات الحلويات الأخرى”.
كما تستحوذ الإمارات على حصة واسعة من منافذ بيع التجزئة في مصر، من خلال مجموعة ماجد الفطيم، التي تدير سلسلة متاجر “كارفور” في مصر، وتُعد مجموعة الفطيم عضواً في “مجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج”.
وبحسب الموقع الرسمي لكارفور مصر”، فإن مجموعة الفطيم تدير 70 متجراً، وقدمت خدماتها إلى 35 مليون عميل سنوياً، وتعتزم مجموعة الفطيم توسيع استثماراتها في مصر من خلال مضاعفة سلاسل “كارفور” إلى 140 فرعاً في مختلف أنحاء مصر. كذلك تمتلك مجموعة “اللولو” التابعة أبو ظبي القابضة ” سلسلة متاجر للبيع بالتجزئة داخل مصر.
كما كشف جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية عن حقيقة بيع سلسلة محلات حلويات «العبد»، حيث أكد أنه وافق على إتمام صفقة بيع حصة 20.87% من أسهم شركة العبد للاستثمار والتصنيع وتجارة الحلوى، إلى صندوق استثمار تنمية كابيتال فينتشرز (TCV). وأكد الجهاز، في بيان صحفي صادر عنه، أن الموافقة على الصفقة تخول للشخص المستحوذ القدرة على التأثير المادي في الشخص المستهدف، مشيرًا إلى أن لجنة فحص ملفات إخطار التركزات الاقتصادية بجهاز حماية المستهلك تلقت خبر استحواذ صندوق تنمية كابيتال 2، على حصة بمحلات العبد للحلويات في 24 أكتوبر 2024.
وفي قطاع الأدوية أيضاً، استحوذت الإمارات من خلال “القابضة” على شركة “آمون” للأدوية، والتي تُعد من بين أضخم شركات تصنيع وتوزيع وتصدير الأدوية في مصر.
قطاع الطاقة
تمتلك الإمارات حضوراً قوياً في سوق الطاقة داخل مصر، من خلال استثمارات تتلخص في شكلين رئيسين: الأول شراء محطات الوقود في البلاد، والثاني زيادة الاستثمار في استكشاف وإنتاج النفط.
في فبراير 2023، استحوذت شركة بترول أبو ظبي الوطنية، المُسماة (أدنوك)، على نصف محطات بيع الوقود لشركة “توتال إنرجيز” في مصر، وتُعد هذه الشركة أحد أهم منافذ بيع الوقود بالتجزئة، وتُشير “توتال إنرجيز” إلى أنها تدير في مصر شبكة مؤلفة من 238 محطة. وذلك بعد أن دخلت مفاوضات لشراء شركة وطنية ولكنها لم تجد أوراق الشركة متوفرة فلجأت الي توتال.
وفي عام 2020، استحوذت شركة “دراجون أويل” المملوكة لحكومة دبي على كامل حقوق شركة “بي بي مصر” للنفط والغاز، والشركة الإماراتية هي إحدى أعضاء مجلس “الإمارات للمستثمرين بالخارج”.
عقب استحواذ “دراجون أويل” على “بي بي مصر”، أصبحت الشركة الإماراتية شريك الهيئة المصرية العامة للبترول في جميع امتيازات وإنتاج واكتشاف النفط في خليج السويس، وتعتزم الشركة ضخ استثمارات في مصر بقيمة 500 مليون دولار خلال عام 2024 لحفر آبار جديدة في مصر والاستمرار في إنتاج 61 ألف برميل نفط يومياً في مصر.
المستثمر الإماراتي الثالث في قطاع الطاقة بمصر، شركة “مبادلة” المملوكة بالكامل لحكومة أبو ظبي، وفي نوفمبر 2018، اشترت الشركة الإماراتية من “شركة إيني” الإيطالية حصة 20% امتياز منطقة “نور” البحرية للغاز شمال سيناء، وفي العام نفسه أصبحت شركة “مبادلة” شريكاً في حقل ظهر للغاز بالبحر المتوسط، بعد شرائها جزءاً من حصة شركة “إيني” الإيطالية.
كما تعهدت الحكومة المصرية بضمان قيمة استثمار "أبو ظبي التنموية القابضة" الذي أعلنته مؤخرًا في 3 شركات مصرية إضافة إلى عائد عليه بمعدل 8% سنويًا لمدة 4 سنوات. وكانت "أبو ظبي التنموية القابضة" قد استحوذت على 25% من شركة "الحفر الوطنية" ونحو 30% من شركة "إيثيدكو"، بالإضافة إلى 35% من شركة المصرية لخطي البنزين والألكيل "إيلاب" في صفقة تصل إلى 800 مليون دولار. (العربية - مصر تتعهد بضمان استثمار "أبو ظبي القابضة" في 3 شركات – 29 أغسطس 2023)
الاستحواذ على موانئ مصرية
تحظى الاستثمارات الإماراتية في مصر باستحواذ ملحوظ على إدارة وتشغيل موانئ عدة في البلاد، من خلال اتفاق توصلت إليه شركة “موانئ أبو ظبي” التي تتبع لمؤسسة “القابضة” مع الحكومة المصرية في يناير 2024، ويقضي بتشغيل وإدارة الشركة الإماراتية ولمدة 15 عاماً، ثلاث محطات سفن في موانئ سفاجا والغردقة، وشرم الشيخ الواقعة في البحر الأحمر.
استحوذت الإمارات أيضاً على إدارة وتشغيل ميناء “العين السخنة”، من خلال “موانئ أبو ظبي” التي اتفقت مع مصر في مارس 2022، على تطوير الميناء وإدارة عملياته، ومن خلال موانئ دبي التي تمتلك 90% من شركة تطوير ميناء السخنة منذ عام 2008.
“موانئ أبوظبي” حظيت أيضاً في مارس 2022، باتفاق مع الحكومة المصرية، لإنشاء وإدارة وتشغيل ميناء نهري في محافظة المنيا، وهو ما يرتبط بمشروع شركة القنال للسكر التي يملكها العبار وتعمل في مركز ملوي بمحافظة المنيا.
وفي سبتمبر 2022، استحوذت الشركة الإماراتية على أغلبية حصص إحدى أبرز شركتين مصريتين للنقل البحري وهما “ترانسمار”، وترانسكارجو”، ويصل نشاط كلتا الشركتين إلى العديد من الدول العربية.
وتقول عربي بوست "تظهر مجموعة الاستثمارات الإماراتية في مصر أن معظم هذه الاستثمارات استهلاكية بالكامل، ما يجعل الفائدة للجانب الإماراتي أكبر منها للجانب المصري، لا سيما في قطاع الأغذية والأدوية والعقارات، وهي أبرز القطاعات التي تتواجد فيها الإمارات في مصر".
(عربي بوست - خريطة الاستثمارات الإماراتية في مصر ومن يقودها؟ من الاستحواذ على أراضٍ وموانئ إلى التغلغل بالأمن الغذائي – 15/3/2024)
القطاع العقاري
- في ديسمبر 2021، أعلن تحالف بين "أبو ظبي القابضة"، وشركة الدار العقارية التي يرأسها رئيس دائرة الثقافة والسياحة في أبو ظبي، محمد خليفة المبارك، الاستحواذ على 85.5% من شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار "سوديك"، التي تعمل في مجال التطوير العقاري وكانت مملوكة لرجل الأعمال مجدي راسخ، مقابل 386.8 مليون دولار. (متصدقش – خريطة استثمارات ابوظبي القابضة في مصر – 11 نوفمبر 2024)
- أبرز شركات إماراتية في مصر حاليا وأهم مشاريعها:
• إعمار مصر: تأتي شركة إعمار مصر كامتداد لشركة إعمار الإمارتية وتمتلك الشركة في السوق المصري حافظة أعمال قوية جدا ويأتي على رأسها مشروع مراسي الساحل الشمالي.
• قال محمد العبار، مؤسس شركة إعمار العقارية الإماراتية، إن استثمارات الشركة في مصر تبلغ حاليا 18 مليار دولار. وأضاف العبار، أن استثماراتنا في مصر لن تتأثر بالتوترات الجيوسياسية، وسترتفع قيمتها إلى 25 مليار دولار خلال 3 أعوام. وتابع، أن استثمارات مشروع "ميفيدا" تبلغ 3 مليارات دولار، وتمتلك "إعمار العقارية" أغلبية المشروع بمساحة 500 فدان، وفقاً لما ذكرته "العربية نت".
• تنفذ شركة «إعمار مصر» عدداً من أبرز المشروعات العقارية في مصر، وتمتلك أربع مشروعات، أبرزها مشروع «مراسي» في الساحل الشمالي لمصر، بقيمة استثمارية تصل إلى 4.2 مليارات درهم (22.5 مليار جنيه) على مساحة 6.5 ملايين متر مربع، و«أب تاون كايرو» بقيمة استثمارية 2.5 مليار درهم (13.5 مليار جنيه) على مساحة 4.5 ملايين متر مربع، و«ميفيدا» بقيمة استثمارية تصل إلى 3.28 مليارات درهم (17.5 مليار جنيه) على مساحة 3.8 ملايين متر مربع، و«بوابة القاهرة»، قيد التخطيط.
- تُعد صفقة "رأس الحكمة" أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ مصر، وبموجبها تستحوذ شركة "القابضة" في أبو ظبي على مشروع رأس الحكمة الواقع على الساحل الشمالي لمصر، حيث تم تخصيص 170 مليون متر مربع لصالح المشروع، الذي يتضمن أيضاً بناء ميناءين بحريين ومطار دولي، وبلغت قيمة الصفقة التي تم التوصل إليها في فبراير 2024، 35 مليار دولار.
- 10 شركات إماراتية تستثمر نحو 60 مليار درهم (321 مليار جنيه مصري) في السوق العقارية المصرية. وتستحوذ «إعمار العقارية» على الحصة الأكبر منها، عبر ذراعها «إعمار مصر للتنمية» بقيمة استثمارات 37.5 مليار درهم، تلتها شركة «إمكان مصر» بقيمة تسعة مليارات درهم، ثم شركة «ماجد الفطيم» بقيمة 5.25 مليارات درهم، وبعدها شركة «القمزي» بقيمة 3.75 مليارات درهم، ثم شركتي «ريبورتاج»، و«سكاي أبو ظبي» للاستثمار والتطوير العقاري 2.25 مليار درهم.
- وتضم القائمة شركة «الدار» العقارية التي تستثمر بقيمة 1.14 مليار درهم، ثم شركة «التزام» بقيمة 375 مليون درهم، ثم صندوق «شيميرا» بقيمة 337 مليون درهم، وأخيراً شركة «العروبة» بقيمة 225 مليون درهم.
(الإمارات اليوم – مدحت السويفي - 10 شركات عقارية إماراتية تستثمر 60 مليار درهم في مصر- 26 أكتوبر 2022)
هذه نماذج لبعض استحوذات الإمارات في مصر خلال أعوام ما بعد 30 يونيو. اشترت الإمارات حصة في خمس شركات مصرية بقيمة 1.8 مليار دولار وبعد نحو 26 شهرًا فقط، ربحت "أبو ظبي القابضة"، 890 مليون دولار، وهو ما يقرب من نصف ما استثمرته مقابل شراء حصص من الشركات الخمس.
حسابات الأرباح والخسائر
باعت مصر حصص في شركات أكثر ربحية ليتم تحويل هذه الأرباح الي الخارج ولتفقد مصر مصدر مهم للدخل والثروة، بينما يتم اعفاء الأرباح المحولة من الضرائب وبذلك تجني الامارات المليارات وتخسر مصر المليارات.
الشركات الخمس التي اشترتها الامارات (البنك التجاري الدولي، وأبو قير للأسمدة، ومصر لإنتاج الأسمدة، والإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع، وفوري للمدفوعات المالية)، من بين الأكثر تميزًا في السوق المصري، حيث يندرجون ضمن قائمة فوربس لأقوى 50 شركة في البلاد، وتُقدر أصولهم بحوالي 19.6 مليار دولار، فيما تبلغ قيمتهم السوقية نحو 10 مليار دولار. كما أنهم يمثلوا مجتمعين نحو 39% من الوزن النسبي للمؤشر الرئيسي في البورصة المصرية "EGX 30"..
1. البنك التجاري الدولي CIB هو أكبر بنك خاص في مصر، بقيمة أصول تجاوزت تريليون جنيه في نهاية يوليو 2024. تعتبر "أبوظبي القابضة" أكبر مساهم في البنك حاليًا بحصة تبلغ 17.15٪، اشترتها من الحكومة مقابل 911 مليون دولار تقريبًا. خلال العامين الماضيين، حقق "التجاري الدولي" أرباحًا بلغت نحو 73 مليار جنيه، حيث سجلت صافي أرباحه في عام 2022 نحو 16.1 مليار جنيه، وفي 2023 ارتفع صافي الأرباح إلى 29.6 مليار جنيه بزيادة 84% عن العام السابق، وفي النصف الأول من العام 2024 بلغ صافي الربح 27.5 مليار جنيه، بزيادة 96% عن نفس الفترة من العام السابق.
- بذلك حصلت الإمارات خلال سنتين ونصف علي 12.5 مليار جنيه من بنك CIB فقط وهي تعادل 251 مليون دولار، وهي اشترت وسعر صرف الدولار يعادل 28.7 جنيه ولكن تحول لها الأرباح بسعر 50 جنيه للدولار بما يشكل عبئ علي الاقتصاد المصري وفرصة ضائعة وتكون الإمارات استردت 28% مما دفعته كصافي أرباح مع بقاء حصتها كما هي . وتأتي الحكومة لتمنح الامارات إعفاء من الضرائب!!!
2. الأرباح الكبيرة شملت أيضًا شركة فوري، صاحبة النصيب الأكبر من قطاع المدفوعات الرقمية داخل السوق المصرية، والتي تعتبر "أبو ظبي القابضة" أكبر مساهم فيها أيضًا بحصة تبلغ 12.23%، اشترتها من الحكومة مقابل 55 مليون دولار تقريبًا. عام 2022، حققت "فوري" صافي أرباح بقيمة 316.9 مليون جنيه بزيادة 70% عن العام السابق، وفي 2023 ارتفعت الأرباح بنسبة 198% لتصل إلى 715 مليون جنيه، وفي النصف الأول من 2024 بلغ صافي الربح 592 مليون جنيه بارتفاع قدره 101%. وهكذا سجل إجمالي أرباح الشركة في العامين الماضيين نحو 1.624 مليار جنيه.
- بذلك تكون الامارات قد دفعت 55 مليون دولار واشترت 12.23% من رأسمال شركة فوري وخلال سنتين ونصف حصلت علي صافي أرباح 198.6 مليون جنيه بسعر الدولار الحالي وليس بسعر الدولار عند الشراء ورغم ذلك يتم إعفاء الإمارات من حق مصر الضريبي.
3. جزء كبير من إيرادات الشركات التي باعت الحكومة المصرية حصصًا منها لصالح الشركة الإماراتية يأتي من العملة الأجنبية، وفي مقدمتهم "الاسكندرية لتداول الحاويات" التي تعمل في أنشطة النقل والشحن الدولي، وتسعر خدماتها بالعملة الصعبة. وتمتلك "أبو ظبي القابضة" حاليًا حصة تبلغ 31% منها، اشترتها من الحكومة مقابل 186 مليون دولار. بلغت أرباح "الاسكندرية لتداول الحاويات"، في العام المالي 2021/ 2022 نحو 2 مليار جنيه، وارتفعت بنسبة 110% خلال العام المالي 2022/2023، مسجلة 4.4 مليار جنيه، ثم ارتفعت مجددًا بنسبة 40% في العام التالي، لتصل إلى 6.13 مليار جنيه.
- دفعت الامارات 186 مليون دولار لتستحوذ علي 31% من شركة اسكندرية لتداول الحاويات وحصلت خلال سنتين ونصف علي أرباح تقدر بنحو 3.8 مليار جنيه وهو يساوي 77.7 مليون دولار وبمعدل 42% مما دفعته مقابل الحصة.
4. تستحوذ "أبوظبي القابضة" على حصة تبلغ 21.5% من "أبو قير للأسمدة" اشترتها من الحكومة في أبريل 2022 مقابل 392 مليون دولار. وبعد شهرين من الصفقة، كشفت نتائج أعمال الشركة عن السنة المالية المنتهية في 30 يونيو 2022، تحقيق أرباحًا تاريخية بلغت 9 مليار جنيه بنسبة ارتفاع 158% عن العام السابق. وفي العام التالي ارتفع صافي الأرباح بنسبة 61% إلى 14.6 مليار جنيه، وفي 2023/ 2024 بلغ صافي الأرباح 13.5 مليار جنيه. ونتيجة المبيعات التصديرية، حققت موبكو، التي تستحوذ "أبو ظبي القابضة" على 20% من أسهمها اشترتها من الحكومة مقابل 266.6 مليون دولار، أرباحًا قوية في عام 2022 بلغت 3.8 مليار جنيه بزيادة 148 % عن العام السابق.
- عام 2023، أنتجت الشركة 1.99 مليون طن من اليوريا و1.22 مليون طن من الأمونيا، لتحقق صافي أرباح بقيمة 5.97 مليار جنيه بزيادة 55% عن العام السابق. وخلال النصف الأول من 2024 استمرت الشركة في تسجيل أداءً قياسيًا، لتسجل صافي أرباح بلغ 10.2 مليار جنيه، بنسبة ارتفاع 114% على أساس سنوي.
- وتعتمد شركتي أبو قير وموبكو للأسمدة، بشكل كبير على التصدير للأسواق الخارجية. ومع استحواذهما على حوالي 20% من إنتاج الأسمدة في مصر، استفادتا من ارتفاع أسعار الأسمدة عالميًا بعد الحرب الروسية، والحصول على الغاز الطبيعي مدعومًا من الحكومة. وأصبحت الامارات تتحكم في أسعار الأسمدة في السوق المحلي ورفعها الي الأسعار العالمية لتعظيم أرباحها بغض النظر عن الإضرار بالزراعة المصرية وملايين الفلاحين. ولذلك نكافئها بالإعفاء الضريبي!!!
- أظهر تحليل موقع متصدقش المنشور في 4 أكتوبر 2024 أن النتائج المعلنة للشركات منذ إتمام صفقة البيع في أبريل 2022 إلى آخر إفصاح في يونيو 2024، أن شركة أبو ظبي القابضة تمكنت بفضل الأرباح الضخمة التي حققتها هذه الشركات مجتمعه استرداد نحو 50 % من قيمة ما دفع مقابل شراء الحصص.
5. أعلنت الحكومة المصرية في سبتمبر 2023 استحواذ شركة إماراتية على حصة في الشركة الشرقية للدخان المصرية "إيسترن كومباني"، منتج السجائر الأكبر في مصر والتي تهيمن على قرابة 75% من حجم السوق المحلية للدخان. ووفق ما أعلنه مجلس الوزراء المصري، فقد استحوذت شركة غلوبال للاستثمار القابضة المحدودة الإماراتية على 30% من أسهم الشركة الشرقية في صفقة بقيمة 625 مليون دولار، مع قيام المشتري بتوفير مبلغ 150 مليون دولار لشراء مواد التصنيع.
- أظهرت المؤشرات المالية لشركة الشرقية «إيسترن كومباني» المصرية ارتفاعاً في صافي أرباحها بنسبة تقترب من 36% على أساس سنوي خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي الجاري، لتسجّل نحو 7 مليارات جنيه. وجاء هذا النمو مدعوماً بارتفاع صافي الإيرادات بنسبة 99% خلال الفترة من يوليو تموز 2024 وحتى مارس آذار 2025، لتصل إلى 27.3 مليار جنيه، مقارنة بنحو 13.7 مليار جنيه في الفترة المماثلة من العام الماضي. وبحسب البيان المالي، بلغت قيمة المبيعات الإجمالية قبل احتساب الضرائب نحو 78.5 مليار جنيه خلال الفترة المذكورة، مقابل 45.2 مليار جنيه في الفترة المقارنة، ما يمثل نمواً سنوياً يقارب 74%.
- بذلك تكون الإمارات دفعت 625 مليون دولار مقابل الاستحواذ علي 30% من أسهم الشركة وخلال تسعة أشهر ربحت الشركة 7 مليار جنيه تبلغ حصة الإمارات بها 2.1 مليار جنيه وهو ما يساوي 42 مليون دولار ويمثل 7% من ثمن الشراء خلال 9 شهور فقط. بل أن الامارات هي أكبر مهرب للسجائر داخل مصر وبما يضر بالإنتاج الوطني.
النهاية
لقد فرطت الحكومة في كنوز مصر من الشركات الرابحة والأراضي المميزة لصالح الإمارات التي تسيطر علي 70% من تدفقات الاستثمار الأجنبي في مصر وبما يعرض الأمن القومي للخطر من خلال السيطرة علي صناعات استراتيجية وحيوية مثل صناعة الأسمدة الكيماوية وكذلك صناعة الدخان والسجائر، وإهدار ما كانت تحصل عليه مصر من أرباح هذه الشركات.
وبدلاً من تحصيل الضريبة على الأرباح التي تحققها الشركات المصرية بعرق وجهد عمال مصر، تتسرب ثروة مصر وارباح الشركات للخارج وبالدولار بما يزيد الأعباء والضغط علي الاقتصاد المصري بل ويتحكم في القرار الاقتصادي والسياسي المصري.
الاستحواذ علي الشركات والأراضي وحصد الأرباح وتحويلها للخارج بالدولار جريمة في حق مصر وأمنها وشعبها وسيأتي اليوم الذي يحاسب فيه كل من فرط وباع في حقوق وثروات مصر.
23/6/2025