خصخصة الجيوش وشركات الأمن الخاصة


إلهامي الميرغني
الحوار المتمدن - العدد: 7652 - 2023 / 6 / 24 - 18:44
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان     

الخصخصة والاستبداد واللعب في الجيوش

منذ سنوات ظهرت في العالم شركات الأمن الخاصة التي تعمل بجانب قوات الجيش والشرطة
وعلي مدي التاريخ يوجد مرتزقة يتم تأجيرهم من ايام المماليك. لكن مع دخول الرأسمالية مرحلة العولمة المتوحشة ظهرت شركات الأمن العابرة للحدود مثل بلاك وواتر الأمريكية وفاجنر الروسية و بلاك شيلد الإمارتية.
بلاك وواتر الأمريكية
هي شركة تقدم خدمات أمنية وعسكرية للحكومات والأفراد من تدريب وعمليات خاصة. أسسها إريك پرنس وآل كلاربك عام 1997 باسم بلاك واتر يو اس إي. ولدى بلاك واتر العديد من الأقسام والقطاعات والأعمال في شتى المجالات ولكن الشركة ككل تثير جدلا كبيرا حول تلك الأعمال. واستخدمت الولايات المتحدة الشركة في العديد من الحروب والعمليات القذرة في افغانستان كما تواجدت في العراق منذ عام 2003 . تورطت الشركة في جرائم قتل بحق مدنيين عراقيين، وأدين 4 من أفرادها بالسجن بين المؤبد و30 سنة، لقتلهم 14 مدنيا عراقيا، بينهم طفلان، في بغداد عام 2007، في مجزرة أثارت غضبا دوليا من استخدام المرتزقة في الحروب. لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، أصدر عفوا عن عناصر بلاك ووتر الأربعة عام 2020، ما أثار استياء عراقياً ودولياً.
تعتمد الشركة على مرتزقة من المتقاعدين والقوات الخاصة من مختلف أنحاء العالم مقابل تعويضات مالية مجزية، وتقدم خدماتها العسكرية والأمنية للحكومات والأفراد بعد موافقة الإدارة الأمريكية. وبسبب الفضائح التي لاحقتها إبان احتلال العراق، غيرت بلاك ووتر اسمها إلى Xe Service في 2009، ثم أكاديمي في 2011، بعد أن استحوذت عليها شركات منافسة وأصبحت تحت لواء مجموعة كونستليس القابضة، التي تنشط في 20 بلدا وتوظف أكثر من 16 ألف شخص، بحسب بيانات الشركة.
ويتركز نشاط الشركة حاليا في اليمن، حيث كشفت تقارير إعلامية بينها صحيفة نيويورك تايمز، أن توقيع مؤسسها برنس، على عقود مع الإمارات والسعودية للقتال في اليمن إلى جانب التحالف العربي. وبلغ عدد من جندتهم الشركة في 2015، نحو 1500 مرتزق من كولومبيا وجنوب أفريقيا والمكسيك وبنما والسلفادور وتشيلي، قتل بعضهم في المعارك خاصة بتعز. ( الجزيرة - بينها “بلاك ووتر” و”فاغنر” و”بلاك شيلد”.. شركات عسكرية خاصة تعبث بالأمن العربي- 29/12/2020)
إذا كانت "بلاك ووتر" انتهجت طريق تغيير الأسماء مرات عدة مما أتاح لها البقاء في سوق الجيوش الخاصة أو شركات الأمن العسكري الخاصة واستمرار الحصول على تعاقدات بملايين الدولارات، فإن الشركة مستمرة في تقديم خدماتها الأمنية والعسكرية المدفوعة للحكومات والأفراد حول العالم، على الرغم من الانتقادات الحادة التي وجهت لها أثناء الاحتلال الأميركي للعراق وحوادث قتل المدنيين المنسوبة لموظفيها.( إندبندنت عربية- أمينة خيري - ما بين "بلاك ووتر" و"فاغنر"... هل يخوض "المرتزقة" حروب العالم؟ - 12 إبريل 2022)
فاجنر الروسية
‏ هي منظمة روسية شبه عسكرية، وصفها البعض بأنها شركة عسكرية خاصة (أو وكالة خاصة للتعاقد العسكري) وقيل إن مقاوليها شاركوا في صراعات مختلفة، بما في ذلك العمليات في الحرب الأهلية السورية إلى جانب الحكومة السورية، وكذلك في الفترة من 2014 إلى 2015 في الحرب في دونباس في أوكرانيا لمساعدة القوات الانفصالية التابعة للجمهوريات الشعبية دونيتسك ولوهانسك المعلن عنها ذاتيا. ويرى آخرون بما في ذلك التقارير الواردة في صحيفة نيويورك تايمز أن فاغنر هي حقًا وحدة تتمع بالاستقلالية تابعة لوزارة الدفاع الروسية و/أو مديرية المخابرات الرئيسية متخفية، والتي تستخدمها الحكومة الروسية في النزاعات التي تتطلب الإنكار، حيث يتم تدريب قواتها على منشآت وزارة الدفاع. ويعتقد أنها مملوكة لرجل الأعمال يفغيني بريغوجين الذي له صلات وثيقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والمقدم دميتري أوتكين، العقيد قسطنطين بيكالوف.
ولفاجنر العديد من الحلفاء من بينهم ميليشيا دونباس الشعبية، القوات المسلحة السورية، الحرس الثوري الإيراني، القوات المسلحة لأفريقيا الوسطى، الجيش الوطني الليبي، قوات دفاع موزمبيق المسلحة، القوات المسلحة الشعبية لمدغشقر، قوات الدعم السريع السودانية. لقد لعبت الشركة أدوار واضحة في سوريا وتونس وإفريقيا الوسطي وموزمبيق وفي أزمة الرئاسة في الفلبين.
تمثل فاجنر نموذج للمرتزقة حين تخرج عن السيطرة فقد صرح زعيم مرتزقة فاغنر، يفغيني بريغوجين، إن جميع المواقع العسكرية الروسية قي مدينة روستوف، باتت تخضع لسيطرة مجموعته. وأوضح أن هذا لا يعيق القيادة الروسية للعمليات العسكرية الخاصة في أوكرانيا. وكانت السلطات الروسية عززت الإجراءات الأمنية في العاصمة موسكو ومناطق أخرى بعد أن وجهت إلى زعيم مرتزقة فاغنر تهمة الدعوة إلى "عصيان مسلح". كما قال حاكم ليبيتسك إن الطريق السريع "إم 4" أغلق على الحدود بين منطقتي ليبيتسك وفورونيج.( BBC عربي - فاغنر: بريغوجين قائد مجموعة المرتزقة يزعم السيطرة على المواقع العسكرية الروسية في روستوف- 23 يونيو 2023). هل خرجت فاجنر عن سيطرة القوات المسلحة والمخابرات الروسية؟ وهل تكرر فاجنر ما يحدث مع اصدقائهم من قوات الدعم السريع في السودان؟!
بل يعتقد معهد دراسات الحرب الأمريكي، أن بريغوجين يهدف إلى تغيير القيادة داخل وزارة دفاع الكرملين، لكنه يشير إلى أنه "من غير المرجح أن ينجح" لأن الكرملين يبدو معارضا لعمله. هكذا ينقلب السحر علي الساحر من روسيا الي السودان.
“بلاك شيلد” الإماراتية
في 15 مايو 2011، أكدت الحكومة الإماراتية أنها تعاقدت مع شركة يديرها إيريك برينس مؤسس شركة بلاكو واتر العالمية الأمنية الخاصة، من أجل تنظيم تدريبات لقواتها المسلحة. ولم يشير البيان الى أية خطط لإنشاء كتيبة مرتزقة أجانب، ولم تنف أو تؤكد ما تناقلته وسائل الاعلام بهذا الشأن. وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد ذكرت أن ولي عهد دولة الإمارات العربية المتحدة قد تعاقد مع مؤسس شركة بلاك واتر إريك پرنس لإنشاء كتيبة قوامها 800 رجل من القوات الخاصة الأجنبية لتكون خط دفاع أخير عن الإمارات في حال تعرضها لأخطار جسيمة. وقالت الصحيفة إن لديها وثائق تؤكد أن تأسيس تلك الكتيبة قد بدأ بالفعل بمعرفة شركة جديدة يمتلكها إريك پرنس هي شركة ريفلكس ريسونسز (وتعرف أيضا باسم أر 2)، وبموجب عقد قيمته 529 مليون دولار. وتتمثل أهم أهداف تلك الكتيبة، حسب الصحيفة، في وأد الثورات الداخلية حال نشوبها وتنفيذ العمليات الخاصة بمكافحة الإرهاب داخل الإمارات وحماية خطوط البترول وناطحات السحاب والمنشآت الحيوية وأخيرا المشاركة في الدفاع عن الإمارات في حال تعرضها لهجوم من جانب إيران.
https://www.marefa.org/%D8%A3%D9%83%D8%A7%D8%AF%D9%85%D9%8A_(%D8%B4%D8%B1%D9%83%D8%A9)
كما تم كشف الشركة مع تَفَجُّر فضيحة خداعها لشباب سودانيين تم نقلهم إلى الإمارات للعمل في الحراسة الخاصة، لكن الشركة دربتهم عسكريا بغرض نقلهم للقتال في ليبيا كمرتزقة إلى جانب قوات حفتر، وأيضا إلى اليمن. ورغم نفي بلاك شيلد هذه الاتهامات التي كشفتها صحيفة الغارديان البريطانية في 25 ديسمبر 2019، إلا أن الملف سرعان ما تحول إلى قضية رأي عام بعد احتجاج مئات السودانيين أمام السفارة الإماراتية بالخرطوم. كما أعلن المستشار القانوني للضحايا السودانيين عمر العبيد، بدء استعدادات لرفع دعاوى قضائية إقليمية ودولية بحق 10 شخصيات إماراتية وسودانية وليبية، بتهمة الاتجار بالبشر. ويكشف تقرير نشرته منظمة هيومن رايتش ووتش على موقعها الإلكتروني واستند إلى لقاءات مباشرة مع الضحايا، أن الشركة الإماراتية تعاقدت مع أكثر من 270 شاباً سودانياً للعمل في الإمارات حراس أمن، لكنها خدعتهم بعد سلسلة طويلة من الإجراءات حتى زجت بهم في أتون الحرب في ليبيا دون علمهم.
ويوضح التقرير أن الشباب السوداني وجدوا أنفسهم جنباً إلى جنب مع المقاتلين الليبيين التابعين لحفتر، بعد إقناعهم بأن مهمتهم حراسة المنشآت النفطية المحيطة بتلك المنطقة (الهلال النفطي)، لكن مع الوقت انخرطوا في أعمال القتال. ( الجزيرة – 29/12/2020)
قوات الدعم السريع
قوات الدعم السريع، هي قوات شبه عسكرية كانت تديرها الحكومة السودانية في عهد عمر البشير وجماعة الأخوان المسلمين. عام 2013، تأسست وتتألف بشكل رئيسي من ميليشيا الجنجويد الذين حاربوا لصالح الحكومة السودانية في حرب دارفور، وكانت مسؤولة عن العديد من الفظائع ضد المدنيين. بحسب هيومان رايتس واتش، توصف أعمال قوات الدعم السريع بأنها جرائم ضد الإنسانية.
تدار قوات الدعم السريع من قبل جهاز المخابرات والأمن الوطني، على الرغم من أنها تخضع لقيادة القوات المسلحة السودانية أثناء العمليات العسكرية. اعتباراً من يونيو 2019، كان الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي) هو قائد قوات الدعم السريع. أثناء الأزمة السياسية السودانية 2019، استخدمت الطغمة العسكرية التي كانت تسيطر على البلاد قوات الدعم السريع لقمع المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية بعنف. بالإشتراك مع قوات الأمن الأخرى نفذت قوات الدعم السريع مجزرة القيادة العامة في الخرطوم في 3 يونيو 2019. كما تم توظيفها في حروب خارجية في ليبيا واليمن بدعم وتمويل إماراتي.
في نوفمبر 2017، استخدم حميدتي قوات الدعم السريع للسيطرة على مناجم الذهب في منطقة دارفور، مما جعله أحد أغنى الأشخاص في السودان بحلول 2019. عبد الرحيم دقلو، شقيق حميدتي، هو نائب قائد قوات الدعم السريع، صاحب شركة الجنيد التي تعمل في تعدين الذهب والتجارة في السودان. في ديسمبر 2019، قال تحقيق "جلوبال وتنس" حول قوات الدعم السريع وشركة الجنيد إن قوات الدعم السريع والجنيد مرتبطان ارتباطاً وثيقًا فيما يتعلق بالمعاملات المالية. ذكرت "جلوبال وتنس" أن "قوات الدعم السريع و"الجنيد" استوليا على قطاع من صناعة الذهب السودانية وكانوا يستخدمونها على الأرجح لتمويل عملياتهم". صرح المدير العام لشركة الجنيد لطومسون رويترز أنه لا توجد روابط وثيقة بين الاثنين.
لدى قوات الدعم السريع شركتان واجهة، الأولى هي "جي إس كيه" GSK، وهي شركة تكنولوجية سودانية صغيرة، وتراديف للتجارة العامة" Tradive ، وهي شركة مقرها الإمارات العربية المتحدة، وكلاهما يخضع لسيطرة عبد الحميد حمدان دقلو، شقيق حميدتي..
لا توجد إحصائية رسمية بعدد قوات الدعم السريع، وتفيد مصادر مختلفة بأن عددها يتراوح بين 60 ألفا و100 ألف من الجنود والضباط وضباط الصف، يتوزعون في أنحاء مختلفة من البلاد. وتملك قوات الدعم السريع ما يقارب 10 آلاف سيارة رباعية الدفع مصفحة ومزودة بأسلحة رشاشة خفيفة ومتوسطة ومضادات للطائرات. كما تمتلك وحدة مدرعات خفيفة من طراز "بي تي آر" (BTR)..
في أوائل 2020 عقد حميدتي اتفاقاً مع الحكومة الإماراتية بإرسال خمسة آلاف من جنود الدعم السريع إلى دولة الإمارات بتعاقد لمدة خمسة سنوات. وكان من المقرر إرسال عدد ألف مجند في 19 فبراير 2020 من مطار الخرطوم وعلى متن طائرات تتتبع لشركة فلاي دبي ولكن تم إلغاء السفرية بأوامر من حميدتي ووزير الخارجية الإماراتي أنور قرقاش. وكان الخلاف بعد أن أخبره قرقاش بأنهم سوف يقومون بتجنيس هؤلاء الجنود بالجنسية الإماراتية مما جعل حميدتي يرفض بشدة ويرسل عصام فضيل إلى المطار لإيقاف السفريات وإلغاء أي اتفاق بينهم وبين الإمارات وأمر بإرجاع جميع الجنود المتواجدين بالمطار بغرض السفر للإمارات إلى نيالا مباشرة دون نقاش وأكد أنه سيقوم بإرجاع جميع جنوده المتواجدين بالإمارات حالياً وبالفعل ذهب عصام فضيل وأمر بإلغاء السفر للإمارات ووجه بإرسال الجنود إلى نيالا بعد أن أخبرهم بأن السبب في عدم سفرهم هو خلاف بين حكومتنا وحكومة الإمارات.
https://www.marefa.org/%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%AA_%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B9%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D9%8A%D8%B9
ظهرت بوادر الخلاف بين قوات الدعم السريع والجيش النظامي من خلال سعي قيادات كلا الطرفين إلى حشد دعم إقليمي ودولي. وتطور الخلاف بعد توقيع الاتفاق الإطاري الذي يهدف إلى تأسيس مرحلة انتقالية تمتد لمدة عامين وتنتهي بتشكيل سلطة مدنية، وتشكيل حكومة مدنية في يوليو 2023 . إلا أن الخلاف تجلى مع إصرار الجنرال البرهان على تحقيق كافة نقاط الاتفاق لا سيما نقطة دمج قوات الدعم السريع مع الجيش النظامي وتوحيد القيادة العسكرية.
وقد وقّع حميدتي على الاتفاق إلا أنه أعاق تنفيذه. وتدخلت عدة دول لاحتواء الخلاف من خلال محادثات الإصلاح الأمني والعسكري التي عقدت في مارس 2023، إلا أنها انتهت من دون توصيات بخصوص دمج قوات الدعم السريع في الجيش السوداني. عاد الخلاف مرة أخرى في أبريل 2023 حول الجدول الزمني لدمج قوات الدعم السريع، ومكانة ضباط الدعم السريع في الجيش مستقبلا، ومنصب القائد العام للجيش خلال فترة الاندماج. ( الجزيرة – الموسوعة قوات الدعم السريع في السودان – 15/5/2023)
بيزنس المرتزقة يتسع في العالم
لم يقتصر بيزنس المرتزقة وشركات الأمن الخاصة علي النماذج التي ذكرناها ولكنها تمتد لتشمل :
- المجموعة الاستشارية "دايك" الجنوب أفريقية من شركات الأمن الخاصة التي باتت في مرمى الانتقادات مؤخرا بعد أن قامت حكومة موزمبيق بالاستعانة بها لمحاربة مسلحي حركة الشباب المتطرفة في إقليم كابو ديلجادو في شمال البلاد. وقال التقرير إن عناصر "دايك" أقدموا على قتل مدنيين بشكل عشوائي في يونيو 2020 دون تمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية.
- تضم القائمة أيضا شركتي "كاسي" و"أكاديمي" وهما من أكبر الشركات الأمنية الخاصة في الولايات المتحدة.
- كذلك، تتواجد شركات أمنية خاصة من القارة الأوروبية مثل شركة الحراسة الفرنسية "سيكوبيكس" وشركة "ايجيس" البريطانية لخدمات الدفاع وشركة "جي فور أس" العملاقة التي تأسست في الدنمارك ومقرها الرئيسي بريطانيا.
- كما تضم القائمة أيضا مجموعة "أوميغا" الأوكرانية ومجموعة "إكسليس" الألمانية.
- مجموعة "إكسليس" شركة الأمن الخاصة الألمانية ليست الشركة الوحيدة التي تنشر عناصر لها في أفريقيا إذ تتواجد شركة "أسجارد" للخدمات الأمنية أيضا في القارة السمراء. وتستقطب "أسجارد" عناصر سابقة من الجيش الألماني والشرطة للقيام بمهام أمنية وتنشط الشركة بشكل رئيسي في السودان وليبيا وموريتانيا ومصر.
( DW- "فاغنر وأخواتها".. شركات أمن أجنبية تعبث بالأمن في أفريقيا – 22/4/2022)
مخاطر شركات الأمن الخاصة
إدارات أميركية متعاقبة استعانت بـ "مقاولي" المقاتلين في حربي أفغانستان والعراق. ويشير الباحث في الشؤون الدولية محمد العربي في دراسة عنوانها "جيش الظلال: كيف أعادت حرب أفغانستان المرتزقة إلى الواجهة؟" (2021) إلى أن حجم المتعاقدين في الحربين بلغ 70 و50 في المئة من إجمالي القوات النظامية على التوالي. ويضيف أن "الحربين كانتا بمثابة نقطة تحول في تاريخ شركات المرتزقة والمتعاقدين، إذ أكدتا على عودتهم القوية بعد قرون من العمل في الخفاء. وسبب توسع الطلب الأميركي على خدمات المرتزقة والمتعاقدين هو تحول أولئك من مجرد بنادق للإيجار إلى شركات كبرى تتداول أسهمها في بورصات نيويورك ومكوناً رئيساً في الحرب الحديثة".
الحرب الحديثة، وتحديداً تلك الدائرة رحاها في أوكرانيا، فتحت باب التطرق إلى الجيوش الخاصة بمسمياتها المختلفة على مصراعيه. فلم تعد الجيوش الخاصة عملاً يجري خلف أبواب الحكومات المغلقة أو تحت طاولات مفاوضات السلام المتعثرة، بل باتت مجالاً يتنافس فيه الأضداد ويتصارع على التفوق فيه الأقطاب.
الكاتب الصحافي جلال نصار يشير في ورقة عنوانها "خصخصة الحروب" إلى أن الغموض يحيط بمهمات تلك الشركات منذ ظهورها، وغالباً يصعب تحديد الوظائف والأوصاف الوظيفية التي تقوم بها في دول الصراع. وأضاف أن الوضع الفضفاض الراهن لهذه الشركات الخاصة سمح للكثير منها بالتوغل والانتشار والتمويه والاختفاء. كما تتصاعد المخاوف المتعلقة بقدرتهم على ضبط النفس، لدرجة أن وزير الخارجية البريطاني السابق جاك سترو عبر من قبل عن استيائه مما سماه بـ "تزايد وحشية المرتزقة الذين لا تشمل أوضاعهم وأنشطتهم القوانين والاتفاقات التي تحكم وجود القوات المسلحة التقليدية".
أثار نشر مرتزقة في أفريقيا مخاوف دولية حيث أعربت مجموعة عمل تابعة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي عن بالغ قلقها بشأن "تزايد مشاركة مزودي الخدمات العسكرية والأمنية الخاصة في العمليات الإنسانية". وإزاء ذلك، طالبت المجموعة الأممية في تقريرها، بالخروج بـ "إطار قانوني دولي ملزم" لعمل شركات الأمن الخاصة، مرجعة ذلك إلى ارتكاب شركات عسكرية خاصة انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي في مناطق مختلفة من العالم.
كما أنتهت الباحثة والصحفية أمينة خيري في مقالها السابق الإشارة إليه إلي أن " الأحداث على الأرض وفي أماكن الصراع في العالم تؤكد أن الجيوش الخاصة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الحروب الحالية. ويقول الباحث محمد العربي إنه بقدر ما تخلق الحروب طلباً على المرتزقة، بقدر ما تساعد على رواج بنادقهم، سواء كانوا جنوداً متعطلين عن العمل بعد انتهاء حروب بلدانهم، أو مقاتلين أعجزتهم الظروف الاقتصادية عن إيجاد مصدر للرزق غير القتل.
القوة العسكرية الخاصة أصبحت "بيزنس" ضخماً وذا طابع دولي. موازناتها المليارية وربما الترليونية ستبقى حبيسة دفاترها الخاصة، وما يقترفه مقاتلوها على الأرض سيظل مسيساً، تارة حسب جنسية الشركة وانتمائها لأي من القطبين الرئيسين، وأخرى بحسب مهارتها في الإفلات من قوانين الحرب وقواعد القتال التي ما زالت قاصرة أو عاجزة أو حائرة في شأن التعامل مع الجيوش الخاصة.
والحديث عن كبح جماح الجيوش الخاصة أو تقليص توسع الشركات العسكرية أو أخلاقيات القتال لدى جنود القطاع الخاص أو ترجيح كفة الجيوش النظامية وما تحمله من عقيدة قتالية وليس تحصيلات مصرفية سيظل دائراً، لكن القتال بجيوش الظل والمقاتلين المستأجرين والقتل من دون حساب ستظل دائرة أيضاً وإلى زيادة."