أزمة السكر .. وأزمات الحكومة .. ومعاناة المصريين


إلهامي الميرغني
الحوار المتمدن - العدد: 7815 - 2023 / 12 / 4 - 18:21
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان     

خلال العقد الأخير تضاعفت الأزمات التي تعاني منها مصر ويتجرع تكلفتها الشعب المصري من أزمة اللحوم والدواجن الي أزمة الدولار ومن أزمة البطاطس الي أزمة الديون ومن أسعار البصل إلي أزمات الكهرباء ومن أزمة الأرز إلي أزمة السجاير. وهناك إصرار حكومي علي الاستمرار بنفس السياسات الاقتصادية وبنفس التوجهات والانحيازات التي دفعت 32% من المصريين إلي تحت خط الفقر وتجاوز معدلات التضخم 40% ومعدلات تضخم أسعار السلع الغذائية الاساسية ما بين 2022 و 2023 لأكثر من 73%.
زراعة السكر
يؤكد المؤرخون أن زراعة قصب السكر في صعيد مصر بدأ منذ العصر الأموي، فى ولاية "قرة بن شريك"، فى خلافة الوليد بن عبد الملك، حين تم نقله من الهند للصعيد، مؤكدين أن القصب في الصعيد فاق في جودته موطنه الأصلي، وصارت تعتمد عليه 22 صناعة آخرى. وفي عهد إبراهيم باشا ابن محمد علي بدأت مصر في صناعة السكر.
ولكي يتم نقل قصب السكر من مراكز إنتاجه في قري صعيد مصر الي مصانع السكر بنيت شبكة كبيرة للسكك الحديدية وكانت تعرف ب"قطارات الديكوفيل" لنقل القصب من المزارع حتى مصنع سكر أرمنت بالأقصر.. القطارات بدأت "بابورات" من الخشب فى 1872م وتم استقدام 223 عربة صنعت بشركة الخواجة كوتشرين بإنجلترا.. وتنوعت حتى وصلت للقطارات الحديثة.
عام 2007 كانت مصر تزرع 335 ألف فدان بقصب السكر تنتج 17 مليون طن قصب وكان عدد سكان مصر 73 مليون نسمة ولكن مع السنوات لم تزيد المساحة المزروعة حتي بلغت 336 ألف فدان فقط في عام 2020 ولكن انخفضت الانتاجية وبلغ الانتاج 15.8 مليون طن رغم زيادة عدد السكان إلي 100 مليون نسمة. كما توجد مشكلة مستمرة في تسعير توريد محصول القصب الذي تحدده الحكومة والتي تتحكم في المساحات المزروعة بالقصب حيث تقدر تكلفة الفدان السنوية بحوالي 25 ألف جنيه . وكانت مصر علي مدي قرون تحقق الاكتفاء الذاتي من السكر وتقوم بتصدير الفائض للخارج .
ومع دخول سياسات الانفتاح الاقتصادي وتخريب الزراعة المصرية والقطاع العام بدأت حملة هجوم علي زراعة القصب باعتباره محصول عالي الاستهلاك للمياه ويقضي فترة طويلة في الأرض ويجب استبداله بالبنجر الأقل استهلاكاً للمياه وبقاء في الأرض.
وتم الترويج لعديد من الدعايات المغلوطة منها إن فدان البنجر يحتاج إلى 4000 م3 فقط من المياه / سنة وينتج الفدان حوالي 2 طن سكر . بينما فدان القصب ينتج فى المتوسط 4.5 طن سكر ولذلك يحتاج فدان القصب 8232.5 م3 . أى أن الفدان من القصب يعادل 2.25 فدان بنجر، (طبقا" لتقديرات معهد بحوث الزراعة الآلية – مجلس المحاصيل السكرية– محطة أبحاث القصب بشركة السكر والصناعات التكاملية المصرية بكوم أمبو ) . لكن كمية المياه التى يستهلكها فدان القصب ليست بالكامل إحتياجات نبات القصب وإنما جزء كبير منها يفقد عن طريق البخر بنسبة 25% حيث أن القصب يتم زراعته فى أماكن درجة حرارتها مرتفعة ( جنوب الوادى) وأن كمية البخر هذه تفقد سواء لزراعة القصـــب أو أى محاصيل أخرى .
هذا مع العلم بأن محصول القصب يستمر فى الأرض مدة 12 شهر- كما أن زراعة أى محاصيل أخرى بديلة تحتاج إلى نفس كمية المياه وربما تزيد نظرا" لارتفاع البخر عما هو موجود فى زراعات القصب – كما أن القصب يظل على الأرض بعد فترة من 3-4 شهور من تاريخ كسره.إضافة الي أن البنجر يحتاج إلى وقود خارجى لإنتاج الطاقة اللازمة للصناعة فضلا" عن أن بذور البنجر لاتنتج محليا" نظرا" لعدم مناسبة المناخ لإنتاج البذور ويتم إستيرادها من الخارج سنويا" ويرتفع سعرها من سنة لأخرى ودائما" ماتكون الشركات تحت رحمة الاحتكار الخارجي لبذور البنجر. واذا احتجنا إلي انتاج نفس كمية السكر من البنجر فإننا بحاجة لزراعة 1.5 مليون فدان وهي مساحة غير متوفرة.
فدان القصب يعطى فى المتوسط 4.5 طن سكر وحوالى 2 طن مولاس .إضافة الي 17 طن عليقة خضراء ممثله فى القمة النامية ( القالوح ) تستخدم كغذاء للماشية وفى حالة عدم توافرها سيتجه المزارع إلى زراعات بديلة لتغذية الماشية "البرسيم" . لايحتاج محصول القصب فى تصنيعه وإنتاج السكر منه إلى طاقة خارجية إلا بنسبة ضئيلة جدا" لاتتعدى 10% من احتياجات كامل الطاقة اللازمة للصناعة أو كمادة خام لتصنيع الورق والأخشاب . لذلك لا يشكل البنجر بديل للسكر ولكن حرص البعض علي تدمير زراعة وصناعة سكر القصب في مصر لا تزال مستمرة. ويتحمل الفلاح 25 ألف جنيه تكلفة لفدان القصب ولذلك يشعر دائما ان سعر التوريد الإجباري للشركة أقل بكثير من تغطية التكلفة الحقيقية للإنتاج وتوفير عائد مناسب.
لكن منذ الثمانينات من القرن الماضي بدأ ظهور فجوات في الانتاج تختلف بين سنة واخري مما يضطر الحكومة الي استيراد ما بين 400 – 800 ألف طن إضافي لتغطية فجوة الطلب المحلي.
لذلك فإن انتاج السكر من القصب اعلي من سكر البنجر وانه لو أن لدينا دورة زراعية تراعي الاحتياجات المحلية ووجود فائض للتصدير لما حدثت أزمات. كما أنه لو تم تسعير عادل للمحصول لشعر المزارعين بالرضا واقبلوا علي زراعة القصب. إضافة الي ضرورة الاهتمام بالابحاث والارشاد الزراعي لزراع القصب لكي يتم رفع انتاجية الفدان لتغطية الاحتياجات المتزايدة للسكان مع النمو السنوي المعتاد.
صناعة السكر
عام 1881 تم انشاء الشركة بغرض صناعة تكرير السكر، وفي عام 1892 تم ادماج مصانع السكر الخام ، وتكوين شركة مساهمة مصرية فرنسية لانتاج السكر الخام تحت اسم الشركة العامة لمصانع السكر فى الوجه القبلى .وفي عام 1897 اندمجت كل من شركة التكرير المصرية والشركة العامة لمصانع السكر بالوجه القبلى تحت اسم الشركة العامة لمصانع السكر والتقطير المصرية .وفي عام 1993 تم تغير اسم الشركة الى شركة السكر والصناعات التكاملية.
وبذلك نحن نتحدث عن صناعة راسخة في مصر منذ أكثر من 142 سنة. وقد لعبت شركة السكر المصرية دور هام في نشر صناعة السكر في العديد من الدول الآسيوية والإفريقية اضافة إلي 8 مصانع لإنتاج السكر من القصب وهي لازالت مملوكة بالكامل للدولة .
أما صناعة السكر من البنجر فلم تكن موجودة في مصر قبل نهاية السبعنيات من القرن الماضي حيث تأسست شركة الدلتا للسكرعام 1979 كأول شركة لإنتاج السكر من بنجر السكر بمصر وفى عام 1981 تم أفتتاح الخط الأول للإنتاج بطاقة 8000 طن بنجر/ يوم لإنتاج 100 ألف طن سكر بالموسم ثم تلا ذلك مضاعفة الإنتاج بإنشاء الخط الثانى بطاقة 10000 طن بنجر/ يوم وتم الأن تطوير المصانع و زيادة السعه الإستعابية و الإنتاجية للمصانع لتنتج سنويآ ما يقرب من 350 ألف طن سنويآ . يوجد في مصر 7 مصانع للبنجر بينها 3 للقطاع الخاص. ولذلك يعد القطاع العام هو صاحب الحصة الأكبر من انتاج السكر في مصر سواء سكر القصب او سكر البنجر ولكن دخل القطاع الخاص في سكر البنجر ورغم ذلك نجد شركة السكر والصناعات التكاملية تملك 55.7% من اسهم شركة الدلتا لسكر البنجر في كفر الشيخ ، 49% من أسهم الشركة المتحدة للتعبئة بمدينة 6 أكتوبر، 47.5 % من أسهم شركة إدفو لإنتاج لب الورق في أسوان، والعديد من الشركات الأخري إضافة للعديد من الشركات الأخري .
مصر تنتج من سكر القصب والبنجر 2.8 مليون طن وكانت هذه الكمية في السابق تكفي ويتوفر فائض للتصدير ولكن مع الزيادة السكانية اصبحت احتياجات مصر تزيد علي 3.5 مليون طن واصبحت مصر تستورد ما بين 400 – 800 ألف طن سنوياً. رغم وجود إمكانية العودة للإكتفاء الذاتي ولكن مافيا الاستيراد لا تهتم بالصناعة الوطنية وكل همهم هو الفوائض والأرباح التي يجنوها من استيراد نوعيات رديئة من المنتجات.
ولذلك من الضروري أن نؤكد علي ان شركة السكر والصناعات التكاملية هي أحد أقدم واعرق الشركات الصناعية بل هي فخر للصناعة المصرية وتراكمت لديها خبرات كبري بل أنها تصنع خطوط الانتاج لتطوير مصانعها وتصدير خطوط انتاج للعديد من دول العالم ويجب وقف التلمظ بها والتفكير في طرحها للخصخصة.
استهلاك المصريين من السكر
وفقاً لبيانات تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء " مصر في أرقام " لسنوات مختلفة نجد تراجع في متوسط نصيب الفرد من المحاصيل السكرية والذي بلغ 85.1 كجم في 2005 وانخفض الي 80.8 كجم في 2008 ، ثم غير الجهاز طريقة حساب الاستهلاك ونصيب الفرد الذي يفترض انه ناتج قسمة الانتاج علي عدد السكان. عام 2010 أعلن الجهاز أنه تمت إعادة متوسط نصيب الفرد بعد حساب معامل الاستخراج وبذلك أصبح متوسط نصيب الفرد عام 2010 يبلغ 8.4 كجم فقط . ورغم ذلك لم يتم الحفاظ علي هذا المعدل الذي تراجع إلي 5.6 كجم في عام 2021 رغم الأهمية الغذائية للسكر ورغم وجوده علي البطاقات التموينية حتي الآن.
أما عن الأسعار الخاصة بالمنتجات السكرية واذا راجعنا الارقام الواردة بالبيان الصحفي لجهاز التعبئة والإحصاء عن معدلات التضخم خلال شهر أكتوبر 2023 والتي بلغت 38.5% فقد جاء بالبيان الصحفي ان مقارنة الاسعار في اكتوبر 2022 واكتوبر 2023 توضح أن اسعار الطعام والشراب فقط ارتفعت 71.7% خلال سنة ، كما تغيرت اسعار مجموعة السكر والأغذية السكرية بنسبة 41.9% وذلك قبل استفحال أزمة السكر الأخيرة.
يؤدي ارتفاع اسعار المواد الغذائية الي ارتفاع معدل الفقر الذي تجاوز 32% في تقرير الجهاز المركزي وتجاوز 60% وفقاً لبيانات البنك الدولي. إضافة الي انتشار أمراض الجوع وسوء التغذية حيث يعاني 3.3 مليون طفل من السمنة المفرطة أحد أمرض سوء التغذية و 8.2 مليون يعانون من الأنيميا وفقر الدم و 1.2 مليون طفل يعانون من التقزم وصغر القامة ليصبح لدينا 12.7 مليون طفل يعانون من أمراض الجوع قبل الإتفاق الأخير مع صندوق النقد الدولي في نهاية عام 2022 وقبل موجة الغلاء الأخيرة والتي تؤكد الاستمرار بنفس السياسات والانحيازات وتقود للمزيد من التدهور علي جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية.
أزمة السكر الأخيرة
عند البحث في أسباب الأزمة الحالية نجد أن تحرير الأسواق دون رقابة صارمة وفي ظل الفساد وقلة عدد مفتشي التموين الذين أصبحت وظيفتهم مهنة منقرضة مع وقف التعينات في الحكومة، نجد أنه منذ نهاية أغسطس الماضي ، أعلنت وزارة التموين عن طرح السكر من خلال بورصة السلع بداية من نهاية أغسطس، وطرحت شركات من القطاع الخاص أول جلستين، في حين تولت الشركات الحكومية طرح الجلسات الثماني التالية، ومؤخراً تراجع سعر البورصة بواقع 300 جنيه في الطن نزولا إلى 24 ألف جنيه.( موقع قناة العربية - أزمة السكر تتفاقم في مصر.. والأسعار تسجل مستويات تاريخية "التموين" تبت في مناقصة استيراد 50 ألف طن السبت المقبل – 15 نوفمبر 2023)
وصل سعر السكر في الأسواق الي 50 جنيه و 55 جنيه ( 1.8 دولار ) واذا كان الحد الأدني للأجور وصل الي 4000 جنيه ( 129.4 دولار ) فإن ذلك يعني ان سعر السكر الحالي يجعل اصحاب الحد الأدني للأجور لا يمكنهم الا شراء 72.7 كيلو سكر شهرياً لو انفقوا كل دخلهم علي شراء السكر فقط ونفس الرقم ينطبق علي الدخل بالدولار.
رغم اختفاء السكر من المحلات والسوبر ماركت ، تقوم منافذ التوزيع التابعة لتحيا مصر ومستقبل وطن وأكشاك أمان ببيع السكر بسعر 32 جنيه للكيلو ولكن هذه العبوة ليست كيلو ولكنها 750 جرام فقط.
أعلنت وزارة التموين أن سعر كيلو السكر وفقاً لبوابة الأسعار التابعة لمجلس الوزراء تبلغ 27جنيه للكيلو .( المصري اليوم - سعر كيلو السكر اليوم الأربعاء 29 نوفمبر 2023 في الأسواق) بذلك تكون اكشاك تحيا مصر ومستقبل وطن وأمان والتي تعد مصدر رئيسي لحصول الفقراء ومحدودي الدخل علي احتياجاتهم من السكر الحر خارج البطاقات التموينية تبيع كيلو السكر بسعر 42 جنيه للكيلو ( 750 جرام بسعر 32 جنيه) وبذلك تحقق صافي ربح في كل كيلو سكر يبلغ 15 جنيه من كل كيلو ( 42 جنيه – 27 جنيه = 15 جنيه).
الاحتكارات وجشع التجار
الدكتور أيمن العش مدير معهد بحوث المحاصيل السكرية يقول " إن إرتفاع أسعار السكر مرتبط بكبار التجار والاحتكارالذي أدي إلي قلة المعروض. وأكد أن الأزمة في مصر لا تتعلق بالأزمة العالمية لأن مصر تنتج من 75 – 80% من استهلاكها المحلي " . ( سكاي نيوز عربية – ما هي أسباب أزمة السكر في مصر .. ومتي تنتهي ؟ 20 نوفمبر 2023)
هشام الدجوي رئيس شعبة البقالة التموينية باتحاد الغرف التجارية يري أن المتسبب في إرتفاع اسعار السكر هي شركات التعبئة لأن لديها كميات كبيرة ومن المفترض أن تخضع لرقابة من وزارة التموين .( المصري اليوم – موعد إنتهاء أزمة السكر في الأسواق 2023 -19 /11/2023)
يدافع البعض عن التجار وأنهم أبرياء من هذه الزيادات ولكن تصديقاً لكلام هشام الدجوي فقد ضبطت مديرية التموين والتجارة الداخلية بالإسكندرية شركة تعبئة في منطقة العجمي بتهمة تجميع كميات من السكر والتصرف في كميات أخرى بإجمالي 60 طنا، في حملة تموينية مشتركة مع جهاز حماية المستهلك ومباحث التموين. ( مصراوي - ضربة لمحتكري السكر.. ضبط شركة أخفت 60 طنًا بالإسكندرية- 28 نوفمبر 2023)
كما ضبطت مديرية التموين والتجارة الداخلية بالإسكندرية إحدى شركات تعبئة السكر بمنطقة العامرية، لحيازتها 145 طن سكر بقصد بيعه وتوزيعه بسعر أعلى لتحقيق مكاسب غير مشروعة، وذلك بالتزامن مع أزمة ارتفاع أسعار السكر لمستويات غير مسبوقة.( مصراوي - أزمة السكر بالإسكندرية.. التحفظ على 145 طنًا قبل بيعها بالسوق السوداء – 19 نوفمبر 2023)
ولم يقتصر الأمر علي الاسكندرية بل أنه يشمل العديد من المحافظات :
- ضبط 10 أطنان سكر مجهولة المصدر قبل تهريبها للسوق السوداء بالشرقية ( اليوم السابع ، 10 سبتمبر 2023).
- ضبط كميات كبيرة من السكر المهرب بكفر الشيخ ( الهيئة الوطنية للإعلام - أ ش أ ، 28 سبتمبر ).
- الشرقية: ضبط كمية سكر مهرب داخل أحد المحال التجارية بديرب نجم ( الشروق – 30 أكتوبر 2023)
- بدون ترخيص.. ضبط مالك مصنع لتعبئة السكر في المرج وبحوزته كميات من السكر مجهولة المصدر وعثر بداخل المصنع على 3050 طن سكر ( مصراوي – 29 نوفمبر 2023).
- ضبط صاحب مصنع لتعبئة السكر "بدون ترخيص" وحيازته كميات كبيرة من شكائر السكر- (مجلس وزراء الداخلية العرب – 2 ديسمبر 2023).
- ضبط مالك مصنع بحوزته 6 طن سكر مجهول المصدر – ( الأخبار المسائي – 4 ديسمبر 2023).
إذن نحن لا نتحدث عن حادث فردي عارض ولكن عن ظاهرة تحدث في ظل انفلات الأسواق وغياب الرقابة، رغم ذلك يدافع البعض عن التجار وأنهم إبرياء من الأزمة والاحتكار بل ويرفضون فرض تسعيرة جبرية للسكر لوقف الأزمة ولكن الحكومة هي حكومة المستوردين والتجار وتغض الطرف عن جرائمهم ولا يهمها معاناة المواطن المسحوق من قريب اوبعيد ، فالمصري لا يجد من يدافع عنه في الحكومة او المجالس التشريعية.
لقد أوضح وزير التموين أنه في حالة عدم الوصول إلى اتفاق سوي بين الحكومة والقطاع الخاص وكافة الأطراف المعنية بمنظومة السكر، سيكون الحل الوحيد، اللجوء إلى فرض التسعيرة الجبرية لفترة معينة ولأسباب معينة. (ولكن ذلك مجرد تهديد غير جاد في ظل هذه الحكومة وهذه التوجهات) وأرجع الوزير أزمة السكر الحالية إلى أن القطاع الخاص أحجم عن الاستيراد بعد ارتفاع أسعار السكر عالميًا خلال الأشهر الستة الماضية، مشيرًا إلى أن سعر كيلو السكر عالميًا ارتفع خلال الشهر الماضي فقط بنحو 150 دولار للطن ليصل نحو 800 دولار ( 24.7 ألف جنيه للطن).
وأشار إلى أن الوزارة أصبح عليها تلبية احتياجات القطاع الخاص، عقب استيفاء احتياجات البطاقات التموينية والتي تستحوذ فقط على 35% من حجم الاستهلاك، حيث تم عقد اجتماع مع وزيري التجارة والصناعة والزراعة لتحديد احتياجات الصناعات الغذائية من السكر.( العربية - مصر تكشف آليات إنهاء أزمة السكر قبل منتصف ديسمبر – 30 نوفمبر 2023)
ويطالب نقيب الفلاحين الحكومة ممثلة في وزارة التموين بتشديد الرقابة على شركات التعبئة؛ "لأن معظمها تشتري من مصانع السكر بأسعار حكومية، ولذا فالزيادة غير مبررة في مصر رغم الارتفاع العالمي كون الاستيراد قليل ولا يمكن أن يسبب هذه الزيادة في أسعار السكر المحلي". ويطالب بعمل تسعيرة جبرية للسكر ويقول ان السكر مختلف عن الأرز لأن السكر منتج تسيطر الحكومة علي انتاجه وتوزيعه بعكس الأرز.
وفي السياق، لفت إلى ما تقدمه الحكومة المصرية من دعم للسكر على بطاقات التموين، إلا أنه يرى أن هذه الكمية المقدمة من السكر المدعوم لا تكفي المواطن، ما يضطر مستحقي الدعم لشراء المزيد من السوق الحرة، داعياً الحكومة لزيادة الرقابة على الأسواق وضبط أسعار السكر حتى لو اضطر الأمر لعمل "تسعيرة جبرية" للسكر في مصر؛ نظرا للظروف الراهنة والحالة الاقتصادية المتردية. وعن جدوى سياسة "التسعيرة الجبرية" وخاصة أنها لم تكن ناجعة مع الأرز على سبيل المثال في وقت سابق، يوضح أن السكر يختلف عن الأرز كون الأول كل مصانعه حكومية بينما الأرز يصنع من قبل كبار المزارعين أيضاً ويسهل تهريبه وتخزينه، لكن السكر الحكومة هي فقط من توزعه على التجار، ومن ثم فببعض الجهد يسهل ضبط أسعاره خاصة وأنه سلعة أساسية وتدخل في العديد من الصناعات مثل مصانع الحلويات والعصائر. ( سكاي نيوز عربية - وزير التموين المصري: إنهاء أزمة السكر قبل 15 ديسمبر – 30 نوفمبر 2023)
وقال رئيس شعبة المستوردين السابق، أحمد شيحة، إن جميع الأزمات المتعلقة بالسلع في مصر مرتبطة بشكل مباشر بتوسع ظاهرة الاحتكار. وأضاف لـ"العربية Business"، أن عدم وجود رقابة قوية على السوق، تسبب في شح بعض السلع ورفع أسعارها بنسب قياسية، موضحا أن الأزمة ليس لها علاقة بما تشهده سوق الصرف أو الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار، وإن كان لها علاقة غير مباشرة، لكنها لا تتسبب في رفع أسعار السكر بهذه النسب، ولكن الأزمة الحقيقية في قيام عدد كبير من كبار التجار بتخزين كميات ضخمة من السلع لتعطيش السوق وبيعها بأسعار تقترب من ضعف السعر الرسمي، وهو ما يتطلب وجود رقابة قوية على السوق. ( العربية - أزمة السكر في مصر وراءها 4 أسباب.. أبرزهم الاحتكار! "الزراعة الأميركية" حذرت من تراجع الإنتاج – 16 نوفمبر 2023)
إذن افرضوا تسعيرة جبرية لفترة محددة وشددوا الرقابة علي الأسواق وحملات التفتيش حتي يستقر السوق . الحلول موجودة ومعروفة وقالها اكثر من مختص ولكن الحكومة تصر علي أن تصم أذانها وتستمر في نفس السياسات لتقودنا من أزمة إلي أخري . والسكر لن يكون الأخير ولكنه حلقة من سلسلة فوضي السوق والاحتكارات وغياب الرقابة.

4/12/2023