التاجر ترامب يرفض الاعتراف بالهزيمة، ما وراء هذه المناورة؟


ابراهيم حجازين
الحوار المتمدن - العدد: 6727 - 2020 / 11 / 9 - 22:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

تأخرت نتائج الانتخابات عن الاعلان عنها رسميا حتى الآن وكذلك إعلاميا حتى يوم السبت بالتوقيت الأمريكي، وبقي الأمريكان وبقية العالم لمدة ثلاثة ايام يكتمون أنفاسهم امام الشاشات انتظارا للنتائج النهائية، بينما حرصت الشاشات التلفزيونية ان لا تنقل النزاعات في شوارع أمريكا واستغزازات الجمهوريين التي كانت تبدو كأنها مقصودة لإثارة الرعب والخوف، بينما ترامب يعلن نفسه فائزا ويهدد بين الفينة والأخرى بالذهاب إلى القضاء وعدم الاعتراف بفوز بايدن متهما الديمقراطيين بسرقة فوزه، فما وراء الهيزعية الجديدة النادرة هذه؟
فهل هذا العقاري والمحتال والمخادع الذي استطاع أن يكون ثروته ويتملص من العديد من القضايا امام القضاء بل ويكسب بعضها دون وجه حق بتهديد خصومه ويستخدم كافة الطرق ليحقق انتصاراته المالية والضرائبية، هل يمكن انه لا يعرف القوانين حقا فنراه يتصرف كملدوغ لا يسيطر على نفسه لدرجة اللعب بالوقوف على حافة الهاوية.
تطورات المشهد السياسي الأمريكي كانت مشوقة ومثيرة لكنها تبعث على الشك، من جهة كانت الناس مشدودة للشاشات، تنتظر تغير الارقام التي بقيت اكثر من المعتاد والمتوقع بحجة البطء في العمل إلى أن أُعلن عن فوز جو بايدن. بينما كانت المفاوضات والمناورات خلال الإنتظار الشعبي تجري على قدم وساق، واحد من مشاهدها رحلة ترامب الممسرحة للعب الغولف كطريقة معروفة للابتزاز عندما يدير المشتري ظهره للبائع للحصول على سعر افضل، في الكواليس كان ترامب لا يطالب فقط بالعغو عنه بل كان يربد موقفا محكما وثابتا لا يقدر بايدن ان يتملص منه لاحقا، فمن المعروف حق الرئيس الجديد ان يصدر عفوا رئاسيا عن الرئيس السابق وكانت مطالب ترامب تتحدد بعفو عنه، وعن أية مخالفات قانونية ارتكبها خلال فترة رئاسته. وهو يستخدم عدم الإقرار بخسارة الانتخابات كوسيلة ضغط، للوصول الى غايته. ويعرض أن يكون ثمن العفو أن يقر بالهزيمة، مقابل أن يغادر البيت الأبيض بشكل اعتيادي، كما حدث في الماضي ممن سبقوه في منصب الرئاسة فقد سبق وأصدر فورد عفوا رئاسيا عن نيكسون بعد استقالته إثر فضيحة وترغيت
الجناح الترامبي في الحزب الجمهوري يدعم العفو عن ترامب بقوة حتى يستمر بلعب دوره السياسي بعد الانتخابات، ويبدو ان هذا الجناح قوي ومؤثر خاصة بحصول ترامب على أكثر من 70 مليون صوتا ليبقى لاعبا قويا في الحياة السياسية الأمريكية ضمن مخططات اليمن العنصري والمتطرف لمستقبل أمريكا .. واذا لم يحقق هذا بابتزاز الدينقراطيين، هناك سيناريوهات عديدة اخرى للضغط، بأن يصعب ترامي على بايدن عمله الذي يبدا به يومه الاول ويعرقل تنفيذ اجنداته وها هو ترامب مع المستشارون المحيطين به يبدأ بخطة إصدار عقوبات جديدة على إيران تستمر أسبوعيا حتى اليوم الأخير من إدارته، ويقوم رجاله بالتنسيق مع حكومة نتنياهو وحلفائه في الخليج لوضع الخطة اللازمة واختيار العقوبات ومجالاتها بحيث يصعب على الإدارة الجديدة العودة للاتفاق النووي مع ايران وغيره من قرارات يزمع بايدن التراجع عنها اتخذها ترامب هدمت التوازنات الدولية وعلاقات الولايات المتحدة مع دول العالم، كما ردد الجمهوريين سيناريو انه إذا لم يستطع التوصل الى صفقة للعفو التي يربدها الرئيس المتنهية ولايته مع بايدن، فإن ترامب سيقدم على الاستقالة قبيل انتهاء ايامه في 20/1/2021، ليتولى رئاسة الإدارة نائبه بنس كما ينص الدستور في مثل هذه الحالة ويُصدر هذا بدوره عفوا رئاسيا عن ترامب وعن أفراد عائلته وعن كوشنر، تشمل كل المخالفات التي ارتكبوها ان كان على مستوى السياسات او الإدارة او الانتفاع الشخصي من المواقع التي شغلوها لمصالح شركاتهم حيث يتردد انهم ارتكبوا مخالفات بالجملة، إذ كانوا يتصرفون وكأن البلاد واحدة من ممتلكاتهم.
ترامب مرتعب من احتمال ادانته وسجنه لان ذلك سيفتح الطريقة نحو رفع قضايا بحقه بعد سقوط حصانته. وسيناريو استعمال بنس سيضعف فرص هذا الأخير لطرح نفسه مرشحا مستقبليا عن الحزب الجمهوري بالرغم من ان أنصار ترامب يشجعون بنس على المشاركة في هذا المخطط.
حتى الآن لا يعرف كيف ستسلك الإدارة الديمقراطية بهذا الصدد، بايدن في كلمة النصر أعطى مؤشرات للموافقة على صفقة ويبدو ان ترامب أراد المزيد، فهل ستقدم مزيد من التنازلات لترامب وعصبته؟ ام ستجد الشجاعة والدعم من أنصارها لعرقلة مشاريع ترامب وخداعه خاصة ان إصدار العفو سيضعف الثقة الشعبية بهذه الإدارة وتكون وصمة بتاريخها، الأيام او الشهرين القادمين كفيلين بالإجابة على ذلك.