في جذور وآفاق بنية الدولة


شاهر أحمد نصر
الحوار المتمدن - العدد: 5735 - 2017 / 12 / 22 - 00:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     



(نص المحاضرة التي ألقيت في المركز الثقافي في مشتى الحلو في يوم الخميس 21/12/2017)
يُعدّ موضوع "الدولة" من أهم الموضوعات التي تعالجها البحوث السياسية والقانونية المعاصرة. وتزداد أهمية البحث في تحولات بنية الدولة في بداية الألفية الثالثة مع انتشار وطغيان نتائج الثورة المعلوماتية، وهيمنة تكنولوجيا الانترنت في مختلف بلدان العالم، وما يترك ذلك من آثار على بنية الإنتاج، والإنسان، والمجتمعات، والدول، والعلاقات فيما بينها؛ فكثير من البراكين الاجتماعية، والانتفاضات، والثورات، والحروب الأهلية في المجتمعات البشرية ترتبط بالخلل في بنية الدولة المهيمنة فيها...
الأساس النظري لمفهوم الدولة في الأدبيات الغربية والعربية
لم تدخل كلمة الدولة في اﻟﻠﻐـﺔ السياسية الأوربية حتى القرن السابع عشر للميلاد عندما أدخلها المفكر الألماني صموئيل بوفندروف (1632-1664) في بحوثه الاجتماعية السياسية؛ في حين عالج ابن خلدون(1332 – 1406) مسألة الدولة منذ القرن الرابع عشر.
ومعنى كلمة "دولة" ﻓــﻲ القواميس العربية لا يتطابق مع مفهومها اللغوي الشائع في الغرب؛ فكلمة "دوﻟــﺔ" في اللغة اللاتينية هي ترجمة لكلمة: "status" ، وهي تعني حالة أو طريقة العيش؛ أي "الثبات والاستقرار"، أما معنى كلمة "دولة" في لسان العرب فهو: "الفعل والانتقال من حال إلى حال"، وفي "القاموس المحيط": "انقلاب الزمان والدهر من حال إلى حال".
فالمعنى التقليدي للدولة عند الغربيين كان يتماهى مع رؤية تقديس الدولة وتمجيدها وثباتها، في حين أنها لا تأخذ الطابع المقدس عند غالبية المفكرين العرب، فالدولة في نظر ابن خلدون ليست دائمة؛ وهو يرى أنّ أحوال العالم والأمم، وعوائدهم، ونحلهم، ودولهم لا تدوم على وتيرة واحدة ومنهاج مستقر (1).
والدولة تدول أي تذهب، ودالت دولة فلان أي سقطت، فالدولة تتحول... ويرى ابن خلدون أنّ للدولة أعماراً طبيعية كما للأشخاص، لا تعدو في الغالب أعمار ثلاثة أجيال(2): تولد وتنضج وتهرم، أي تخضع لعوامل النمو والفناء، ويصل التصور البيولوجي للدولة عند ابن خلدون إلى حد النظر إليها كما إلى شخص طبيعي حي يتمتع بسمات الكائن.
مفهوم الدولة عند ابن خلدون (1332 – 1406)
أبدع عبد الرحمن بن خلدون صاحب "المقدمة" في معالجة موضوع الدولة، ووضع أسس دراسة هذه المؤسسة، وامتازت معالجته لها بالواقعية انطلاقاً من تعرفه إلى رؤى من سبقه من الحكماء.(3) فضلاً عن أنّ دراسة ابن خلدون للدولة بنيت على تأملاته وتجاربه الخاصة في إطار مجتمعه القبلي العربي المغربي في القرون الوسطى، وتستدعي الموضوعية من أي باحث في مسألة الدولة أن يتوقف عند دراسة ابن خلدون لهذه المؤسسة (4).
وقد خص ابن خلدون عصبية الحاكم بدور متميز يقتصر على ما يسميه بالطور الأول للدولة(5)...
كما حدد وظائف الدولة الخارجية بالدفاع عن شعبها، والداخلية بإدارة شؤون العباد والاقتصاد، وفصلّ في ذلك في ضرورة: ملاحقة الغش، وضرب النقود وفرض الضرائب وجبايتها... وتقوم الدولة بحماية أعضاء المجتمع نفسه في الداخل بتأمين الأمن، والعدالة، وذلك بدفع عدوان المدن على بعضها، وهي تضع الأسس التي تحمي الأفراد فهي تكفّ عدوانهم على بعض من أنفسهم بإمضاء الأحكام الوازعة فيهم، وهو ينادي بحماية المجتمع من ظلم وتجاوزات السلطان المحتملة على حقوق المجتمع، فالظلم مؤذن بخراب العمران، فإذا كان الملك قاهراً باطشاً بالعقوبات تفسد الدولة، والظلم والفساد والاستبداد يخرب البلدان ويجلب العدوان والاحتلال(6).
من أشكال الحكم في منطقتنا:
عرفت منطقتنا قيام العديد من الممالك منذ الألف الثالث قبل الميلاد منها: المملكة (الإمبراطورية) الأكادية ووصلت ذروتها، عقب غزو سرجون الأكادي(2340-2284 ق.م). ومملكة دلمون كان مركزها قبل خمسة آلاف سنة تقريبا في جزر البحرين. ومملكة معين في اليمن في الألفية الأولى ق. م. ومملكة سبأ (1200ق.م. - 275م). ومملكة حِمْيَر (ق.م.110-527م). ومملكة الأنباط (169ق.م. - 106م). ومملكة الغساسنة. ومملكة المناذرة أو اللخميون، وهي سلالة عربية من قبيلة لخم من تنوخوقد حكموا العراققبل الإسلام. وكانت لهم علاقةبملكة تدمر زنوبيا
ظهور الدولة عند العرب:
يعيد الباحثون إلى قصي بن كلاب بن مرة (400-480م) وهو الجد الثاني لشيبة بن هاشمالمشهور باسم عبد المطلب، وهو الجد الرابع للنبي محمد، فضل إرساء الدعائم الأولى للدولة قبل ظهور الإسلام، بتوجيه اهتمامه إلى الكعبة والحجيج، فضلاً عن بنائه (دار الندوة) التي كان يجري فيها التشاور في أمور السلم والحرب، وتناقش، وتُتخذ القرارات، وتعقد الألوية... إنّها الشكل المصغر لبيت الدولة، فنقل بذلك مكة من نظام المشيخة القبلي، إلى مرحلة متطورة من التنظيم... وأنشأ قصي (قيادة اللواء)، أي قيادة الجيش... هو ثالثة الأثافي بعد دار الندوة وحكومة الملأ، وصولاً إلى عقد اللواء، وتكتمل عدة بناء الدولة، حتى سمي بـ(المجمع).(7)

أساليب الحكم عند العرب والمسلمين
ولقد حافظ أسلوب الحكم في العهد الأول من الإسلام على أسس الرئيسة في بناء الدولة التي تحددت في عهد قصي، والتي كانت القبيلة (قريش) نواتها..
وكان لظهور وانتصار الإسلام في المجتمع العربي، وفي البلدان التي ساد فيها الدين الإسلامي، أثر كبير على مسألة الحكم وعلاقة الرعية بالحاكم.
لقد أكدت الرسالة المحمدية على أهمية وضرورة الشورى في الحكم، وأنّه وعلى الرغم من عدم وجود إدارات حكومية طوال عهد الرسول والخلفاء الراشدين، فإنّ الرسول كان يأخذ قراراته بالتشاور مع الصحابة، وأكدت الرسالة المحمدية على أهمية وضرورة الشورى، إذ ورد لفظ الشورى مرتين في القرآن: "وشاورهم في الأمر" (آل عمران:59)، و"...أمرهم شورى بينهم.." (الشورى:39)
إلاّ أنّ هذه الشورى لم تأخذ شكلاً واحداً في جميع مراحل تطور المجتمعات العربية والإسلامية... وظهرت عند المسلمين عدة نظريات في الحكم، يمكن التعرف إليها بالتفصيل في العديد من المراجع والمصادر التاريخية، من أهمها:
نظريات الإمامة في الحكم (مع الاختلاف على تعريف الإمام):
يتلخص الخلاف السياسي الرئيس بين هذه النظريات في الإجابة عن سؤال حول كيفية تنصيب الإمام بالاختيار أم بالنص... وتشعبت هذه التيارات إلى عدة مذاهب، حسب نظرتها السياسية، أهمها:
أ ـ الإثنا عشرية: النظرة السياسية الإثنا عشرية نظرة ثيوقراطية، وتعدّ الحكم عقداً ثيوقراطياً بين أطراف ثلاثة هي: الله، والإمام الذي عليه الامتثال لأوامر الله، والرعية التي يجب عليها انتظار الإمام المهدي الثاني عشر ليقودها ويخلصها...( 8)
ب ـ الزيدية: تقوم نظرة المذهب الزيدي في الحكم، على أسس ثلاثة: ـ قصر الإمامة على ذرية النبي، الدعوة هي سبيل الأمة إلى الحكم، الخروج أو الثورة.(9) مع الاعتراف بمكانة الشيخين.
جـ ـ الإسماعيلية: ظهرت الحاجة على تغيير أسلوب المعارضة، فكان انشقاق التيار الإسماعيلي عن التشيع الإمامي العام، ويمكن القول عن التيار الإسماعيلي إنّه امتلك منهجاً للوصول إلى الحكم، يتمثل في الإمامة الباطنية عقائدياً ـ لكلّ ظاهر باطن ولكلّ تنزيل تأويل ـ والحركات السرية سياسياً، وقد يكونون أول من ابتدع التنظيمات السرية، والأسماء الحركية، والانقلابات العسكرية، وعرفوا الحرب النفسية على أسس علمية وأيديولوجية... إنّه أسلوب في التقية والاستتار والخروج وعدم السكوت...(10)
د ـ الخوارج: ومن آرائهم:
ـ لا حكم إلا لله. ـ الإمامة تستحق بالشورى من قريش ومن غيرهم من العرب. ـ الإمامة للأفضل، ولا يجوز تجاوز الفضل، وتقديم الشجاعة على العلم، والحدة في الاعتراض، ولو على الرسول. ـ تكفير الحكام الجائرين.
قد تبدو بعض طروحاتهم قريبة من الديمقراطية، إلاّ أنّهم بعد استلامهم للسلطة انتهى الأمر على أن تتحول الإمامة إلى وراثة، واتخاذ الألقاب كالعباسيين: المعتز والمنتصر... وكما فعل بنو رستم في دولتهم الإباضية في تاهرت عام 987 في شمال أفريقيا.(11)
رأي: تحتاج النظريات الإسلامية في الحكم إلى تطوير لكي تتلائم مع متطلبات المجتمع التعددي، والدولة التداولية العصرية، ويمكن القول إنّها تلتقي في التطبيق العملي في شكل الحكم الديني الذي عرف في مراحل تاريخية سابقة من تطور المجتمعات البشرية، بغض النظر عن الشكل الذي أخذه. وأسلوب الحكم الديني لا يلبي متطلبات بناء الدولة العصرية التعددية التداولية المتحضرة.
مسيرة أوروبا من دولة الكنيسة إلى الدولة العلمانية
على الرغم من أنّ الغرب لم يكن سباقاً للشرق في ابتداع أشكال مختلفة لما يسمى (الدولة)؛ فإنّ القبيلة أبضاً كانت هي أساس تكوين السلطة السياسية في الغرب في البداية، وأهمها قبائل الجرمان الشماليي، وأهمها قبائل (الكوت)، تلك القبائل التي اعتنقت منذ القرن الرابع المسيحية... (12) وفضلاً عن الكوت وجد الفرنجة، أو الإفرنج، أو الفرنسيس، الذين بسطت إمبراطوريتهم قبضتها على معظم أوربا الغربية، مع حلول القرن الثامن الميلادي، حيث اعتنق الإفرنج (الفرنكيون) المسيحية في عهد ملكهم (كلوفيوس) الأول، وكان ذلك تاريخاً جديداً في القارة الأوربية... فالجرماني (شارلمان) هو أول قيصر توج على ما أصبح يُدعى مملكة الفرنجة في (800م)...
وفي حوالي عام 1120م "أعلنت السلطة البابوية في الكنيسة تحررها من سيطرة السلطة الدنيوية، وتخلصها من التدخل في تعيين رجال الدين وإدارة شؤونهم. كسبت الثورة البابوية الصراع... كانت معركة فكرية وقانونية. اعتمد أول نظام قانوني شمولي هو القانون الكنسي (قوانين الكنيسة لغريشن 1140م)، وكبحت البابوية من جماح التدخلات في الكنيسة من خارجها... وقيدت في الواقع امتيازات السلطات الدنيوية، بوضعها نظام قانوني جديد... وخلقت بذلك "أول نظام قانوني غربي حديث". كما أدى هذا التعديل الثوري "إلى مولد سلطة قريبة في الشكل من سلطة الدولة الغربية ـ وكان المثال الأول عليها هو الكنيسة نفسها (وليس الدولة العلمانية) ـ مع ما في ذلك من مفارقة مارست الكنيسة منذ ذلك التاريخ كلّ الوظائف القانونية لسلطة تشبه سلطة الدولة، طبقت لنفسها قوانينها، ونظامها الهرمي، وحكم البابا من خلال ممثليه.
وأقامت الكنيسة مثالاً تحتذي به الحكومات الدنيوية لتنظيم أمورها وتأسيس محاكمها، واختيار موظفيها، وتنفيذ قوانينها من أجل أن تحكم في حقولها السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، وقد مهد انفصال البابوية عن السلطة الدنيوية لتطور البنى القانونية الدنيوية المماثلة وشجع عليها. وبينما كانت السلطة البابوية تميل إلى توسيع مجال عملها والتأكيد على سيطرتها على مساحات واسعة من الأمور المدنية، والعائلية كالزواج، والعائلة، والإرث والطلاق، وما إلى ذلك، فإنّ السلطة المسيطرة على هذه الأمور كانت تستند إلى العرف، والقانون الروماني، أكثر من استنادها إلى الأوامر الكتابية (نسبة إلى الكتاب المقدس). وهذا أحد الأسباب التي جعلت السلطة البابوية مضطرة فيما بعد للتنازل عنها للسلطات الدنيوية. ويتضمن القانون الكنسي أموراً دينية دنيوية، تتضمن عناصر من القانون الشعبي الألماني والقانون الروماني.(13)
خلقت الترتيبات المؤسسية الجديدة في أوربا في القرنين الثاني عشر، والثالث عشر مناخاً لم يكن بالإمكان تصوره في الشرق الأوسط مناخاً اقتصادياً علمياً واجتماعياً تجري فيه الدراسة الطليقة والنقاش العلني للفلسفة والعلوم الطبيعية في مؤسسات معترف بها قانونياً. وسواء أكان الأوربيون القروسطيون على دراية تامة بمعنى ما عملوه أم لا فإنّهم أوجدوا مؤسسات مستقلة للمجتمع تدير نفسها بنفسها...
قيام الدولة العلمانية في الغرب
ومع تفاقم التناقضات واحتدام الصراع على خلفية الإصلاح الديني بين البروتستانت والكاثوليك أصبحت أوربا مهيأة لحرب الثلاثين عاماً... تلك الحرب التي انتهت بتوقيع معاهدة وستفاليا ـ عام 1648، والتي أفضت إلى ولادة الدولة السيادية، إذ تم الاعتراف بموجب تلك المعاهدة باستقلال وسيادة كل دولة من دول (الإمبراطورية المقدسة) استقلالاً تاماً وناجزاً، وتقرر أيضاً منع كلّ اضطهاد ديني، ونصت المعاهدة على أنّ ديانة كلّ دولة يجب أن تحددها ديانة حاكمها.(14)
وكان مبدأ الولاء القومي من أهم وأبرز المبادئ التي توافقت عليها الأطراف، والمقصود بذلك أن يكون الولاء للانتماء الوطني القومي (القومية)، وليس للكنيسة، وأن تكون علاقة الفرد بالكنيسة علاقة تحكمها الإرادة الحرة والاقتناع، وليست علاقة خضوع بالقوة، أو حاكم ومحكوم، وبذلك تم الفصل تاريخياً بين الدين والدولة، بين العقيدة والسياسة، وكان هذا المبدأ "أول تأسيس رسمي في التاريخ للعلمانية".(15)
إنّ دولة المواطنة، والقانون في أوربا هي نتيجة مخاض تاريخي كبير عرفته المجتمعات الأوربية والغربية في عصر نهضتها الاقتصادية، والثقافية، والعلمية التي تميزت بصراع العقل والعلم مع الأفكار الغيبية التي كانت تغذيها الكنيسة، والتي انتهت بالقطيعة المعرفية مع ما يعيق التطور والحداثة، بما في ذلك التصور الديني للعالم والحياة، مع ظهور وتجذر طبقات ثورية صاعدة في المجتمع هي البرجوازية، والطبقة العاملة، ومفكريهما، فهل يمكن حصول مخاض آخر في الشرق؟
الدولة في الأدبيات الغربية
في المجال النظري لعبت نظرية القانون الطبيعي ـ هذه النظرية التي تقابل حالة الطبيعة بحالة المجتمع، وتدعو لإعطاء الإنسان الحرية كحق من حقوقه الطبيعية، والتي تبناها طليعة المفكرين الغربيين كـ هوبز (1588-1679) ـ لعبت دوراً رئيساً في إرساء الأساس النظري لحقوق الإنسان والعقد الاجتماعي عند جان جاك روسو.
وتعدّ الدراسات الماركسية، وخاصة بحوث انجلس في كتاب "أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة"، من أهم المصادر للتعريف بنشأة الدولة، ومن الضروري التنويه إلى أهمية المنهج الماركسي عند البحث في هذه المسألة، والذي ينطلق من المقولة التي تؤكد على أنّ "إنتاج الخيرات المادية وتجديد إنتاج الحياة المباشرة هو العامل الحاسم في التاريخ".(16).
يرى انجلس أنّه مع تطور التنظيم القبلي (العشائري) أخذ الحق الأبوي بتوريث الملكية للأولاد ييسر تراكم الثروات، وقاد تراكم الثروة إلى ظهور النقود، وجعل العائلة مالكة النقود تتناقض مع أعراف القبيلة، وأخذت تظهر الفوارق في الملكية، مما خلق أجنة الارستقراطية الوراثية والسلطة الملكية والعبودية...(17)
واستدعى تطور العملية الإنتاجية وجود مؤسسة لحماية الثروات التي اكتسبها الأفراد، وحل النزاعات بين الجماعة البشرية، (استدعى) وجود مؤسسة يُعترف بها من قبل المجتمع على العموم، وقد ظهرت هذه المؤسسة وعُرفت باسم الدولة.(18)
وأخذت الدولة تتطور؛ فأنشأت الجماعات الجديدة التي تشكلت بفضل تقسيم العمل أولاً بين المدينة والريف، ثم بين مختلف فروع العمل المدينية (أنشأت) هيئات جديدة لأجل الدفاع عن مصالحها وأسست الوظائف من كل نوع وشكل، وكانت الدولة الفتية في حاجة إلى قوات مسلحة لخوض غمار الحروب لحماية مصالحها، وحماية القوافل التجارية بمختلف أشكالها...(19)
ويرى الفلاسفة الماركسيون أنّ الدولة نشأت من الحاجة إلى لجم تضاد الطبقات الاجتماعية، وبما أنّها نشأت في الوقت نفسه ضمن الاصطدامات بين هذه الطبقات، فهي كقاعدة عامة دولة الطبقة الأقوى السائدة اقتصادياً، والتي تصبح عن طريق الدولة الطبقة السائدة سياسياً أيضاً، وتكسب على هذه الصورة وسائل جديدة لقمع الطبقة المظلومة واستثمارها. فالدولة القديمة كانت دولة مالكي العبيد لقمع العبيد، والدولة الإقطاعية هيئة النبلاء لقمع الفلاحين التابعين والأقنان، كذلك الدولة البرلمانية الليبرالية التمثيلية الحديثة هي أداة استثمار العمل المأجور من قبل رأس المال. ومع ذلك فثمة كحالات استثنائية مراحل تبلغ فيها الطبقات المتصارعة درجة من توازن القوى تنال معها سلطة الدولة لفترة معينة نوعاً من الاستقلال حيال الطبقتين، مظهر وسيط بينهما، وتُعدّ الديمقراطية أهم ميزات السلطة في هذه الدولة...(20)
ويُعدّ ماكس فيبر (1864-1920) من المنظرين لضرورة استخدام الدولة للعنف كوسيلة للحكم، وضرورة حصر استخدام العنف بالدولة، والدولة حسب تحليله تحمل معها قدراً من العقلانية، فضلاً عن أنّ الدولة ذات صفات وبنى وظيفية، ترتبط بهدف الحياة الإنسانية وفعاليتها، مع الأخذ بالحسبان أنّ الفاعلية الإنسانية تتحقق بالتعاون والاجتماع، ومع التحذير، في الوقت نفسه، من خطر اختطاف الدولة من قبل أقلية بدعوى أنّها النخبة؛ فإذا كانت الدولة المفترضة التي انبثقت من تلاقي الإرادات الطبيعية الحرة في المجتمع، فإنّ ظهور فكرة النخبة، التي تمثل المجتمع تاريخياً، كان تعبيراً عن اختطاف فكرة الدولة الطبيعية القائمة على مبدأ التعاون، في صالح قلة من الأفراد وضعوا فرضية تجريم الخروج على النظام باعتباره مقياس الأخلاق والصلاح. وحين نعرف أنّ هذه النخبة الجديدة أعلنت عن احتكارها عملية وضع تفاصيل النظام ومقتضياته، فيمكننا القول إنّ الاستئثار بالدولة بدأ مع ظهور هذه النخب تحديداً للدفاع عن امتيازاتها وصون مصالحها.(21) ولمّا كان هذا الاستئثار يقود المجتمع والدولة إلى أزمة، فمن الضروري البحث عن سبل معالجتها في بناء مؤسسات الدولة باعتماد مبدأ التعاون في صالح أغلبية، أو كافة أبناء المجتمع، والديمقراطية أنجع السبل لتحقيق مبدأ التعاون في بناء الدولة...
تطور أساليب الحكم الديمقراطي في أوربا
يتبين من العرض أعلاه أنّ الشعوب الأوربية لم تصل إلى الأنظمة الديمقراطية بسهولة، بل عبر صراع شاق لم يخل من إراقة الدماء، وتركز الصراع الفكري حول أنظمة الحكم بين مذهبين أساسيين:
ـ مذهب الحكم المطلق: الذي يرى في الحاكم استمراراً لسلطة الله على الأرض، ويستند في إيديولوجيته إلى العهد القديم من الكتاب المقدس، الذي يعدّ النظام الأبوي (البطريارخي) هو النظام الطبيعي للمجتمع وهذه هي الأيديولوجيا المفضلة للملوك لتبرير سلطانهم بزعم أنّهم يستمدونه من الله مباشرة، وأنّهم ظلّ الله على الأرض، أو يحكمون باسمه وهو من يحاسبهم على أفعالهم وليست الشعوب...
ـ مذهب "العقد الاجتماعي": الذي يُنسب إلى جان جاك روسو، والذي يفسر نشأة الدولة على أساس التعاقد بين الأفراد كجماعة، أو بينهم وبين الحكام، كان لهذا المذهب آثار فائقة الأهمية على صعيد تطور أنظمة الحكم والمجتمعات البشرية. وأصبحت نظرية "العقد الاجتماعي" سلاحاً فعّالاً في وجه مزاعم المذهب البطريارخي، ووسيلة لتفنيد وإنكار الصيغة الدينية وغير الدينية التي ابتدعها الحكام لإضفاء القداسة على الحاكم انطلاقاً من أنّ الناس ولدوا أحراراً ومتساوين أمام الله وأمام القانون الطبيعي، بالتالي فسلطة الحاكم بصفة عامة، تنبع من إرادة وموافقة الشعب في إطار تحقيق وحماية اهتماماته، وفي الوقت نفسه يؤسس الشعب المجتمع المدني كوسيلة لحماية هذه الاهتمامات وصيانتها من طغيان الحاكم والإرادات الأنانية، وبما أنّ المجتمع المدني هو من صنع الإنسان وليس مجرد نمو طبيعي كخلايا الكائنات الحية، فالحكام كغيرهم من البشر يجب أن يخضعوا لبنود العقد الذي تخطه الشعوب ومفكروها. فالسلطة يجب أن تكون مقننة وليست مطلقة. ويمثل ذلك نقلة نوعية باتجاه الحكم الديمقراطي؛ حكم الشعب الحر. فالحرية بمثابة الروح في النظام الاجتماعي القابل للتطور والتقدم. كما بين مونتسيكو أهمية البنية المؤسساتية للدولة وأهمية فصل السلطات التشريعية، والتنفيذية، والقضائية في الدولة...
تجسيد المفهوم الماركسي للدولة في الواقع العملي
بيّن لينين أنّ "أشكال سيطرة الدولة قد تكون مختلفة. فرأس المال يُظهر سلطته على صورة ما حيث يوجد شكل ما، وعلى صورة أخرى حيث يوجد شكل آخر، لكن من حيث الجوهر تبقى السلطة في يد رأس المال(22).
وقد حدد لينين وجسّد نموذج الدولة الديمقراطية الجديد التي تنشأ في الثورة الاشتراكية بالسوفيتات... في السوفيتات يصيغ العديد من الملايين من أبناء الشعب قوانينهم ويصنعون مستقبلهم بصورة عفوية وعلى طريقتهم ولا ينتظرون السادة الأساتذة ممثلي البرجوازية حتى يدبجوا لهم مشاريع قوانين لجمهورية برلمانية برجوازية".(23)
وقادت نظرة الماركسيين إلى الدولة إلى تجسيد سلطتها في نموذج عرف بدكتاتورية البروليتاريا، وآخر عرف بالدولة الديمقراطية الشعبية في بعض دول آسيا وأوربا الشرقية وبعض البلدان العربية والإفريقية، تلك النماذج التي لم تحمل ميزات وصفات الدولة العصرية القائمة على التعدد، والتداول، والرضا، والقبول من قبل جميع أبناء المجتمع والقابلة للتجدد والبقاء، ولم تستطع الصمود أمام مسيرة التطور الاقتصادي الاجتماعي التاريخي.
هل استكمل العرب بناء أسس الدولة(24)
إن التمعن الدقيق في حالة المجتمعات العربية يبين أنّ العناصر الأساسية اللازمة لوجود الدولة متوفرة مع بعض النقص الذي يختلف من بلد لآخر، فالسكان موجودون، وكذلك الأرض (وإن كان بعض أجزائها محتلة في بعض البلدان)، كما أنّ السلطة موجودة، إلاّ أن السلطة في أغلبية البلدان العربية تفتقر إلى صفات الشرعية وسيادة القانون، والتداول، والتوافق، والرضا والقبول، وإمكانية الاستمرار والبقاء... وتُعد الديمقراطية مقياساً هاماً وضرورياً لمعرفة مدى قبول ورضا السكان عن السلطة...
وعلى الرغم من أنّ الديمقراطية أثبتت أنّها وسيلة مجربة لبناء الدولة على أسس متينة تساعد في تحقيق العدالة الاجتماعية، إلاّ أنّ الأصوات المناوئة لها مازالت ترتفع بحجج مختلفة تحتاج إلى التفنيد والرد عليها...
مشكلات تطبيق الديمقراطية في العالم العربي والإسلامي والرد عليها:
يستند المفكرون الإسلاميون الذين يرون عدم إمكانية تطبيق الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية على عدة حجج أهمها:
ـ الفكر الإسلامي لا يقر بفصل الدين عن الدولة، أو استقلال الهيئات والسلطة القضائية والتشريعية عن التنفيذية، وهذا الفصل من أهم أسس الديمقراطية، فهي نظام علماني غربي وغريب عن المجتمعات الإسلامية...
ـ الدين أساس التشريع في الفكر الإسلامي، أما في النظام الديمقراطي فالإنسان يصوغ النظام الذي يناسبه ويشرع لنفسه...
ـ الاجتهاد في الإسلام يعني أنّ الرأي للإمام المفتي وليس للأغلبية...
ومن حجج بعض المفكرين الغربيين:
ـ الديمقراطية خاصة ببعض المجتمعات الغربية المسيحية كما يقول مونتسكيو والمجتمعات الشرقية والمتخلفة غير مؤهلة لها.. ويرى برتراند رسل (1872-1970) استحالة ممارسة الديمقراطية في مجتمع تسوده الأمية قبل أن يتهيأ الناس.
ويركز البعض على مثالب الديمقراطية، ومنها:
ـ طغيان الأغلبية وضياع حقوق الأقلية وتهديد حرية الأقلية والمغالاة في قوة المؤسسات الديمقراطية وعدم وجود ضمانات ضد طغيانها.
ـ ميل السلطة إلى السقوط في أيدي مجموعة قليلة من الأفراد، أو عدد ضئيل من القادة بغض النظر عن تكوين التنظيم السياسي، فالسلطة تصبح أكثر تعقيداً وبيروقراطية، وتصبح متمركزة بأيدي النخبة من قمة التنظيم السياسي والحكومة، ويتعقد صنع القرار وتصبح المشاركة لجميع الأعضاء أكثر تعقيداً، لتنتهي الأمور بيد مجموعة من القادة المحافظين... وذلك لأنّ حجم التنظيمات السياسية وتعقدها يحتم وجود وظائف متخصصة، مما يجعل من المستحيل على الأعضاء العاديين متابعة المتخصصين.(25)
الرد على حجج ومزاعم عدم إمكانية تطبيق الديمقراطية: ثمة حجج كثيرة تفند الآراء أعلاه وتنطلق من أنّ حضارات الشعوب وثقافاتها متداخلة ولا توجد حضارة بمعزل عن الأخرى، وتستفيد جميعها من تجارب بعضها البعض، ولم يوجد الفكر والتنوير الغربي بمعزل عن تأثيرات المفكرين العرب والمسلمين كابن رشد وابن سينا والفارابي وغيرهم، والديمقراطية في تطورها العام وما دخل عليها من تأثيرات فكرية وعملية هي تجربة إنسانية عالمية عامة يفرضها العقل البشري، وتتطلبها الأخلاق وضرورات اجتماعية لتحافظ على كرامة الإنسان وقيمته، وهي ليست تجربة الآخرين "المختلفين عنا".
ـ بما أن جوهر الدين الإسلامي هو العدالة والمساواة، وتحقيق إنسانية الإنسان، بالتالي لا يوجد في الدين الإسلامي ما يمنع مبدئياً من تطبيق الديمقراطية التي تعتمد على الحرية، والعدالة، والمساواة، هذه القيم التي نجد الدعوة إليها صريحة في القرآن الكريم.
أما فيما يخص القول إن الديمقراطية مستوردة، فمن المفيد والمهم التمعن في العديد من الوقائع في التاريخ الإسلامي ومنها الواقعة التالية: "قدم أبو هريرة وكان والياً على البحرين ـ على الخليفة عمر ومعه مال كثير، فقال له عمر: ماذا جئت به؟ قال خمسمائة ألف درهم... فصعد عمر المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيّها الناس قد جاءنا مال كثير، فإن شئتم كلناه كيلاً، وإن شئتم أن نعدّه عدّاً، فخشي بعض الصحابة ألا يكون للغائب عن القسمة نصيب، فقام رجل زار فارس فقال: يا أمير المؤمنين، قد رأيت هؤلاء الأعاجم يدوّنون لهم ديواناً، فقال عمر: دونوا الدواوين!"(26)
تدل هذه الواقعة على:
ـ إنّ أبسط شيء من شؤون الإدارة أو السياسة وهو أن يكون هناك دواوين (مصالح أو وزارات) لم يكن معروفاً في العهد الأول من الإسلام،
ـ لم يجد الخليفة العادل والمشهود له بالغيرة على الإسلام حرجاً أن يقتبس نظاماً من الأعاجم، ما دام لا نظير له ولا بديل فضلاً عن الحاجة الملحة له، ولم يستنكره عمر بدعوى أنّه "نظام مستورد".
ـ الديمقراطية ضرورية للأفراد وللمجتمعات كضرورة الحرية لها، فماهية الروح هي الحرية كما يقول هيغل، والناس جميعاً يسلمون بأنّ الروح تمتلك ضمن ما تمتلك من خواص خاصية الحرية. وتنازل الإنسان عن حريته للحاكم أو لأي شخص آخر، إنما يعني أنّه يتنازل عن إنسانيته، أي عن حقوقه وواجباته كإنسان كما يرى روسو.
ـ الديمقراطية ثقافة وممارسة تصحح نفسها في الممارسة...
ـ تتم معالجة خطر طغيان الأغلبية بالمزيد من وعي الأفراد ومزيد من الحرية فضلاً عن سنّ القوانين التي تكبح ذلك...
ومن المخاطر التي تهدد الديمقراطية خطر تحالف الاحتكارات الرأسمالية الليبرالية المتوحشة التي تدعي الديمقراطية، ومحاولة فرض مفهومها للديمقراطية على البشرية عن طريق الحروب، تحت شعار الحرية والديمقراطية، مما يؤدي إلى تشويه مفاهيم الديمقراطية، وفرض أخلاق، وقيم لا إنسانية على الشعوب... إن الطغم الحاكمة الممثلة للاحتكارات الرأسمالية والصناعات العسكرية في بعض البلدان الرأسمالية المتحالفة مع بيوتات المال التي تشن الحروب بحجة نشر الديمقراطية توجه سهامها إلى الديمقراطية نفسها، وهي تحارب الأسس الحقوقية والفكرية الديمقراطية التي بنت مجتمعاتها عليها واستطاعت أن تجدد نفسها بواسطتها...
الدولة والثورة:
إحدى أهم مهام الدولة هي معالجة التناقضات في المجتمع، لكنّ المجتمعات البشرية شهدت بعد تدشين عصر الدولة عدة ثورات، وهذا يدلّ على عجز السلطة فيها على معالجة تلك التناقضات، ويعبّر عن قصور تلك السلطة عن تلبية متطلبات التطور الاقتصادي الاجتماعي السليم... وجاءت بعض الثورات الكبرى في مراحل معينة من التاريخ لتعبر ليس عن قصور السلطات في مجتمعاتها وحدها، وليس عن حاجة مجتمعاتها وحدها إلى سلطة أو صيغة حكم جديدة، فحسب، بل ولتعبر عن حاجة الكثير من المجتمعات البشرية لهذه الصيغة الجديدة المنسجمة مع المرحلة الجديدة من التطور الاقتصادي الاجتماعي...
وتبين دراسة التاريخ الحديث أن المجتمعات البشرية تحتاج كل فترة من تطورها (تقارب قرناً من الزمان) إلى صيغة جديدة من أسلوب الحكم (أو ما عرف بالسلطة) تتجاوز أساليب الحكم السابقة وتلبي متطلبات التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي بلغته البشرية...
في ملامح الدولة وصيغة الحكم المنشودة في الألفية الثالثة:
إنّ بناء دولة المواطنة العلمانية القانونية الدستورية الشرعية المتحضرة هو أساس معالجة المجتمعات لأزماتها... ولما كانت عناصر الدولة هي: الشعب، والإقليم (الأرض)، والسلطة، فإن حماية وحدة واستقلال وسيادة الدولة على كامل أراضيها هي حق وواجب الدولة، وشعبها...
ولمّا كانت أي سلطة وصيغة لأسلوب الحكم في كل مرحلة تاريخية لا تأتي من فراغ، بل تستفيد من الصيغ السابقة وتتجاوزها؛ فمن المطلوب من المفكرين والسياسيين المعاصرين، والعرب أن يبدعوا سلطة دولة جديدة تحافظ على مؤسسات الدولة القائمة لحماية وحدة وسيادة البلاد، وتستوعب، وتتجاوز في الوقت نفسه ميزات السلطة العصرية التي بنيت في المجتمعات المتحضرة، والتي استطاعت بدرجات مختلفة تكريس مبدأ المواطنة، ومعالجة التناقضات التناحرية في مجتمعاتها، ببناء دولة مدنية على أسس علمانية دستورية، وديمقراطية تعددية تداولية متحضرة، يتم فيها الفصل بين السلطات التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، وسيادة كل منها في نطاق عملها، ومن الضروري أن تتلاءم صيغة الحكم في القرن الواحد والعشرين مع أسلوب الحكم التعددي التداولي المرن وواسع الآفاق الذي يتطور ويتغير مع تغير الظروف وفق متطلبات الحياة ومتطلبات التطور الاقتصادي التقني، والاجتماعي، والثقافي، ليصبح قادراً على معالجة كافة التناقضات التي تعتمل في المجتمع باستمرار، ويسمح بتفتح طاقات الشعب الإبداعية، ويساهم في خلق الظروف الملائمة كي تلعب الشعوب دورها الطبيعي في تطور الدولة والمجتمع، وتجديد وتغيير السلطة في سياق التطور الحضاري التقدمي، من غير الحاجة إلى الثورات؛ التي تنجم عن تفاقم التناقضات التناحرية في المجتمعات البشرية، وعن عدم ملائمة البنيان الفوقي لمتطلبات تطور البنيان التحتي...
إنّ أهمّ ميزات السلطة في الدولة العصرية العادلة أن تحقق درجة من توازن القوى بين جميع طبقات ومكونات المجتمع المتعددة والمختلفة، وأن تلعب دور الوسيط بينها، وتعالج التناقضات في المجتمع، كيلا تصل إلى الحالة التناحرية، وأن تساعد في بناء مؤسسات المجتمع الأهلي والمدني المستقلة التي تدير نفسها بنفسها، وتحقق متطلبات تطور المجتمع ومتطلبات العصر بإبداع ضوابط محددة للتحقق من انسجامها مع ميزات السلطة الشرعية العصرية، والتي يتلخص أهمها في: رضا وقبول أبناء المجتمع بها، والتداول السلمي لها، والمساواة القانونية، والحرية والكرامة والتنوير لجميع أبنائها(27).
أولاً: رضا أبناء المجتمع وقبولهم:
من وسائل رضا أبناء المجتمع أن يشعروا بأنهم يساهمون في الحكم وإدارة شؤونهم، وفي وضع دستور البلاد وقوانينها، وهذا يتطلب القيام بمجموعة من الإجراءات، منها:
ـ أن يتم إقرار الدستور وأي تعديلات تجرى عليه من قبل الشعب،
ـ أن تؤكد مواد الدستور على علمانية الدولة ـ نظراً لبنية المجتمع المتعددة دينياً ومذهبياً وقومياً، فالدولة العلمانية تضمن وحدة هذا التنوع ـ وأن تكون مواد الدستور ضامنة لسيادة، واستقلال، ووحدة البلاد، ووحدة أبناء الوطن، ومساواتهم جميعاً في الحقوق، والواجبات، بغض النظر عن الجنس والعرق والدين والمذهب، وعدم تضمن الدستور لأي مادة تشي بأي نوع من التمييز بين أبناء الوطن، كأن تحصر أي مسؤولية ـ بما فيها رئاسة البلاد ـ بدين، أو جنس، أو مذهب، أو قومية أو حزب محدد لحامل هذه المسؤولية.
ـ يعدّ الجيش والشرطة والمؤسسات التابعة لهما، والتي يحصر حمل السلاح بها، مكونات أساسية من مكونات سلطة ومؤسسات الدولة، والجيش الوطني هو أحد ضمانات وجود، وبقاء الدولة، والعمود الفقري لوحدتها، وحماية أمنها، وحمايتها من التفتت والعدوان الخارجي، ومن الضروري أن تكون هذه المؤسسات بعيدة أي انحياز لأي حزب سياسي، وأن تبقى على مسافة واحدة من جميع المواطنين... وفي هذه المناسبة نوجه تحية إلى الجيش الوطني والرحمة لشهداء الجيش والوطن من عسكريين ومدنيين، والتمنيات بالشفاء للجرحى.
ثانياً: المساواة القانونية والحرية والتنوير
إنّ مسائل الحرية، والتعليم، والثقافة، والتنوير والارتقاء بإنسانية الإنسان، مسائل متلازمة ومتفاعلة، مثلها مثل الضمان الصحي الاجتماعي؛ من الحقوق الأساسية لكل مواطن، ومن الضروري أن تبقى في أولوية مهام سلطة دولة المواطنة العصرية... وكما أنّ أي مشروع تنويري لا يترافق مع الحرية يبقى باهتاً أصفر، ولن يحقق مهامّه، كذلك الحرية من غير ثقافة، ووعي متنور، وشعور بالآخر المختلف، ومن غير معرفة أهمية التنوع والاختلاف، والشعور بالمسؤولية، لن تكون حرية... فالحرية تجعل الإنسان إنساناً، ولا تكتمل إنسانية الإنسان من غير حرية. ومن الضروري أن تكون غاية أي مشروع تنويري بلوغ حالة معرفية تتجاوز كل وعي أو ثقافة لا تتلاءم مع متطلبات التقدم والحضارة وتعيق التطور والحداثة.
وتتطلب الحرية عدم طغيان أي فكر ديني، أو دنيوي علماني، أو تنظيم على المجتمع، ولمعالجة مسألة طغيان الأغلبية في الأنظمة الديمقراطية على الحياة السياسية في الدولة من الضروري أن ينص الدستور على أسس ومبادئ لتحقيق المساواة والحرية لجميع أبناء الشعب، ومن هذه الأسس والمبادئ:
ـ التأكيد على حق المواطنين في ممارسة السياسة، وحرية تشكيل الأحزاب والتنظيمات السياسية، وحرية ممارسة نشاطها على قدم المساواة، ومنع حصول أي حزب أو تنظيم على مكاسب، أو امتيازات خاصة فارقة عن سائر الأحزاب والتنظيمات، والتأكيد على حق وجود الأحزاب المعارضة، والتيارات المتنوعة داخل الحزب الواحد، على أن تتعهد جميع الأحزاب، والقوى، والتنظيمات السياسية والاجتماعية بممارسة النشاط السلمي، وتحريم كافة أشكال العنف بما فيها المسلح ضد المواطنين، أو الأحزاب الأخرى...
ـ أن تكون الحكومة من الأحزاب الداخلة إلى البرلمان التي تشكل الأغلبية في البرلمان، وتسهيل تشكيل حكومة ظل معارضة تراقب وتصوب عمل حكومة الأغلبية...
ـ كيلا تتكرر مآسي هيمنة الأحزاب الشمولية على الدولة وانقلابها على العملية الديمقراطية بعد فوزها في أول انتخابات، ولعدم طغيان أي أغلبية على البرلمان والحكومة من المفيد أن ينص الدستور، وقانون الانتخابات على عدم تجاوز نصيب أي حزب بنسبة محددة من عدد النواب في البرلمان، على أن يعاد انتخاب المقاعد التي تزيد على تلك النسبة التي يحوز عليها أي حزب لتتوزع على الأحزاب الأخرى... فكما هو متعارف على وجود عتبة دنيا (نسبة من الأصوات) لدخول البرلمان (مقدارها 3% أو 5% في بعض الدول) من المفيد أن ينص الدستور وقانون الانتخابات على عتبة عليا (نسبة تصل إلى 40% كحد أقصى) لنصيب أي حزب من المقاعد في البرلمان. على أن يعاد انتخاب المقاعد التي تزيد على تلك النسبة التي يحوز عليها أي حزب لتتوزع على الأحزاب الأخرى...
ـ فصل السلطات، وحصر المناصب الحكومية الأساسية في الدولة وأعضاء المحكمة الدستورية والقضاة، ومناصب المدراء بمهنيين مستقلين (تكنوقراط)، وإبعاد الصفة الحزبية عنهم، وعدم احتكارها من قبل حزب الأغلبية...
ثالثاً: التداول السلمي للسلطة:
لمسألة تداول السلطة ميزة هامة: تجعل من في الحكم يحترم القانون، ويخفف من طغيانه وغلوائه واستبداده؛ لأنّه يعلم أنّه سيُسأل دائماً عن تصرفاته وعن احترامه للقانون الذي يحرسه وهذا يساهم في بناء دولة الحق والقانون ويزيد الدولة قوة ومنعة.
رابعاً: السلطة والدولة لجميع المواطنين:
ـ من الضروري أن تؤكد مواد الدستور على أنّ الدولة لجميع المواطنين بغض النظر عن الدين، والمذهب، والطائفة، والعرق، أو الجنس، وعلى أنّ دولة المواطنة العادلة تعالج مسألة تحرير المرأة ونيلها حقوقها كاملة في العمل والحقوق والواجبات بالتساوي مع الرجل... ومن الضروري تطبيق ذلك في الحياة العملية اليومية، وليس في التشريعات القانونية وحدها، بوضع آليات عملية للتأكد من سيادة العدالة وحسن تطبيق هذه التشريعات.
ـ العدالة الاقتصادية الاجتماعية هي أساس العدالة القانونية، وعلى سلطة الدولة أن تسعى باستمرار لتحقيق هذه العدالة، كي يحصل النساء والرجال على حقوقهم... وتتطور الدولة عندما تحصل المرأة على حقوقها بالتعادل والمساواة مع الرجل.
وتتجلى عدالة السلطة في الدور الاجتماعي الإيجابي للدولة، في معالجة مسألة الاغتراب، أي معالجة الأسباب، وخاصة الاقتصادية، التي تجعل الناس غرباء عن بعضهم بعضاً، وعن المجتمع الذي يعيشون فيه، وتحريرهم من عبوديتهم للحاجة الاقتصادية وللسلعة، ويساهم في معالجة هذه المسألة التوزيع العادل للثروة ونموها المستمر، ويتطلب ذلك اعتماد سياسة اقتصادية تنموية حقيقية، ووضع الخطط العملية الفعّالة التي تضمن التنمية الاقتصادية المتواصلة، واعتماد سياسة ضريبية منصفة ومحفزة للإنتاج في الوقت نفسه تضع حداً للسياسات الليبرالية المتوحشة، وتعالج سلبيات ما يعرف باقتصاد السوق الاجتماعي... مع ضرورة وجود رقابة شعبية تساعدها وسائل إعلام حرة مسؤولة وموضوعية حقيقية على مختلف مفاصل ومراحل إنتاج وتوزيع الثروة... واعتماد أساليب تحفيز المنتجين والمبدعين، ومحاسبة الفاسدين والمستغلين. ومعالجة مسألة التحكم بالاقتصاد الذي تقوم به بعض الحكومات والمؤسسات الاقتصادية لصالح فئة، أو طبقة ما، والحد من إمكانية تلك المؤسسات وضع قوانين اقتصادية تجبر المواطنين على سلوك حياة اقتصادية مالية بنكية يومية بعيدة عن الاستقلال الذاتي الاقتصادي تخدم البنوك ورجال المال...
ـ وعند الحديث عن العدالة الاجتماعية من المفيد التذكير والاعتراف بأن تطبيق الإجراءات الاشتراكية الديمقراطية في مختلف البلدان المتطورة يساهم في تخفيف التناقضات الطبقية في مجتمعاتها؛ وتتطلب الإجراءات الاشتراكية الديمقراطية تنمية اقتصادية اجتماعية، وتطوراً صناعياً واهتماماً جدياً بمعالجة مسألة التنمية الزراعية، وتطوير الإنتاج التقني الزراعي وإدخال الصناعة إلى الريف بإشادة معامل الصناعات الغذائية، وإدخال التكنولوجيا والتقنيات الحديثة إلى الزراعة، وشمل الريف بخطط التنوير الثقافي للارتقاء بمستوي حياة ووعي السكان في الريف، مما يساهم في فك الروابط الجامدة بين البنيان التحتي والبنان الفوقي؛ تلك الروابط التي تعيق تطور المجال السياسي وتحط من الوعي الاجتماعي وتبقيه أسيراً لمفاعيل روابط القرابات المتخلفة من طائفية، ومذهبية، وعشائرية، وحزبية منغلقة...
ـ يتطلب إعادة بناء ما خلفه الدمار الكبير، وتفاعل الدول الخارجية مع هذا الواقع، تنفيذ مشروع يضاهي مشروع مارشال الذي عرفته أوربا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، على أن تكون مهام التنمية الشاملة ومصلحة الوطن والشعب في أساس مهامّه.
في دور الدولة الاقتصادي
يمكن تلخيص دور الدولة الناجح في مجال التنمية الاقتصادية والبشرية فيما يلي:
ـ اعتماد مشروع وطني حقيقي فعّال للتنمية ومحاسبة السلطة الحاكمة بمدى تنفيذه، ووضع الأسس السليمة لمكافحة أسباب ظهور الفساد، واعتماد ضوابط فعّالة لعدم تهريب الأموال إلى الخارج...
ـ الاهتمام بمسائل تطور الإدارة والتقدم الإداري لبناء إدارة وطنية غيورة على صالح الوطن والمواطن بما ينسجم مع متطلبات التنمية، والتقدم الاقتصادي الصناعي والبشري، وتشجيع المبدعين والمخترعين بإقامة مشاريع لاستثمار اختراعاتهم في مشاريع صغيرة ومتوسطة ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة عموماً.
ـ اعتماد منهج التخطيط(28) مع تحديد أسس تنفيذ الخطط لبناء وتنمية صناعة الآلات والمعدات إلى جانب الصناعات الخفيفة للتقليل من الواردات وزيادة الصادرات. ومنح الحوافز التمويلية، والضريبية على نحو انتقائي يخدم مشاريع الصناعات المتقدمة، وليس مشاريع صنع السلع الاستهلاكية البسيطة...
ـ اعتماد منهج التخطيط التأشيري المرن، وإبداع الحوافز الضرورية للتنمية... واعتماد سبل القيادة التوجيهية للقطاع الخاص، ومعالجة حالة القطاع العام المترهل، واعتماد الأسس والقوانين والشروط التي تحمي القطاع الخاص والتي تساعد في تحقيق الأرباح التي تساهم في بناء وتنمية صناعات جديدة متقدمة. واعتماد إجراءات تحفيز القطاع الخاص لاعتماد مشروع وطني يعزز الاستثمارات داخل الوطن، والابتعاد عن عقلية الربح السريع وتهريب الأموال إلى الخارج.
ـ وضع الخطط الحقيقية والفعالة لاستثمار المساعدات وعوائد العمالة في الخارج وفوائض التجارة الخارجية في المشاريع التنموية البشرية والصناعية المتقدمة، والابتعاد عن حصرها في دعم أسعار السلع الاستهلاكية وفي تضخيم الأعداد الفائضة من الموظفين في مختلف مؤسسات وأجهزتها.
ـ تعزيز ثقافة ورغبة واهتمام المواطنين بضرورة وأهمية الادخار للحالات الصعبة، في مواجهة ثقافة الاستهلاك لزيادة معدلات الادخار، والاستفادة منها في مجالات التنمية.
ـ وضع الخطط والأسس اللازمة لحسن الاستفادة من العلاقات مع الدول المجاورة، وأسس استثمار عوائد الموارد الطبيعية بما في ذلك النفط والغاز.
ـ تطوير العلم، والبحث العلمي، وترسيخ المنهج العقلي، والعقلانية في مواجهة التخلف، ووضع أسس استثمار البحث العلمي في الصناعة والاقتصاد... وكيفية مواجهة الثقافة المتخلفة التي يرد بعضها من الخارج، وأسس مواجهة المشاريع الخارجية المعادية.
ـ الاهتمام بالآثار والمعالم الثقافية، والتخطيط الأمثل لجعل الاستثمار السياحي حافزاً ومساعداً في مشاريع التنمية الشاملة.
في أساليب الحكم الديمقراطي في الدول متعددة المذاهب والقوميات:
من نماذج الدولة العصرية الملائمة للمجتمع متعدد الديانات والمذاهب والقوميات، المجتمع الذي يخطو بتؤدة على مسار تعلم فن السياسة، نموذج الجمهورية البرلمانية الرئاسية التعددية التداولية، العلمانية، التي تنتخب مؤسساتها على أسس ديمقراطية، تلبي متطلبات حرية، وكرامة، حقوق الإنسان لجميع القوميات والديانات والطوائف والمذاهب...
وفي هذا السياق من الضروري التوقف عند الرؤية والدعوات التي ترتفع، لوضع دستور يعتمد ما يسمى الديمقراطية التوافقية (لطمأنة) المجموعات الإثنية والطائفية والأقليات في البلاد... وتقوم هذه الرؤية على منطق يرى أنّ المجتمع يقوم على الأعراق والطوائف، وهذا المنطق أقرب إلى العنصرية، ويساهم في تفتيت بنية المجتمع، بربط كلّ ما يجمع أبناءه، ويحميهم، ليس إلى الانتماء الوطني، بل إلى العشائري والطائفي، والعرقي... إذ تهدف الدعوة إلى الديمقراطية التوافقية إلى توزيع السلطات بين ممثلي الطوائف والأعراق، وهذا يؤسس، ويكرس انقسام المجتمع، بالإسهام في جعل الهويات الطائفية والإثنية هي المرجع الأساسي لأبناء المجتمع والدولة، فتقوم العلاقة بين أبناء المجتمع على هذا الأساس، وليس على أساس المواطنة، مما يفاقم المشكلات الاجتماعية الاقتصادية ولا يحلّها... من هنا تأتي أهمية الدعوة لبناء الدولة الحديثة على أساس المواطنة والديمقراطية السياسية العامة، وليس التوافقية... فدولة المواطنة القائمة على الديمقراطية بمفهومها السياسي العام تحوّل أبناء المجتمع من أبناء قبائل وعشائر إلى مواطنين متساوي الحقوق أمام القانون، فضلاً عن تأمين حرياتهم وحقوقهم السياسية، ويساهم ذلك في تجاوز الانقسامات الاجتماعية، ويساهم في معالجة مختلف أشكال التناقضات في المجتمع، مع سيادة القانون، والعدالة السياسية، والاقتصادية والاجتماعية، وتصبح الدولة وليس الطائفة، أو العشيرة، أو القبيلة مرجعاً لجميع أبنائها... فدولة المواطنة تضع الإنسان، وكرامته، والرقي بإنسانيته في جوهر خططها، وسياستها، وتعدّ الإنسان العنصر الأساسي في الدولة، وغايتها، وهي تضمن حمايته من أي نوع من أنواع ونوازع الانحراف و الإجرام والسلوك الضيق واللإنساني...
ومن الجدير بالذكر أنّ الدعوات إلى الديمقراطية التوافقية تترافق مع دعوات إلى الفيدرالية(29)...
إنّ الاقتراحات الفيدرالية التي يتم تقديمها في ظروف غير ناضجة غير قابلة للتطبيق، وقد يؤدي فرضها إلى تقسيم البلاد... ومع التأكيد على وجوب أن يضمن دستور البلاد حقوق الإنسان ونيل جميع أبناء المجتمع حقوقهم المتساوية كاملة مهما كانت قوميتهم أو ديانتهم أو مذهبهم، أو طائفتهم، أو جنسهم، بما في ذلك الحقوق القومية... ومن الضروري الاستفادة من التنوع والاختلاف وصراع الآراء لزيادة غنى الإنسان ثقافياً ومادياً وروحياً...
مع التأكيد على أنّّّّّ بناء دولة المواطنة العلمانية المتحضرة أساس الخروج من الأزمة؛ فالأسس السليمة لبناء الدولة القابلة للبقاء والتطور هي الأسس الديمقراطية القانونية التي تجعل الشعب يمارس السلطة ويشعر بأن الدولة لجميع أبنائها يتداولون الحكم فيها وفق آليات ديمقراطية يتفقون عليها... وأن يكون جوهر أسلوب الحكم المرن مفتوح الآفاق هو: الحرية، والكرامة، والتنمية والعدالة والتنوير ليشكل أساساً قانونياً يلبي تطلعات ومتطلبات أبناء المجتمع من جميع الأعراق والشرائح وخاصة الشباب في ممارسة حقوقهم السياسية والاقتصادية...
وللحفاظ على وجدة الدول متعددة القوميات، والديانات، والمذاهب، والطوائف، من الضروري:
ـ أن تتوزع السلطة فيها بين إدارة مركزية موضوعية، وإدارات محلية ذات صلاحيات إدارية محلية واسعة، علماً أنّ السياسة الخارجية، والأمن، والدفاع، والاقتصاد هي من صلاحيات المركز الأساسية.
ـ وضع وتطبيق القوانين التي تحدد صلاحيات المركز وصلاحيات دوائر، ومؤسسات الإدارة المحلية، وإيجاد السبل وعدم طغيان المركز، أو أي أدارة، ومؤسسة من مؤسسات السلطة عليها.
ـ انتخاب رؤساء سلطات الإدارة المحلية من الشعب مباشرة.
ـ عدالة وحسن توزيع الثروة بين المركز، والدوائر المحلية، وتفعيل دور الرقابة الشعبية، والإعلامية على عمل المركز والإدارات...

وتبقى مسألة البحث عن شكل السلطة وأسلوب الحكم المناسب في القرن الواحد والعشرين مفتوحة للنقاش وتحتاج للبحث النقدي والإغناء من قبل جميع المفكرين والباحثين المهتمين بمستقبل الشعوب، وقد يكون مفيداً وضع مهمة إيجاد صيغ لأسلوب حكم عصرية متحضرة مرنة مفتوحة الآفاق تعالج التناقضات في المجتمعات البشرية من مهام مؤسسات الأمم المتحدة في إطار جهودها لمعالجة الأمراض الاجتماعية الناجمة عن أساليب الحكم والبنى السياسية الفاسدة بما فيها أساليب الحكم الليبرالية المتوحشة المهيمنة في العديد من البلدان والتي تقود إلى التطرف والإرهاب...
الصفصافة ـ طرطوس ـ نيسان (أبريل) 2015


الهوامش
(1) عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي ـ مقدمة ابن خلدون ـ دار القلم ـ بيروت ـ الطبعة الرابعة 1981. ص41
(2) المصدر السابق. ص170-175
(3) المصدر السابق. ص39
(4) السلطة: السَّلاطةُ في القواميس العربية: القَهْرُ، وقد سَلَّطَه اللّهُ فتَسَلَّطَ عليهم، والاسم سُلْطة، بالضم. والسُّلْطانُ الحُجَّةُ والبُرْهان. وسُلْطانُ كل شيء: شِدَّتُه وحِدَّتُه وسَطْوَتُه، قيل من اللسانِ السَّليطِ الحدِيدِ. قال الأَزهري: السَّلاطة بمعنى الحِدَّةِ.
والسلطة في الدولة، هي نطاق الصلاحيات المشروعة التي تتمتع بها مؤسسة عندما تتصرف بالنيابة عن الدولة. وتُمنح هذه الصلاحيات من خلال القنوات المعترف بها رسميًا داخل الدولة، وتمثل جزءًا من السلطة العامة للدولة. على سبيل المثال، قد تتمتع حكومة ما بسلطة لإعدام المجرمين. ويمكن للحكومة أن تقيم هيئة محلفين مخولة لتحديد ما إذا كان المواطن مجرمًا أو غير مجرم؛ وقاض مخول بالحكم على المجرمين بالإعدام؛ وجلاد مخول بقتل المجرمين الذين حكم عليهم بالإعدام. وفي المقابل، قد يتمتع حشد من المواطنين بالقوة اللازمة للقيام بكل ذلك، لكنّهم لا يتمتعون بالسلطة لأن الإجراءات لن تكون مشروعة. وتتعدد السلطات، منها الروحية والدينية والمعنوية...الخ
(5) عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي ـ مقدمة ابن خلدون ـ دار القلم ـ بيروت ـ الطبعة الرابعة 1981. ص303
(6) المصدر السابق. ص286-288
(7) علم الدين عبد اللطيف ــ المقدس والدولة -دار الحوارـ اللاذقية - 2016- ص103ص104
(8) د. مصطفى أحمد تركي ـ عالم الفكر ـ العدد2 عام 1993 ـ الكويت. ص148
(9) المصدر السابق ص159
(10) المصدر السابق ص165
(11) فجر العلم الحديث ـ عالم المعرفة ـ الكويت عدد آب (أغسطس) 2000م ص137-154
(12) علم الدين عبد اللطيف ــ المقدس والدولة -دار الحوارـ اللاذقية - 2016- ص29 -33
(13) المصدر نفسه. ص25
(14) المصدر نفسه. ص34
(15) المصدر نفسه. ص9-15
(16) انجلس ـ أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة ـ مختارات ـ دار التقدم ـ موسكو ـص171
(17) المصدر السابق. ص193-201
(18) المصدر السابق. ص323
(19) المصدر السابق. ص319
(20) المصدر السابق. ص327
(21) المصدر السابق. ص409 -410
(22) لينين ـ المختارات باللغة العربية ـ المجلد 9 ـ دار التقدم موسكو 1977. ص93
(23) المصدر السابق. ص380
(24) شاهر أحمد نصر ـ الدولة والمجتمع المدني ـ دار الرأي ـ دمشق 2005. ص35
(25) عالم الفكر ـ العدد2 عام 1993 ـ الكويت. ص36
(26) حدد الطبري سنة "15هـ / 636م" كتاريخ لوضع الديوان على يد عمر، فقال: "وفي هذه السنة فرض عمر للمسلمين، ودون الدواوين، وأعطى العطايا على السابقة"، في حين حدد البلاذري سنة "20هـ/ 641م"، فقد ذكر "لما أجمع عمر على تدوين الديوان، وذلك في المحرم سنة عشرين"، ولكن جميع الروايات تتفق حول نقطة جوهرية، وهي أن كثرة تدفق الأموال على المدينة المنورة من فتوح الأمصار، كانت السبب الذي دعا عمر إلى وضع الديوان. وتتكرر في المصادر رواية عن خمس البحرين الذي كان سببًا لتأسيس الديوان، يقول الماوردي: "واختلف الناس في سبب وضعه له، فقال قوم: سببه أن أبا هريرة قدم عليه بمال من البحرين، فقال له عمر: ماذا جئت به؟ فقال: خمسمائة ألف درهم، فاستكثره عمر، فقال: أتدري ما تقول؟ قال: نعم مائة ألف خمس مرات، فقال عمر: أطيب هو؟ فقال: لا أدري، فصعد عمر المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس قد جاءنا مال كثير، فإن شئتم كلنا لكم كيلًا، وإن شئتم عددنا لكم عدًا، فقام إليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين قد رأيت الأعاجم يدونون ديوانًا لهم، فدون أنت لنا ديواناً. (شبكة الانترنت الدولية)
(27) أوليفي دو هاميل ـ الديموقراطيات ـ أنظمتها ـ تاريخها ومتطلباتها ـ ترجمة علي باشا ـ وزارة الثقافة ـ دمشق 1998. ص339
(28) يصنف التخطيط الاقتصادي في أربعة أصناف مختلفة، هي:
ألاً: تصنيف التخطيط وفقاً لدرج الالتزام بالتنفيذ:
1ـ التخطيط الاستراتيجي: الذي يرسم مسارات نمو الاقتصاد الوطني على المدى البعيد.
2ـ التخطيط التوجيهي: الذي تلتزم بموجبه الجهات الحكومية (القطاع العام) بتنفيذ ما تتضمنه الخطة من أهداف وسياسات وبرامج ومشاريع.
3ـ التخطيط التأشيري، الذي يهدف إلى تهيئة البيئة المواتية لنمو القطاع الخاص من خلال مجموعة متكاملة من السياسات والحوافز والفرص الاستثمارية، وفي جذب الاستثمارات الخاصة للإسهام في تحقيق أهداف الخطة من غير إلزام أو إجبار.
ثانياً: تصنيف التخطيط حسب درجة الشمول،
1ـ التخطيط القومي الشامل، وهو يغطى كافة مناطق وأقاليم الدولة. ويسعى إلى تحقيق أغراض التنمية في مختلف القطاعات (زراعية، صناعية، خدمية، اجتماعية، الخ). فضلاً عن رفع مستوى معيشة المواطنين في إطار نظام متكامل على الصعيدين الكلي والقطاعي، ويهتم هذا النوع من التخطيط بالإجماليات أي ما يتعلق بمعدل النمو العام، ومقدار الاستثمار الوطني، والقوى العاملة، وغيرها.
2ـ التخطيط القطاعي، حيث يهدف إلى تحقيق التنمية من خلال التغيير الهيكلي للاقتصاد على أساس قطاعي، وإعداد الخطط القطاعية لتشكل بمجملها الخطة الوطنية الشاملة.
3 ـ التخطيط الإقليمي، ويهدف إلى تنمية إقليم أو منطقة معينة داخل الدولة. ويسعى إلى تحقيق قدر من التوازن النسبي في النمو بين مختلف أقاليم الدولة، ويُعد التخطيط الإقليمي صورة من صور اللامركزية في التخطيط على المستوى الجغرافي.
ثالثاً: تصنيف التخطيط حسب البعد الزمني،
1ـ التخطيط طويل الأجل، فهو يشمل على أهداف يحتاج تحقيقها إلى فترة من الزمن تمتد إلى عشرة سنوات أو أكثر، ويقدم الأطر العامة والرؤى المستقبلية المتوقعة التي تساعد على وضع الخطط متوسطة وقصيرة الأجل.
2ـ التخطيط متوسط الأجل، ويتراوح مداه الزمني بين ثلاثة سنوات وسبع سنوات. يجب ألا يكون البعد الزمني للخطة طويلاً جداً بحيث يصعب معه إجراء التنبوء أو التقديرات الخاصة بالمتغيرات المختلفة في الاقتصاد القومي بدرجة كافية من الجدية، وفي نفس الوقت يجب ألا يكون في القصر بحيث لا يستطيع تغطية الفترة الكافية لإنشاء المشروعات الأساسية في الخطة.
3 ـ التخطيط قصير الأجل، حيث يتراوح مداه الزمني بين ستة شهور وسنتين. ويسمى عادة بالخطة التنفيذية.
رابعاً: تصنيف التخطيط حسب درجة المركزية:
1 ـ التخطيط المركزي، الذي يتم فيه وضع الخطة والإشراف على تنفيذها من أعلى إلى أسفل من قبل السلطات المركزية: وزارة أو هيئة أو مجلس..
2 ـ التخطيط اللامركزي، الذي تشترك فيه الهيئات الإقليمية والمحلية من أسفل إلى أعلى.
(29) الفدرالية (الاتحادية) شكل من أشكال الحكم تكون السلطات فيه مقسمة دستوريا !بين حكومة مركزية (حكومة فيدرالية أو اتحادية ) ووحدات حكومية أصغر (الأقاليم، الولايات)، ويكون كلا المستويين المذكورين من الحكومة معتمد أحدهما على الآخر وتتقاسمان السيادة في الدولة. أما ما يخص الأقاليم والولايات فهي تعتبر وحدات دستورية لكل منها نظامها الأساسي الذي يحدد سلطاتها التشريعية والتنفيذيه والقضائية ويكون وضع الحكم الذاتي للأقاليم، أو الجهات أو الولايات منصوصا عليه في دستور الدولة بحيث لا يمكن تغييره بقرار أحادي من الحكومة المركزية.
الدستور في النظام الفدرالي هو السلطة العليا التي تستقي منها الدولة سلطاتها. ومن الضروري وجود قضاء مستقل لإبطال أي قانون لا يتماشى مع الدستور. ويجب أن تكون القوانين الواردة في الدستور المذكور غير قابلة للتغيير إلا من قبل سلطة أعلى أو هيئات تشريعية. وغالبا ما تؤدي صعوبة تغيير الدستور إلى نشوء مشاعر محافظة.
أما الاتحاد الكنفدرالي: فهو رابطة أعضاؤها دول مستقلة ذات سيادة والتي تفوض بموجب اتفاق مسبق بعض الصلاحيات لهيئة أو هيئات مشتركة لتنسيق سياساتها في عدد من المجالات وذلك دون أن يشكل هذا التجمع دولة أو كيانا وإلا أصبح شكلا آخرا يسمى بالفدرالية. الكنفدرالية تحترم مبدأ السيادة الدولية لأعضائها وفي نظر القانون الدولي تتشكل عبر اتفاقية لا تعدل إلا بإجماع أعضائها. ومن أبرز الكنفدراليات الحديثة الاتحاد الأوروبي أما كندا، وسويسرا، وبلجيكا، فتعدّ فدراليات.


ـــــــــــ
من النقاشات حول فقرات من المحاضرة نشرت في موقع فيسبوك:
"كيلا تتكرر مآسي هيمنة الأحزاب الشمولية على الدولة وانقلابها على العملية الديمقراطية بعد فوزها في أول انتخابات، من المفيد أن ينص الدستور، وقانون الانتخابات على عدم تجاوز نصيب أي حزب بنسبة محددة من عدد النواب في البرلمان، على أن يعاد انتخاب المقاعد التي تزيد على تلك النسبة التي يحوز عليها أي حزب لتتوزع على الأحزاب الأخرى... فكما هو متعارف على وجود عتبة دنيا (نسبة من الأصوات) لدخول البرلمان (مقدارها 3% أو 5% في بعض الدول) من المفيد أن ينص الدستور وقانون الانتخابات على عتبة عليا (نسبة تصل إلى 33% كحد أقصى) لنصيب أي حزب من المقاعد في البرلمان. على أن يعاد انتخاب المقاعد التي تزيد على تلك النسبة التي يحوز عليها أي حزب لتتوزع على الأحزاب الأخرى"... (من نص المحاضرة التي ستلقى في المركز الثقافي في المشتى بعنوان: "في جذور وآفاق بنية الدولة")
التعليقات

Saleem Youssef من أي نص قانوني او دستوري عالمي أوردت الاقتراح. . أم أنه اقتراح شخصي. .. على كل ما تقترحه هو مناف للديمقراطية وحقوق الشعب وهو أقرب للنظام الطائفي. ..
Shaher Naser لماذا العتبة الدنيا غير منافية للديمقراطية وحقوق الشعب والعليا منافية لها؟ كيف يكون برلمان لا تطغى فيه إرادة فئة واحدة طائفياً؟ مع التحية العاطرة!
Saleem Youssef حقوق الشعب عندما يمثله من ينتخبه وليس عندما يوضع حد أعلى له كما تقترح. ... لا يمكن ان نكون اوصياء على خيارات الناس وإلا ستخلق المشاكل
راتب الحلاق هههه
اختلاف على تقاسم جلد الدب قبل اصطياده
Shaher Naser هههه،
أولاً؛ هذا بحث عام عن أفضل أساليب الحكم والسلطة في الألفية الثالثة، ولا يتعلق البحث، ولا الاختلاف في الرأي في هذه المسألة بأي دبّ محدد، ولا بجلد الدبّ،
ثانياً؛ هل تعتقد دكتورنا المحترم أن التفكير، ومحاولة إيجاد حلول للمآزق التي قاد الحكم الشمولي، أو الليبرالي المتوحش المجتمع إليها، ومحاولة رسم آفاق معالجة أمراض المجتمع الناجمة عن طابع بعض السلطات، والاختلاف في الآراء حول هذه المسألة هو اختلاف على تقاسم جلد الدب؟!
قد نكون موفقين، أو غير موفقين في البحث في هذه المسألة الهامة، والمفتوحة للنقاش، والتي تحتاج إلى كثير من الجهد، والتصويب؛ لكنني أزعم أنّ الغيورين على مستقبل شعوبهم لا يفكرون بجلد الدبّ...
مع التحية العاطرة
حسين عبد اللطيف يمكن التدليل على السياق بتجربة حزب العدالة والتنمية، وما مكن أردوغان من الإنقلاب على الدستور...
الفكرة لافتة وتتسع لنقاش محترم...
Shaher Naser وتبقى مسألة تطبيق الديمقراطية وبناء الدولة على أسس تنسجم مع متطلبات العصر مفتوحة وفي حاجة إلى نقاش مفتوح... مع التحية العاطرة!
Mariam A Maree انشالله اﻻحزاب الكثيرة العدد تتنافس على مصلحة الوطن
الأرقم الزعبي عندما تكون اﻻنتخابات حرة..وهناك تداول للسلطة ﻻ يوجد مشكلة ..المشكلة الكبرى التي ستواجه مجتمعنا في حال طبقت الديمقراطية اكثر مما هي عليه هي وصول زعماء العشائر والتجار ورجال الدين والمهربين والمتطرفين ..الديمقراطية لها ثمن وضرائب لم نتدرب عليها ..
Shaher Naser نعم، وهذا يتطلب اعتماد الديمقراطية السياسية القائمة على مبدأ المواطنة والانتماء للوطن وليس المذهب أو الطائفة أو العرق، والابتعاد عمّ يسمى الديمقراطية التوافقية
أبو روزا عند كل ازمةولدى الشعوب كافة يبدء البحث عن جنس الملائكة مع ان الاتجاه للخلاص واضح وفي بلدنا لا بد من الدمج بين الوطني مع الاقتصادي الاجتماعي والديمقراطي اتركو تحديد جنس الملائكة للذين خربو البلد يتلهو فيها
Shaher Naser ومن الضروري أن نبحث عن الحلم بالجنة على الأرض
علي عمران ولكن ،لنفترض أن اكثر من حزب نال نسبة 33/بالمئة ، وهذا ممكن نظريا ،فكيف سيتم تشكيل الحكومة ، ومن سيقود البلاد؟
لذلك أقترح أن تكون النسبة العليا /45/بالمئة ،لكي تكون القيادة لمن يحوز النسبة الأعلى.
ولكم التحية.
Shaher Naser أشكرك على هذه الملاحظة، لكنني أفضل الحكومة الإئتلافية من أكثر من لونين لذلك يمكن الدعوة إلى نسبة وسط بين 33و45 لزيادة فرص الاحتمالات لمختلف الاتجاهات السياسية في وضع خطط وبناء البلاد
عفيف الدبل افرازات الديمقراطية قد تكون مؤلمة..
ومؤلمة جدا..
لكن لابديل عنها لصرف الاختلافات بالطرق السلمية.....عرض المزيد
Shaher Naser نعم بوجود الديمقراطية السياسية القائمة على مبدأ المواطنة وليس الديمقراطية القائمة على التوافق الطائفي
حسين عبد اللطيف يمكن الاستدلال بأسلوب دولتنا الحديثة جداً في القطاع المشترك الإقتصادي،( حيث لا شراكة إلا ه) حيث تتملك الدولة نسبة 51% من أي عقد شراكة ! وترتفع النسبة تلقائياً مع الوقت، بحيث تصل إلى قمة ( الديمقراطية) خلال فترة الشراكة، وهذا ينطبق بدوره على طريقة الإدارة والسياسة وأسلوب الحكم.
تحية لك صديقي علي عمران
Shaher Naser أسس شراكة الدولة الاقتصادية مع القطاعات الأخرى بما فيها الخارجية تطلب سيادة الدولة على اقتصادها الوطني خاصة في المفاصل الساسية للاقتصادة، أم الديمقراطية السياسية لتحديد سلطة حكم الدولة فهي شراكة وطنية داخلية بحت، وتجارب طغيان ما سمي في الدول الشيوعية بالحزب القائد ونقله إلى الدول الأخرى وأثره السلبي على تطور البلاد يتطلب البحث عن مخارج كيلا تتكرر المآسي
أم فراس أخي العزيز شاهر ماضل في احزاب كل حزب صار شيء أربع خمس أقسام على كلا انا مع عدم كثرت النواب في المجلس لأن مابقدم ولابياخر
Shaher Naser حتى الآن البرلمان والتجرية الديمقراطية هي أفضل حل سياسي متاح، وهذا لا يمنع من التفكير في تطوير التجربة أو إيجاد البديل، لكن لا نستطيع رفض الممكن والمجرب والمتاح قبل إيجاد البديل
علي إبراهيم علي رأس المال لديه من الذكاء الكثير لكي يطوع أكبر الدمقراطيات .الأمثلة كثيرة في بريطانية و أمريكا و ألمانيا و فرنسا و روسيا .هناك حزبان يتناوبون على الحكم و باقي الأحزاب شماعة لتكريس مفهوم الديمقراطية.
Shaher Naser البشرية ككل تعيش أزمة في اساليب الحكم سواء الاشتراكية أو الليبرالية المتوحشة، وهذا يبين ضرورة البحث باستمرار عن سبل تطوير التجربة الديمقراطية، وعدم تقديس اي تجربة
علي إبراهيم علي لعل ما تطرحه يصل بالديموقراطية إلى مكان تنمو كما .تحلم و تحلم الشعوب
Husam Khadour سابقة تاريخية، غير ديمقراطية. يسعد صباحك. ربما الأفضل تحديد العتبة الأدنى بحيث تكون أقل من 5% من عدد الأصوات التي تمثَّل في البرلمان.. يسعد صباحك.
Shaher Naser نعم أعلم أنّها سابقة تاريخية، لكن عدّها غير ديمقراطية يحتاج إلى تمعن، فهل هيمنة حزب واحد أو حزبين مدى الحياة، على أي بلاد بحجة الديمقراطية أمر ديمقراطي؟ ما يحدث في منطقتنا تعبير عن المأزق الذي وصلت إليه أساليب الحكم في القرن العشرين، بما فيها أشكال الح...عرض المزيد
Husam Khadour صديقي العزيز، هذا الأمر يتعلق بقانون الانتخاب هل هو نسبي أم أكثري، وبالتالي يمكن العمل على قانون انتخاب نسبي عتبته متدنية جداً بحيث يتمثل في المجلس النيابي كل القوى والفئات الاجتماعية.
Adnan Nader ساكون اكثر جراة وصراحة
الديمقراطية في البلدان المتخلفة كسوريا والتي ﻻ يوجد فيها وعي اجتماعي وسياسي كافيين قد تتحول نتائج اﻻنتخابات الى كارثة حقيقية فبعد المأساة السورية ولنكن واقعيين فالمسلم السني يصوت لزبال سني لرئاسة الجمهورية وﻻ يصوت لفيلسوف علوي ا...عرض المزيد
Shaher Naser إشارتكم إلى تعقيد الوضع السوري إشارة صحيحة؛ وهي تؤكد ضرورة تقعيد (وضع قواعد سليمة) العملية الديمقراطية
Maane Hezi كلام شمولي غير سليم
Ky Diab بالتوفيق دائما ان شاالله
Shaher Naser شكراً جزيلاً
Ziad Edriss سوريا لها تجربة بالديمقراطية قبل الوحدة وحبذا لو درست حتى نعرف سبب فشلها فالمجالس النيابية نادرا ما استطاعت وضع ميزانية سنوية للدولة وعجزت عن القيام بمناقشة مشاريع تنمية واقرارها فضلل عن عدم الاستقرار الذي تجلى في تعدد الانتخابات والدساتير وتشكيل الوزارات في فترة قصيرة .
السبب هو عدم وجود احزاب قوية تستطيع الحصول على ثقة الشعب وتدير امور البلاد . فالمستقلين هم مرض البرلمانات ولا يوجد سوى في بلادنا مستقلين .
Shaher Naser نعم، الشعب السوري عرف تجارب ديمقراطية من المفيد والضروري الاستفادة منها
Nabil Saab تحياتي اعتقد ان تحديد نسبة تمنع تغول طائفة ما ولبس حزبا ما امر ضروري ويشترط لتجنب ذلك منع قيام اي حزب او تجمع على اساس طائفي مناطقي كما يمنع ترشح المستقلين وجعل الانتخابات على البرامج وليس على الاشخاص واهم من ذلك وجود عقد اجتماعي مسبق لا يحق لاحد تغيي...عرض المزيد
Shaher Naser الأفكار التي تطرحها غنية ومفيدة، لكن منع ترشيح المستقلين لا يتفق مع حقوق الإنسان، وأنت محق في أنّ منع طغيان الطائفية يتطلب تبني قوانين أحزاب وانتخابات على أسس سياسية وطنية (قائمة على مبدأ المواطنة) وحظر هيمنة أو طغيان الأحادية الحزبية الطائفية أو العرقية، والابتعاد عمّ يسمى الديمقراطية التوافقية واعتماد الديمقراطية السياسية الوطنية..
Maane Hezi استقلال القضاء.والغاء مايسمى الأمن السياسي ومفرزاته.وتنشيط دور المجتمع المدني .أمور لابد منها لمنع تغول السلطةوتطور الديموقراطية
Shaher Roustom الفكرة قيمه وجديره بالمناقشة! تجربة اردوغان موذج يؤيد تداعيات وصول حزب شمولي لأغلبيه المقاعد فيتحول حاكما مؤبدا
Salami Ibrahim ربما الديمقراطية ليست الخيار المثالي حتى الان في عصرنا الراهن ... لكنها الأفضل حاليا من الأحزاب الشمولية 100%......و الوصول إلى الوجهة الصحيحة يحتاج إلى عمل كبير و يكون ثمره....
السؤال للصديقة المخلصةهل نحن في الاتجاه او الوجهة؟ ؟؟!!!!
توفيق عيسى لامااحذرت الناس تصوت حسب مصالحها والاخونجي زوجته لا تصوت له ومعاوية انتصر على علي بالحياة ودائما النصرالحياة ولصالح حرية وجيوب الناس وهذه فزيعة للهروب من الدمقراطية والتعصب يكون في الاقليات وليس في الاغلبية
توفيق عيسى عذرا الردليس لك الردلعدنان نادر قرات رده كمقال كنت في جومزحوم
حسن زيارة بالتوفيق ان شاء الله
اسماعيل شعبان شعبان حبذا ترك المجتمع بحريته يختاررالافضل له من المرشحين اشخاص او ممثلينىعن احزاب. مع اقتراح تحديد عتبةعليا لاتتجاز33% لكل حزب مع عدم تحديد عتبة دنيالان راي كل منتخب له قيمة في اتخاذ القرارات. حتىىلايسيطرتيارواحد علىالبلد.
ولتكن القوانين والقرارات المهمة د...عرض المزيد