الرجم شريعة يهودية


خالص جلبي
الحوار المتمدن - العدد: 5207 - 2016 / 6 / 28 - 09:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     



هناك أحاديث تزعم الرجم وقد اعتمدها الفقه الإسلامي أزيد من ألف سنة حتى حصلت تطورات الحداثة في محاولة لفهم آلية عمل النصوص وظروف تطبيقها، وهل يمكن أن نعقل رجم امرأة حتى الموت بالحجارة كما فعلت فيروسات داعش وهو مسرورة أنها أخيرا طبقت الشريعة الموعودة وإقامة الخلافة الغائبة عفوا الخرافة.
أخيرا نطق القرضاوي بالحكم، بعد تردد أخذ أربعين عاما؟ قال القرضاوي إن لا وجود لحكم الرجم في القرآن؟ وأنه سمع من الشيخ أبي زهرة أنه تكتم على الموضوع عشرين سنة قبل أن يبوح بذلك للشيخ القرضاوي، والقرضاوي بدوره تكتم على الموضوع عشرين سنة أخرى قبل أن يفتح فاهه فيتكلم بالحكمة، وشكرا أن جاءت في رمضان بعد 1437 عاما من الهجرة؟ ويقول ـ نقلا عن أبي زهرة ـ إنه ليس من آية في القرآن إلا الجلد، وحين تقول آية سورة النساء فعليهن نصف ماعلى المحصنات من العذاب، فلا يوجد موت نصفي بحكم يموت فيه شق الإنسان ويبقى نصفه الآخر حي يرزق.
ثم لمن الجلد وليس الرجم؟ لذلك الذي وقف يبول في الشارع علنا ـ عفوا من التعبير ـ فالعملية الجنسية بالأصل علاقة حميمية لايتمتع بها صاحبها في عرض الشارع، بل في مكان خفي تفعله الحيوانات والطيور والبغال والحمير وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب..
وهذا يعني أن (أم جميل) التي كانت تغشى مجالس الرجال، كما جاء في أخبار العمرين (يراجع كتاب أخبار عمر من تأليف الطنطاويين ناجي وعلي، وكذلك كتاب أحكام سورة النور لأبي الأعلى المودودي) التي كانت قد اتهمت بعلاقتها بحاكم الكوفة (شعبة بن المغيرة) كان محقا حين أتى بالشهود الأربعة (منهم أبو بكرة صاحب الحديث المشهور لايفلح قوم ولوا أمرهم امراة) ليقول لهم ويلكم أخبروني بما رأيتم؟ وهناك السجف والأستار والأبواب؟ فما زال فيهم وهم يكرر ويسمع شهادة كل واحد بمفرده هل رأيت العملية الجنسية مثل الميل في المكحلة؟ كان عمر دقيقا رهيفا يعرف أن مثل هذه الأمور لايمكن أن تتم في عرض الشارع، فلما اضطربت أقوال الشهود جرهم إلى الجلد العلني بثمانين جلدة تحت مقولة الآية من سورة النور (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولاتقبلوا لهم شهادة أبدا). وتوقعي أن عمر ر كان عبقريا مبدعا في اكتشاف الحلول ودفع الحدود بالشبهات، وليس مثل ماقام به مجرمو داعش الذين أحيوا الخوارج من قبورهم الزرق والأصفرية والأباضية وتمتعوا جدا ـ أنهم أقاموا الشريعة أخيرا ـ برمي المسكينة ـ بالشبهة ـ في الرقة وأبوها يضرب مع الضاربين بالحجر حتى الموت.
هذا الحكم (الرجم) سيلحقه أحكام أخرى من القرضاوي (الردة والموسيقى والمآذن والحجاب والقتال والثورة المسلحة وجواز المتغلب أن يركب ظهور الناس بالقوة والعضلات والسلاح كما حصل في انقلاب النميري وجواز الانقلاب المشئوم الأبيض) قبل أن يأتيه الأجل، حتى يبريء ذمته مع ضميره، في العقلانية المفروض أن تكون في الشريعة الإسلامية.
وأعترف أنا شخصيا أن الأمر كان مختلطا علي؛ حتى قرأت كتابا خطه رجل أردني أظن كنيته عفان، ذهب إلى (جدلية الحديث والقرآن)، وأن الحديث لايمكن أن ينقض القرآن بحال، وأنه ليس ثمة حد رجم في القرآن، وأن من اخترع هواية سقوط بعض الآيات التي نسيت يدخل الزلزلة لكل بنيان القرآن، مثل حديث الغرانيق العلى (أن الرسول ص تقرب إلى آلهة قريش أن آيات سقطت سهوا من سورة النجم تنص على مدح أصنام قريش بالقول: تلك الغرانيق العلى وأن شفاعتهم ترتجي بل ويسندوها بالاية من سورة الحج أن تمنيات النبي يدخل منها الشيطان بالقول: إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته) وحديث الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البته نكالاً من الله والله عزيز حكيم. أنها كانت آية في القرآن الكريم؟
قال الأردني عفان، أنه كان قبل نزول آية الحد في الزنى في سورة النور ثمة تطبيقات اعتمدت من الشريعة اليهودية، قبل نزول آيات القرآن المحكمات في هذا الموضوع، ونجد وحيا من هذا في سورة المائدة عن تطبيقات في الشريعة الأسلامية اختلف فيها علماء الأصول عن ينابيع التشريع في الإسلام غير الكتاب والسنة، فأضافوا كجرعة اولى القياس والإجماع، وخالف في هذا ابن حزم (ومنها سميت مدرسته بالظاهرية) فقال: جبال من الأحاديث كافية عن أي قياس، وأن آية فاعتبروا ياأولي الألباب الموجودة في سورة الحشر لاتعني القياس بحال، وأن الإجماع كلام غير واقعي فلا يمكن ولم يحصل أن اجتمع علماء العالم الإسلامي على حكم، (حاليا أصبحت ممكنة بالنت) والشاهد على هذا الكلام في العالم الإسلامي الذي يعيش في معظمه خارج إحداثيات التاريخ والجغرافيا في أنظمة سياسية قرون أوسطية، يجلس فيها الحاكم مرتاحا ممدا ساقيه على ظهور العباد إلى يوم التناد حتى تنفجر الرض بالثورة؟
أقول من هذا النموذج فضيحة تحديد يوم دخول رمضان، بين دول دخلته اليوم الأول الاثنين السادس من حزيران يونيو من عام 2016م، ودول دخلت يوم الثلاثاء السابع من يونيو حزيران، ولا ندري إن كان ثمة دول أخرى دخلت يوم الثامن والتاسع والعاشر، في الوقت الذي يعرف علم الفلك حضيض عطارد، وكوكب صغير يدور مع دورة الأرض حول الشمس، ومذنب هالي الذي يزورنا كل سبعين عاما، ونرسل الباثفايندر إلى المريخ، ومركب الهوريازون (الأفق) إلى كوكب بلوتو؟
وهناك من أضاف ستة فروع إضافية كمراجع للتشريع من نموذج العرف، والمصالح المرسلة، والاستحسان، ومذهب الصحابي، وشرع من قبلنا هل يصح أن يكون شرع لنا؟ وسد الذرائع؟ مقابل الشيعة الذين رأوا اليقين فيما فهمه أهل البيت الذين لايأتيهم الباطل من بين أيديهم ومن خلفهم؛ فأجسادهم بشرية، وألسنتهم إلهية؛ فقد أذهب الله عنهم الرجس أهل البيت وطهرهم تطهيرا.
إن ورطات الفقه التي تقود إلى تحريم قيادة السيارة على المرأة، وتعمية المرأة في الحجاب؛ فلا ترى النور إلا من شق النقاب، بما يخجل الذئب من فعله في تعبير النيهوم، وعباءة غير عملية تحدد حركة رجليها، ومكث في البيوت كي يقرن ولايتبرجن تبرج الجاهية الأولى حتى الموت ربما؟ وحكم الردة فيمن غير رأيه وبدل دينه؟ أما حكم من استمع إلى غناء وموسيقى فحكمه إدخال قمع في الأذن الوسطى وصب الآنك أي الرصاص المذاب فيه بدرجة حرارة 800 بما لم يفعله فرع فلسطين في النظام البعثي الأسدي من وسائل التعذيب، وهي نماذج لعشرات الأمثلة التي يجب من خلالها أن يجدد الفقه الميت نفسه.
المشلكة أن القرضاوي صرح فسمع له الناس، أما أن يقول هذا غير القرضاوي؛ فلسوف يقرض لحمه بالمناشير والمقارض كما تفعل فيروسات داعش، لأنه أنكر معلوما من الدين بالضرورة. وهذا يقول أن التجديد الديني يجب أن يأتي من نفس المؤسسة الدينية كما فعل لوثر قبل أن يتخلص من قميص الكثلكة فيرميه.
ينقل عن الإمام علي رضي الله عنه حين اختلف مع الخوارج فسألوه عنهم أجاب بجملة بليغة قصيرة جامعة: ليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه، وعقب بقانون عقلي صارم ويلكم لاتعرفوا الحق بالرجال. اعرفوا الحق تعرفوا أهله.
نحن إذا لم يقل القرضاوي والطباطبائي والأمام المعصوم والشيخ المقدس وعترة آل البيت وشيخ الحرمين فعقولنا مصادرة في إجازة مفتوحة.