أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - الاشتراكية لا تبنى على الفقر 2















المزيد.....


الاشتراكية لا تبنى على الفقر 2


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 1391 - 2005 / 12 / 6 - 10:46
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


منذ المؤتمر الثاني للحزب الاشتراكي الالماني سنة ۱٩۰۳، وقبل انقسامه الى بلاشفة ومنشفيك اقر برنامجه الذي وضعه لينين وكان ينص على ان الثورة في روسيا تمر بمرحلتين، مرحلة الثورة البرجوازية الديمقراطية ومرحلة الثورة الاشتراكية. وبعد انقسام الحزب الاشتراكي الديمقراطي الى بلاشفة ومنشفيك ظهر خلاف بين هاتين الفئتين في التكتيك الذي يجب ان يتبعه الحزب في الثورة البرجوازية رغم اعتراف كلا الجماعتين بمرحلتي الثورة في برنامجهما المشترك. وعقد في سبيل ذلك مؤتمران مؤتمر بلشفي وكونفرنس منشفي واعلن كل من المؤتمرين سياسته اي تكتيكه في الثورة البرجوازية الديمقراطية فكتب لينين كتابه الشهير "تكتيكان" للمقارنة بين تكتيك البلاشفة وتكتيك المنشفيك في هذه الثورة. وفي هذا الكراس شرح رائع للتكتيك الثوري للبروليتاريا في الثورة البرجوازية وفي التحول من الثورة البرجوازية الى الثورة الاشتراكية. ولم يتحدث لينين في هذا الكراس عن "المزلق الروسي وعدم تطور الراسمالية في روسيا القيصرية" بل تحدث عن ان الطبقة العاملة اصبحت من القوة والوعي بحيث انها تستطيع تحت قيادة صحيحة وبالتحالف مع القوى ذات المصلحة في الثورة ان تقود الثورة البرجوازية ذاتها وليس الثورة الاشتراكية وحدها. ومنذ ذلك الحين اصبحت الاحزاب الشيوعية تتحدث عن قيادة الطبقة العاملة للثورات البرجوازية التي اصبحت البرجوازية عاجزة عن تحقيقها تحقيقا جذريا.
ولم يكن النقاش حول وجود الراسمالية في روسيا القيصرية وتطورها جديدا اذ كان الشعبيون (النارودنيك) يعتبرون نشوء الراسمالية والطبقة العاملة في روسيا شيئا عرضيا وان الثورة في روسيا يجب ان تحققها الاغلبية الفلاحية من السكان. وشن لينين نضالا طويلا ضد النارودنيين بل كتب كتابا ضخما عن تطور الراسمالية في روسيا.
وفي بداية القرن العشرين تحولت الراسمالية نهائيا من مرحلة المنافسة الحرة الى المرحلة الامبريالية وحلل لينين هذا التحول وتوصل الى تطوير الماركسية الى ماركسية العصر الامبريالي مما استوجب مفاهيم جديدة تختلف احيانا عن المفاهيم التي توصل اليها ماركس استنادا الى مرحلة الراسمالية ما قبل الامبريالية جعلت من الضرورة تسمية الماركسية بالماركسية اللينينية. وكان من بين اهم استنتاجات لينين امكانية قيام الثورة في قطر واحد بخلاف راي ماركس وانجلز بضرورة قيام الثورة في اغلب البلدان الراسمالية. بل ان لينين توصل الى امكانية قيام الثورة في اضعف حلقة في السلسلة الامبريالية.
ولكن القيادة الصحيحة للطبقة العاملة، قيادة لينين والحزب البلشفي، لم تستطع تحقيق قيادة الطبقة العاملة للثورة البرجوازية ولم يكن تكتيك المنشفيك يؤمن بقيادة الطبقة العاملة للثورة البرجوازية لذا قامت الثورة البرجوازية في روسيا، ثورة شباط ۱٩۱٧، بالاطاحة بالقيصرية الروسية وتاسيس الجمهورية البرجوازية في روسيا. لا اريد الدخول في التفاصيل عن السلطة المزدوجة بعد ثورة شباط لان ذلك يبعدنا عن صلب الموضوع. ولكن لينين الذي وضع برنامج الحزب البلشفي في ۱٩۰۳، وامن به والتزم به، اعلن فور قيام ثورة شباط ۱٩۱٧ انتهاء المرحلة الاولى، مرحلة الثورة البرجوازية، والتحول الى مرحلة الثورة الاشتراكية حتى قبل عودته من سويسرا الى روسيا. ان هذا التحول وضرورة نشاط الحزب لتحقيق الثورة الاشتراكية كان واضحا وضوح الشمس لدى لينين، ولم يكن تغييرا للاتجاه كما علمنا الدكتور فالح.
كان امام لينين والحزب البلشفي بعد ثورة شباط ان يختار الطريق الذي ينبغي سلوكه. هل ينبغي التخلي عن شعار الثورة الاشتراكية وترك المجال للحكومة البرجوازية ان ترتفع بالمجتمع الروسي الى مستويات عالية من التطور الراسمالي ام الاعداد للثورة الاشتراكية واخذ الطبقة العاملة مهمة الارتفاع بالمجتمع الروسي الى مستويات عالية من التقدم الصناعي والاجتماعي؟ فكان قرار لينين والحزب البلشفي ان طريق الثورة الاشتراكية هو الطريق الوحيد الصحيح. بينما انحاز المنشفيك والاشتراكيون الثوريون الذين كانت لهم الاغلبية في قيادة السوفييتات حينذاك الى الحكومة البرجوازية. اذا كانت الطبقة العاملة مستعدة تحت قيادة الحزب البلشفي ان تطيح بالنظام الراسمالي فهل يجب ان يعيقها التخلف الصناعي في روسيا عن ذلك؟ ان جواب لينين كان بالنفي. فاذا كانت الطبقة العاملة وحلفاؤها الفلاحون على استعداد للاطاحة بالراسمالية فمن الجريمة ايقافها بحجة منح البرجوازية فرصة تحقيق التقدم الصناعي. ثم ان الحكومة البرجوازية لم تحقق اهم مطالب الشعب الروسي، السلام، ولم تحقق اهم مهمات الثورة البرجوازية، الاصلاح الزراعي الجذري. بل اخذت الحكومة البرجوازية تغازل الاقطاعيين وحتى العائلة المالكة رغبة في تحقيق الاتفاق معهم من اجل تحطيم الحركة العمالية. لم يكن ماركسي مثل لينين يسمح لنفسه بان يتهاون في قضية كهذه.
واذا تتبعنا تاريخ الاعداد لثورة اكتوبر الاشتراكية نرى ان هذا الاعداد كان قد صيغ صياغة دقيقة منذ نجاح ثورة شباط وحتى قيام ثورة اكتوبر بحيث ان هذه الثورة تبقى مدى الدهر اعظم ثورة عرفها التاريخ وستبقى منارا لكل ثوري ولكل حزب مؤمن بالثورة على الراسمالية الامبريالية، ولا يستطيع اي حزب تحقيق ثورته بدون الاستنارة به. لا اريد الاطالة على القارئ في الحديث عن هذه الثورة لان حقائقها معروفة ومدونة تاريخيا يستطيع كل راغب في معرفة التاريخ على حقيقته الاطلاع عليه خصوصا وان هذه السطور جاءت تمهيدا لموضوع المقال الاساسي وهو ان الاشتراكية لا تبنى على الفقر.
في القسم الاول من المقال تحدثنا عن تلاحم الغنى والفقر في المجتمعات الطبقية وكونهما وحدة نقيضين لا يوجد احدهما بدون الثاني وتؤدي زيادة احدهما بالضرورة الى زيادة النقيض الاخر. فما الذي احدثته ثورة اكتوبر الاشتراكية في وحدة النقيضين هذه؟
كانت وحدة النقيضين، الفقر والغنى، قائمة على أساس امتلاك الراسماليين لوسائل الانتاج والانتاج والارض وجميع الثروات الطبيعية وحرمان الطبقات الكادحة منها. كان هناك تناقض بين عمل الطبقة العاملة الذي اصبح جماعيا وعلاقات الانتاج، ملكية وسائل الانتاج والانتاج، التي بقيت فردية اي ملكية خاصة. فجاءت ثورة اكتوبر لتلغي هذا التناقض وتنقضه، لتحقق انسجام علاقات الانتاج، ملكية وسائل الانتاج والانتاج، مع تطور قوى الانتاج. اصبحت ملكية وسائل الانتاج ملكية جماعية مثل عملية الانتاج. وبهذا نقضت ثورة اكتوبر الاشتراكية وحدة الفقر والغنى. فلم يعد وجود لهذا التناقض. لم يعد غنى طبقة مالكة يعتمد على فقر الطبقات الكادحة. فلاول مرة اصبح الشعب الكادح بعماله وفلاحيه وسائر كادحيه مالكا لجميع وسائل الانتاج ولجميع ثروات البلاد. في يوم ثورة اكتوبر اصبح الشعب الكادح الروسي مالكا لجميع المصانع الكبيرة والبنوك والمشاريع الاقتصادية والارض وما عليها وما في باطنها. ان الشعب الكادح الروسي كان في اليوم التالي لثورة اكتوبر اغنى شعب في التاريخ، أصبح شعبا يمتلك وسائل انتاجه وانتاجه والارض وثرواته الطبيعية وهو ما لم يمتلكه اي شعب كادح اخر من قبل.
ولكن الشعب الروسي بعماله وفلاحيه امتلك ما كان متوفرا. امتلك اقتصادا متأخرا دمرته الحرب العالمية الاولى. ولكنه مع ذلك كان مالكا لهذا الاقتصاد وكان بامكانه ان يوفر عن طريق الذهب الذي تحدث عنه الدكتور فالح ما يكفي لشراء القمح وغير ذلك من المواد الغذائية لعماله العاطلين الجياع ولجيشه المدمر في اربع سنوات من الحرب لحمايته من الموت جوعا. ولكن العالم الامبريالي كله انهى الخصومة بينه، الحرب العالمية الاولى، لكي يتحد في هجومه على هذا الوليد الجديد. فكانت حرب التدخل والمقاطعة الاقتصادية من اجل اماتة هذا الشعب في الحرب ومن الجوع والحرمان. واذ ذاك ولاول مرة في التاريخ "التحمت البلشفية بالنزعة الوطنية الدفاعية" التحاما حقيقيا. التحمت النزعة الوطنية مع البلشفية لان الشعب الروسي كان اول شعب يملك وطنا حقيقيا. في كل العصور السابقة لثورة اكتوبر لم يكن للشعوب الكادحة وطن حقيقي يملكونه. كانوا يرسلون الى الذبح في الحروب للدفاع عن اوطان او لاحتلال اوطان ليست اوطانهم. لم تكن للكادحين في تلك الحروب مصلحة حقيقية بل كانوا مضللين من قبل اعلام السلطة والدين ومرغمين بحكم قوانين السلطة لتضحية انفسهم في هذه الحروب لمصلحة اسيادهم الطبقيين في مختلف العصور. لم تكن ثمة وطنية حقيقية للكادحين قبل ثورة اكتوبر. ولكن ثورة اكتوبر اعطت وطنا للكادحين لاول مرة في التاريخ. فدافع هؤلاء الكادحون بجيوشهم الجائعة العارية كل قوات الامبريالية العالمية والقوات الرجعية الداخلية التي كانت تريد سلب هذا الوطن منهم مجددا. وقد ضحى هؤلاء الكادحون بالملايين من ابنائهم من اجل حماية هذا الوطن الذي منحتهم اياه ثورة اكتوبر. ولكن الدكتور فالح لم يكلف نفسه اضافة هذه الملايين الى ضحايا ثورة اكتوبر.
صحيح ان الكادحين امتلكوا وطنهم وارضهم ووسائل انتاجهم وانتاجهم وثرواتهم الطبيعية لاول مرة، ولكن ما ورثوه عن النظام الراسمالي الاقطاعي كان شحيحا طفيفا. ورثوا صناعة كان انتاجها في الكثير من فروعها لايتجاوز ۲۰ % من انتاج ما قبل الحرب الذي كان متخلفا بالقياس الى انتاج الدول الصناعية الاوروبية. وورثوا الارض التي وزعت على الفلاحين ولكن الانتاج الفلاحي كان فرديا متأخرا يكاد الفلاح فيه لا يستطيع ان ينتج اكثر مما يكفي لمعيشته ولمواصلة زراعته ولو انه اصبح المالك الوحيد لانتاجه لا يشاركه فيه اقطاعي او سركال ولا يدفع ايجارا عن الارض التي يزرعها. وكان الفلاحون يقدمون كل فائض انتاجهم للجيش الذي كان يدافع عن الارض التي اكتسبوها ضد الغزاة الذين كانوا يريدون استلابها منهم مجددا. اما عند انتهاء الحرب فلم يعد الفلاحون يرون من واجبهم ان يقدموا كل فائض انتاجهم مجانا للمدينة.
هل كان الاقتصاد الروسي في ۱٩۲۱ اقتصادا اشتراكيا؟ في الحقيقة صدق الدكتور فالح بقوله ان جل ما تحقق للبروليتاريا في الثورة كان السلطة السياسية. ولكن السلطة السياسية في كل العصور كانت الاداة التي جعلت بامكان الطبقات الحاكمة المحافظة على سيطرتها واستغلالها للطبقات المحكومة. وهذا ما زال واضحا في عالمنا الراسمالي حتى اليوم. ولم يكن الامر يختلف بالنسبة لحكومة ثورة اكتوبر. فالسلطة السياسية جعلت بامكان حكومة العمال ان تحافظ على ما استعادته من ثرواتها المنهوبة وان تطوره وفقا لمصالحها.
ماذا كانت طبيعة النظام الاقتصادي في روسيا في تلك الفترة؟ كان هناك الاقتصاد الاشتراكي، الاقتصاد الذي اصبح تحت سيطرة حكومة العمال من المصانع الكبيرة والبنوك والنقود والمواصلات والتجارة الخارجية. وكان الى جانب ذلك اقتصاد راسمالي لم تستطع الدولة الاستيلاء عليه في المدينة اذ ان الدولة استولت على المشاريع الصناعية التي تستخدم اكثر من خمسين عاملا. وكانت هناك مشاريع حكومية راسمالية مشتركة الى جانب المشاريع الحرفية الصغيرة الهائلة العدد. وكان الاقتصاد في الريف اقتصادا بدائيا لا يختلف كثيرا عن الاقتصاد الزراعي في العصور الوسطى. الى جانب ذلك كان هناك اقتصاد زراعي راسمالي يستغل العمال ولكنه اقتصاد زراعي اكثر تقدما ينتج محاصيله لغرض السوق. وكان هناك نطاق واسع من التجارة الداخلية لتحقيق التبادل بين المدينة والريف. كان الاقتصاد الروسي في تلك الفترة اذن فسيفساء من الاقتصادات تتنافس في تحقيق السيطرة للاقتصاد الاغلب. وكان الاقتصاد الاشتراكي هو الاغلب لان دكتاتورية البروليتاريا تسانده وتوسعه على حساب الاقتصادات الاخرى. والاقتصاد بمجموعه كان اقتصادا فقيرا. فهل يمكن ان يسمى هذا الاقتصاد اقتصادا اشتراكيا؟ بالطبع لا. اذ ان الاشتراكية لا تبنى على الفقر. ولكن ليس هذا وحده هو السبب في عدم وجود الاقتصاد الاشتراكي. فشعار الاقتصاد الاشتراكي هو من كل حسب طاقته ولكل حسب عمله. ولا يمكن تحقيق هذا الشعار ما دام في الاقتصاد قطاع يحصل على غير ما يعمله. فالبرجوازي الزراعي (الكولاك) لا يحصل على ما ينتجه بعمله بل يحصل على ما ينتجه عماله. والراسمالي الصناعي الصغير والتاجر لا يحصل على ما ينتجه من عمله. ان تحقيق شعار من كل حسب طاقته ولكل حسب عمله يتطلب زوال اي نوع من الانتاج الذي يحصل فيه انسان ما ينتجه الاخرون. ينبغي القضاء على كل بقايا النظام الراسمالي. يجب القضاء على كل انواع الاستغلال.
ثم ان مهمات الحكومة العمالية ذاتها لم تكن تحقيق النظام الاشتراكي وحده بل كان عليها ان تحقق مهمات الثورات البرجوازية التي لم تحققها الحكومة البرجوازية بين ثورة شباط وثورة اكتوبر وهو ما سماه الدكتور فالح " بلد ينتظر انجاز مهمات رأسمالية (= ديمقراطية)". لتوضيح هذا الواقع التاريخي اقتبس فقرات مما كتبه لينين بمناسبة الذكرى الرابعة لثورة اكتوبر واقتبسها للسهولة من النص الذي نشر في الحوار المتمدن.
"إن مهمة الثورة في روسيا، المباشرة والقريبة، كانت مهمة ديموقراطية برجوازية قوامها القضاء على بقايا القرون الوسطى، وإزالتها إلى الأبد، وتنظيف روسيا من هذه البربرية، من هذا العار، مما كان يعيق إلى ما لا حد له كل ثقافة وكل تقدم في بلادنا.
ومن حقنا أن نفتخر لكوننا قمنا بهذا التنظيف بأكثر بكثير من الحزم و السرعة و الجرأة، بأكثر بكثير من النجاح و الشمول و العمق، – من حيث التأثير في جماهير الشعب، في أعماقه، – مما فعلت الثورة الفرنسية الكبرى منذ أكثر من ۱۲٥ سنة.
"لقد قال الفوضويون و الديموقراطيون البرجوازيون الصغار (أي المناشفة و الاشتراكيون الثوريون، بوصفهم الممثلين الروس لهذا النموذج الاجتماعي العالمي) ولا يزالون يرددون كثرة كثيرة من الآراء المشوشة بصدد العلاقة بين الثورة الديموقراطية البرجوازية و الثورة الاشتراكية (أي البروليتارية). و حول هذه النقطة، تأكدت كليا، خلال أربع سنوات، صحة مفهومنا للماركسية، صحة استعمالنا لتجربة الثورات الماضية. و لقد سرنا، كما لا أحد، بالثورة الديموقراطية البرجوازية إلى النهاية. و بكل إدراك، و بخطى ثابتة، و دون أي انحراف، نسير إلى أمام، نحو الثورة الاشتراكية، عارفين أنها غير منفصلة عن الثورة الديموقراطية البرجوازية بسور صيني، عارفين أن النضال وحده هو الذي سيقرر مقدار التقدم الذي سنتمكن من تحقيقه (في نهاية الأمر)، مقدار القسم الذي سننفذه من مهمتنا اللامتناهية الكبر، مقدار الجزء الذي سنوطده من انتصاراتنا. ومن يعيش يرى. ولكننا نرى منذ اليوم أن عملا جليلا – بالنسبة لبلد خرب، منهوك، متأخر – قد أنجز فيما يتعلق بالتحويل الاشتراكي للمجتمع."
الا ان الدكتور فالح يوجه السؤال التالي "فما الذي دفع لينين الى تغيير الدفة باتجاه الثورة العمالية ذات المهام الاشتراكية في بلد ينتظر انجاز مهمات رأسمالية (= ديمقراطية)؟" لقد اجاب لينين في الفقرات المقتبسة اعلاه على ان الثورة حققت من المهمات الراسمالية في فترة قصيرة ما لم تستطع البرجوازية ان تحققه حتى في الثورة الفرنسية. ولكن ما جذب نظري في هذا السؤال هو عبارة "انجاز مهمات راسمالية (=ديمقراطية)" ترى اين قرا او سمع الدكتور فالح عن او رأى انجاز مهمات راسمالية (=ديمقراطية)؟ حين ترجم الراسمال لابد انه ترجم وصف الديمقراطية التي عاشها الفلاحون البريطانيون في انجاز المهمات الراسمالية في عملية التسييج وطرد الفلاحين من اراضيهم التي زرعوها ابا عن جد واحرقوا من لم ينزح من ارضه. ولابد انه ترجم ديمقراطية انجاز المهمات الراسمالية حين كانوا يقطعون اذن العامل او يضعون حلقة من الحديد حول رقبته كاشاره على انه هرب من المعمل اول مرة لكي يعدمونه اذا هرب للمرة الثانية. وفي اطلاعه على التاريخ لابد انه قرأ عن ديمقراطية انجاز مهمات الراسمالية البريطانية في مستعمراتها حين لم تكن الشمس تغيب عن علمها مثل الهند وعن اصطياد شباب افريقيا كصيد الحيوانات لبيعهم في تجارة العبيد الى مزارعي الولايات المتحدة ليبقوا حتى اليوم يعاملون معاملة العبيد. ولابد انه سمع عن ديمقرطية انجاز المهمات الراسمالية بابادة شعوب استراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة. او لعله عند زيارته للعراق اليوم رأى ديمقراطية انجاز المهمات الراسمالية في العراق في الفلوجة والنجف والرمادي وتلغفر والسماوة والقائم وبعقوبة وغيرها. ترى هل تقتصر الديمقراطية على اضطراره الى الهجرة مع ملايين الكفاءات العراقية في ارجاء العالم الراسمالي جراء السياسات الامبريالية في العراق ثم السماح لهم بالعيش كلاجئين في البلدان الراسمالية الى درجة منحه الفرصة لكي يكون رئيس معهد الدراسات الاستراتيجية في بريطانيا؟
كانت المهمة الاساسية والمباشرة لتطوير الاقتصاد الروسي في هذه الفترة رفع مستوى الانتاج الصناعي الى مستوى ما قبل الحرب. وقد دام هذا الوضع عدة سنوات. وكان الصراع الايديولوجي في هذه الفترة محتدما حتى في داخل قيادة الحزب البلشفي. فقد كانت ثمة عناصر من القيادة تعتقد بعدم امكان بناء اقتصاد اشتراكي في روسيا نظرا لتأخرها ولعدم قيام ثورات اخرى في بلدان راسمالية متقدمة كالمانيا لتكون عونا للطبقة العاملة في روسيا في تطوير اقتصادها. وكان بينهم من كان يدعو الى تسليم السلطة للراسماليين واتخاذ سياسة اغناء الراسماليين وخصوصا الكولاك. ولكن الاغلبية الساحقة من الحزب الشيوعي والشعوب السوفييتية كانت الى جانب ستالين الذي كان يؤكد المبدأ اللينيني بامكان بناء الاشتراكية في قطر واحد. وقد انجزت دكتاتورية البروليتاريا مهمتها الاساسية، مهمة استعادة اقتصاد روسيا الى مستوى ما قبل الحرب بفترة قصيرة نسبيا. واصبحت مهمة دكتاتورية البروليتاريا الان بناء المجتمع الاشتراكي. وهذا كان يتطلب هدفين اساسيين، الاول هو تطوير الانتاج الصناعي الى مستوى يستطيع تحقيق شعار من كل حسب طاقته ولكل حسب عمله اقتصاديا، والثاني هو ازالة كل انواع الاقتصاد الاخرى ذات الطابع البرجوازي الذي يستغل العمال. كان عليها بالدرجة الرئيسية القضاء على الكولاك كطبقة وعلى المشاريع الراسمالية الصغيرة المتبقية في المدينة وانتزاع التجارة الداخلية من التجار الفرديين. وفي هذا المجال يزعم الدكتور فالح ان ضحاياه بلغوا ۳۰ مليون انسان.
هل حققت دكتاتورية البروليتاريا بناء المجتمع الاشتراكي؟ اترك ذلك للقسم الثالث من هذا المقال.



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاشتراكية لا تبنى على الفقر 1
- من وحي كتاب سفر ومحطات - البعية للسوفييت ودور اليهود 2
- ماركسية ام ماركسية لينينية؟
- دور اليهود العراقيين في الحركات السياسية السرية
- من وحي كتاب سفر ومحطات - التبعية للسوفييت ودور اليهود 1
- التحول من مرحلة الثورة البرجوازية الى مرحلة الثورة الاشتراكي ...
- من وحي كتاب سفر ومحطات - الطريق اللاراسمالي
- لا ديمقراطية بدون دكتاتورية
- من وحي كتاب سفر ومحطات - العمل الحاسم
- الثورة البرجوازية وضرورتها
- نظام الاجور في الدولة الاشتراكية
- باسل ديوب-كلمة شكر
- من وحي كتاب سفر ومحطات. عبادة الحزب
- جعفر ابو العيس
- خواطر يهودي عراقي سابق
- من مرحلة اعداد مسودة الدستور الى مرحلة الاستفتاء عليها
- مفهوم الربح في الراسمالية وفي الاشتراكية
- مهزلة الدستور
- جواب الى قارئ اخر
- جواب الى قارئ كويتي


المزيد.....




- مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس ...
- مباشر: التعريف بأهم قضايا الطبقة العاملة وقرائة أولية لفعالي ...
- مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس
- الغد الاشتراكي العدد 38
- نداء المشاركة بتظاهرات فاتح ماي بالدارالبيضاء
- الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا ...
- الشرطة تشتبك مع المتظاهرين لمنعهم من دخول ساحة -تقسيم- في إس ...
- اشتباكات بين المتظاهرين وشرطة مكافحة الشغب في ميدان تقسم بإس ...
- في يوم العمال العالمي تيسير خالد : يدعو الى استنهاض دور الحر ...
- رغم تحصين المتظاهرين الأبواب.. شاهد كيف دخلت شرطة نيويورك مب ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - الاشتراكية لا تبنى على الفقر 2