أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مثنى حميد مجيد - حوار ودّي مع شايلوك














المزيد.....

حوار ودّي مع شايلوك


مثنى حميد مجيد

الحوار المتمدن-العدد: 4097 - 2013 / 5 / 19 - 21:58
المحور: الادب والفن
    


لمحت شايلوك جالساً في العتمة ، مُطرقاً حزيناً منفوش اللحية ، صامتاً صمت مقابر عصور ما قبل فجر السلالات ، رمقني شزراً وبألم ممزوج بعتاب مرير قال : أتشتمني أيها المغلوف ؟! فقلت له : معاذ الله أيها العم الجليل ، وكيف لمسكين مثلي من مساكين الشعب قيل أنه من أسباط إسرائيل التائهة أن يمس شعرة لمظلومٍ مثلك ، ومغلوبٍ على أمره ، قضت المحكمة الشكسبيرية الجائرة على سلبهِ ماله وتجريده من توراته ، وحتى فلذة كبده ، وجوهرة حياته ، جسيكا الجميلة عقدوا قرانها من البرجوازي النبيل لورنزو وفق عقيدة الصيلب ، ولم يعد ليهوه ولهُ ولا لأي مظلومٍ فيها من نصيب ، فكيف يخطر ببالك ياعم ، وفي دمي رائحة لا تُنكر من دمك ، وأنت بهذي المظلومية وهذي البليّة ، أن أقف ضدك وأسخر منك وأشتمك أو أتشفّى وأشمت مما أنت فيه من حالٍ مُزري وكربٍ ساري؟ أتصدق يا عم أن آرامياً فصيح اللسان مثلي لم يختتن أجداده للملوك ، يمكن أن يُذكي العنصرية ضد شيخ جليل مسكين ومختون مثلك ، تثقله مظلوميته التاريخية وينوء بثقل فجيعته وأساطيره ولكنته العبرية ؟!

تطلَّع العجوز شايلوك في وجهي بإستغراب وتساؤل وقد خفَّ عنه غضبه وكأنه يطالبني بمواصلة الحديث وبمزيد من الإيضاح فقلت:

منذ متى ياعم أصبح أحفادك المختونين بالشركات الإحتكارية الإمبريالية يقولون - الديانة المسيحية اليهودية -! فأصبحوا مختونين فكراً وروحاً لرأس المال بدلاً من رب الجنود يهوه الذي له وحده سُنّت شعيرة الختان ؟ صاروا ويا للمهزلة ليبراليين عتاة يتفاخرون ويتغنون بمباديء أنطونيو وبسانيو ولورنزو البرجوازية التي قيل أن بها نهاية التاريخ وغاية الإربْ ، وما نطق به فمُ الربْ ، على ما يزعم الزاعمون من منظري البيت الأبيض ، ألا بئس لهم وما ينظرون ويزعمون !، ألا بئس للبيت المسمى ظاهراً بالأبيض والذي تقيم في باطن سراديبه المعتمة ، تأمرُ وتنهي ، خمبابا ملكة الظلام !.

وما ان أنهيت خطبتي الأخيرة حتى سمعت شايلوك يتمتم بحنق مشوبٍ بشيء من السخرية:

- مباديء أنطونيو ، وهل لأنطونيو مباديء ؟!

فأجبته على الفور:

- نعم ياعم شايلوك ، كانت لأنطونيو مباديء سامية وطَموحة في عصر المانيفاكتورة حين كان رأس المال الربوي اليهودي يساهم مساهمة كبيرة في التراكم الأولي لرأس المال وبزوغ فجر البرجوازية ، وأستمر دور أحفادك التقدمي في التاريخ بمشاركتهم في الحركة الماسونية الراديكالية التي إنخرط في صفوفها كبار المفكرين والفلاسفة الذين مهدوا للثورة الفرنسية وعلى رأسهم ديكارت ، ثم في مساهمتهم بعد ذلك في تحفيز نابليون وتحشيد الفرنسيين حوله وخلق الهالة التي أحاطته كبطل قومي لتحرير أوربا من الإقطاع ونشر مباديء الحرية والأخاء والمساواة ،أنطونيو ، بسانيو ، لورنزو ! ، ثم في دعم لينين والبلاشفة وقيام وإنتصار أول ثورة للعبيد والمضطهدين في التاريخ.وقبل ذلك ، لن ينسى أحد دور أسلافك في نشأة التنظيمات الأولى للمسيحية ومساندتها التقدمية لأمراء الإقطاع في صراعهم مع نظام العبودية الذي أدى ، إلى جانب ضربات البرابرة الهون أسلاف الروس ، إلى الإطاحة بصروح الإمبراطورية الرومانية.كنتم دائماً ياعم شايلوك المهماز الذهبي الذي لا يُنكر دوره ولا يمكن أن تُبخس قيمته في حركة تطور التاريخ ، من عقلك الحسابي الدقيق ورث كارل ماركس جينات موهبته الفذة وعبقريتة في إستخراج حساب فائض القيمة ليحرك العالم ولأول مرة صوب حلم حقيقي يميّز مملكة الإنسان المنظمة عن غابة الحيوان التي يتحكم بها قانون السوق العشوائي ، بلى يا شايلوك ! هكذا كنتم دائماً قبل أن تبتلعكم الحوت الإمبريالية وتحشدكم في قفص حديدي مغلق إسمه إسرائيل لتنهي دوركم الرائع وتأمن جانبكم ، محاولة دمجكم بحضارتها الإستهلاكية الوشيكة الإنهيار ، وتُلغي الفوارق الجذرية أو النسبية والتاريخية بينك وبين أنطونيو ، أو بين جورج بوش وبسانيو ،أو بين بورشيا وهيلاري كلنتون ، أو أمير مراكش وأوباما ! وهكذا هكذا ، ليختلط الحابل بالنابل والأخضر باليابس فلا نعد نميز الخير من الشر ، وفائض القيمة من الربا ، فتصبح ديانة شايلوك ذاتها ديانة أنطونيو - الديانة المسيحية اليهودية - !
يالهول المصاب أيها العم العزيز شايلوك ويالفجيعتك ياوليم شكسبير!



#مثنى_حميد_مجيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شايلوك يروم قتل لينين بدون قطرة دم !
- الغلام علي الدباغ يضحك من طارق عزيز ويستغفله
- أزمة الديمقراطية الفاشية في ضوء الإنتخابات العراقية
- قصائد غزل لماركس مهداة لزوجته جيني
- الزواج الغير ماركسي جداً لماركس
- ماركس والروهة وذكريات عن والدي
- قصتي مع آية الكرسي
- الماركسية من وجهة نظر خروف
- الشاعرة السويدية آني لوند
- إلى اية الله العظمى السيد علي السيستاني حفظه الله
- مالك خازن جهنم ، لماذا لا يتبسم ؟
- في سرداب أسود تحت البيت الأبيض
- اللوحة الأخيرة لفان كوخ
- بتاحْ
- صورة الشهيد هيثم ناصر الحيدر
- القذافي وحلف الناتو بعيني نوستراداموس
- جميلتي أحلى من صلاة التراويح
- أقوال ومواعظ في جنازة قصيدة ثملة
- ياصديقي ، في الخراب ... للشاعر السويدي ستَجنيليوس
- نداء الى أدونيس والمثقفين بخصوص الحداثة والباروريكل بويتري


المزيد.....




- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...
- ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ ...
- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
- -أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل ...
- طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20 ...
- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...
- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...
- تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 على النايل سات وتابع أفلام ال ...
- وفاة الكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر صاحب -ثلاثية نيويورك- ...
- “عيد الرّعاة” بجبل سمامة: الثقافة آليّة فعّالة في مواجهة الإ ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مثنى حميد مجيد - حوار ودّي مع شايلوك