أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - سوريا إلى أين في المنعطفات الإقليمية الجديدة .. ؟















المزيد.....

سوريا إلى أين في المنعطفات الإقليمية الجديدة .. ؟


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 1909 - 2007 / 5 / 8 - 11:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يتمكن وزير الخارجية السوري " المعلم " من إخفاء سعادته بلقاء وزيرة خارجية بوش الدكتورة رايس على هامش مؤتمر شرم الشيخ في الأسبوع الماضي . ولم يتأخر عن التصريح ، أن هذا اللقاء يعبر عن نجاح السياسة السورية إزاء مجريات أحداث الشرق الأوسط ، وعن الاعتراف الأميركي والدولي باستحالة عزل سوريا ، باعتبارها دولة لها دور إقليمي أساس في المنطقة ، بما يعني أن النظام السوري قد حقق " انتصاراً " سياسياً كبيراً في صراعه حول وجوده بالذات ضمن مشروع إعادة تشكيل الشرق الأوسط ، جاهلاً أو متجاهلاً المصير السوري ، الذي ستجره إليه المضامين التي انبنى عليها هذا اللقاء في المنعطفات الإقليمية والدولية الجديدة

وقد انطلقت آلة الإعلام السوري الرسمي لتأكيد ونشر هذه الواقعة بهذه الصورة الهزلية ، دون أي ذكر أو إشارة إلى الآليات والقدرات التي استخدمتها القيادة السورية في مواجهة آليات وقدرات الآخر الأميركي ـ الدولي الذي انتصرت عليه . وفي هذا التفاخر المخادع يبرز تجاوز سافر لحقائق المسائل السياسة الأميركية الدولية والشرق أوسطية ، وينكشف تمويه متعمد للاستجابات السورية للمطالب الأميركية ولشروط الصفقة بين هذه القيادة وبوش

ودون إغماط لدور المقاومة بأشكالها المتعددة ، التي قوبل بها المشروع الأميركي في الشرق الأوسط ، فإن هذا المشروع ، المعبر بامتياز عن تجسيد " العولمة الرأسمالية " المتوحشة ، هو مشروع محكوم بالفشل ، سواء جرت محاولة تطبيقه في الشرق الأوسط أو أي مكان آخر في العالم . لأنه يحمل في داخله تناقضاته المجتمعية الذاتية المدمرة ، وتناقضاته مع الآخرين المتحفزين للمنافسة في بنية النظام الدولي القائم ، كما يحمل تناقضات ا ستغلالية عدائية محفزة ومثيرة لمقاومة الشعوب المعرضة لهجومه وسطوته ورذائله . وقد أصاب هذا المشروع بصيغته البوشية الأيديوليجية المتغطرسة بالفشل تضافر عوامل متعددة تتجلى في ، الداخل الأميركي السياسي المنافس والاجتماعي الناقم ، ونيران المقاومة الوطنية في العراق ولبنان وفلسطين ، ورفض الشعوب المتزايد لعودة عهود الاستعمار وفقدان السيادة والثروات الوطنية ، وبروز رؤوس دولية ذات وزن ترفض القطب الدولي الأميركي الأوحد ، المتمثلة بالاتحاد الأوربي المتعملق ، وروسيا العائدة كدولة عظمى ، والصين الكبيرة بكل شيء ، وتحالف اليسار في أميركا اللاتينية والوسطى الكاشف للظهر الإمبراطوري للولايات المتحدة ، بشكل باتت تهدد هذه العوامل ، منفردة أومجتمعة ، بنسف أحلام الهيمنة الأميركية على العالم

وتأسيساً على ذلك ، فإن المشروع الأميركي في الشرق الأوسط ، لم يفشل أمام " الممانعة السورية " وإنما فشل أمام حقائق العصر ، التي قرأها المحافظون الجدد في البيت الأبيض وكثيرون غيرهم بشكل خاطيء ، أو تصوروا أنهم قادرون على تغيير مضامينها ومساراتها بالدجل والقوة . هذه الحقائق التي تبرهن يومياً على أن العولمة الرأسمالية ، وخاصة ذات القطبية الأحادية ، لايمكنها أن تخضع العالم لسيطرتها الكاملة ، من خلال ما يسمى بوحدة السوق العالمية والمصالح المتبادلة والتجارة الحرة ، على خلفية أسلوب إنتاجها الاستغلالي ، الذي يولد الصراعات الطبقية والقومية والدولية ، والذي من أجل ضمان وا ستقرار وتوسع مصالح الشركات العملاقة العابرة للقارات الناهبة لثروات الشعوب ، والمثيرة للحروب لتصريف منتوجها الحربي ، واعتصار الشعوب في مختلف القارات ، لتحقيق مزيد من الأرباح وتراكم الثروات ، لايمكن إلاّ أن تكون " عولمة " ا ستعمارية دموية ومتوحشة ، ولايمكن للشعوب ، التي كابدت قروناً من القهر الاستعماري باسم " التمدين .. والتحضير " أن تقبل قهراً ا ستعمارياً جديداً " عولمياً " مرة أخرى

من هنا يمكن فهم الظروف ، التي دفعت إلى تقاطع مصالح إقليمية مرحلية محددة بين إدارة بوش المأزومة والقيادة السورية المأزومة ، للتعاون التبادلي ولضرورة الصفقة . وما
جرى في الثلاثين دقيقة التي ا ستغرقها لقاء رايس ـ المعلم ، لم يكن سوى نقل ما تم من مساومات قبل زمن تحت الطاولة إلى تحت الضوء فوق الطاولة

والسؤال الآن على ماذا تمت الصفقة .. وهل تشكل هذه الصفقة ضمانة حقيقية لاستدامة النظام السوري .. وما هو دور المعارضة السورية في مرحلة ما بعد الصفقة ؟

كل المعطيات تفيد ، أن مايمكن أن تتضمنه الصفقة ، هو دعم متبادل عابر ، وليس تصفية خلافات ، في العراق ولبنان .. تقديم دعم سوري لأمن واستقرار الحكومة العراقية وحالة الاحتلال الأميركي في العراق ، مقابل دعم أميركي لتعديل قانون المحكمة الدولية بشأن اغتيال الحريري ورأس السنيورة في لبنان . بمعنى ، العراق ومصير المقاومة في العراق مقابل مصالح جزئية عابرة في لبنان ، في وقت ليس هناك ضمان بعد تجاوز الحالة الأميركية الراهنة في العراق بدعم سوري ، أن لايشكل ذلك أزمة خطيرة في العلاقات الإيرانية السورية ، وهذا وارد أكثر من مجرد احتمال ، إن لم تتم في وقت متزامن ، تسوية الملف النووي الإيراني ، وأن تطالب أميركا برأس حسن نصر الله مقابل رأس السنيورة ، وتجرد أميركا بذلك النظام السوري من الأوراق التي يلوح بها كمقومات دعم لسياساته " الممانعة " ، وتدخل الحالة في الشرق الأوسط مرحلة جديدة ، حتى بعد انتهاء ولاية بوش واستلام الديمقراطيين الإدارة في البيت الأبيض ، وتدخل معها الحالة السورية في مرحلة العودة إلى ما قبل الصفقة ، بمستوى أكثر عجزاً وتأزماً ، لاسيما وقد جردت الآنسة رايس الصفقة بعد ساعات من لقائها مع " المعلم " من أي " إيجابية " يمكن أن يستخدمها النظام ذريعة لتبرير إقدامه على هذه المقامرة ، قائلة بوضوح سافر في مؤتمر صحافي في شرم الشيخ " إن أميركا ليست ملزمة بوضع جدول زمني لانسحابها من العراق

نعم .. لقد خرج .. أو أخرج النظام السوري ليلعب دوراً خارج الحدود ، لكنه ليس دوراً قومياً تحررياً ، يفتخر ويعتد به ، لقد خرج أكثر سوءاً من خروجه إلى حفر الباطن تحت القيادة الأميركية ل " تحرير الكويت " من احتلال صدام حسين ، إنه الآن خروج إلى حفر العراق لمصلحة احتلال أميركا للعراق ، ولمصلحة ما كان يخيفه من تداعيات هذا الاحتلال على وجوده كنظام

يبدو أن لاشفاء للنظام السوري من الإدمان على الخضوع لنسق الخيارات المعاكسة حتى لمصلحته . فالطريق لاستدامة النظام لايتم بوضع نفسه والكيان الوطني رهناً للصفقات المقامرة ، وإنما إذا حسنت النوايا ، بتطهيره وتقويمه وتصويبه ودمقرطته .. بمشاركة الشعب وقواه الوطنية الديمقراطية ، وبانتهاج سياسة وطنية تحمل أبعاداً قومية تحررية متآخية متآزرة مع الشعوب العربية المدافعة عن أوطانها ضد الاحتلالات الأجنبية

إن ما يجري الآن باسم سوريا وحولها خطير جداً . وهو يتطلب من القوى الوطنية الديمقراطية أكثر من أي وقت مضى تجاوز ضعفها وتذررها ، والاعتماد على شعبها ونفسها ، وفضح الصفقة المقامرة ، وإمساك القضية الوطنية بقوة .. وجعلها في مقدمة أولويات مهام التغيير الديمقراطي



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الأول من أيار .. عيد العمال العالمي
- أبطال الحرية .. سلاماً مع الاعتذار
- قمة ملتبسة لأنظمة مهزومة
- العودة إلى الشعب
- شعب جدير بالحرية والنصر
- حس المسؤولية الضائع .. الانتخابات مجدداً
- معك ياأم الكون في يومك العالمي
- في التعذيب .. وضحايا التعذيب
- دروب الضياع والتدمير الذاتي
- التهريب في التهريب .. المازوت مثلاً
- الميز السياسي والاستحقاقات الانتخابية
- حتى يكون مجلس الشعب برلماناً .. سلطة تشريعية
- سلطان أبا زيد .. شهيدا
- العبثية الاقتصادية .. من العمادي إلى الدردري - 2
- العبثية الافتصادية .. من العمادي إلى الدردري - 1
- حول أثرياء حرب اقتصاد الفساد
- خلفيات السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط
- لاديمقراطية في الشكل ولاهم شعبي في المضمون
- أية هيبة .. أية دولة .. ؟
- الملهاة .. المأساة .. في مسرحية - عمارة النظام -


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - سوريا إلى أين في المنعطفات الإقليمية الجديدة .. ؟