أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - كل استفتاء وأنتم بخير!















المزيد.....

كل استفتاء وأنتم بخير!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1866 - 2007 / 3 / 26 - 11:51
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


لا أعرف علي وجه اليقين ماذا سيحدث في استفتاء اليوم، ومع ذلك فإنه ليس من الصعب التنبؤ بالنتيجة التي سيسفر عنها.
ومن الطبيعي في كل استفتاء في أي مكان في العالم أن يكون هناك رابحون وخاسرون، ومع ذلك فإن الرابحين والخاسرين يمتثلون لصناديق الاقتراع وإرادة الناخبين.. وهكذا تستمر الحياة وتدور عجلة الديمقراطية إلي الأمام.
أما عندنا.. فإن الاستفتاء يثير الشقاق والانقسام قبل أن يبدأ، ويزيد الطين بلة بعد أن ينتهي وتظهر نتائجه.
ونستطيع أن نتنبأ بالتصريحات التي سيدلي بها ممثلو الأطراف المختلفة، حيث ستشيد »الموالاة« بالإقبال الشعبي غير المسبوق علي صناديق الاقتراع، ومؤازرة أغلبية لا تقل عن 80% لتوجهات الحزب الحاكم، وعزلة المعارضة بكل أجنحتها »المحظورة« و»غير المحظورة« علي حد سواء ورفض الناخبين لنداءاتها بالمقاطعة وإفساد »العرس الديمقراطي«.
بينما ستندد »المعارضة« بما حدث، وما سيحدث، وستقسم علي المصحف والإنجيل أن الاستفتاء »مطبوخ« من الألف إلي الياء، وأن نتائجه مزورة ولا تعبر عن الإرادة الشعبية، وأن التعديلات الدستورية الأخيرة تعيدنا إلي الوراء في وقت كنا نتطلع فيه إلي التقدم للأمام.
أي أن الخلاف لن يتركز فقط علي »مضمون« التعديلات الدستورية التي اقترحها الحزب الوطني الحاكم وطرحها للاستفتاء الشعبي، وإنما سيشمل أيضاً التشكيك في »قواعد اللعبة« وسلامة »الإجراءات« ونزاهة الاستفتاء من الأصل.
وهكذا.. نظل ندور في نفس الدوامة الجهنمية دون أن ننتقل خطوة واحدة إلي الأمام!
هذا الوضع المؤسف، المتكرر، ليس نابعاً من فراغ، وإنما هو نتيجة »منطقية« لواقع سياسي مشوه. وهذا التشوه هو السبب الذي طرح مسألة »الإصلاح« علي جدول أعمال الجميع سواء في معسكر »الموالاة« أو في معسكر »المعارضة«.
والمشكلة الأولي تكمن في الكيفية التي ينظر بها الطرفان إلي شكل ومضمون الإصلاح المنشود.
والمشكلة الثانية تتمثل في انسداد قنوات الحوار بين الجانبين، حيث يفضل الحزب الوطني ــ الذي أدمن الوجود في السلطة ــ الاستئثار بــ »تفصيل« التعديلات وفق مشيئته، دون أن يضع وجهات نظر الأطراف الأخري في الاعتبار، معتمداً في هذا الموقف المتغطرس علي الأغلبية الجاهزة التي يتمتع بها في مجلسي الشعب والشوري.
يؤكد ذلك أن الملاحظات العديدة علي مشروع تعديل 34 مادة من موادالدستور لم يتم الأخذ بملحوظة واحدة منها، اللهم إلا ملحوظة واحدة جاءت من داخل الحزب الوطني حين اقترحت الدكتورة آمال عثمان استبدال »فاصلة« بــ »نقطة« في إحدي المواد!!
والأعجب أن الحزب الوطني ظل متمسكاً بهذا العناد والرفض المطلق للأخذ باجتهاد واحد من معسكر المعارضة، رغم أن هذا المعسكر الأخير لا يضم فقط جماعة الإخوان المسلمين وأحزاب المعارضة وإنما يضم أيضاً منظمات حقوق الإنسان ومعظم النقابات وجمعيات المجتمع المدني.
فهل يتصور أحد أن هؤلاء جميعاً لم يفتح الله عليهم بملحوظة واحدة تستحق النظر إزاء 34 مادة من مواد الدستور؟!
هذا الموقف المتصلب أهدر اتفاقاً وارداً حول عدد لا بأس به من المواد المطروحة، حيث إن الاختلاف تركز بالدرجة الأولي علي المادتين 88 و179.
فالمادة 88 في النص الحالي لدستور 1971 تقول: »يحدد القانون الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الشعب. ويبين أحكام الانتخاب والاستفتاء، علي أن يتم الاقتراع تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية«.
أما التعديل المقترح من الحزب الوطني فيقول: »يحدد القانون الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الشعب، ويبين أحكام الانتخاب والاستفتاء، ويجري الاقتراع في يوم واحد، وتتولي لجنة عليا تتمتع بالاستقلال والحيدة الإشراف علي الانتخابات علي النحو الذي ينظمه القانون، ويبين القانون اختصاصات اللجنة وطريقة تشكيلها وضمانات أعضائها علي أن يكون من بين أعضائها أعضاء من هيئات قضائية حاليين وسابقين، وتشكل اللجنة اللجان العامة التي تشرف علي الانتخابات علي مستوي الدوائر الانتخابية واللجان التي تباشر إجراء الاقتراع والفرز، علي أن تشكل اللجان العامة من أعضاء من هيئات قضائية، وأن يتم الفرز تحت إشراف اللجان العامة، وذلك كله وفقاً للقواعد والإجراءات التي يحددها القانون«.
والفارق بين المادة الأصلية والتعديل المقترح هو العدول عن »إشراف أعضاء من هيئة قضائية« علي الانتخابات، الأمر الذي تري فيه المعارضة دليلاً علي اعتزام الحزب الوطني الاستمرار في سياسة تزوير الانتخابات والتلاعب في نتائجها بإهدارها مبدأ الإشراف القضائي الكامل والشامل علي الانتخابات، وإحالتها ضوابط نزاهة الانتخابات إلي قانون يمكن التلاعب بصياغته اعتماداً علي الأغلبية الجاهزة للحزب الحاكم في البرلمان.
أما المادة ،179 التي تتركز في الدستور الحالي علي صلاحيات المدعي العام الاشتراكي، فتحول في التعديل المقترح إلي مكافحة الإرهاب وتنص علي الآتي:
»تعمل الدولة علي حماية الأمن والنظام العام في مواجهة أخطار الإرهاب، وينظم القانون أحكاما خاصة بإجراءات الاستدلال والتحقيق التي تقتضيها ضرورة مواجهة تلك الأخطار، وذلك تحت رقابة من القضاء. وبحيث لا يحول دون تطبيق تلك الأحكام الإجراء المنصوص عليه في كل من الفقرة الأولي من المادة 41 والمادة 44 والفقرة الثانية من المادة 45 من الدستور. ولرئيس الجمهورية أن يحيل أية جريمة من جرائم الإرهاب إلي أية جهة قضاء منصوص عليها في الدستور أو القانون«.
هذه المادة ملغومة بألف لغم ولغم، وتنطوي علي خطر انتهاك حريات مهمة فالمادة 41 التي يعطلها التعديل المقترح تنص علي أن »الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض علي أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وذلك وفقا لأحكام القانون«.
والمادة 44 التي يعطلها التعديل المقترح أيضا تنص علي أن »للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقا لأحكام القانون«.
والمادة 45 تنص علي أن »لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون. وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا يجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة ووفقا لأحكام هذا القانون«.
كل هذه الحريات يعطلها تعديل المادة 179 بكل بساطة.
وهناك اقتراحات كثيرة كان من شأنها تهدئة المخاوف المشروعة من هذه الأخطار المحدقة بحريات شخصية وعامة ناضلت البشرية قرونا طويلة من أجل انتزاعها، من بينها مثلا الاستغناء عن قانون الإرهاب الذي يتضمن هذه الأخطار الفادحة، واستبداله بإعلان حالة الطوارئ لفترة محددة وفي منطقة جغرافية محددة لمواجهة أخطار إرهابية بعينها، فيتم التوفيق بذلك بين أمن الوطن وبين حقوق وحريات المواطن.
لكن الحزب الوطني سد أذنيه ورفض الاستماع إلي أي كلمة من خارجه.
ليس هذا فقط بل إنه شاء أكثر من ذلك التسريع بإجراء الاستفتاء وإجرائه في موعد مبكر عن الموعد المحدد أصلا، متعللاً بإجازات مولد النبي وأعياد الغطاس!!
كما أنه لم يعلن الصياغة النهائية للتعديلات المقترحة إلا أمس الأول »السبت« وبصورة غير رسمية من خلال جريدة »قومية«!
وبالمقابل.. لم تجد المعارضة ما تفعله سوي أن تكرر نفس السلاح الذي استخدمته من قبل، وهو سلاح المقاطعة والتشكيك مسبقاً في نزاهة الاستفتاء الذي سيتم إجراؤه اليوم، والتشكيك بالتالي في شرعية النتيجة التي سيسفر عنها.
لنظل في المربع رقم واحد.. بل ربما نكون قد تراجعنا إلي ما وراء المربع رقم واحد.. ليستمر مستقبل ملف الإصلاح ملفوفاً بالغموض وعدم اليقين.. ولنتوقع موسماً مقبلاً من التلاسن المعاد المكرر محلياً والانتقادات المحمولة جواً من »الصديق« الأمريكي ومنظمات عالمية شتي يرد عليها الحزب الوطني بالتحصن ببيانات السيادة الوطنية.
وبعد مرور موسم التلاسن المحلي، والدولي، ربما يكتشف الحزب الوطني أن تعديلات اليوم تحتاج إلي تعديل جديد غداً واستفتاء آخر بعد غد.
وكل استفتاء وأنتم طيبون!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملف استحقاقات الدولة المدنية سيظل مفتوحاً
- دبرنا يا وزير التضامن الاجتماعى
- بروتوكولات حكماء الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات .. وأزمة الث ...
- المادة الثانية .. وإرهاب فهمى هويدى
- فتحى عبدالفتاح .. عاشق الحياة والوطن
- جوزف سماحه
- -حبيبة- .. و-إيمان-: تعددت الأسباب والكرب واحد
- المادة الثانية.. ليست مقدسة
- حرية العقيدة.. يا ناس!
- ماجدة شاهين.. الدبلوماسية الأكاديمية
- صدق أولا تصدق: نقد رئيس مصر مباح .. وعتاب أمير عربى ممنوع!
- »الوفاق« الوطني و»النفاق الحزبي«
- ما رأيك يا وزير التنمية الإدارية
- هل يتمتع كلاب الأمراء العرب ب -الحصانة- فى مصر؟
- تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية يفسر تراجع ترتيب مصر
- اقتصاد يغدق فقراً
- بدلاً من تضييع الوقت والجهد في الرد علي الفتاوي الهزلية: تعا ...
- كأن العمر .. ما كانا!
- حتى فى السودان
- التعليم..غارق فى بحر من الفساد


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - كل استفتاء وأنتم بخير!