أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - فضيلة يوسف - الانتحار :الطريقة الوحيدة للخروج من العراق















المزيد.....

الانتحار :الطريقة الوحيدة للخروج من العراق


فضيلة يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1859 - 2007 / 3 / 19 - 11:21
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


Robert Bryce alternet.org
مترجم
كان Ted Westhusing مؤمناً حقيقياً وكان هذا خطاه القاتل
عمل تيد كولونيلاً في الجيش الأمريكي ومدرّساً للغة الانجليزية في الكلية العسكرية West Point وكان كاثوليكياً تقيّاً يزور الكنيسة اسبوعياً كان في الرابعة والأربعين من عمره متزوجاً وعنده ثلاث أطفال .لم يكن تيد مجبراًللذهاب إلى العراق لكنه تطوّع لسبب اعتقد بأنه نبيل لقد آمن أنها حرب عادلة وجادل معارضي الحرب في الكلية قال أحد الضباط المقربين منه كان متحمساً لإنجاز المهمة وكانت خدمته في العراق ستنتهي بعد ستة أشهر وقبل شهر من عودته وفي 5 حزيران 2005 وُجد منتحراً في غرفته في معسكر دبلن قرب بغداد .وكان يحمل أعلى رتبة في الجنود القتلى في العراق ،جاء في تقرير المحققين أنه قُتل بطلقة في الرأس وأنها عملية انتحار .
تعتبر مأساة تيد واحدة من آلاف المآسي الكبيرة التي رافقت حرب العراق الثانية أربع سنوات من الحرب دمرّت العراق :اقتصاده وبنيته التحتية أصبحت أطلالاً ، عشرات آلاف العراقيين وربما مئات الآلاف قُتلوا ،ومئات الآلاف الآخرين تركوا بيوتهم وتركوا العراق ، أكثر من 20 ألف أمريكي جُرحوا وأكثر من ثلاثة آلاف قُتلوا .
بين هذه المآسي المؤلمة تقف مأساة تيد لتُظهر كيف تتحطم حياة ومعتقدات الإنسان بالغش والفساد الذي يشاهده حوله ،إن خيبة الأمل التي قتلت تيد جزء من الثمن الذي ستدفعه الولايات المتحدة طويلاً بعد انسحاب آخر جندي من العراق.
قُتل 846 جندياً أمريكياً عام 2005 منها 22 حالة انتحار تركت سؤالاً للباقين على قيد الحياة لماذا؟ وما الذي قاد تيد إلى اليأس وفي حالة تيد تصل الإجابة إلى قلب أهداف أمريكا في العراق .
عمل تيد في العراق مع دافيد باتيريوس أحد كبار قادة الجيش الأمريكي هناك وفي كانون ثاني 2007 أصبح باتيريوس قائد جميع القوات الأمريكية في العراق .وقد عمل تيد في المهمة الصعبة التي واجهت وما زالت تواجه الجيش الأمريكي في العراق تدريب القوات الأمنية العراقية ،جميع الأهداف التي وضعها بوش والمحافظين الجدد (عراق ديمقراطي آمن يعيد بناء نفسه بعائداته النفطية ويحكمه موالون للغرب يقفون في وجه الأصولية الإسلامية في المنطقة تعتمد على بناء الشرطة والجيش العراقيين ) لم يتحقق أي من هذه الأهداف .
عندما وصل تيد إلى العراق وجد الجيش والشرطة العراقية مثله مثل المجتمع العراقي منقسم بين سنة وشيعة ومع انتشار الفساد اصبحت مهمته مستحيلة .
انهى تيد رسالة الدكتوراه في الفلسفة عامين قبل ذهابه للعراق وكانت رسالته عن شرف الحروب كان مفهوم Arete اليوناني الذي يعني الفضيلة والمهارة والتفوّق في الحرب جزءاً من حياته.
لم يجد تيد الفضيلة في العراق
ومن قراءة ملفات التحقيق التي شملت مقابلات مع عائلته وأصدقاءه وجزء من تقرير الجيش " هناك شيء ( في العراق ) قاده إلى الانتحار ،قال احد زملائه " إن مجموع ما رآه في العراق قاده للانتحار لأنه يؤمن بالواجب والشرف وأمريكا ، كان تيد مستقيماً قوّي الشخصية هذه الاستقامة قادته للانتحار.
ولد تيد في دالاس وكان تلميذاً متفوّقاً أعطته درجاته واجتهاده وسمعته الحسنة الفرصة للالتحاق بعدد من الكليات اختار منها ويست بوينت لأن والده كان جندياً خدم في الحرب الكورية وأكمل عمله في القوات البحرية .وتخرّج الثالث على دفعته ومنها ذهب للخدمة في الفرقة 82 المحمولة جوّاً في ايطاليا وكوريا الجنوبية وهنداروس فتعلم اللغة الايطالية والروسية .وبعد حصوله على الدكتوراه عمل معلماً في كلية ويست بوينت حيث تعلم ولم يكن عنده أي سبب لترك عمله فقد كان يحبه وفي نهاية عام 2004 تلّقى مكالمة هاتفية من قائد الفرقة 82 يسأله إن كان يرغب في الذهاب الى العراق فلم يتردد في قول نعم.كان يؤمن أن المهمة في العراق عادلة وتم الإعداد لها بشكل جيد قال أحد زملاءه في الكلية وقال انه سيمكث في العراق أكثر من مدة نصف السنة المقررة أضاف.
اعتقد تيد أن خدمته في العراق ستحسن من تعليمه للطلبة الجنود في الكلية كما آمن أننا نصنع شيئاً عظيماً في العراق قالت زوجته .
توقف تيد في جورجيا للفحص الطبي وجمع العدّة والتدرب على مهارات الإطلاق ثم ذهب للعراق وكانت الاسابيع الاولى له هناك مغامرة كبيرة وقد أحب العمل مع نظراءه العراقيين ،كانت إرادته قوّية في التعامل مع المتعاقدين لشركة أمنية مركزها فرجينيا USIS وهي تعمل بعقد مقداره 79 مليون دولار للمساعدة في تدريب الشرطة والجيش العراقيين على العمليات الخاصة ومن مالكي هذه الشركة مجموعة Carlyle التي توظف جورج بوش الأب وجيمس بيكر فيها .
بعث تيد رسالة مع صديق عاد إلى الوطن :إذا لم تكن قوّي الشخصية وتعرف الصحيح من الخطأ سوف تغادر العراق وقد تدّمر احترامك لنفسك وتحطمّت قيمك الإنسانية الثمينة .عمل تيد مع باتريوس وفيل وحصل على ترقية الى كولونيل وقد بعث له باتيريوس ايميلا في آذار 2005 : لقد تجاوزت التوقعات الكبيرة التي كنا نتوقعها منك .
ورغم الترقية لاحظ زملاءه في الولايات المتحدة مزاجه المتعكر ، قلّت ايميلاته وازداد التشاؤم بها وازدادت عزلته في العراق .
أصبحت النزاعات والخلافات بينه وبين المتعاقدين يومية وأُجبر تيد على الانشغال بالادعاءات أن متعاقدي شركة USIS يشاركون في قتل العراقيين ،وقد تسلّم رسالة من مجهول يدّعي فيها أن USIS تخدع الجيش الأمريكي في كل مناسبة بحيث اختفت مئات القذائف التي كانت ستستخدم في التدريب وأجهزة راديو بتكلفة 4000 دولار - جهاز .إن الشركة لا تقدم الخدمات التي تعاقدت من أجلها ولذلك فشل التدريب فشلاً تاماً .
تدّمر تيد : اذا كانت هذه الادعاءات صحيحة فإنه لا يمكنك عمل شيء فالقضاء العراقي غير مفعّل وليس قادراّ على محاسبة المتعاقدين .كتب تيد لعائلته عن رغبته في استشارة محام عن المواضيع التي بين يديه . وفي نهاية أيار كان تيد مكتئباً وعلى قناعة تامة أنه لم يتعلم في ويست بوينت ان يكذب ، يخدع ، يسرق أو أن يتسامح مع من يقومون بذلك وقد طلب من عائلته أن تصلي من أجله عندما وجد نفسه بين متعاقدين لا يهتمون بالمبادئ . وقد اخبر زوجته برغبته في ترك العراق فجادلته بأن يكمل مدة خدمته ثم يعود للمنزل .
ترك تيد التدريب واصبح يدخن ولاحظ زملاءه قلقه وعصبيته. كان في ليلة 4 حزيران متعباً جداً وكأنه لم ينام وتحدث عن المشاكل مع العراقيين المنضمين للبرنامج التدريبي فقد تسلل للبرنامج جماعات مسلحة وعصابات إجرام وعناصر أخرى قالت زميلة تيد وقد سألني عن أفكار للتدقيق في ماضي المتدربين ثم جلس في مكتبه وقد قال لي فجأة أنه لا يرى سبيلاً لحل مشكلة ماضي المتدربين ثم أعاد فحص سلاحه عدة مرات .
في اليوم التالي كان على تيد ان يحضر اجتماعاً مع موظفين في الجيش الأمريكي وآخر مع المتعاقدين وقد قال في الاجتماع الأول أنه مصاب بالاشمئزاز من الأموال التي تم دفعها للمتعاقدين أنا لم آتي للعراق من أجل هذا قال لهم وعندما غاب عن الاجتماع الثاني ذهب أحد الجنود الى غرفته فوجده ميتاً وبجانبه رسالة الى باتيريوس بلون اسود غامق ( شكراً لأنكم أخبرتموني أنه يوم جيد إنكم تهتمون بعملكم فقط ولا تهتمون بدعم من يعمل معكم أنا لا استطيع أن أعمل في مهمة تقود إلى الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان والكذب.لقد تلطّخت ولا استطيع التحمّل أكثر ،أنا لم اتطوّع لخدمة الفساد ولجلب الأموال للشركات المتعاقدة جئت لخدمة هدف نبيل وأشعر الآن بالخزي والعار لماذا نخدم إذا لم نستطع إكمال المهمة أنا لا أثق باي عراقي ولا أستطيع العيش هكذا أعيدوا تقييم أنفسكم قادتي أنتم لستم كما تظنون وأنا وانتم نعرف هذا ، الحياة تحتاج ثقة ولا يوجد ثقة هنا في العراق .



#فضيلة_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النفط لمن؟
- لعبة المونوبولي بالأموال العراقية
- نفاق الولايات المتحدة حول حقوق الإنسان
- احتجاز العمال الآسيويين للعمل في السفارة الأمريكية في بغداد
- الأبارتهايد يشبه هذا –إهانات صغيرة على حاجز اسرائيلي 1
- الأبارتهايد يشبه هذا –إهانات صغيرة على حاجز إسرائيلي 2
- ضحايا الجدار
- لونا العراق : اغتصبت ولم تظهر على الفضائيات
- العراق : عملية إعادة البناء بالتجربة والخطأ
- أشباح أبو غريب
- اليورانيوم المنضّب ( القاتل الخبيث يواصل القتل )
- النساء في الهند :أمّهات للبيع- امّهات للحظات
- غزة :حلقات الجحيم
- العراق : أطفال الحرب
- النساء في أفغانستان - لا توجد مساواة
- ألأطفال العراقيون ذوي الاحتياجات الخاصة يفتقدون الدعم
- اللاجئون العراقيون المنسيون
- إعادة بناء أفغانستان 2
- إعادة بناء أفغانستان 1
- هل كانت الحرب على العراق كارثة؟(2


المزيد.....




- السيسي يعزي البرهان هاتفيا في وفاة نجله بعد تعرضه لحادث سير ...
- مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون يتحدثون عن أيام لإتمام صفقة الر ...
- مقتل 5 فلسطينيين في الضفة الغربية
- وسائل إعلام فلسطينية: -حماس- وافقت على المقترح المصري لوقف إ ...
- القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية تصدر بيانا بشأن وفاة ...
- قوات كييف تهاجم قرية موروم بطائرتين مسيرتين
- دراسة أمريكية: السجائر الإلكترونية تضر بنمو الدماغ
- مصر.. القبض على المتهم بالتعدي على قطة في محافظة بورسعيد
- الأسد: في ظل الظروف العالمية تصبح الأحزاب العقائدية أكثر أهم ...
- مصر.. الحبس 3 سنوات للمتهمين بقتل نيرة صلاح طالبة العريش


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - فضيلة يوسف - الانتحار :الطريقة الوحيدة للخروج من العراق