أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسيب شحادة - دور اللغة في الثقافة














المزيد.....

دور اللغة في الثقافة


حسيب شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 1853 - 2007 / 3 / 13 - 08:11
المحور: الادب والفن
    


علينا أن نعي أن الثقافة في جوهرها ينبغي أن تكون طريقة حياة وممارسة لا تنحصر في القضايا المعنوية والذهنية فحسب. مفهوم الحضارة أوسع من مفهوم الثقافة فهو يشمل العلوم والصناعات في حين أن نطاق الثقافة يتمحور في اللغات والآداب. من ميزات الثقافة الخصوصية أنها مرآة الأمة، أي أنها قومية أما الحضارة فهي بطبيعتها أممية وهي أسلوب حياة أيضا. التقوقع والانعزال معناه التبعية والتشرذم والاندثار. إن العبرة في ثورة المعلومات التي تكتسح الكرة الأرضية هي القدرة عى الغربلة والتنخيل أي طرح الغث الواهي وانتقاء السمين الرزين
يبدو لي أنه لا بدّ من إعادة النظر بشأن موقفنا من لغة الضاد، اللغة القومية لثلاثمائة مليون عربي تقريبا، والتعامل معها أساسا كوسيلة للثقافة والفكر لا كغابة في حدّ ذاتها. إن الأسلوب الرنّان الطنّان الذي لا طائلَ تحته لا مكان له في الحياة الفكرية المعاصرة والجادّة. إن الزيادة في اللفظ يجب أن تتمخّض عن زيادة في المعنى. حبّذا لو يتذكّر مدرّسو اللغة العربية على وجه الخصوص ما قاله اللغوي العربي الفذّ، أبو الفتح عثمان بن جنّي المتوفى عام 1002 ”عرف بذلك أن الألفاظ خَدَمٌ للمعاني، والمخدوم - لا شك- أشرفُ من الخادم”. وفي مكان آخرَ عبّر عن نفس المعنى بقوله ”فقد علم بهذا أن زينة الألفاظ وحليتها لم يُقصد بها إلا تحصين المعاني وحياطتها. فالمعنى إذا هو المكرّم المخدوم، واللفظ هو المبتذل الخادم
علينا أن نقرّ بأن هذه اللغة العربية الفصحى الحديثة التي تجمع تحتَ كنفها كل بني يعرب من الخليج إلى المحيط ليست لغة أم أي واحد منّا على الإطلاق. هناك لهجات عربية لا حصرَ لها في العالم العربي وهي بمثابة لغة الأم بالنسبة للناطقين بها. يتحتّم على العربي كما هو معروف أن يفهم أولاً قبل أن يقرأ بشكل سليم ثانيا في حين أن معظم أمم هذه المعمورة تقرأ لتفهم . وللأمانة العلمية ينبغي أن نشير إلى أن الفجوة بين اللغة الأدبية واللهجات تضيق باستمرار في أعقاب الانخفاض التدريجي في نسبة الأميين نتيجة للتقدم العلمي والتقني الباهر الذي يجتاح الجميع ويخترق صالوناتنا دون إذن. لكن نحن معشر العرب، والحق يُقال، لسنا من المغرمين بالقراءة وكم أتمنّى أن أصبح مخطئا في يوم من الأيام
لا نأتي بأي شيء جديد إذا ما قلنا بأن شريحة لا يُستهان بها من الأكاديميين العرب تطلّق الكتاب والمطالعة إثر التخرّج والحصول على شهادة جامعية. نعم إنهم يطلقون الكلمة المكتوبة ليتزوجوا ويقيموا أسرة وكأن الحياة الزوجية وعادة المطالعة الواعية والمنتظمة ضدان لا يجتمعان كعدم اجتماع السكونين في العربية، لغويا إنهما يجتمعان في حالتين على الأقلّ. ديدنهم إننا أصبنا من العلم والمعرفة ما فيه الكفاية ”شو العلم للشبع”!. يلاحظ أن ذلك المخزون المعرفي والثقافي الدي حصل عليه هذا الأكاديمي أو ذاك لا يُستغلّ في الأغلب لتهذيب النفس وترقيتها بل يظلّ مادّة نظرية لا تمتّ إلى الواقع بأوهى صلة. من جهة أخرى قد نجد بعض الناس الذين لم ينخرطوا في أية مؤسسة تعليمية إلا أنهم قد علّموا أنفسهم وثقّفوها خير تثقيف في بعض المجالات
المعلم القدير والمخلص في تصوّرنا هو الذي يسعى جادّا دون كلل أو ملل في زرع بذور التفكير العلمي، والاعتماد على النفس والحوار الديمقراطي المثمر في عقول فلذات أكباده وأفئدتهم، وينمي فيهم روحَ الاستقلال والعزّة والشهامة، لا الذلّ والرياء والهوان. بداية الثورة والتجديد من اللغة. اللغة أية لغة لا تعني الأصوات والصرف والنحو والمعجم أو علم الدلالة فحسب بل إنها في الأصل مرآة الشعب وهويته القومية بتاريخه وبثقافته وبتقاليده. هناك جانب آخرُ في غاية الأهمية وهو أن من لا يُجيد لغتَه بالمهارات الثلاث الرئيسية، القراءة والكتابة والمخاطبة لن يستطيع اكتساب لغات أخرى بشكل دقيق وبالسهولة المبتغاة. اللغة وعاء الفكر والوجدان ويجب التعامل معها بصدق وعمق
هناك من قال ”إن المثقفين الذين لا يُتقنون معرفةَ لغتهم ليسوا ناقصي الثقافة فحسب بل في رجولتهم نقص كبير ومُهين أيضا”. لا أحبّذُ استخدام مثل هذه الأحكام بل أقول إن إجادة اللغة العربية لا تتجلّى في حفظ كل شاردة وواردة من صرفها ونحوها وقاموسها كما وردت في أمّهات الكتب ولدى النحويين القدامى، الشعر الجاهلي، القرآن الكريم، الأحاديث النبوية، الأغاني، العقد الفريد، سيبويه، الفراء، الزمخشري، ابن جنّي، الزجاج، المازني، ابن فارس، لبن منظور الخ. الخ. اتقان المثقف العربي للغته معناه في نظري التمكن من المهارات اللغوية الثلاث، القراءة والفهم والتعبير الشفوي والكتابة السليمة. بيت القصيد أن يطبّق المثقف الجانب النظري لقواعد اللغة الأساسية ولا ضير في أن ينساها بعد أن تغدو اللغة لديه ملكةً لسانية راسخة. معرفة شبه تامّة لقواعد العربية وفق مدرستيها الرئيسيتين، البصرة والكوفة، هي مهمة ملقاة على عاتق الباحثين الأكاديميين المختصّين بغية التحليل العلمي وعلم اللسانيات المقارن
إن معرفة قواعد اللغة لا يؤدي بالضرورة إلى اتقانها حديثا وكتابة وخير دليل على ذلك ما نعرفه عن معظم المستشرقين في عالمنا الحاضر الذين لا يتكلمون العربية ولا يكتبونها بل يبحثون فيها ويكتبون عنها بلغاتهم. معرفة الشخص الكاملة لمبادىء السباحة على سبيل المثال لا تجعل منه، كما قال ابن خلدون في مقدمته، سبّاحاً. يبدو لنا أن التطبيق أعسرُ بكثير من النظرية في مجال اللغة على الأقل. رسالة تدريس اللغة العربية وإعلاء شأنها تقع أصلا على عاتق معلّم هذه المادّة في المدرسة الثانوية إلا أن الآخرين مدعوون للإسهام في ذلك
مشوار التربية والتعليم طويل وتراكمي وذو هدف نبيل



#حسيب_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آراء وأفكار في الثقافة والفكر
- فذلكة حول علم الأسماء العبرية في الديار المقدسة
- % 68 من اليهود يرفضون العيش مع العرب في نفس العمارة
- المعهد الفنلندي في الشرق الأوسط
- لمحة عن: نشرة الهجرة القسرية، اللاجىء والنازح الفلسطيني
- المكتبة الوطنية في روسيا
- ناديا حسن وزيارة الوطن
- درس في الشعر الوطني
- الصداقة الحقّة
- حُرّاسُ المدينة، ناطوري قارْتا
- خبز الشاودار الفنلندي? ?ذو القيمة الغذائية العالية
- التدريس الجامعي بالعربية، ضرورة التنسيق في التعريب بين كافّة ...
- عرض لكتاب حول تأثير الفكر الأفلاطوني السياسي على الفارابي
- فذلكة حول إعداد عربيّ المستقبل
- الساونا، الحمّام الفنلندي
- القدّيس توما الكمبيسي
- كُلثوم الناصرة، كلثوم نصر عودة فاسيليفا
- لقاء الله
- هرتصل واللغة العبرية
- حركة غوش إيمونيم


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسيب شحادة - دور اللغة في الثقافة