أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سيلفان سايدو - كركوك، الماضي والحاضر















المزيد.....

كركوك، الماضي والحاضر


سيلفان سايدو
حقوقي وكاتب صحافي

(Silvan Saydo)


الحوار المتمدن-العدد: 1757 - 2006 / 12 / 7 - 10:58
المحور: المجتمع المدني
    


كركوك، الماضي والحاضر
تراودت، وما زالت.. أقوال كثيرة حول الهوية العرقية في مقاطعة "كركوك". لكن لفهم واستدراك الواقع الراهن فيها، فلا مناص، ومساسة الحاجة التي تستدعي إلى دراسة التركيب العرقي، والتكوين الأثني في ماضي المدينة، ومقارنتها مع ما هي عليها حاضر المدينة من وقائع.
بدايةً، التغيرات التي حدثت هناك، كانت ثمرة سياسيات النظام البعثي العراقي البائد، وأجهزته القمعية، والذي لم يرع بتاتاً في سياساتها أدنى معايير القوانين الدولية وشرعيتها، الأمر الذي سبّب في خلق تلك الأوضاع الخطيرة، وهو يتحمل المسؤولية المباشرة عنها، والتي أمسى المواطنون يعايشونها على الرغم من قساوتها. ومن بين تلك السياسات سياسية التعريب، بتغيير ديموغرافية المدينة (كركوك) والتي أولى النظام العراقي البائد اهتماماً بالغاً في ممارستها على مدار عقود..
ومع توفر أسباب العيش وسبل مصدرها بشكل هائل في مقاطعة "كركوك"، ومع نأي الزراعة عن هذه المقاطعة، فقد كان سكانها حذقين ومهرة في ممارسة المهن والحرف اليدوية الكثيرة، إلى جانب عملهم في مجالات التجارية والإدارية، وكذلك مزاولتهم حرف حرة أخرى كثيرة؛ فضلاً عن أنّ جزءاً من مصدر دخلهم كان يعتمد على مواسم الزراعة، لكن وفقاً وتماشياً لمردودها، بالإضافة إلى اهتمامهم بتربية الحيوانات الداجنة.
وجغرافياً، طبيعة هذه المقاطعة تتميز بتركز التجمعات القروية على المرتفعات وقمم الهضاب، وهذا ما حذى بأهالي تلك المقاطعة إلى أن يبنوا سدوداً أمام الأنهر ومنابع المياه الأخرى، سواء من الجهة الشرقية لمقاطعة "كركوك" أو من شماليها، وذلك من أجل رفع مستوى منسوب المياه وايصالها إلى تلك المرتفعات الآهلة، وذلك بسبب ندرة المياه في المقاطعة.
أما فيما شهدتها المدينة من التقلبات الديموغرافية والاقتصادية، فقد ظهرت هذه الظاهرة جلياً بعيد اكتشاف النفط في مقاطعة "كركوك"، حيث تم استجلاب أعداد هائلة من كافة أصقاع العراق إلى المدينة وما يجاورها، وبالتالي أدى ذلك التدفق البشري، إلى إحداث التغيير الديموغرافي لمقاطعة "كركوك" بكل ما في الكلمة من معنى. وهذا ما يدعونا إلى إمكانية القول، مع التأكيد بأنّ توسع مجال الصناعة النفطية، فتح باب الهجرة على مصراعيه أمام آلاف العوائل العربية والتركمانية والأقليات الأخرى، كالآسوريين والأرمن، بالاستيطان في مقاطعة "كركوك"(1).
بيد أنّ على الرغم تلك الهجرة المنظمة إلى "المقاطعة" و إلى وقتذاك، كانت وما تزال الأغلبية العرقية (السكانية) في المقاطعة من الكرد *، ومن ثم من التركمان، وأنّ وجود هذا الأخير في "كركوك"، يعود إلى العهد العثماني، ومن ثم تم استقدام العرب إلى المقاطعة للاستيطان فيها، كما أسلفنا.
ولعل موسوعة "قاموس العالم" لمؤلفها الشهير "شمس الدين سامي" خير ما يؤكد على التركيبة العرقية للمقاطعة إلى وقتذاك، إذ تذكر الموسوعة: أنّ
ثلاثة أرباع / 75% / من سكان المدينة هم من الكرد. وما تبقى منهم كانوا من التركمان والآخرين، إلى جانب /700/ من المواطنين اليهود، و/460/ كلدانياً، كانوا يقيمون في المدينة (2).
وأنّ الكرد عاشوا، ومازالوا يعيشون بأكثريتهم الساحقة في المناطق الشرقية والغربية من المدينة، علاوة على تواجد الأقليات الأخرى من المجموعات العرقية الاخرى قبل أن يأتوا التركمان ويستوطنوا في المدينة.
المؤلف الشهير لـ. "دليل تاريخ أشهر شخصيات ألوية العراق" (الحكام)، والمصنف من قبل الباحثين العرب، والذي صدر في بغداد عام 1947. يهتم بالدرجة الأولى بكركوك، ويشير إلى أنّ التركمان هم أحدث مكونات التركيبة العرقية في "كركوك"، وأن أسلافهم الذين وصلوا إلى هناك في منتصف القرن السابع عشرمع غزو قوات العثمانية بقيادة "سلطان مراد" الرابع الذي فتح العراق وطرد الصفويين من البلاد. وحسب الدليل دائماً أنه قبل عودته إلى القسطنطينية، وبعد احتلال بغداد ترك "سلطان مراد" وحدات جيشه في مواقع للسيطرة على الطريق الاستراتيجي الذي يربط بين بغداد – أناضول، وهو ما يشكل في الوقت الحاضر أماكن تواجد التركمان، وهم من بقايا تلك التجمعات (الوحدات).
وتؤكد العوائل التركمانية الرئيسة في مدينة "كركوك" وضواحيها أمثال عائلة "النفطجي" وعائلة "أوجي" بأنّ أسلافهم وأجدادهم ينحدرون عن " سلطان مراد". فعلى سبيل المثال السيد "ناظم نفطجي" يبّين في عام 1947 أنّ جده "قهرمان آغا" أتى من أناضول برفقة "سلطان مراد"، وذلك بعيد أن استولوا على بلدة تدعى "باباركر" وحيث كان يستخرج منها النفط بطرق بدائية (4).
و"عبدالله بك أوجي" أيضاً يذكر أنّ عائلته ينحدر من جذور أناضولية، وتحديداً هي من ولاية "كونيا" وأنّ جده "أميرخان" كان بصحبة "سلطان مراد" قبل أن يستقر بهم الوضع للاستيطان في كركوك (5).
ويفيد الدليل أيضاً على أنّ الإسلام هو دين معظم سكان قاطني مدينة "كركوك" وكما يؤكد على اخلاصهم وتفانيهم لايمان دينهم الحنيف.
وثمة أيضاً في المدينة المسحيون، والصابئة، وكذلك اليهود، الذين أجبروا على مغادرة العراق إلى اسرائيل في بداية عام 1950 ، الذين كانوا يحتكرون الأعمال التجارية والمالية، وكذلك العمل في الحلى والمجوهرات. أما المسيحيون فقد كانوا أيضاً لهم باع في جميع الحرف والمهن. وعموماً كانت السمة الأساسية لحياة هؤلاء المجموعات العرقية في مدينة "كركوك" عيشهم مع بعضهم البعض في تآلف وتناغم تامين. في الوقت الذي كان معظم أفراد العوائل الكردية الذين لهم حضورهم داخل المدينة، وكان يمتد انتشارهم أيضاً ليشمل المناطق المجاورة للمدينة والقرى الملحقة بها.
والجدير ذكره وعلى مدى القرنين الماضيين كان أغلب ممن تولوا منصب المحافظ لمدينة "كركوك"، كانوا دائماً من الكرد، ومما يجدر ذكره هنا، كان منهم من عائلة " طالباني" **.
وخلال العهد العثماني والممالك المتكررة، أصبح بعض من التركمان يقلدون منصب المحافظ للمدينة. لكن في عين الوقت، لم تشهد المدينة أي محافظ من العرب، إلا حتى عام 1969 عندما تم تعيين من عائلة التكريتي لذلك المنصب، وكان ذلك من قبل النظام البعثي المباد. وكانت مقاطعة " كركوك" إلى عام 1879 مركزاً لولاية "شهرزور" عندما أصبحت آنذاك "سنجقا"، ومن ثم تم إلحاقها بولاية "الموصل".
ومما هو جدير بالملاحظ أنّ معظم أعضاء الممثلين عن مقاطعة "كركوك" في البرلمان العراق، إبان حكم الملكي، كانوا من الكرد، وبعض من التركمان. وقلما كان من يمثلون عن "كركوك" من العرب، لغاية ما بعد استقدام قبائل عربية عام 1935 من سهول "الحويجة" لاستيطانهم في المدينة.
وفي عام 1918 عندما احتل الجيش البريطاني ولاية "الموصل" شكلت الإدارة البريطانية المحتلة آنذاك، حكومة جديدة تحت اسم "اربيل" التي كانت مكونة من مناطق تضم كل من أربيل، رواندوز، وكويسنجق.
وفي عام 1921 أجرى البريطانيون احصاءً سكانياً فكانت نتائجه كما يلي:

الكرد 75000
التركمان 35000
العرب 10000
اليهود 14000
الكلدان 600 فقط

وأما لجنة عصبة الأمم التي زارت ولاية "الموصل" في عام 1925 فكانت بصدد أن تعقد العزم في تقرير مستقبل المدينة. وقد قدرت حينذاك بأنّ:

الكرد في مقاطعة كركوك يشكلون 63% من سكانها
التركمان = = = = 19% = =
العرب = = = = 18% = =

ومنذ ذلك الوقت وإلى عام 1947 لم يجر أي احصاء سكاني في المقاطعة. ومكتب الاحصاء اصدر عام 1936 تقريراً حدد به عدد سكان المدينة بـ 180 ألف نسمة.
ومؤلف دليل المعلومات أعطى رقماً لعدد سكان مدينة "كركوك" وقدّره بما لا يتعدى عن نصف مليون نسمة، لكن ذلك لم يشمل قبائل البدو (الأرياف). وأنه يقول إنّ العرب على وجه العموم كان مناطق تواجدهم فيها تقع في جنوب غرب من مقاطعة "كركوك". في حين كان وجود الكرد ممتداً من شمال إلى شرق المدينة.
في حين لم يعط احصاء عام 1947 تفاصيل ذات قيمة للتركيب العرقي للسكان، ومن الناحية الثانية احصاء عام 1957 منح تفاصيل للتركيب العرقي في العراق (وفق للغة الأم). وحسب هذه الاحصاءالتكوين العرق لمقاطعة "كركوك" كان كالتالي:

48% من سكانها من الكرد
28% = = = العرب
21% = = = التركمان
03% = = = ما تبقى من الكلدوآشور وآخرين...

فقط احصاء عام 1957 أقرّ شرعاً وقانوناً من ذلك الحين إلى وقت لاحق، بعد أن بدا النظام البعثي المنهار سياسته في التطهير العرقي، بجلب العوائل العربية من وسط وجنوب العراق، وتوطينهم في المدينة وفي المقاطعة عموماً، متزامناً بترحيل آلاف العوائل الكردية من المدينة وما حولها وتجريدهم من ممتلكاتهم... وإلى الأن، ثمة عائلتان عربيتان تقيمان في المدينة، وهما عائلة "التكريتي" وعائلة "الحديدي" بالإضافة إلى وجود بعض العرب العاملين في الخدمات المدنية والإدارية، وبالطبع العسكرية أيضاً، من الفرقة الثانية للجيش العراقي.

ولغاية عام 1955 كانت في مقاطعة "كركوك" فقط مدرسة العليا "ثانوية" حيث كنت*** طالباً فيها، وجل طلابها وقتئذٍ كانوا من الكرد (بالدرجة الأولى) ومن ثم التركمان، مع عدد من العرب والآسوريين، الكلدانيين، والأرمن. وأغلب طلبة العرب آنذاك كانوا أبناء الموظفين المدنيين أو من أفراد خدمة الجيش العراقي، أو ممن كانوا يعملون لدى الشركات البترولية العراقية (IPC).

* * * * * * * * * * *
* * * * * * * *
* * * *
*
إشارات:
* وهذا ما يشير إلى مدى كردستانية المدينة.
** وهي عائلة كاتب الدراسة.
*** كاتب البحث د. نوري طالباني.

المصادر:
عبدالمجيد فهمي حسن: دليل تاريخ المشاهير – الألوية العراقية / دليل تاريخ أشهر شخصيات الألوية العراقية. لواء كركوك، مطبوعات الدجلة، بغداد 1947 ص55.
شمس الدين سامي: قاموس العالم – اسطنبول – مهران للمطبوعات – طباعة مهران. 1315 هجري /1896
عبدالمجيد فهمي حسن: ص58
المصدر ص284
المصدر ص301



#سيلفان_سايدو (هاشتاغ)       Silvan_Saydo#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تآكل المعارضة السورية.. وتحولها إلى الممارضة السورية..
- بعد تلك المحاكمة.. أصبح الأمر خياراً بين الصعوبة والكارثة..
- حقيقة مرة في العراق.. لاتروق لأحد الاعتراف بها...
- القيادة الكردية... خذلت شعبها..
- الحماس والغرب...يعبثان بحياة الفلسطينيين
- الانتقائية المحضة... عند المسلمين
- صور.. لمدى الشرخ الحاصل بين الغرب والشرق..
- تمهيدات… لتبرئة صدام..
- كل هذه المحاكمة العادلة.. وكل هذه الترجمة الفاشلة
- الكاتب.. الذي جسد صوت شعبه..
- مبادرة المصالحة الوطنية.. والحقائق الغائبة
- الشرق الأوسط الجديد...
- من كردستان إلى كردفان... والعالم العربي في حال كان..!
- المعارضة السورية بين عملها... وبين حسابات مموليّها
- العراق.. مسرح للمكايدات المذهبية
- إسلاميو الكرد بين إرهاب السياسة.. وعض الأصابع
- السياسة المقنعة.. بفلسفة الإسلام
- سوريا تغدو في عزلة مطلقة..


المزيد.....




- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سيلفان سايدو - كركوك، الماضي والحاضر