|
صدام وحكم الاعدام
درويش محمى
الحوار المتمدن-العدد: 1737 - 2006 / 11 / 17 - 11:06
المحور:
الغاء عقوبة الاعدام
منذ القاء القبض عليه واخراجه من جحره وحفرته ، وأنا اتابع كل تفاصيل سجنه ومحاكمته ، وبشغف ولهفة اتلقى اخبار ابنته وحتى حفيدته ، ومحامييه الدليمي والنعيمي ، والامريكي كلارك واللبنانية بشرى ، لم تفتني جلسة واحدة دون ان اشاهدها " اقصد المحاكمة ولا اقصد المحامية"، حتى انني وللمرة الاولى في حياتي ، بدأت اتغيب عن اعمالي وواجباتي ، بعذر وبدون عذر ، لاتابع جلسات المحاكمة المملة ، واحدة تلو الاخرى ، وجاء الفرج صباح يوم الاحد ، 5 نوفمبر 2006 ، واشفق علي القاضي ولم يشفق على صدام ، واصدر بحقه حكم الاعدام ، وتحررت اخيراً من التلفاز ، كما تحرر الكرد والعرب عراقيين وكويتيين من ظلم صدام ، وتحول هذا الاخير من متهم الى مدان ، و بعونه تعالى بعد شهرين او ثلاثة اشهر ، سيصبح هذا البعثي المدان في خبر كان . ساصارحكم واعترف بحقيقتي، ولن اكتم عنكم اثمي وخطيئتي، وربما يلومني ويشتمني العديد من ابناء جلدتي، ان افشيت لكم بحقيقة موقفي يا سادتي ، يوم صدور الحكم على الطاغية والمجرم صدام حسين التكريتي، وهو الذي قتل وانفل مئات الالاف من قومي وابناء ملتي ، وبطش بالاحرار من اقراني وشركائي في عقيدتي ، وتسبب في سيول من الدموع ، وجيوش من اليتامى والارامل ، ومقابر جماعية علنية وخفية ، واستخدم الاسلحة العادية والكيمياوية ، واحرق ودمر قرى ومدن كردية وشيعية ، وعمد الى التخريب والتعريب، ونكل بالقريب والغريب ، وسفك بالصغير والكبير ، حتى اصبح نيرون زمانه ، وإماماً لهتلر واقرانه. سأعترف وليكن ما يكن ، لم افرح وامرح كما فعل البعض ، واشفق على صدام وارفض الاعدام ، واكتفي بحبسه وحجزه لنكون بمعزل عن شره وبطشه ، ولست مع اعدامه وقتله ، لا خوفاً من الحرب الاهلية ، ولا خشية من الهجمات الارهابية ، ولا رحمة بصديقه عبد الباري عطوان ، ولا تلميذه عبد الاميرعلوان ، ولا خشية من قلم كاتب الكوبنات مصطفى بكري ، ولا خوفاً من تهديدات صالح المطلق ، ولا ضراوة حارث الضاري ، بل لانني مجرد انسان ، والقتل هو القتل ولو كان قصاصاً عادلاً واحقاقاً للحق ، وامر كريه وشنيع ومنفور ومرفوض . للسماء عدالتها وقوانينها ، كاليل والنهار ، والاسود والابيض ، والموت والحياة ، والبداية والنهاية ، والخير والشر ، انها قواعد كونية ثابتة ، نلعب معها وهي تلعب بنا، ونحن البشر نخضع لتلك القواعد ولا نصنعها بل نجري في فلكها، ونختار لانفسنا اسماء وعناوين ، والقتل والظلم لعبة شريرة وبشعة لها رجالها ولايجيدها البعض ، ويختارها البعض الاخر ويتقنها ويلعبها بمهارة ، وقد ينقلب عليهم الامر ويختلط حابلهم بنابلهم ، كما حدث مع الطاغية الشرير صدام ، فيتحول بين ليلة وضحاها ، من لاعب الى ملعوب به ، ومن قاتل الى مقتول . في صباح يوم اصدار الحكم ، وقبل ان تبدأ جلسة الحكم بساعة ، جلست امام التلفاز على بعد متر واحد ، حتى لا يفوتني الحدث التاريخي ، وانظرفي عيني القاتل عن قرب وهو يحكم بالقتل ، لا انتقاماً ولا تشفياً به ، بل حتى ارى كيف يتلقى المجرم حكم الاعدام ، وهو العتيد في اصدار الاحكام ، واليوم يجد نفسه في الطرف الاخر، ويقف في مكان الضحية ، ويسمع ما كان يسمعه للاخرين ، واخيراً بدأ القاضي بتلاوة الاحكام ، وجاء الدور على صدام ، وحكم بالاعدام ، وكنت خائفاً ومرتعباً وكأنني اجلس بجواره في القفص"اعوذ بالله"، لم افرح ولم اغضب ، ولم ارقص فرحاً من بهجتي ، ولم ابكي من شدة حزني ، وكأن شيئاً لم يحدث ، ولم ارى سوى الخوف والرعب ، وحبل مشنقة في عينيه القاسيتين ، مثله مثل كل القتلة والطغاة الجبناء . عذراً من ضحايا الانفال والاهوار ، وعذراً من اليتامى والارامل ، وذوي الضحايا ، لا اشارككم بهجتكم وفرحتكم ، لان قطرة دم واحدة ، لضحية من ضحايا حكم البعث ، اغلى واثمن من ارواح كل البعثيين الاشرار، عذراً لانني ابغض الاجرام كما اكره الاعدام ، والمشكلة ان هناك مليون ومليون صدام .
#درويش_محمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النقاش العقيم حول جدوى الديمقراطية
-
الكرة في ملعبكم يا اخوان
-
موشيه كاتساف والحسد
-
جائزة النوبل لضحايا الارمن
-
النموذج العربي لفاشية الملالي الفارسية
-
معتدل او متطرف -تصنيف يفتقرللدقة والعدل
-
الجولان برسم البيع
-
جهل مطبق ام تربية عفلق
-
حروب السيد حسن نصر الله
-
مبروك للسيد البيانوني وعقبال الرئاسة
-
الجنرال وقصر بعبدا
-
قطر الجزيرة ام الجزيرة القطرية
-
كردستان ترفض رفع علم البعث
-
الانفال ازمة ضمير واخلاق
-
نصر الله والتهرب من المسؤولية
-
حقيقة خطاب بشار الاسد
-
المعارضة السورية هشة وحالها حال قشة
-
قانا الجريمة المزدوجة
-
لعنة البرازق السورية
-
الأكشن....... وحسن نصر الله
المزيد.....
-
منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ
...
-
ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
-
الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين
...
-
المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى
...
-
الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا
...
-
ممثلية إيران: القمع لن يُسكت المدافعين عن حقوق الإنسان
-
الأمم المتحدة: رفع ملايين الأطنان من أنقاض المباني في غزة قد
...
-
الأمم المتحدة تغلق ملف الاتهامات الإسرائيلية لأونروا بسبب غي
...
-
کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق
...
-
المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع
...
المزيد.....
-
نحو – إعدام! - عقوبة الإعدام
/ رزكار عقراوي
-
حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب ورغبة الدولة المغربية
...
/ محمد الحنفي
-
الإعدام جريمة باسم العدالة
/ عصام سباط
-
عقوبة الإعدام في التشريع (التجربة الأردنية)
/ محمد الطراونة
-
عقوبة الإعدام بين الإبقاء و الإلغاء وفقاً لأحكام القانون الد
...
/ أيمن سلامة
-
عقوبة الإعدام والحق في الحياة
/ أيمن عقيل
-
عقوبة الإعدام في الجزائر: الواقع وإستراتيجية الإلغاء -دراسة
...
/ زبير فاضل
-
عقوبة الإعدام في تونس (بين الإبقاء والإلغاء)
/ رابح الخرايفي
المزيد.....
|