أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - درويش محمى - الانفال ازمة ضمير واخلاق














المزيد.....

الانفال ازمة ضمير واخلاق


درويش محمى

الحوار المتمدن-العدد: 1659 - 2006 / 8 / 31 - 02:20
المحور: حقوق الانسان
    


الأنفال اية قرأنية كريمة نزلت من السماء، على نبينا محمد ص خاتم المرسلين، اما لدى الكرد، الأنفال ايضاً نزلت من السماء وهبطت، ولكنها لم تكن سوى قنابل كيمياوية سامة وحارقة مميتة، على 4500 قرية، لتحرق جمال ربيع كردستان الخلاب، ولتلوث هواء جباله النقي، ورائحة وديانه العبق .

الانفال يعني"الكسب والحصول"على الغنائم في الحرب، ولكن لدى الكرد، الانفال يعني"الخسارة والفقدان"والموت والخراب، وغياب الزوج والزوجة والابن والبنت والاخ والاخت والاب والام والعم والعمة والخال والخالة وابن العم .......... وحرب ضروس، وفيالق عسكرية، وطائرات وقصف ومدافع، وشاحنات رمادية أقلت على متنها" 180،000" روح بشرية بريئة، الى اماكن مجهولة مغبرة، وصحراوية مقفرة، ومعتقلات، حيث اختفت والى الأبد، ولم يبقى لهم أثر سوى البعض من المقابر الجماعية، وصور معلقة في قلوب المحبين وجدران المنازل، ومجرد اسماء، محمد واحمد ومصطفى وحسن وحسين وفاطمة وخديجة وعائشة................... وجميعهم من احفاد صلاح الدين الايوبي.

الأنفال هي تلك النظرات البائسة التعيسة، التي اتعبها انتظار الأحبة وقدومهم الذي لن يحل ابداً، وتلك القلوب المحطمة الجريحة، والدموع التي سالت لأعوام وما تزال ولم يمسحها احد، والساحات الفارغة من الاطفال وضحكهم ولهوهم وصخبهم، الأنفال تلك الرائحة الكريهة التي تحمل الموت والفناء، وصرخات الجرحى، وعويل الأمهات والأطفال، وفقدان النظر والبصر، والعمى لقلوب البشر، قبل عيون الأبرياء من الكرد.

عمليات الأنفال التي قامت بها القوات العراقية، في ربيع كردستان وجباله ووديانه، عام 1988، لم تكن غزوة اسلامية و"لافتح مبين" في دار الحرب، ولم تطل بنيرانها الكفرة والملحدين، بل اصابت بنيرانها وشرورها"كما يقال" اخوة في التاريخ والدين، يقيمون الصلاة، ويدفعون الزكاة، ويحجون البيت الحرام، ويأمرون بالمعروف .......

صورة، ستبقى تلازمني ما حييت، مجموعة كبيرة من اهالي المؤنفلين، تجمعت في احدى الساحات امام كاميرة احد الصحفيين، ومعظمهم من النساء والاطفال والشيوخ، وهم يرفعون اياديهم ويشيرون بأصابعهم عن عدد اقربائهم المفقودين، بعد ان سألهم الصحفي عن عدد اقربائهم المؤنفلين، شيخ كهل قريب من الكاميرا يرفع كلتا يديه واصابعه العشرة، ودمعة يتيمة تنهمر وتتجمد على وجهه خجلاً .

الجميع يعلم ان صدام مجرم، وان ابن عمه مجرم، واخويه مجرمين، وابنيه كانا مجرمين، وكل من يحاكم من ازلامه اليوم مجرم، وكل من اشترك في عمليات الانفال مجرم، وماذا بعد؟ نريد محاكمتهم، ومعاقبتهم على ما اقترفت ايديهم من جرائم بشعة، وانتهاكات صارخة، من قتل وتعذيب وتهجير، وماذ ابعد؟ سننتقم من هؤلاء السفلة، وسنلاحقهم وسنعلقهم على اعواد المشانق، ونجعل منهم عبرة للأخرين، وسنقضي عليهم والى الأبد، وماذا بعد؟ عندها نكون قد أقمنا العدل، وأحققنا الحق، واعدنا الحقوق لاصحابها .

القصاص من المجرم ومعاقبته، حق ثابت مشروع من السماء والارض، هذا امر لا خلاف عليه، ولكن ليس في حالة جرائم الانفال، فتقديم صدام واعوانه المقربين للمحاكمة، ومن ثم الحكم عليهم ومعاقبتهم، لايعيد لضحايا الانفال جميع حقوقهم ولا يعوضهم عن ما لحق بهم من اذى وظلم،لأسباب عديدة ووجيهة،لان الأنفال كجريمة استهدفت الامة الكردية التي يتجاوز عددها ثلاثون مليوناً من البشر، على ارضه التاريخية كردستان، قضية الانفال لا يمكن عزلها عن اشكالات حل القضية الكردية بكل تفاصيلها، انها قضية شعب مسلوب الارادة والحرية, يعاني من التتريك والتفريس والتعريب، ونكران لوجوده، وعدم الاعتراف بحقوقه المشروعة، ولان الانفال جريمة اخلاقية اشترك فيها اكثر من طرف، فكل من عرف عن الجريمة وصمت، وكل من علم بها وسكت، هو مؤنفل من انسانيته ودينه واخلاقه، وكل من دعم صدام حسين وشد ازره، حمل معه وزره في جرائم الأنفال, ولان البعث والطاغية صدام حسين، وجيشه العراقي العقائدي، لم يستخدم اسلحة عادية مألوفة، في حربه الغير العادلة والعنصرية، كما انه في استهدافه للمدنيين الكرد والقرى الكردية بهذه الوحشية التي لامثيل لها، اراد وان لم يحقق ما اراد، ابادة الشعب الكردي، وبالرغم ان الرؤوس الكبيرة من مخططي جرائم الانفال يقبعون خلف قطبان العدالة، الا اننا نجد الكثير من امثالهم في الخارج، يحملون في صدورهم قلوب فاسدة وفي جماجمهم فكر مظلم، لذا ولكل هذه الاسباب مجتمعة، تعتبر الانفال جريمة بشعة في قاموس الانسانية قبل ان تكون اية كريمة، ولن تمحي اثارها محاكمة شلة مجرمة وفاعلة في الجريمة، ولو انها تعتبر خطوة في الطريق الصحيح.

نحن جميعاً، مسلمين وغير مسلمين، عرب وعجم، ندين لضحايا الانفال، اكثرمن دمعة واكثر من كلمة واكثر من محاكمة، الجريمة كانت بشعة وظالمة وكبيرة، لم يستوعبها البعض حتى اليوم، سواء عن قصد اوعن طيب خاطر، ولكن وبطريقة واحدة فقط، يمكن للاجيال القادمة ان تسامحنا وتغفر لنا، ولا تعتبرنا همج وبرابرة لا نمت للانسانية بصلة، ان نزيل الحيف الواقع على الكرد ونعترف بحقهم في تقرير مصيرهم بأنفسهم، حتى يبقى ربيع كردستان اخضراً زاهياً وهواءه نقياً والى الابد.

اخيراً، انفل الله كل من سكت وصمت ودعم وبرر واراد الأنفلة للنفس البريئة، وقبلة على يدي كل ام فقدت طفلها او طفلتها، وقبلة على وجنتي كل طفل وطفلة فقد والديه، ودمعة قهر.



#درويش_محمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصر الله والتهرب من المسؤولية
- حقيقة خطاب بشار الاسد
- المعارضة السورية هشة وحالها حال قشة
- قانا الجريمة المزدوجة
- لعنة البرازق السورية
- الأكشن....... وحسن نصر الله
- عقلانية جنبلاط وروحانية نصرالله
- -حزب الله- تعاون أم عمالة
- حرب سورية على الأراضي اللبنانية
- قرون الأحباط
- سوريا 2010
- البداوة السياسية في الجمهورلكية السورية
- سر علاقتي بالوزيرة سعبان
- لكل -طاغوت تابوت


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - درويش محمى - الانفال ازمة ضمير واخلاق