أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - مهند البراك - القائد الأنسان . . توما توماس * 3 من 3















المزيد.....

القائد الأنسان . . توما توماس * 3 من 3


مهند البراك

الحوار المتمدن-العدد: 1708 - 2006 / 10 / 19 - 10:07
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


لقد كان ابو جوزيف باعتزازه بقوميته وسعيه لسعادتها على اساس عادل، كان امميا لايشق له غبار على اساس العدالة الأجتماعية والمصير المشترك للمظلومين اجتماعياً وقومياً . . كان يحب ويحترم الشجعان والمضحين من اجل القضية المشتركة وعلى ذلك كان لايكل عن خدمة و تلبية طلباتهم ؛ كالمناضلين المعروفين بكر تالاني، علي حاجي، ابو سه ربست، سليم سور، مام رسول من الكورد واليزيديين اضافة الى المناضلين المعروفين من العرب وفي مقدمتهم الفقيد عبد الرحمن القصاب، اضافة الى ابوناصر وابوحسن آنذاك، كما من المسيحيين ان صح التعبير . . وكان يضيق بالمدّعين .
ولم يكن من الصدفة ابداً اعتماده على الشهيد ابو ماجد وابو حربي وابوداود وغيرهم من المناضلين اليزيديين، كما اعتمد على الشهيد ابو ايفان والفقيد باسل وغيرهم من المناضلين الكلدان الآشوريين السريان . . لدى انتقاله الى بهدنان من اجل وضع اسس متينة للسنوات اللاحقة من نضاله ـ ان صح التعبير ـ في المنطقة هناك، والمعذرة لعدم تذكّر الآخرين . .
كما لم تكن مصادفة ان حاز على ثقة الغالبية الساحقة من البيشمه ركة الأنصار من كل القوميات لدى بدء تكوين منظمة الأنصار، في ظروف سادتها اجواء التمزق والمرارة والسخط، ولم تكن مصادفة ان تمد كل منظمات البيشمه ركة التي كانت تناضل قبل خروج الحزب الى الجبال يدها، الى منظمة الأنصار بالدعم والمساعدة دون وجود شخصية معروف تاريخها واستقامتها في اعلانها ونضالها، التي ان وعدت نفّذت . . كشخصية الفقيد " توما توماس " ووجوده على رأس القوة . . اضافة الى الشخصيات والعوامل الأخرى .
في صيف 1981افترقت عن مقره بانتقاله الى بهدينان وثباته هناك لأنها منطقة عمل قيادته . . . وبنزولي الى منطقة نشاط الفوج الخامس / اربيل، بعد تزايد اعداد الملتحقين القادمين من الخارج وكان ضمنهم اطباء . . كنت احاول اتباع الأسلوب الذي كونته توصياته وتجاربه، سواءاً في جولات المفارز والعلاقات مع القرى وصولاً الى الصدامات العنيفة ضد وحدات السلطة وفي محاولات تهدئة ما امكن من تصاعد " حرب اقتتال الأخوة " آنذاك وفق الهيئات السياسية والأنصارية التي عملت بها في مناطق اربيل، من دشت كوي، قشغة وخورخور، نيرجين، باغمرة . . الى نازنين، جيوة وجيوة، باليسان، شيخ وسان، ملكان، خانقاه، ورتي . . وغيرها .
في خريف 1982 وبينما كنت في مفرزة صعبة لأنها ضمّت عدد قليل من المقاتلين، وكانت قد شكّلت لمرافقة عدد من انصارنا الجرحى الذين تقرر ارسالهم للعلاج في الخارج، اضافة لعدد زاد عن عشرة ملتحقين جدد كانوا بدون سلاح، اضافة الى نقل حمولات من عتاد وقطع سلاح وغيرها كانت قد وصلت من المدينة. كانت مهمتنا فيها ايصال الجميع والمواد بأمان الى منطقة بولي حيث المقر الخلفي لسرية كوي آنذاك . . في ظروف لاقينا فيها مفاجآت اكثر مما قدّرنا، احدها كان كميناً كاد يؤدي بحياة الجريح النصير الشجاع " فاخر" !
بعد ان انجزنا هدف نقل الجرحى والملتحقين والأحمال، ذهبنا الى مهمتنا باتجاه كاسكان . . وفجأة وجدت نفسي وجها لوجه مع توما توماس الذي كان برفقة عدد من الأنصار متوجهين الى بالك نحو روستي والى بهدنان . .
كان عناقاً حاراً . . كنا ننظر احدنا بوجه الآخر . . وجهه كان يميل للنحول، وبدت عليه اثار وعلامات ارهاق . . وصحت بضحكة عالية :
ـ سمعتوا الأغنية الجديدة لـ " لولوش " ؟ !
اجاب بضحكته المشرقة وبصوته المدوي :
ـ بلي بلي !! هيــــه صاير بيشمه ركة . . والطبابـــ . . ؟
وفجأة ادار وجهه وغطّاه بطرف غطاء رأسه وكان يقول بصوت خافت :
ـ كُبُر . . كُبُر
ـ . . .
قدّرت ان وقته ضيّق جداً، لأن امامهم عبور نهر كلاله قرب الجسر الأصفر الذي يجب ان يصلوه مع الغروب في منطقة لم تخلُ من الكمائن الاّ ماندر . .
قلت : وقتكم ضيّق . . ولكن برقية ع السريع بتصوراتكم ؟!
ـ في اربيل تحتاجون قليلاً من الهدوء . . هناك نذر مخاطر حقيقية اكبر مما مضى ، حافظوا على قواكم . . الشجاعة وحدها لاتكفي !! بل قد لاتستطيع ان تحقق شيئاً امام الغدر بكل انواعه . . سياسي كان ام عسكري !
لقد لمست منذ ذاك تعبير حزن على وجهه اخذ يتزايد كلّما التقينا بعدئذ وتحدثنا بشكل جاد بامور حركتنا وكفاحها ـ بعيداً عن تفاصيل مخلة كما يقال ـ رغم ان لقاءاتنا كانت تحصل باوقات كثيرة التفاوت وبعد فترات زمنية ليست بالقصيرة، وكنت اسعى لها لأني كنت احتاجها . . هل كان يتوقّع المآسي التي ستحصل والى اي حدّ ؟ وفق ما كان يرده من حقائق ومعلومات بحكم موقعه، عن شكل تطوّر ظروف الحركة والعراق ودول المنطقة، ووفق معرفته بالبلاد وخبرته في التعامل مع احداثها، وحسّه الذي كان مرهفاً في توقع الأحداث . . وفق منطق وزمان تلك الفترة التأريخية.
ولابدّ من التذكير بان اسم المناضل " توما توماس " وشخصيته لم يتكوّنا الاّ بعد عقود من جهوده في تأهيل نفسه وزيادة علمه وتعطشه للمزيد، و صراعه السياسي والشخصي المرير المفعم بالتضحية والشجاعة وصدق الكلمة . . الذي بدأ في مسقط رأسه " القوش " كما تتبعت من معاصريه، ليستمر في مسيرة شاقة طويلة من الحبانية وكركوك والموصل الى ثورة ايلول 1961 ووحدات انصار جبال القوش ومناطق سهل الموصل الى جبال بيرس . بعد ان واجه وافشل محاولات عديدة لأغتياله او للتأثير عليه بتهديد العائلة وباغرائه بالمال . . كان آخرها اختطاف وتغييب ابنه الشهيد منير الذي اختفى وانقطع كل خبر عنه منذ عام 1981 .
وقد لم يكن مخطئاً عندما قال يوماً " لكل الظروف التي عشتها منذ الطفولة وظروف مدينتي وقوميتي المضطهدة ضمن ظروف عموم شعبنا العراقي . . يبدو لي ان شخصيتي صارت ذات طابع عسكري، اما في السياسة . . فلي معاناتي معها، لأن السياسة والصراع السياسي في بلادنا، يبدوان لي انهما لم يخرجا عن كونهما صراع عنفي عسكري او يحسمه العنف حتى الآن، مهما تنوعت الوسائل والأشكال . . ومهما صيغت وغُلّفت بتنميقات وتنظيرات وكلمات شيّقة " واضاف في مكان آخر " كنت اطمح في دراستي الحزبية ان ارى مناطق متقدمة حديثة وان استطيع ان ازيد من معارفي برؤية العالم وان اتمكن من رؤية المستقبل الذي نناضل من اجله بعيني وان المسه بيدي . . الاّ انهم ارسلوني في فترة التطبيق العملي الى مدينة صغيرة في ارمينيا لم تكن ظروفها افضل من ظروف ونمط حياتنا في القوش عندنا ! " .
واضافة الى كره الفقيد للأنتقام فأنه حمل التسامح شعاراً ، وكان يحسّ بصمت بآلام ومعاناة رفاقه، ففي صيف 1980 تعرضت مواقعنا ومواقع كل القوى، في توزلة ـ نوزنك التي صارت فيها قاعدتنا آنذاك كبيرة ضمّت ما ناهز المئتين مسلّح ـ كموجود ـ عدا اعداد المشاركين في مفارز الداخل والملتحقين الجدد المتجولين معها . .
تعرّضت الى قصف جويّ مفاجئ (1) بعد شهور من هدوء كامل، شاركت فيه اكثر من ستّ عشرة طائرة من طائرات توبوليف القاصفة المقاتلة على ما اذكر، واستمر القصف من وقت الضحى الى ما بعد الظهر !! بعد ان القت وقذفت اعداداً لاتحصى من الصواريخ والقنابل بوزن نصف طن، الأمر الذي ـ رغم الخسائر القليلة التي لاتقاس بحجم الهجوم ـ الاّ انه احدث ارباكاً واضحاً في صفوفنا وصفوف كل القوى المتواجدة هناك . . حيث ترك المقرات قسم من البيشمه ركة باجازات لأهاليهم في ايران، وبدأ عدد يريد التسليم للسلطة اثر اعلانها عن (عفو عن النادمين) . .
فاجئنا نصير كهل عربي القومية في نهار يوم آنذاك بصياحه وهو يسير وحاجاته على ظهره:
ـ رفاق انا واثق من انتصار قضيتنا . . لكني لااستطيع الأستمرار معكم، انا اب لأربع فتيات قاصرات وامهن مريضة، ليس لديهن اخ، وليس لديهن معيل سواي . . انهم يهددوهن الآن بشرفهن !! انا لا احس اني اقدم هنا شيئاً يحسم قضية اسقاط النظام مقابل ما اسببه لهن من معاناة !! (2) اتمنى لكم النصر !! وصاح بصوت اعلى وبنشيج مؤلم : " انا لست خائن ولكن لااستطيع الأستمرار لكل ذلك وتوجد الآن فرصة !! "
وفيما تسبب ذلك بردود افعال متنوعة من الأنصار غلب عليها طابع المفاجأة والسكون والحيرة، و انبرى عدد من المقاتلين لأسكاته بايديهم وآخرين استعدوا لحمله الى مكان آخر !! وصل نصير مسلّح من طاقم حراسة مكتب القوة وتحدث بهدوء وحزم :
ـ ابو جميل يقول، انه موافق على ذهابه و دعوه يذهب بمرافقتي !
استدارت الرؤوس الى موقع خيمة ابو جميل حيث كان واقفاً بوجه جامد متأسّف وكان يؤشّر بيده بأن اتركوه !
قال ابو جميل لنا باعتبارنا كنا اعضاء لجنة القاعدة :
" يا اعزائي، انه انسان شريف مخلص من كل المعلومات حوله وقد فاتحنا بما يريد عمله، وماقال عن وضعه العائلي صحيح وكان يبكي بصمت في الفرن في ليالي عديدة، انه ممكن ان يصلح لمهمة اخرى غير البيشمه ركة( . . ) انه يعرف دجل السلطة الدكتاتورية ويعرف بانهم قد يقتلوه . . وان ضغطوا عليه وهددوه بمعلومات عنّا، صدّقوا انها لن تشكّل اية خطورة علينا ولاعلى القوى الأخرى . . الأسماء هنا مستعارة وكان سلوكه طبيعياً تماماً، ولاتتصوّروا ان السلطة لاتعرف مواقعنا ؟! . . لم يعمل في مكان فيه خطورة كالمخابرة او قرب البريد او السلاح . .
كان طيلة الوقت ينضح عرقاً ليصنع الخبز للجميع . . لاتدوسوا على الناس . . التحق بنا لخوفه من مطاردة السلطة وقال ذلك منذ البداية، ولم يقل انه سيجترح بطولات او سيقود مجموعة مقاتلة ولم يدّعّ بما ليس لديه من قدرة عليه. علينا ان لانجعل من ناسنا اعداءاً لنا. عدونا وعدوه هو النظام الدكتاتوري . . علينا الحفاظ على مواقف الناس الى صفّنا وضد الدكتاتورية المجرمة . . سنواجه حالات وحالات اصعب . . لاتنسوا اننا بشر لاتنسوا الأنسان . . "، فيما كانت عيناه تزداد لمعاناً وذهب بعد ذلك اللقاء ليختلي بنفسه وحيداً في مكان ما اعلى الموقع .
كان ابو جميل يتمتع باستقلال الشخصية كما لمست من مواقفه وتأكدت من اقرانه وابناء جيله، الأمر الذي كان يُفسّر تفسيرات متعددة، ومثلما ادىّ الى نجاحات فأنه تسبب بأخطاء ايضاً . . ولكن من جهة أخرى يرى كثير من اصحاب الخبر في علم النفس، ان الشخصية المستقلة او قوّتها او محاولتها فرض رأيها، هي جزء لايتجزّأ بل . . قد ينسجم مع ارادة انسان على ذلك القدر من الصبر والتضحية وقوة الأمل والدعوة لها، انطلاقاً من معطيات الواقع الصعب وليس من رسم احلام ومن صياغة جذاّبة لخيال اومما هو ليس واقع . . التي كان يستطيع ان يبثّها في رفاقه وفي القريبين منه ويحشّدهم وهو معهم للصراع مع الموت في سبيل غاية نبيلة.
اضافة الى عاطفة جيّاشه ولدت وترعرعت ونمت فيه، من تربية عائلية ومحيط غرس فيه الحب والأعتزاز بالعائلة، المدينة وبالتالي بقوميته المضطهدة وبعموم شعبه العراقي المكافح التي وجدها ونمى عليها في الحزب الشيوعي الذي شكّل المدرسة الوطنية التي شذّبت ودعمت ووفرت السبيل للتعبير عما كان يطمح اليه. فكان صراعه مريراً بين العاطفة المشبوبة والظروف التي دفعت به الى مواقع مسؤولية المواجهة العسكرية التي شغلها بجدارة قياساً بالزمان والظروف وبالموجود ، الصراع الأنساني الذي عالجه بتفاصيل تأريخية ـ فلسفية في فلسفة الأنسان " ليون تولستوي " في شخصية القائد العسكري " كوتوزوف " (3).
اتّصف ابو جوزيف بكونه بعيداً عن التصنّع، وكان يعبّر عن قناعاته بشكل تلقائي وكما هي، وامتاز بطبع شخصي حبب كثيرين اليه، اضافة الى سعيه لفهم المشاكل الأجتماعية لرفاقه وسعيه الفعلي لحلها، زهده المعقول ونزاهته، نظافة يده . . وحبه لشعبنا العراقي على اساس حبه لقوميته واعتزازه بها وان لاخلاص لها الاّ بخلاص العراق بلاد النهرين الخالدين . . . التي شكّلت له هيبة شخصية ادّت الى تعامل عديدين معه بشكل خجول، والتي ان كانت تعبيراً عن احترامهم له وللقضية التي مثّلها، فانها قد لاتبرر لمن كان يعتمد على آرائهم في الهيئات في صياغة قراراته .
واخيراً، لايمكن ان انسى وقت ما كنّا في غمار معركة " ايلنجاغ " (4) الشهيرة عام 1987 ـ اضافة الى غيرها ـ وانا اشاهد هروب افراد الجاش وافراد الجيش الشعبي والقوة التي ارسلت لتهجير وتدمير وتسوية قرية آيلنجاغ بالشفلات وهم يلقون اسلحتهم وعتادهم الذي كان يعيقهم عن الهروب ركضاً . . لايمكن ان انسى كيف كنت اتذكر احاديث ابو جوزيف وهو يحدثنا بـ " انْ تمسكّنا بالموقف الحق في صراعنا مع الخصم . . سترون افراده يرمون اسلحتهم ويهربون. وستكون اسلحتهم التي سيرموها غنائمنا ونتسلّح بها " .
واثبتت سيرته وسيرة كل الأبطال الذين ضحوا وقضوا في حياة الأنصارمن اجل سعادة الشعب، اضافة الى الذين قضّوا اجمل سنوات العمر فيها . . ان حياة الأنصار ونضالهم الشاق المرير لايأتي بقرارات فقط ولا بتطبيق نظريات فقط، وليست امراً ارادوياً لعدد من الشجعان ولا مغامرة رومانسية تدفع لها العاطفة الثورية فقط . . انما هي كلّها مضافا اليها جوهرها الأساسي في ماهية الأنسان الذي يحمل السلاح وكيفيه استعماله له من اجل حقه في الحياة في بلاد حرة سعيدة . . والى كون حركات الأنصار تنطلق من واقع حياة البلاد وارادتها ومن اهلنا وناسنا ومن تقاليد المجتمع وعاداته وعلاقاته الأجتماعيه ومُثُله وماهية قيمه وطبيعة المجتمع والعائلة فيه . .
وانها منظمة اجتماعية مسلحة ذات اهداف معلن عنها، تلعب وتتحكم في مسارها، اضافة الى الظروف السياسية وتوازن القوى السياسي الأقتصادي الأجتماعي، نمط العلاقات الأجتماعية في مناطق نشاطاتها وفي عموم البلاد . . من العلاقات العشائرية والعائلية الى صفات الأفراد ودرجات علاقاتهم الأنسانية من صداقة، تفاهم، انسجام . . وحركة تلك العلاقات وتغيّرها وازماتها وصفائها .
ان صفاته تلك التي رافقت مسيرة حياته الحافلة وحسن اخلاقه وتفانيه في سبيل الآخرين . . لابد وان تغفر له حدته وانفعالاته واخطائه التي لم يعصم منها من اراد واختار ذلك الطريق . . وخاصة في تلك الظروف الغاية في القساوة والوحشية والدموية التي عانت منها البلاد بسبب الدكتاتورية الهمجية المنفلته وفي ظروف النضال الشاق في مواجهتها .
وفي الوقت الذي انتظر فيه و ننتظر نشر مذكراته لتصويب وجهات النظر وتعديلها (5) . . لابد من التذكير . .
ان القائد ابو جوزيف كان انساناً !
(انتهى)


17 / 10 / 2006 ، مهند البراك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* توما توماس هو : ابوجميل، وابوجوزيف .

(1) تبيّن بعدئذ من الصحافة العالمية واذاعة بي بي سي في نشرتها الليلية المتأخرة لذلك اليوم . . ان طول الفترة الزمنية غير المعقول لذلك القصف الجويّ الذي دام اكثر من ست ساعات والذي استهدف ايضاً التعرّض لمواقع قريبة من مدينة سردشت الأيرانية، اضافة الى هدفه الأساسي في استهداف البيشمه ركةالأنصار . . كان يشكّل مناورة جوية استعراضية كبرى بعدد الطلعات والطائرات، التي فيما كانت تقصف كان قسمها الآخر يعود الى قواعدها للتزود بالذخيرة والوقود من قواعدها لتبديل المجموعة الأخرى التي كانت تقصف . . لغرض استفزاز الجانب الأيراني وجرّه للأشتباك الجوي بالسماح لمقاتلاته الفانتوم المحجوزة في قاعدة همدان الجوية المعروفه بموالاتها للشاه المخلوع آنذاك، ضمن خطة للأطاحة بالنظام الجديد في ايران.
(2) كان النصير الكهل يعمل في فرن الصمون الذي يجهّز الجميع بالخبز لثلاثة وجبات بعد ان تهرّب كثيرون من تلك المهمة في ظروف التصدّع والتفكك آنذاك. وقد تبرّع للقيام بذلك العمل رغم مشقته عليه لأنه كان ينهض في الثالثة صباحاً لأعداد وشجر التنوّر ـ اشعال النار فيه وانتظار ارتفاع الحرارة فيه ـ لينتهي العمل بعد الظهر. كان التنور يقع في موقع بعيد عن المقراّت ضمن خطة الوقاية من القصف . . وكان ينتج بحدود 500 ـ 700 رغيف خبز يوميا لكل الوحدات آنذاك ولضيوفها ولعابري السبيل الذين تقطّعت بهم السبل .
(3) " الحرب والسلام " ـ من مراجع التأريخ العسكري في معاهد العلوم العسكرية، للكاتب والباحث الروسي الشهير الكونت " ل. تولستوي " حول حروب نابليون وانكسار جيوشه الجرارة امام الجيش القيصري الروسي بقيادة القائد العسكري " كوتوزوف " ذي الأخلاق الرفيعة والذي مثّل الروح الوطنية آنذاك في مواجه المحتلين الغزاة من جهة، وكفاحه الأنساني مع ذاته المرهفة العاطفة من اجل تطبيق القواعد العسكرية العلمية الصارمة الضرورية لبناء وفاعلية جيوشه التي قادها . . من اتخاذه قرارت الأنسحابات (المخزية) الضرورية التي تركت المدنيين امام رحمة جيوش الغزاة . . الى توقيعه احكام الأعدام بحق جنود من جيشه اساءوا للمدنيين وغيرها وغيرها . . وكان يعود الى خيمته ليجهش بالبكاء لقساوة قراراته التي كان لابدّ منها لتحقيق النصر وكسر جيوش نابليون، واتم ذلك فعلاً بعدئذ.
(4) ايلنجاغ، قرية قريبة من قضاء كويسنجق من جهة نهر كوي . . حيث هاجمت وحداتنا قوات السلطة والأفواج الخفيفة بعد ان مسحت القرية بالشفلات بعد تهجيرها، وحققت بذلك نصراً كبيراً لمنظمة انصار الحزب الشيوعي العراقي . . يتناقله ابناء المنطقة الى الآن .
(5) بدأ موقع " الناس " الألكتروني بنشر مذكراته او اوراقه التي كتبها قبيل رحيله، حيث نشر الحلقة الأولى . . راجين المواصلة في نشرها لأهميتها، رغم الظروف الشاقة التي يعيشها شعبنا وبلادنا بكل اطيافها وبالذات القومية الكلدانية الآشورية السريانية، لفائدتها الكبيرة في استخلاص التجربة والعبر لمواجهتها بتقدير الكثيرين . . وتقبلوا اسمى مشاعر الشكر .



#مهند_البراك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القائد الأنسان . . توما توماس * 2 من 3
- القائد الأنسان . . توما توماس * 1 من 3
- هل المراد، تحطيم البرلمان بالبرلمان كما حُطّمت دولة القانو ...
- حول افكار (عراق مقسم مستقر افضل من عراق موحد مشتعل !!) 2 من ...
- حول افكار (عراق مقسم مستقر افضل من عراق موحد مشتعل !!)(*) 1 ...
- محاكمة صدام . . هل سيؤهَّل للحكم مجدداً ؟ - 2 من 2
- محاكمة صدام . . هل سيؤهل للحكم مجدداً ؟ 1 من 2
- عراقنا الى اين ؟
- مسائل في -التفكير- و-التفكير الجديد-
- الأجتياح وشريعة الغاب لايحققان الاّ الدمار والطائفية !
- الديمقراطية، قِيَمْ وآليات !
- العراق والصراع الطائفي المدمّر ! 2 من 2
- العراق والصراع الطائفي المدمّر1 من2 !
- صدام . . تلويح بتفاهم ام بتأهيل ام . . ؟ 2 من 2
- صدام . . تلويح بتفاهم ام بتأهيل ام . . ؟ 1 من 2
- ماذا تعني العودة الى فزاعة الخطر الشيوعي ؟
- القضية الوطنية والصراعات الدولية والأقليمية
- المجد لقوات بيشمه ركة كوردستان ! 2 من 2
- المجد لقوات بيشمه ركة كوردستان ! 1 من 2
- الآن . . ماذا يعني سحب ترشيح الجعفري ؟!


المزيد.....




- الشرطة الهولندية تداهم مخيم متظاهرين طلبة مؤيدين لفلسطين وتع ...
- طلبة محتجون في نيويورك يغلقون أكبر شوارع المدينة تضامنا مع غ ...
- تايمز: مجموعة ضغط إسلامية تحدد 18 شرطا للتصويت لحزب العمال ا ...
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- استطلاع يورونيوز: تقدم اليمين المتطرف في إيطاليا قبل الانتخ ...
- بعد أن تعهد رئيسها بتوظيف الطلبة المتظاهرين.. شركة أمريكية ت ...
- أصالة وأهمية الندوة العالمية الأولى لمناهضة الفاشية المرتقب  ...
- الفصائل الفلسطينية تدين دعوات لرفع الأعلام الإسرائيلية بالمس ...
- موقف لافت من حزب الشعب الجمهوري التركي بشأن فلسطين
- العدد الأسبوعي (554 من 2 إلى 8 ماي 2024) من جريدة النهج الدي ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - مهند البراك - القائد الأنسان . . توما توماس * 3 من 3