أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ياسر العدل - فى انتظار بنت الملك















المزيد.....

فى انتظار بنت الملك


ياسر العدل

الحوار المتمدن-العدد: 1682 - 2006 / 9 / 23 - 04:44
المحور: كتابات ساخرة
    


فى طفولتى المبكرة، كنا أولاد الحارة صبيانا وبناتا نلعب الاستغماية، بعضنا يختبئ وراء أكوام السباخ والقش والحطب والزرائب، ولسبب غير مبرر كانت احدى بنات الجيران تفترى علينا أثناء لعبة الاستغماية، سريعة الجرى تطاردنا حول أماكن اختبائنا، حين يأتى دورها فى المطاردة تنجح بسرعة فى الامساك بى، تجرنى من قفاى إلى الأماية مكان تجمعنا، تصيح على مشهد من الجميع هيه مسكت العجل، عند هزيمتى اضرب الأرض واغضب واقسم لفريقنا أن بنت الجيران لم تمسكنى، وكيف تمسكنى اى بنت للجيران وأنا أسرع فى الجرى من كلب خالتى نزهة، وحين يكرر أولاد حارتنا شهادتهم على هزيمتى من بنت الجيران أغضب وأهدد بالانسحاب من كل فرق اللعب الرياضية فى حارتنا وأسرف الوعيد لبنت الجيران بأننى سأغلبها فى المرة القادمة وأننى سأتزوج أفضل منها ألف مره، وفى يوم مشهود أقسمت أمام أولاد حارتنا أننى سأتزوج بنت الملك0
حين أصبحت تلميذا فى الابتدائى اقتصر عالم مبارياتى الرياضية على اللعب مع الأولاد دون البنات وتأكد لأهل قريتنا أن الملك فاروق غادر مصر بعد خلعه عن العرش، وأن قوما آخرين استلموا العرش هكذا انشغل بعض أهلنا فى التعرف على نظام الحكم الجمهورى الجديد، ونسيت أن ابذل جهدا كافيا للتأكد من أن فاروق أنجب بنات صالحات ترضين طموحاتى فى الزواج من بنت الملك0
حين أصبحت طالبا جامعيا انشغلت بالدراسة مع وضع الصورة المناسبة للأميرة بنت الملك التى سأتزوجها، ولأننى لم أعاشر فاروق فى النظام الملكى ولم أكن عضوا فاعلا بالنظام الجمهورى الجديد، وجدتنى لا أحسن التفرقة بين الملك وبين رئيس الجمهورية، وحين حصلت على الشهادة الجامعية وشغلت وظيفة حكومية كان رئيس الجمهورية قد أصبح هو الملك الجديد، عندها اشتركت فى أول جمعية مالية مع زملائى وبعض أولاد حارتنا، هى خمسة جنيهات شهرية يدفعها كل فرد من عشرين فردا لتكون مائة جنية يحصل عليها كل مشترك حسب دوره فى الترتيب، وحين دخلت الجمعية الثالثة وأصبحت على مقربة من الثلاثمائة جنيه وهو مبلغ كاف فى ستينات القرن الماضى لشراء ثلاثة حمير أو بقرة عُشًر أو جاموسة ناصحة أو تجهيز زوجة طيبة، اكتشفت أن الملك رئيس الجمهورية رجل عسكرى، ولأننى فلاح يعانى الأمرين من تعنت العسكريين رأيت أن الملك الرئيس لا بد أن يفضل العسكريين أزواجا لبناته فعزفت مؤقتا عن الزواج من بنت الملك الرئيس، وفى هذه المرة أيضا نسيت الاهتمام بمعرفة بنات الملك الرئيس ولم أضع معاييرا لصلاحيتهن زوجات لى، وحين تأكدت أنى من فصيل غلابة الموظفين ولست من فصيل كبار العسكريين أو المثقفين وجدتنى مواطنا خارج دائرة المؤسسات الحزبية لم أصب منصبا كبيرا هنا ولم يعدنى أحد بمنصب اكبر هناك، قررت أن أعيش عيشة أهلى وأتزوج بنت عادية مرجئا زواجى من بنت الملك الرئيس لحين ميسرة، هكذا سارت بى الدنيا موظفا رقيق الحال وأصبحت مع رقتى أبا وزوجا عاديا أتدرب كل يوم على الصبر والاصطبار على نكد الحكومة والدولة والزوجة والأولاد0
منذ ثلاثة أعوام فقط وبعد تجرع نكد الزواج وغلاسة الأولاد طوال أكثر من ربع قرن، رأيتنى حصانا عزيزا ذل بالزواج، رأيتنى خيلا حكوميا عجوزا يجهزون العدة لاغتياله، لا حرية لى فى اختيار قاتلى ولا رأى ولا قول مسموع، فقررت أن استعيد بعضا من إرادتى واستنفر قدرتى على الرفض وأن أقول للزواج الماسخ لا، أن أقول أنا هنا اختار لقاتلى ساحة الإعدام، وقررت أن اترك البيت والزوجة والأولاد أهيم فى ارض الوطن وأسعى جاهدا لتحقيق حلمى القديم فى الزواج من بنت الملك، هذه المرة بنت الملك رئيس الجمهورية، وبدأت افتح أذناى واسمع دبيب النمل ساعيا لجمع المعلومات عن الزوجة المرتقبة، عند محطة بنزين كبيرة قال سائق الأتوبيس هذه محطة بنزين ابن رئيس الجمهورية، وعند أول جلسة تسرية بين أصدقاء عن نكد الزوجات قال احدهم أن ابن رئيس الجمهورية يريد فتح جدار شقته الصغيرة فى أسوان ويصلها بشقته الصغيرة فى الإسكندرية، وان شقتيه الصغيرتين اشتراهما من مصروفه الخاص، وفى جلسة من جلسات النميمة على القيادات الحزبية والمدنية وموظفى المحليات وسياسات الجواز والطلاق والحكم والديمقراطية اجمع الجالسون على أن الملك الرئيس ليس لديه بنات بالمرة، واقسم كثير منهم أن لدية معلومات مؤكدة أنه رغم العمر المديد والصحة الحديد لملكنا الرئيس، أمد الله فى عمره وعافاه، فانه لا يفكر فى إنجاب بنات، وحين قرأت الصحف وفتحت التلفاز وشاهدت الملصقات تدعونى بالتعقل وأن أعود إلى البيت والزوجة والأولاد رجلا نصف متزوج أفضل من عجوز مشرد، رأيت من يؤكد فى الصحف ومجلس الشعب ودواوين الحكومة أن فى مصر ليس هناك ملك، ويؤكد أن فى مصر رئيس جمهورية دستورى ليس منجبا للبنات، هو ليس ملكا ولكنه ملك رئيس، وحين تأكدت بنفسى من هذه الوقائع رأيت بداية انهيار أحلامى، هكذا سأموت دون الزواج من بنت الملك، سأموت مكسور الجناح حانثا فى يمين أقسمته أمام الجموع من أولاد حارتنا، وبدأت الناس تمضغ مأساتى وتلوك سيرتى وتصنع ضجيجا متعمدا مع ابن الملك الرئيس أو ضده ، يصنعون دعاية ضخمة فى كل وسائل الإعلان وكأنه ليس مثل ابن الملك الرئيس أحد ملك رئيس، وان ابن الملك الرئيس إنسان عبقرى جرئ مقدام اتخذ خطوة نحو الزواج وخطب فتاه ليست بنت ملك، هكذا وجدتنى عائلا دون أن أغنى، لا يبقى لى من شأن فى هذه البلاد غير الدعاء لأبن الملك الرئيس أن يتزوج فعلا وأن يكون متخصصا فى إنجاب البنات دون الأولاد، أدعو له بالخصوبة وإنجاب آلاف البنات، ففى بلادنا ابن الرئيس هو ملك رئيس، وبنات الرئيس هن أميرات رئيس، وفى بلادنا فقهاء يفسرون مواد الدستور على أن يكون رئيسنا القادم هو ملك رئيس، هكذا حين يتحقق رجائى ويطيب دعائى بأن ينجب ملكنا الرئيس القادم دون الذكور آلافا من البنات الجميلات، وحين نملك من المؤسسات ما يجعلنا نتمسك بروح دستورنا الحالى بأن يكون ملكنا رجلا رئيس، عندها سيكون ملكنا الرئيس القادم دكتاتورا عظيما يخشى الرجال أن يناسبوه، وستبقى لدية ثلاث أو أربع من بناته أميرات رئيس عانسات تشحذن الاقتران بظل أى رجل، عندها ستأتينى فى آخر العمر أكثر من فرصة مواتية للزواج من بنت الملك الرئيس، وسيجد أولاد حارتنا فرصة حقيقية ينتخبون فيها يملئ إرادتهم رئيس جمهورية لبلادنا، رجلا من أبناء الشعب غير وارث لسلطة أو مورّث لدولة أو متزوجا من بنت ملك0



#ياسر_العدل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتظار بنت الملك
- علاوات للفقر .. والشكوى
- زمن الحروف ..والأسى
- صيف بلا ذنوب
- الخجل من العربية
- أبناؤنا فى الثانوى
- ناس فى سهل الطينة
- عَّّينُوه ....إشربوه
- مواسم اللحوم والامتحانات
- البحث عن حل
- ربنا00 لا تدخلنا فى تجربة
- ربنا... لا تدخلنا فى تجربة
- يا سيادة الوزير00 أين تقف؟
- دعوة للرحلات 00 والكسب ايضا
- دعوة للرحلات00 والكسب ايضا
- أبو الأولاد
- مشروع للثقافة المصرية
- خدش الحياء العام
- أزمة ثقة - قصة قصيرة
- حالات من الكسوف


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ياسر العدل - فى انتظار بنت الملك