أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سعد هجرس - قطارات الموت















المزيد.....

قطارات الموت


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1652 - 2006 / 8 / 24 - 09:23
المحور: حقوق الانسان
    


أدى تصادم وقع بين قطارين يوم الاثنين الماضى إلى مقتل العشرات وإصابة أكثر من 160 قرب مدينة قليوب بدلتا النيل شمالى القاهرة فى أسوأ حادث تمنى به هيئة السكك الحديدية فى مصر منذ عام 2002.
وتضاربت الأعداد الأولية للقتلى والجرحى بشكل كبير. أفاد مصدر أمنى أن عدد القتلى بلغ 80 فيما أصيب 163 بينما قالت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية أن 51 لقوا حتفهم فى حين ذكرت قناة الجزيرة الفضائية التلفزيونية أن عدد القتلى بلغ 65 قتيلاً.
ولم يرد تعليق رسمى عن سبب الحادث ولكن مسؤولا كان فى موقع الحادث قال أن تحقيقا سيبدأ لمعرفة السبب. وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط ان الحادث وقع فى وقت مبكر من صباح يوم الأثنين حينما تجاهل سائق أحد القطارين فيما يبدو الإشارات الضوئية واصطدم أحد القطارين بمؤخرة الاخر.
وقال خليل شيخ خليل الذى ترجل من حافلة صغيرة قرب موقع الحاث قبل وقوعه مباشرة لرويترز "توقف القطار الأول. نظرنا ورأينا القطار الثانى يأتى من الخلف مندفعاً.
ظللنا نقول لسائق القطار أن هناك قطاراً آخر قادم فتحرك سائق القطار لمسافة 15 مترا وبينما كان يتحرك اصطدم "القطاران".
وأضاف أن محرك القطار الذى كان يتحرك بشكل أسرع اندلعت به النيران فور وقوع الاصطدام. وقال مصور رويترز فى مكان الحادث ان أحد القطارين خرج عن مساره ومال على جانبه وقد انقسم إلى أربعة أجزاء ويبدو انه احترق وتسببت قوة التصادم فى كسر المقاعد من العربات وتناثرت مع ملابس وأحذية.
وقال أسامة عبدالحليم الذى يقيم بجوار موقع الحادث "استيقظت على صوت ارتطام مرتفع. أحد القطارين خرج عن مساره وتساقط الركاب على الأرض. اتصلت بالسلطات وقالوا لى أنى مجنون "قلت لهم أن هناك قتلى وناس يموتون فى مكان الحادث.
وهرع عمال الإنقاذ إلى موقع الحادث لاجلاء الضحايا ونقلهم فى نحو 24 سيارة إسعاف. وتناثرت الدماء على حطام عربات القطارين وبحلول الظهيرة كان عمال الانقاذ مستمرين فى انتشال جثث القتلى باستخدام جرافة لنزع الأجزاء الحديدية للوصول لجثة عالقة فى الحطام.
وتدفق نحو ألف من المارة وأقارب بعض الركاب على سكان الحادث الذى يقع فى منطقة شبه ريفية تبعد نحو 20 كيلو مترا شمالى القاهرة واصطف المئات من رجال الامن المصرى لمنع الحشود من الاقتراب من موقع الحادث. وناشد مسئولون الناس التبرع بالدم عبر مكبرات للصوت واستجابة لذلك اصطف الناس للتبرع. وهذا أكبر عدد يسقط من القتلى والمصابين فى حادث فى السكك الحديدية بمصر منذ ان لقى 360 فرداً حتفهم عندما اندلع حريق فى سبع عربات بقطار ركاب مزدحم فى أسوأ حادث فى تاريخ السكك الحديدية المصرية عام 2002 والذى دفع وزير النقل ورئيس هيئة السكك الحديدية وقتها على الاستقالة.
***
بهذا الوصف المأساوى تناولت وكالة أنباء "رويترز" تفاصيل الحادث المروع الذى راح ضحيته العشرات وأصيب عشرات آخرون.
ولن نضيف شيئاً إلى هذا التقرير الاخبارى، وسنكتفى باستعادة شريط "ماكينة الكلام" وما سجله فى أعقاب آخر حادث قطارات وقع فى مصر المحروسة فى أوائل شهر مايو الماضى، حيث كتبنا بعد نشر الخبر ما يلى بالنص:
"الخبر الذى تصدر الصفحات الأولى للصحف الصادرة صباح أمس الأول الثلاثاء الموافق الثانى من مايو 2006 يقول بالنص ما يلى "نجا مئات الركاب، وأصيب 45 راكبا، بينهم إثنان فى حالة خطيرة، وأهدرت كميات كبيرة من القمح، فى حادث تصادم قطار ركاب بأخر للبضائع صباح الاثنين الماضى أمام قرية إنشاص بمحافظة الشرقية".
انتهى الخبر. . لتبدأ تصريحات وزير النقل محمد لطفى منصور التى أكد فيها "أن القطارات العاملة على خطوط السكك الحديدية على مستوى الجمهورية أصبحت متهالكة، وغير آدمية، ولا تليق بالمستوى الحضارى لمصر".
والخبر وتصريحات الوزير يثيران تساؤلات حائرة.
فرغم أن خبر حادث تصام القطارين ليس مفاجئا، بل كان متوقعا، حتى أن كاتب هذه السطور حذر إبان وقوع حادث تصادم قطارين آخرين بالقرب من مدينة أبو حمص منذ فترة من أن أوضاع السكك الحديدية تنذر بكارثة وأن تحميل مسئولية الحادث لعامل غلبان أو سيمافور إشارات عطلان هو بمثابة دفن للرءوس فى الرمال أمام الأسباب الحقيقية المتدهورة والمتراكمة داخل هذا المرفق الحيوى الاستراتيجى.
وها هو حادث جديد يقع، ولولا العناية الإلهية لكانت الخسائر البشرية والمادية كارثية.
أما الأكثر إثارة من الحادث فهى تصريحات وزير النقل التى ذكرنا مقتطفات منها.
وهذه التصريحات لها وجهين:
وجه إيجابى.. وآخر سلبى.
أما الوجه الإيجابى فهو "صراحة" الوزير، واعترافه بأن القطارات العاملة على خطوط السكك الحديدية "على مستوى الجمهورية" أصبحت متهالكة، بل و"غير آدمية".
هذه التصريحات الصريحة أشبه ما تكون بالسباحة ضد التيار، حيث تعودنا فى تصريحات الوزراء وكبار المسئولين على "التهوين" من شأن كل المشاكل، وحصرها فى نطاق مخالفات بسيطة، وتحميل مسئوليتها لكباش فداء من صغار الموظفين والعاملين الغلابة فى معظم الأحيان.
وبعكس هذه النغمة الممجوجة جاءت تصريحات محمد لطفى منصور لتضع المشكلة فى حجمها الحقيقى حتى لو كان حجما كارثيا.
وهى مسألة تحسب للرجل ونسجلها لصالحه ونضعها فى صفحة حسناته.
بيد أن هناك وجها سلبيا لهذه التصريحات التى لا تنقصها الصراحة والشجاعة.
حيث يكاد الوزير بتصريحاته هذه أن يكون قد تنصل مسبقا من مسئولية الحوادث التى ستقع – حتما – فى المستقبل، فلسان حاله يقول: ألم أصارحكم بالحقيقة ولم أخدعكم أو أجعل لكم من البحر طحينة؟
صحيح أنه قال أيضا أنه وضع خطة، وافق عليها مجلس الوزراء ، لإنقاذ السكك الحديدية من هذا الوضع المأساوى، وأن هذه الخطة ستستغرق خمس سنوات.
لكن هذا بدوره يعنى أن أمامنا خمسة أعوام لا نستطيع أن نحاسب فيها الوزير على أى حوادث يمكن أن تقع.
وليس بإمكاننا أن نقول له "ثلث الثلاثة كم" قبل انقضاء هذه المدة الطويلة.
وعندما تنقضى السنوات الخمس ربما لن نستطيع أن نحاسب الوزير محمد لطفى منصور لأنه سيكون قد خرج من الوزارة على الأرجح وسيكون شخصا آخر قد جلس على مقعده فى حكومة جديدة، وسيطالبنا الوزير الجديد بمهلة لكى يراجع الموقف، ولكى يضع خطة للاصلاح ربما تستغرق خمسة أعوام أخرى!
وصحيح أيضا أن كثيرا من مشاكل وزارة النقل، بل ومشاكل حكومة الدكتور أحمد نظيف برمتها، موروثة، لكن هذه الحكومة بالذات "ترث نفسها"، فالحكومة السابقة التى خلفت هذه المشاكل المتراكمة لم تكن حكومة حزب التجمع أو حزب الوفد أو غيرها من أحزاب المعارضة، المشروعة أو المحظورة، وإنما كانت حكومة أحمد نظيف الأول، ومن قبلها حكومات الحزب الوطنى التى جثمت على صدور البلاد والعباد وأبت أن تتداول السلطة مع أى أحد كائنا من كان، ولهذا فانه ليس من حقها أن تشكو من تركة أو ميراث الماضى، لان هذه التركة المثقلة من صنع أيديها وليس من صنع أحد آخر.
وصحيح أن تصريحات وزير النقل تتسم بالعقلانية واحترام ذكاء الرأى العام، كما أن اعترافاته تتسم بقدر كبير من الشجاعة، لكن هذا لا يغير من حقيقة وجود فجوة واسعة بين الأقوال والأفعال. وقد استمع الناس إلى قناطير من الكلام المعسول والوعود الوردية التى تبخرت ولم يتحقق منها فى الواقع سوى النذر اليسير. ولعل الوزير الشجاع محمد لطفى منصور يقدر أسباب انعدام ثقة الناس فى تصريحات السادة الوزراء، حيث لدغوا من نفس الجحر مرتين وثلاثة.. وألف مرة.
الناس يا سيادة الوزير تحتاج إلى ما هو أكثر من الكلام، حتى لو كان كلاما جميلا وغير مألوف، خاصة فى مرافق يستخدمونها للانتقال يوميا، سواء عن طريق البر أو البحر أو الجو.. وهى كلها مرافق تعرضت لكوارث مروعة ، حيث لا يمكن أن تسقط من الذاكرة صورة مئات المصريين الذين شوت أجسامهم نيران قطار الصعيد، وأكثر من ألف مصرى ماتوا غرقا فى قاع البحر الأحمر مع عبارة "السلام الدامس" المشئومة.
لذلك.. لا تكفى الشكوى من أن القطارات أصبحت متهالكة وغير آدمية – فهذا كلام يصح أن تقوله المعارضة - وإنما يجب على الوزير – الذى يمسك بمقاليد السلطة– أن يشفع الشكوى بإجراءات عملية يستطيع الرأى العام أن يحاسبه عليها من اليوم وليس بعد خمس سنوات".
***
انتهى تعليقنا على حادث مايو .. لكن الحوادث لم تنته .. فماذا تبقى لنا لنقوله فى أغسطس غير أن نجتر ما سبق أن قلناه .. وحذرنا منه فى مايو ويونيو ويوليو وكل شهور العام.. لكن بدون جدوى .. ليدفع المصريون ثمن هذا الإهمال المزمن من دمائهم وأرواحهم!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفساد .. وسنينه 5
- تحالف الاشتراكيين : إنجاز لمصر .. وليس لليسار فقط
- الفساد .. وسنينه 2
- الفساد .. وسنينه 3
- الفساد .. وسنينه 4
- التطبيع .. مع الفساد
- ثلاثية حسن نصر الله
- استحقاقات القرار 1701
- ألغاز إنجليزية
- 13ساعة أجازة من حرب لبنان.. فى -مصيف- أسيوط
- -العدوان الثلاثى- الثانى .. والصمت العربى المزمن
- القاع
- شافيز .. أكثر عروبة من العرب
- مجزرة قانا: أكثر من نذالة أخلاقية .. وأقل من استراتيجية ذكية
- لعنة قانا
- مذبحة قانا فى ماسبيرو
- صورة حية من العراق إلى المعجبين بالديموقراطية تحت سنابك الاح ...
- مقاومة العدوان الإسرائيلي أولى بالرعاية من -كاترينا
- نصف قرن علي تأميم قناة السويس
- مأزق المراهنين على قراءة نعى المقاومة


المزيد.....




- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سعد هجرس - قطارات الموت