أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عدنان الصباح - الايمان...مفاعل المقهورين النووي















المزيد.....


الايمان...مفاعل المقهورين النووي


عدنان الصباح
(ADNAN ALSABBAH)


الحوار المتمدن-العدد: 1645 - 2006 / 8 / 17 - 11:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"إنني أحس على وجهي بألم كل صفعة تُوجّه إلى مظلوم
في هذه الدنيا، فأينما وجد الظلم فذاك هو وطني.."
تشي جيفارا

الظلم واحد وموحد وله يد واحدة أينما كان ومهما كانت الأقنعة التي يرتديها فهو قطعا ينحدر من جنسية واحدة ولغة واحدة وانتماء واحد وهي بالتأكيد جنسية ولغة غريبة كل الغرابة عن لغة بسطاء الناس الطيبين والمؤمنين بان الأرض كل الأرض ملكا لهم جميعا بالتساوي, والظالمون موحدون حتى النخاع وان اختلفوا فعلى حجم الظلم الذي ينبغي إيقاعه علينا نحن المقهورين, كل المقهورين بغض النظر عن لون بشرتنا أو اللغة التي نتكلمها أو الرب الذي نصلي إليه, فالظلم الذي يمثله المحتلون في فلسطين هو نفس الظلم الذي يجري على ارض العراق وارض أفغانستان وارض الصومال وكل القارة السوداء وأمريكا اللاتينية, انه ظلمهم هم وهو نفس الظلم الواقع على فقراء الولايات المتحدة أو ذوي البشرة السوداء أو غير المسيحيين وبالاحرى غير المسيحيين الجدد أو المسيحيين على طريقة جورج بوش وهو نفس الظلم الواقع على فقراء إسرائيل أو يهودها الشرقيين أو الفلسطينيين الذين من المفترض أنهم كاملي المواطنة بما في ذلك أولئك الذين يمارسون الخدمة العسكرية قسرا منهم, إنها وحدة المظلومين الغائبة والتي يستخدمها الظالم لإطالة أمد ظلمه وليس العكس كما ينبغي.

المظلومون جميعا على وجه الأرض أصحاب وجه واحد يتلقى الصفعات تلو الصفعات دون أن يدري بوحدته, والسبب أن الظالمين لا يستخدمون أيديهم المباشرة بل أيدي المظلومين أنفسهم ليمارسوا صفعنا على وجوهنا, السيد الأمريكي يصفع قائد الجيش وهذا يصفع من هو أدنى رتبة والآخر يصفع الجندي الذي يفرغ شحنة الصفع المتواصل بمواطن عراقي أو أفغاني وكذا يفعل الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين الذي يتلقى قادته الصفعات على شكل مساعدات من أسيادهم في واشنطن ليقوموا مقامهم في إشعال الشرق الأوسط وإبقاءه جاهزا لسيطرة أمريكا وقدرتها على امتلاكه, الحكام الظلمة أيضا هم ضحايا الظلم الأكبر وهم بدورهم يتلقون الصفعات تلو الصفعات ليفرغوها على وجوه شعوبهم حلقة عمودية من الصفع المتواصل تقود بالمقهور إلى استعادة صفعته من على وجه زوجته أو احد أطفاله أو مرؤوسيه فرديا أو من على وجه وظهر وارض أيا من الشعوب المقهورة.

الظالم واحد والمظلوم واحد, والفرق بينهما أن الظالم يمارس ظلمه بوعي ويدرك وحدة أهدافه, بينما المظلوم يتلقى الظلم معزولا ومنفردا ولا يملك القدرة على توحيد جبهته في مواجهة ظالميه, وهو إن أدرك اندفع ليتصرف بحماقة وهوج مما يقوده نحو الخسارة المؤكدة لمعركة غير متكافئة وايا كانت عزيمة وبطولة المظلوم المقاوم الفرد إلا أنها ضعيفة أمام وحدة وجبروت الظالمين.

المعركة العظيمة التي خاضها المقاومون في لبنان في آب 2006 والتي لقنوا فيها إسرائيل وسيدتها درسا لا يمكن نسيانه وبطولات العراقيين العظيمة وقبل وبعد بطولات الشعب الفلسطيني العظيم والصمود الذي تعيشه سوريا وإيران وكمبوديا الشمالية وفنزويلا وتشيلي و... و... غيرهم الكثير كل ذلك قدم درسين مهمين:
الأول: أن الظلمة والأعداء موحدين ضدنا فقد انتفضوا جميعا لحماية إسرائيل والدفاع عنها وأصبح صاحب الحق إرهابي وارعن في لبنان ومجرم في فلسطين وقاطع طريق في العراق ومجنون في كمبوديا و و و جميعهم توحدوا وجميعهم ذهبوا لاحتلال العراق وأفغانستان وجميعهم طالبوا بالإفراج عن عسكريين ثلاثة لدى المقاومة اللبنانية والفلسطينية وجن جنونهم لأسرهم أما أسرى فلسطين ولبنان والأردن و و و فلا قيمة لهم, إزعاج سكان حيفا وكريات شمونه جريمة والقتل الجماعي في جنين وبغداد وقانا وبحر البقر والسلط وبيروت وحمامات الشط والاغتيالات في روما ولندن وباريس عادية ومبرره ودفاع عن النفس, أية مهزلة, كل ذلك يثبت الحقيقة الأولى أنهم موحدون حول مصالحهم بالمطلق وان موتنا واستغلالنا واحتلال أراضينا ونهب ثرواتنا وجيوبنا هو مهمتهم الأولى.
الثاني: أننا منقسمون فلأول مرة في تاريخ إسرائيل تجد التفافا عربيا رسميا حولها ونقدا مباشرا للمقاومة بدل دعمها وإذا استثنينا سوريا فان النظام الرسمي العربي كان متفرجا على أفضل تقدير, وإذا استثنينا فنزويلا وشافيز فان الضمير العالمي الرسمي كان ميتا, وإذا استثنينا الروائي النرويجي جورديير فان مثقفي ومبدعي الغرب كانوا هناك مع العنصرية والكراهية والقتل والظلم بصوتهم ويدهم, إن نموذج الإيمان والوحدة المتواضعة التي قدمها مقاتلو حزب الله والذين لم يرى احد حتى اللحظة صورة استعراض لأي منهم كانت نموذجا يحتذى ينبغي لكل المظلومين والمقهورين في الوطن العربي والعالم أن يتعلموه جيدا لا لغة فقط بل فعلا حيا, وايا كانت الاعتراضات على الإدارة السياسية للمعركة ونتائجها إلا أن هناك درسا عظيما يجب الإمساك به وهو أن الإيمان بالحق والوحدة وصلابة الموقف كفيلة بردع الأعداء الآن وهي كفيلة غدا ان تماسكنا وتوحدت جبهتنا في كل أنحاء ارض من أن نمرغ أنوفهم بالأرض وتسود الشعوب وحريتها وكرامتها على قاعدة التقاسم والمساواة لا على قاعدة التراتبية والسيطرة لفئة ظالمة طفيلية على سكان الأرض باسم بعض شعوبها.

أكثر من فلسفة ممكنة لمواجهة اليد الظالمة, فهناك من يعتقد انه يجب مواجهتها ومحاولة كسرها حتى لو لم تستطع فيكفي انك امتلكت شرف المحاولة, والبعض يعتقد أن اليد التي لا تستطيع كسرها " قبلها وادعوا عليها بالكسر " والنتيجة أننا نقبلها ونطيعها وتستمر هي بالصفع ونستمر نحن بلعبة التقبيل والدعاوي والانتظار لعل وعسى.
لكن الموقف من اليد الظالمة يجب أن يكون واضحا معتمدا على إمكانيات الذات ويؤسس للتمكن من التخلص منها ويوفر القدرة على مراكمة الإنجازات مهما صغرت ما دامت تصب بالهدف النهائي كف تلك اليد وشل قدرتها على مواصلة الظلم, وذلك ينبغي له أن يتصف بما يلي:
1- اليد الظالمة لا تمكنها منك ولا تترك لها فرصة أن تطالك في مقتل, فعليك أن تواصل منتظرا تلك اللحظة التي تمكنك من كسرها وحاول الاستفادة من كل فرصة ممكنة لاتعابها وجعلها غير قادرة على مواصلة اضطهادك دوما وبنفس الآليات.
2- لا تقبلها وإلا فانك ستتعلم الخنوع وتعطيها القدرة على الاستعلاء والمواصلة وتستسيغ أنت ومن يتبعك الخنوع, ولا يملك الخانعون القدرة على كسر قيودهم أبدا وبالتالي سيبقوا تحت أيدي مالكي مفاتيح تلك القيود.
3- لا تسمح لليد الظالمة باستخدامك فان أنت شاركت في خدمتها, أيا كان نوع الاستخدام بسيطا, ومهما كان مفيدا من الناحية المباشرة لك, ذلك أن خدماتك مهما كانت بسيطة إلا أنها ستساهم في إطالة عمرها وتزويدها بمصدر متواصل للقوة فابق بعيدا ما أمكنك عن خدمتها.
4- أنت قوي لأنك قادر على الصمود في وجه الظلم وتحمله, فدع الظالم يتمادى فذلك سيساهم في زيادة قناعتك بضرورة التغيير والانعتاق وسترهقه صلابة الصمود التي تمتلكها شريطة أن لا تظهر الوهن.
5- علمه انك أقوى منه بقيمك وابرز ضعفه المغلف بقفازات الحديد المختلفة ولقنه دروسا في الكبرياء فكلما سموت في نظر ذاتك دفعته أكثر لان يشعر بحجم ضآلته.
6- لا تهتم أبدا بمخاطبته فذلك لا يجدي, وابذل جهدك في مخاطبة أدواته التي يستخدمها في ظلمك وابرز لها بكل الأشكال أنها تتعرض للظلم تماما كمثلك وان لا مصلحة حقيقة لها في ظلمك, بل إن العكس صحيح وان عليها الانتقال إلى خندقك.
7- أنت بحاجة شديدة لاستمالة الأفراد الصغار المستخدمين في ظلمك, فتعلم أن تكون قويا في مواجهتهم لتضرب لهم المثال وتقودهم لاحترام قيمك وتدفع بهم للتفكير في قوامة ما يقومون به وما مصلحتهم في ذلك وواصل مخاطبة ضميرهم بصمودك العملي ولغة الإيمان الصادق بحقك واستخدم كل هجومك نحو السيد لا نحو الأداة فما يهمك هو تجريده من أدوات قوته فان انفضوا من حوله سهل كسره ببساطة ودون تدخلك حتى.

كل ما تقدم كان مجرد تعميم نظري ولا يملك ذلك قوة الوجود إلا حين نتحدث بالملموس عن واقع الحال الفلسطيني والعربي, امة بأسرها بتعداد يصل إلى ثلث مليار عربي والى أكثر من مليار مسلم, كل هؤلاء يقفون عاجزين أمام دويلة صغيره أطلقوا عليها ذات يوم الألقاب التالية على سبيل لا الحصر( الكيان المزعوم, الكيان المسخ) هذا المسخ ماذا فعل حتى الآن
1- هزم الأمة العربية في معارك متتالية
2- حصل على معظم أراضي فلسطين وبقبول كل العرب تقريبا بما في ذلك فلسطينيا وأصبح صاحب حق ودولة لا مسخ ولا مزعومة وراح ينافسنا على ما تبقى من فلسطين علنا وعلى عينك يا تاجر ودون أن نخجل نحن لا هو من هذه المنافسة البذيئة.
3- هذا الكيان المسخ يحتل أولى القبلتين ويمنع المسلمين المليار من الوصول إلى مسجدهم ولا يخجلون من القول مثلا إن الحج ناقص بدون التقديس في القدس وأنهم لا يملكون القدرة على التقديس لان قدسهم محتلة.
4- هذا المسخ اجبر العرب على القدوم إليه والقبول به بل وأصبح معظمهم وسطاء بينه وبين الفلسطينيين.
5- هذا المسخ تمكن من تحويل القضية من قضية عربيه إسلامية إنسانية إلى قضية فلسطينية, والله وحده يعلم أين سيصل بها إذا بقي الحال على ما هو عليه.
6- هذا المسخ يتدخل في إيران وباكستان والعراق وسوريا وكوريا ويصل إلى إفريقيا وأمريكا اللاتينية.
7- هذا المسخ يحظى بدعم العالم كل العالم أو بصمته عن جرائمه دون أن تحرك هذه الآلام الفلسطينيين أنفسهم أحيانا في مواجهة جرائمه.
8- هذا المسخ يقصف لبنان وغزة ويهدد سوريا وإيران ويلعب على ارض العراق ويتجسس حتى على حاميته أمريكا.

والسؤال إذن ما الذي يمكن عمله وما هي الأدوات والأسس والنهج والاستراتيجيات التي يجب علينا أن نواجه إسرائيل بها, وبرأيي أن استراتيجيتنا يجب أن تبدأ أولا بقراءة واقع الحال في المجتمع الإسرائيلي وما الذي يقويه وما الذي يضعفه, وهذه القراءة ينبغي لها أن توصلنا إلى الأسس التالية:
1- إسرائيل دولة مصالح ومعظم أبناءها جاءوا إلى هنا لأسباب مختلفة من حيث المصدر موحده من حيث الهدف لكنها في كل الأحوال مصدرها الهروب من الوضع السيئ نحو وضع أفضل وهذا مصدر قوه وليس مصدر ضعف كما قد يعتقد البعض, وهم يشبهون اولئك الهاربين إلى المجهول ليحتلوا أمريكا ويبدأوا وجودهم بحرب اباده ضد أصحاب البلاد الأصليين.
2- الحرب ومعاداة المحيط والآخر هي الأسس التي وحدت هذه الدولة وهي أعمدة وجودها
3- التميز والتقدم والديمقراطية وقوة الإنتاج والمساهمة في حركة السلع العالمية هي مثار مقارنة بينها وبين المحيط لصالحها
4- تملك قدرة فائقة على استخدام الإعلام العالمي والتباكي وتستخدم كل التاريخ لإبراز ضعفها وحقها المهضوم لا العكس.
5- للفرد قيمة عظيمة يحاولون إبرازها بكل السبل ليس لصالح الفرد ذاته بل لصالح إقناع الفرد الآخر كجزء من مجموع بأنه جزء مهم من هذا المجموع وان المجموع يعطيه وبالتالي عليه أن يعطي بدوره المجموع كل ما يمكنه ويمكن للمراقب أن يقرأ ما بين السطور من دعاية موجهة للداخل حول استعادة الجنود الأسرى في غزة ولبنان, فمثل هذا السلوك يخلق لدى الجندي في الجيش الإسرائيلي شعور عال بالانتماء.

وعلى صعيد الذات فنحن امة تضرب جذورها في عمق التاريخ ومع ذلك ورغم كل الشعارات والأمنيات عن ماضينا ووحدتنا إلا أن الواقع يكشف عكس ذلك كليا ونحن نبدو في الصورة على النحو التالي:
1- امة مفككة ضعيفة مهانة ويتقن أفرادها شتيمتها أكثر بكثير مما يتقنون السعي للنهوض بها, معظم الشعراء والأدباء وكتاب المقالات, يجدون اللغة طيعة وسهلة في فن الشتائم وسب الذات, وقليلا ما تجد لغة واقعية عقلانية متماسكة تهتم بالوطن بدون غايات وبعيدا عن أجندات متناقضة وللأسف فان بعض هذه الأجندات لا علاقة له بالداخل البتة.
2- إسرائيل تحتل أجزاء مهمة من الوطن العربي وكذا تفعل تركيا وإيران وأمريكا وأسبانيا, ومع ذلك لا نحرك ساكنا على الإطلاق بل إننا في كثير من الأحيان نخجل من ذكر هذه الحقائق حفاظا على مشاعر من يحتلون بلادنا.
3- نزاعات لا حصر لها على الحدود العربية العربية وأنماط من التآمر مع الأجنبي بين العربي والعربي دون خجل.
4- ثروات مهدورة تخضع لإرادة وإدارة الغير.
5- مجتمع استهلاكي في كل شيء بما في ذلك الفكر والإبداع الإنساني, ونكاد ننأى بأنفسنا كليا عن كل أنواع الإسهام في الفعل الإنساني.
6- قد نكون الأمة الوحيدة التي يهاجر ثوارها لبلاد أعدائها لإسماع صوتهم من هناك مساهمين بوعي أو بدون وعي في تثبيت فكرة أن الأعداء أكثر منا صدقا وإنسانية ورحابة صدر وان بلادهم ملاذ الأحرار, فيكون ثوارنا هناك بناة في الواقع لحضارة الأعداء وحاملي معاول الهدم وان اللفظي لبلادهم دون أن يكونوا قادرين على إحداث أي تغيير, بل إن نموذج المعارضة العراقية في الخارج كان الأكثر وضوحا بارتباطهم المطلق بالمحتل ضد بلادهم وشعبهم وأمتهم لدرجة الخيانة العلنية المسببه بأكاذيب خدمتها ديكتاتورية نظام صدام.
7- امة تعرف جيدا أن اخطر أعدائها وهي إسرائيل صغيرة وضعيفة وإنها تعيش بدعم أمريكا ومع ذلك تتناسى كل هذا, وتعرف أن لغة الحرب والتهديد الكاذب هي التي تطيل عمرها وتقويها ومع هذا نسمع ضجيجا وصراخا عاليا عن تدمير إسرائيل وطرد اليهود وإلقائهم في البحر ثم لا نرى أثرا لذلك سوى الهزائم تلو الهزائم ومع ذلك نتابع قرع طبول الحرب ضدها دون أن نخجل من أنفسنا أمام العالم من أن ثلاثمائة مليون يقرعون طبول الحرب ضد خمسة ملايين معزولين وهم في واقع الأمر لا يحتملون لو أن العرب قرروا تقبيلهم بدل قتلهم فقد ينتهوا من القبل لا من القنابل.
8- كم هائل من الأدب والثقافة والفنون السخيفة تهدر طاقات امة لتمجيد أفراد فانين لا دوام لهم ونضعهم في مصاف الآلهة وحين يرحلون نلقي بكل ذلك في سلال المهملات ونبدأ من جديد لتمجيد قادم جديد وكشف مساويء من رحل وهكذا دون أي شعور حتى بالخجل من الذات, فكيف لأمة من هذا النوع أن تنتمي لذاتها الجماعية وهي تلغي ذاتها الجماعية علنا لصالح فرد ديكتاتور في معظم الأحيان وتجد من يبرر ذلك ويدافع عنه من ممتهني الثقافة والإبداع بشتى صنوفه.
9- امة عشائرية لا وجود للكفاءة في قاموسها فلا القائد ولا المهني ولا الزبال حتى يأتي على أسس مهنية, فأنت من المفروض أن تبحث عن الواسطة قبل أن تقدم كفاءتك والا لا فائدة، وبذا كيف يمكن لمثل هذه الأمة أن تتقدم إلى الأمام بوصلة واحده.

وبناء على واقع الحال المزري هذا فإننا مطالبون بثورة على ذواتنا, وأية محاولة لحصر المشكلة في الأنظمة الرسمية هي محاولة بائسة تقوم بها حركات وأحزاب بائسة أكثر محاولة صرف الأنظار عن دورها السخيف والمكمل لحالة التردي هذه, أننا بحاجة لثورة في تركيبتنا وذواتنا الفردية والجماعية، ثورة في التربية والتعليم في الأسرة والمدرسة والجامعة، ثورة في الإدارة والعمل والبرامج والقوانين، ثورة في نمطية التفكير, ثورة واعية مدركة بانية تمسك بجذورنا برؤية عصرية ولا تلقي بنا في فراغات الفضاء بلا معنى, وذلك لن يكون إلا بأدوات جديدة, حية وهذه الأدوات من المستحيل أن تكون تلك الهيئات والمنظمات والمؤسسات التي تسمى زورا بمؤسسات المجتمع المدني والتي تعيش جميعها تقريبا على ما تقدمة الدول المعادية من فتات تحت شعار مساعدة الشعوب النامية، فلا يمكن لمن ينتظر قوت يومه من عدوه أن يحرك ساكنا، وحين يصبح دافع الضرائب العربي هو الممول لمؤسسات بلده ويتنازل عن سرقة هذه الضرائب بحجج لها أول وليس لها آخر عندئذ يمكننا أن ننتظر مؤسسات وهيئات وطنية حقة وقادرة على إحداث التغيير, فالجميع يدرك أن الاستقلال الاقتصادي هو عماد أي استقلال على الإطلاق.

مرة أخرى الظالمون موحدون والمظلومون منشغلون إما بلوم بعضهم أو باستقبال فتات المادة أو حتى الروح من أعدائهم, فنحن ننتظر خبزهم ولغتهم ولباسهم وأغانيهم, وكم من مرة رأينا شبابنا العربي يتباهى بإسماع الأغاني الأجنبية مع شكي بأنه يفهم ما يسمع, أو يتباهى بقول كافة كلمات التواصل الإنساني بلغة أجنبية بما في ذلك اللغة العبرية عندنا نحن الفلسطينيون تحت الاحتلال.

لدى المستوطنين الإسرائيليين الأوائل ظهر شعار تمجيد العمل العبري وتسخيف العمل العربي وحتى الآن لازالت كلمة العمل العربي لدى الإسرائيليين تعني العمل السيئ غير المتقن والمغشوش, وحتى نحن نتعامل على أساس هذه القاعدة فنحن نفضل المنتج الإسرائيلي أو الأمريكي أو البريطاني على المنتج المصري أو الأردني أو السوري أو الفلسطيني أو أيا من المنتجات العربية, نثق بمنتج أعداءنا, ندعمه, نسوقه ونحارب اقتصاد بلادنا, الفلسطينيون وتحت شعار لا بديل للقمة العيش لجأوا للعمل في الاقتصاد الإسرائيلي وتطور ذلك من العمل في المصانع ومنشآت البناء إلى العمل في بناء المستوطنات, ثم إلى العمل في بناء الجدار العنصري، والسؤال كيف يمكن لمن بنى جدارا لعزله أن يشارك في مقاومة هذا الجدار وهدمه, ومن تعود على لقمة الخبز مغمسة بالذل من يد أعدائه وانتظرها وعمل في سبيلها, كيف يمكن له أن يشكل رافعة وأداة للتحرر والاستقلال.

إن المطلوب نبش مصادر الإيمان الذاتي والإمساك بها وغرسها في العقول ومن المفيد أن يبدأ ذلك بالأجيال الناشئة والتي لم تلوث بعد, لنبدأ برياض ومدارس الأطفال, أعطوا أطفالنا لغة الاستقلال والكرامة والإبداع وحصنوهم بالإيمان الواعي المبدع لا الإيمان التلقيني النصي الجامد والمقدم جاهزا علموهم الإيمان بقضاياهم الحية وبطاقاتهم الجماعية مهما كانت بسيطة وضعيفة ولا تعلموهم انتظار النصر من السماء لمن لا يباشرون الكفاح بما لديهم ثم بعد ذلك دعوهم فهم حتما سينتصرون.

كثيرا تتعالى أصوات الصراع الدائر في العالم حول امتلاك السلاح النووي ونرى ذلك في الصراع مع إيران وكوبا كما رأيناه مع باكستان والعراق من قبل بينما تبيح الدول الاستعمارية وفي المقدمة الولايات المتحدة الأمريكية حق امتلاك كافة أنواع أسلحة التدمير الشامل وتمارس هذه الازدواجية علنا وتسمح لمن ترغب بهم ولأسباب مختلفة امتلاك هذه الأسلحة كما هو الحال مع الهند وإسرائيل ومع الهند, ومع هذا فان الإدراك الحقيقي للقوة التي تتمتع بها الشعوب المقهورة بوحدتها واستخدام طاقاتها الإنسانية البحتة والتسلح بالأيمان الحقيقي بحقها بالوجود والدفاع عن مبادئها بالحرية والسلام والاستقلال وتقرير المصير, الإيمان بالمثل العليا التي تحملها الأديان التي تؤمن بها وفي المقدمة الدين الإسلامي, لو أن هذه الأمم ومنها الأمة العربية ملكت الإيمان الصادق والحقيقي وقدمت دينها ومبادئه كما هو للإنسانية دون تحريف ودون صبغه بالعنف والإكراه لتمكنت من أن تهزم قوى الشر بمجرد صمودها ورفضها الخنوع, ذلك إن قدرة الولايات المتحدة على السيطرة نابعة من الاستعداد الذاتي للخنوع وحالة التشرذم الروحي والأخلاقي والقيمي التي تعيشها الأمم المقهوره وفي مقدمتها الأمة العربية, إن المطلوب هو الإيمان والشعور بوحدة المقهورين على الأرض والكفاح ضد الظلم أيا كان مصدره وايا كانت المبررات النظرية التي تحاول تسويغه, إن على مقهوري العالم أن يتوحدوا وان يحطموا أصنام الظلم المجرمة في العالم وفي مقدمتها الولايات المتحدة وفي البدء لا بد اضعف الإيمان من إتقان مقاطعتها ودفعها لان تدرك شعبيا, أي أن يدرك شعب الولايات المتحدة أن من أتقن يوما إلغاء شعب من على أرضه قبل قرون لا يمكنه أن يفعل ذلك مع شعوب الأرض قاطبة هذه الأيام وان الادعاء بالوصاية على مباديء الحرية وحقوق الإنسان ليس جائزا لمن يقتل ويحتل ويدمر في فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها فالحرية وقيم الإنسانية لا تقسم أبدا ولا أوصياء عليها فهي ملك لكل البشرية بلا تفريق.



#عدنان_الصباح (هاشتاغ)       ADNAN_ALSABBAH#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التربية المدنية..جتمعة المعرفة والفعل
- دارة ضعيفة لمعركة عظيمة
- المفدس..الوطن..الشعب ام التنظيم
- لارضاء العالم الاعور
- توافقوا..توافقوا..تزافقوا
- اللاعنف اداة مزدوجه
- اضراب عن الطعام
- من قتل سامر حماد
- كارثية فشل التجربة
- الآن وقبل فوات الأوان
- الماغوط...محترف الادهاش
- ِبصدد الطريق إلى الخلاص
- لننتصؤ بحماس لا عليها
- العرب بين شخصنة المسائل ومسألة الشخوص
- عملمة القوة
- خلافا لأمنياتهم
- ثورة في الثورة
- شكوى
- حتى الاكاذيب توحد
- انهم يعرفون ما يريدون


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عدنان الصباح - الايمان...مفاعل المقهورين النووي