أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - بين الثقافة والفكر















المزيد.....

بين الثقافة والفكر


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 1617 - 2006 / 7 / 20 - 11:39
المحور: الادب والفن
    


يتهمني بعض المثرثرين شعرا على صفحات جرائدنا باني فقدت البوصلة ، ولم اعد اجاري عصري ، ومن هنا نقمتي على الشعر الحديث .
لم افهم قي البداية ... كعادتي ، معنى هذا التلميح ، الذي وصلني عبر الاثير ،في حديث شارك فيه اكثر من صوت واحد ، لأدباء من اياهم .
ساءني تسترهم ، الذي اعتبره جبنا ادبيا ، وساءني اكثر اني لم اعط الفرصة لافهم تهمتي واقدم دفاعي ... انما انتقل الحديث فورا لتهمة جديدة .. او ربما ليست تهمة ، بل جريمة مثبتة، بأن مشكلتي اني لم استوعب الحداثة وتفاعلاتها في الادب الحديث ، وكل ما نجحت في ايصاله للزميلين ، الضميرين المستترين ، بأن مفهومهما للحداثة عقيم ، واذا كانت الحداثة تعني قطع التواصل بين القارئ والادب ، فبئس مثل هذه الحداثة ... ولن اصوت لها في الانتخابات !!
اعترف ان الزميلين تكلما معي باتزان وهدوء ، ولكني استهجن هذا التستر واعتقد اني اعرف احدهما ...وهذا يسهل علي فهم ما يؤلمهما من كتاباتي ...وفي الواقع لا فرق بين اسم وآخر ، بين مبتدئ وعتيق ، وليس مبتدأ وخبر ، فعدا القلة من المبدعين يكاد يكون غياب كامل للأعمال الأدبية المثمرة على صفحات الجرائد ... واعترف اني حين عملت نائبا لرئيس التحرير ومحررا ادبيا في صحيفة "الأهالي " رفضت بقوة نشر اي عمل ادبي مما سماه الزميلان وراء الأثير بالحداثة الأدبية او الشعرية .
اقرأوا مثلا هذا المقطع النقيض :

" ساحمل حبك سرا صغيرا
يؤانس قلبي الحزين الكسيرا
فهل تقبلين ،
بقلبي الكسير
يتوج بين يديك اميرا؟!"

هذه احدى قصائد الشاعر حسين مهنا ( من قرية البقيعة الجليلية ) نشرت في العدد الثالث من مجلة "المستقبل " ( مجلة فكرية ثقافية شهرية يصدرها ويحررها نبيل عودة بالتعاون مع الكاتب والمفكر المعروف سالم جبران )
من يستطيع ان يقول انها ليست شعرا ؟! وفي مقطع آخر يقول :

" تمرين او لا تمرين
قلبي تعود طول انتظارك
انت تعيدين للقلب
ما قد تناثر فوق دروب الحياة
ليصبح شكل الحياة جميل التفاصيل "

وفي قصيدة اخرى نقرأ هذا المقطع :

"وتمر يداي
على جيدك المرمري
فيزهر ورد وجنتيك
وينطق صمت
يفوق بيان الكلامك
وسجع الحمام
وهمس المطر.. "

هذه مقاطع من قصائد لو طاوعت نفسي لنشرتها كاملة لأدلل على ما افهمه من الحداثة ، وعلى ما لايفهمون .. اقرأوا معي هذا التجلي لحسين مهنا :

"سألتك : لا تقتلي الشعر عمدا
بطول التمني
وبعد الرجاء
ولا تتركيني اسيرا لطيفك هذا المساء
وكل مساء
تعالي فما زال في القلب بعض اخضرار
سينزف وردا
يعيد الى الحب ما ضيعته الدروب
وللشعر قيثارة الحب والكبرياء "

هذا الشعر يحمل من الحداثة بمفهومها الأدبي اكثر من كل القصائد الغيبية لغة ومضمونا. والأهم انه لا يحتاج الى جهابذة النقد لتحليله ، لأنه شعر يتدفق كالماء بلا ضجبج، ويتغلغل بجماله ورونقه في وعي القارئ واحاسيسه. وهو ، وهذا الأساس ، لا يحتاج الى مثقف عبقري ( نابغة عصره ) ليفهمه ويشرحه للقراء المساكين ،اذ ما قيمة الشعر حين تصبح قراءته مثل سباق اجتياز الحواجز... ما ان نصل لنهاية القصيدة حتى تنقطع انفاسنا وتتورم سيقاننا!!
اردت ان استعمل بعض "الجواهر" التي تقصفنا بها "الفانتومات الأدبية" ، ولكني لا اقصد التشهير ، واخاف ان تبدو مقارنتي بين شاعر حقيقي مثل حسين مهنا ، وناظمين بلا شعر .. تشهيرا فيهم ، او اقلالا من قيمة شعر حسين مهنا . المقارنة لا تجوز الا بين انواع من نفس القيمة ، واترك المقارنة للقارئ الذي ما زال يجرؤ على المغامرة ...اذا تبقى لدينا مثل اؤلئك القراء ولم يطفشوا بعد .
في التلخيص النهائي اقول ما يلي : الحداثة او حداثة ما بعد الحداثة ... هي تعابير عقيمة لانها اخرجت من مسارها . فالحداثة اولا عملية تنوير اجتماعي وثقافي وفكري. مجتمعنا ، وكل المجتمعات العربية عامة ، ما زالت على ضفاف الحداثة، وعدا بعض المثقفين ... وقليل من الأدباء المبدعين ، ما زلنا اجتماعيا وفكريا نعيش في مجتمعات تحت سيطرة او تأثير وتحكم الفكر الاصولي المتطرف . وحتى على المستوى السياسي تتحكم بمجتمعاتنا قوى تفتقد للتوازن السياسي والفكري والثقافي . السيطرة للأسف ليست لحركة الأصلاح والتنوير العربية، انما للقوى الظلامية ... ما زلنا نبحث ونتعارك حول السماح للمرأة بقيادة السيارة ... وحول اجازة الاعمال الأدبية ، وحول السماح بتعليم نطريات علمية تنسف الغيبية الدينية ، وحول اصلاح التعليم وتحرير عقل الطالب من اسلوب التلقين والايمان الاعمى بلا وعي ، وما زلنا في ادنى مستويات الفقر ، ومجتمعاتنا تعاني من انتشار هائل للأمية ،( 80% بين النساء و 60 % بين العرب ) واذا اعتمدنا قول الشاعر المصري عبد المعطي حجازي ، بان من لا يعرف استعمال الحاسوب هو امي ، فستقفز الأمية الى 95% واذا حددنا ان الامي ايضا من لايعرف التعامل مع الاوراق الرسمية، فالوضع سيكون مأساويا... ونتحدث عن الحداثة ... وما بعد الحداثة ؟! ونملأ صحافتنا شعرا لا شعر فيه ونقدا لا نقد فيه... هذا ليس دليل الحداثة انما دليل انفصام ثقافي مع مجتمعنا ، بدل ان نوقفه نزيده اتساعا ب " العبقريات الفريدة " التي تطغى على النشر . ان ثقافة الحداثة اعزائي الادباء لا تجيء ببضع خربشات شعرية او نثرية او نقدية ،انما هي معركة تنوير ما زلنا على ضفافها ... استغرقت اوروبا مئات السنين من الصراع مع الاصولية المسيحسة للقرون اللوسطى ، ومع ذلك ما زال الغرب يعاني من ازمة معنى الحياة ومعنى الوجود ، مما يعني ان التطور الاقتصادي والأكل والمشرب والمتع الجسدية ، ليسوا كل شيء ، وهي مشكلة تختلف مع مشكلة الانسان العربي , الذي ما زال يبحث عن اشباع جوعه اولا.
ان المحاولة للتقدم دون فهم اهمية عصر التنوير الذي حرر الانسان من التخلف الاجتماعي والعلمي والقوى الظلامية ، ووضع مستقبله بين يديه، وغير اولويات حياته ، وحرره من القيود على تطوير الفكر والعلوم والاقتصاد والثقافة وضاعف اوقات راحته وقدراته الاستهلاكية بمختلف انواعها ، هي محاولة عقيمة ومحكومة بالفشل .
اذن مفاهيم الحداثة ليست مميزا للأدب فقط ... وهذا ما يجب ان نستوعبه قبل كل شيء ... ولعلي بذلك اوضحت بعض منطلقاتي الفكرية والثقافية !!
نبيل عودة - روائي ، قاص ، ناقد وكاتب سياسي – الناصرة



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى لا نفقد الاتجاه من دروس مأساة لبنان
- الفيتوري : في هذا الزمن الساقط ، يسقط حتى الشعراء
- بصراحة مؤلمة : من يملك شرعية القرار في فلسطين ولبنان ؟
- الكاتب سامي ميخائيل العراقي الذي صار اسرائيليا
- كنت معها - قصة
- حتى لا يدفع الابرياء ثمن الجنون السياسي !!
- ذباب على موائد الادب
- خلفية الاجتياح الاسرائيلي للقطاع
- دراسة علمية رصينة حول اليهودية بقلم مفكر وناقد عربي
- رسالة الى وزير الامن عمير بيرتس / سقوط امنون دانكنر
- هل يتحول المجتمع العربي الى مجتمع لا ثقافي ؟
- صحافة بلا تفكير وبلا تنوير لا مستقبل لها
- الفجر يولد من جديد
- على بساط البحث من يخاف من المراكز الثقافية في البلدات العربي ...
- ماذا تبقى من ثقافتنا المحلية
- من اجل صياغة برنامج فكري سياسي حديث
- الحداثة كجذور للحضارة الانسانية
- درس في النقد - 2
- شاعر أصيل
- درس في النقد


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - بين الثقافة والفكر