|
هيلا ... هيلا يا ابو جريدة ...!
عبد الرضا المادح
قاص وكاتب - ماجستير تكنلوجيا المكائن
الحوار المتمدن-العدد: 6634 - 2020 / 8 / 2 - 02:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كان الجو جميلاً ، فالشمس ساطعة والحرارة تجاوزت العشرين قليلاً ، فخرجت امارس رياضة المشي ، الذكريات لم تتركني اتمتع بالطبيعة لوحدي، فنبشت بصور وافلام قديمة محببة لنفسي من فترة بداية السبعينات من القرن الماضي ، و وجدت نفسي ادندن بكلمات من اغنية " هيلا يابو جريدة " فقررت أن اكتب بعض من ذكرياتي مع جريدة طريق الشعب ، وبسبب الفاصل الزمني الكبير الذي انهك الذاكرة ونسيان كلمات الاغنية ، فتحت المرجع الاكبر حجي كَوكَل وكتبت " هيلا يابو جريدة " فظهرت امامي بلاوي ، وقلت ملعون الوالدين كَوكَل ابد ماينسى ! مما ظهر فلم يوتيوب لفرقة الطريق تؤدي الاغنية بلحن الفنان طالب غالي وكلمات الشاعر كاظم السعدي ، استمعت للأغنية مستمتعاً وسارحاً مع امواج الذكريات الجميلة ورقصة الهيوة التي كنت أتميز بأداها في الحفلات مع فرقة الطريق البصرية ، فجأة توقفت ذكرياتي الراقصة وارتبكت حركات قدميّ ، عندما وقعت عيناي على صفحة الكَوكَل وعبارة " هيلا يابو جريد " عنوان لمقال كتبه العزيز ( عمار علي ) بتاريخ 30 اذار 2012، فسارعت لقراءته وكان مقالاً جميلا ، ثم وقعت في حيرة ، فأنا قد قررت كتابة مقال بنفس العنوان عندما كنت اتمشى قبل أن يخبّث علي الكَوكَل ، فقد يعتبره ( سرقة ) للعنوان ، ثم قلت هذه مبالغة ، فالقلوب سواجي تلتقي ، واسم الاغنية واحد لا يتغير ، فقررت ابقاء نفس العنوان بتغيير بسيط ، فحقوق الخمط مكفولة والخطا مرجوع للطرفين ! عدت لمسلسل ذكرياتي ودندنت " هيلا يابو جريدة ... هيلا كلنه نريده ..." وكيف كانوا الرفيقات والرفاق ينتظروني يومياً لأستلام حصتهم منها ، فعند اشتداد هجمة نظام البعث الأرهابي على تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي في البصرة منتصف عام 1978 اصبح بيع وشراء الجريدة بصورة علنية مخاطرة كبيرة ، ولذا لجأت تنظيماتنا الى توزيع الجريدة عبر التنظيم أي بشكل سري ، ولكوني عضو قيادي في اللجنة القيادية الحزبية لمعهد التكنلوجيا والمكلف بأدخال الجريدة بصورة علنية للمعهد قبل الهجمة ، كُلفت ايضاً بعملية استلامها وتوزيعها على الهيئات الحزبية يوميا ً، العملية خطرة ومتعبة وتتطلب تحمل تكاليف التنقل ، حيث كان مصروفي اليومي متواضع جداً وبفضل من شقيقي الاكبر الموظف والمعيل لعائلتين براتبه المتواضع ومساعدة اخوتي الآخرين . فكرت بافضل طريقة للتوزيع ، حيث طلبت أن يُشخّص رفيقة أو رفيق من كل هيئة ، اتصل بهم مباشرة لترتيب المواعيد معهم ، عددهم حوالي سبعة ولا يجوز اللقاء بهم يومياً مجتمعين بل على انفراد ، بعد تفكير وجدت الحل الأمثل ، بأن التقي بهم في مركز المدينة وفي سوق المغايز مساءً تحديداً ، حيث يكون الزحام على اشده ويصعب على عناصر الأمن ملاحظة ما يجري ، وجعلتهم ينتظرون في مسافات متباعدة وبأوقات مضبوطة ، قبل ذلك كان علي وبعد خروجي من الدوام في المعهد ، أن اذهب الى البيت بواسطة باص المعهد للعشار ثم استقل سيارة اجرة والعملية تستغرق حوالي الساعة ، في البيت ابدل الزي الطلابي بملابس اخرى ثم استقل دراجتي العتيقة وانطلق بسرعة بأتجاه مقر المحلية للحزب قرب السينالكو ، دخول المقر ( ليس زي خروجه !) فسيارة الأمن قد تنتظر للأعتقال ، عناصر الأمن كانوا يراقبون ويصورون من بيت مقابل مقر الحزب ، بعد استلامي 65 نسخة انطلق عائداً الى البيت بسرعة وكنت اناور مستغلاً الشوارع الفرعية ، العملية تستغرق ذهابا وايابا بالدراجة حوالي ساعة ونصف ، في البيت أقوم بتقسيم الجرائد الى مجاميع ولفها بجرائد ( الثورة ) وغيرها ، ثم استقل سيارة اجرة الى العشار ، حيث تتم عملية التوزيع بسرعة ، بيتنا كان يقع أمام مديرية الأمن القديمة حوالي تسعون متراً، والحارس يرى باب بيتنا المكشوف لرقابتهم ! في أحدى المرات ركبتُ سيارة الأجرة ، وركبا بعدي اثنان من عناصر الأمن الخارجان توا من المديرية وجلسىا على المقعد الخلفي بجنبي فبرزا مسدسيهما تحت قميصيهما ! وضعت كيس الجرائد بين قدمي ولكنه كان كبيرا و واضحا للعيان ، كان الموقف حرجاً ولكني جلست بهدوء ، وهما لم ينتبها لذلك حتى وصولي الى العشار ! هكذا كنا نعتز بالجريدة وننتظرها كمن ينتظر حبيبته ونجازف بحياتنا لأيصالها للرفاق والناس ، واليوم الجريدة الورقية توقفت للأسف ، والنسخة الالكترونية يوزعها المسؤول بضغطة زر وهو في بيته ! أي فقدت العملية صفاتها النضالية ، الجهود والمشقة ومشاعر الخوف والفرح اثناء التوزيع وهنا تكمن حلاوة وقيمة النضال الحقيقي !
2020.08.01
#عبد_الرضا_المادح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليلة عرس ...!
-
إيماءة ...!
-
الروبار *
-
عملية ضرب مقر حزب البعث في بامرني
-
الانصار ضيوف الجبهة الديمقراطية وميلاد لينين
-
الدب والارنب ...!
-
وادي الخيول ...!
-
ورود الثورة ... !
-
اعتذار ...!
-
شوق ...!
-
قرار مجلس النواب هوسة عشاير !
-
انتفاضة ُ الامل ...!
-
لا ما ننسى ...!
-
الصبر مامنه فرج ...!
-
ترنيمة ُالبلابل ...!
-
لوعة الشهداء ...!
-
صرخة في ثقب اسود ...!
-
ومضة عشق ..!
-
عتاب الى جيفارا العراق ...!
-
رسالة الى الواوية ...!
المزيد.....
-
جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك
...
-
احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي
...
-
هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام
...
-
الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست
...
-
استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ
...
-
-رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب
...
-
بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
-
روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
-
رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
-
هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|