أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كوسلا ابشن - دلالة تدمير التراث الانساني















المزيد.....

دلالة تدمير التراث الانساني


كوسلا ابشن

الحوار المتمدن-العدد: 6590 - 2020 / 6 / 11 - 23:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"إتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا " العنكبوت, آلاية 24.
" إذا قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون" الانبيات, آلأية 52.
ألأية الاولى تأكد على تنديد و تحريم الرب العربي للمودة ( المحبة ) بين الناس و الآوثان ( الراكد و الثابت المادي), وفي الأية الثانية الرب يحرم ويندد بالاعتكاف والعكوف (لزوم وإقامة) التماثيل (التماثيل: اسم ذات، ما يُنحت مُشبَّهًا بالمخلوقات من عباد وحيوان وغيرها، صورة مصوَّرة) ( معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي).
عن أحمد ابن حنبل في مسنده عن علي قال: كان رسول الله (ص) في جنازة، فقال: "أيكم ينطلق إلى المدينة فلا يدع بها وثناً إلا كسـره، ولا قبراً إلا سواه، ولا صورة إلا لطخها".
الرب العربي يؤكد موقفه الرافض والمحرم للرموز المادية المرتبطة بالتراث الحضاري للشعوب ( تماثيل, قبور و صور), ويحريض أتباعه على طمس و تدمير لهذا التراث المصنوع و المبدع من طرف البشر (الشعوب).
تحريم وتدمير للتماثيل و المنحوتات الصخيرة دلالة عن إرادة الله العربي (صانعي فكرة الله) لطمس ذاكرة الشعوب و وضع قطيعة ابستمولوجية بين هذه الشعوب و تراثها المادي والروحي, منع الذات من الارتباط بمنتوجها الحضاري في سيرورته التارخية, و بالتالي ربطها بتبعية للمشخص والمجرد "البديل" الاجنبي الاستعماري (الذات العربية).
مسألة الطمس والتدمير للموروث الإنساني الحضاري لازم جميع الغزوات الاستعمارية الاستطانية و أبرزها الحملات الاستطان الإستعماري العربي, وما تستكمله حاليا الانظمة الكولونيالية العروبية بإسم الله أو بإسم العروبة العرقية إلا وجهه المعاصر.
تحريم و طمس و تدمير للتراث الحضاري الانساني بدأ خصوصا مع التوسع الاعرابي خارج جغرافيته (الحجاز والنجد). الاصتدام بالمعاليم الحضارية للشعوب الارامية والاشورية والقبطية والامازيغية وغيرها من شعوب الاوطان المحتلة, دفع الاعراب طبعا بعد المجازر الجماعية و احتلال الارض, بدأت حملة فك ارتباط الشعوب المستعمرة (فتح الميم) بذاكرتها التاريخية و تراثها المادي والروحي.
بدأ تدمير وهدم المعاليم التراثية الظاهرة للعيان, وقد نجا منها ما كان مطمورا تحت التراب أو صعبا عن التدمير, وقد أستعملت احجار الأهرامات والكنائيس والمباني التاريخية المهدمة لبناء المساجد والقصور, في هذا الصدد, عن الإمام المقريزي, في الخطط: أن "الأهرامات كانت كثيرة في مصر, وهدم عدد منها في أيام السلطان صلاح الدين, على يد قراقوش, وبني قلعة الجبل، والسور المحيط بالقاهرة ومصر, والقناطر التي بالجيزة".
كما تعرض الانتاج الفكري للتلف والاحراق مثل ما حدث مع إحراق مكتبة الاسكندرية من طرف إبن العاص و بأمر من عمر إبن الخظاب, ونفس المصير لحق بتراث شعوب الاوطان المحتلة الاخرى, وفي هذا الصدد يقول إبن خلدون في (العبر و ديوان المبتدأ و الخبر في أيام العرب والعجم والبربر...) تاريخ إبن خلدون:"عزم الرشيد على هدم إيوان كسرى وإستشار يحيى بن خالد ونصحه أن لا يفعل وإتهمه الرشيد بالنعرة للعجم وشرع في هدمه لكنه في آلاخير عجز عن إتمام الهدم" وفي نفس المرجع يقول إبن خلدون:"كذلك فعل المأمون في عزمه هدم أهرام مصر" و عن إتلاف علوم فارس يقول إبن خلدون في نفس المرجع:"ان المسلمين لما فتحوا بلاد فارس, وأصابوا من كتبهم وصحائف علومهم... كتب سعد بن أبي وقاص الى عمر بن الخطاب يستأذنه في شأنها... فكتب اليه عمر , فإن يكن ما فيها هدى فقد هدانا الله بأهدى منه, وان يكن ضلالا فقد كفاناه الله, فطوحوها في الماء أو في النار". وعن أثار وتراث شمال إفريقيا يقول إبن خلدون :" وافريقية والمغرب لما جاز اليها بنو هلال وبنو سليم منذ اول المائة الخامسة وتمرسوا بها لثلاثمائة وخمسين من السنين قد لحق بها وعادت بسائطه خرابا كلها بعد ان كان ما بين السودان والبحر الرومي كله عمرانا تشهد بذلك اثار العمران فيه من المعالم وتماثيل البناء وشواهد القرى والمدر".
ما كان مخفي عن عيون مدمري الحضارة الانسانية في زمانهم , هاهم معتنقي الايديولوجية العروبية الاسلامية التدميرية في عصرنا يعيدون الكرة لتدمير ما بقي من تراث الشعوب الاوطان المحتلة, و هذا ما حصل في الشام والعراق( داعش) لطمس و محو ما تبقى من أثار الدالة على الحضارة الاشورية والآرامية, الشعوب الاصلية للمنطقة, كما كانت هناك محاولات لمنظري الشوفينية الظلامية في مصر أيام مرسي, ومستمرة حتى اليوم بالمطالبة بتدمير الاهرام, الفعل الذي فشل فيه المؤمون على إنجازه, يطالب زبناء العروبة اسلام إنجازه.
في الحديث عن الامازيغ يقول إبن خلدون:" ولم تزل بلاد المغرب الى طربلس بل الى الإسكندرية عامرة بهذا الجيل ما بين البحر الرومي و بلاد السودان منذ أزمنة لا يعرف أولها ولا ما قبلها", عن نفس المرجع يقول:" وذكر أبو محمد بن أبي زيد: أن البربر إرتدوا أثنتي عشرة مرة من طربلس الى طنجة", إستنتاجا من هذا ان الامازيغ كانوا عدد لا يحصى وعبر التاريخ رغم المذابح الجماعية, رغم الدمار الذي لحق بموروثه المادي و اللامادي, إلا ان لم ولن تستطيع أية قوة استعمارية محوهم من التناريخ و نفي وجودهم أومحو قيمهم المادية والروحية, ما عجز عنه مجريمي الحرب السابقين, يحاول البرابرة المعاصرين (أبناء العروبة بالتبني, أبناء أم وأكثر من أب) إكمال رسالة أسيادهم في تدمير التراث الامازيغي بهدف تعريب الشعب والارض ( إستبدال هوية أصلية بهوية مزيفة), في هذا الصدد يقول علال الفاشي"إن مشكلة العربية في بلادنا مزمنة، وأعنى بذلك أن التعريب الذي بدأه أجدادنا لم يتم في هذا الوطن", (فعالية اللغة العربية),مجلة اللسان العربي.
تعريب الجغرافية والشعب بالضرورة يستلزم تدمير التراث المادي ومحو التراث اللامادي و منه اللسان الامازيغي الذي كان علال الفاشي ( ممثل السلفية-الحداثية) يحلم بالقضاء عليه, لأنه كان يدرك ان نفي اللسان الاصلي و تزييف تاريخ المنطقة وإستبدالهما باللغة العربية وبتاريخ مفبرك و إستبدال الاسماء الشخصية وأسماء المدن و الشوارع الامازيغية بأسماء العرب سيكون ركيزة لخلق هوية جديدة للشعب الامازيغية, إلا أن الشوفينية-السلفية أدركت أن التراث المادي واللامادي يلعب دور فعال في الحفاظ على الهوية الامازيغية وذلك نتيجة الادراك الواعي للذات بضرورة استمرارية التميز الامازيغي, ما دفع السلطة الكولونيالية وأعوانها (الزوايا السياسية و بائعي الكلمات) الى تهميش و إقصاء التراث اللامادي وتدمير التراث المادي, فالمنظقة غنية بالمواقع الأثرية الأمازيغية, منها النقوش الصخرية والقبور الأثرية والمدن الأثرية ولا تتمتع بالحماية القانونية (الاستعمارية), (فقبر يوسف إبن تاشفين مثلا أصبح مزبلة, في الوقت الذي أصبح فيه قبر المعتمد الخائن, مزارا للتبرك, كما هو الحال بمزار الجزار مجرم حرب عقبة). والمواقع الأثرية في الاطلس والريف و سوس و الصحراء أصبحت عرضة للتخريب والتدمير والتهريب, سجلت في السنوات الاخيرة حملات منظمة لتدمير الآثار و تخريب القبور التاريخية القديمة و هدم مدن تاريخية في الريف, و في الجنوب الشرقي.
عملية تدمير التراث الامازيغي وخصوصا المنحوتات الصخرية وبتشجيع من السلطة الكولونيالية, وغياب التنديد الاممي (اليونسكو) بإعتبار هذا التراث يعد قيمة حضارية للإنسانية جمعاء, إلا ان التحريض السلطوي العروبي و اللامبالاة الدولية, أدت الى تعريض هاته المنحوتات الصخرية الى التخريب و السرقة وتهريبها الى الخارج الى أوروبا والخليج والأسوء من هذا قيام الشوفين العروبي الاسلامي بتدمير هاته المنحوتات البعيدة عن عيون الحاقدين أعداء الشعوب والحضارات الانسانية, فكل مرة تسمع أخبارتخريب وتدمير للنقوش الصخرية, في سنة 2012 قام السلفيون بتدمير نقوشا صخرية تعود إلى ما قبل التاريخ ( قبل 8 آلاف سنة) تصور إله الشمس فوق قمم جبال الأطلس الكبير جنوب المروك. وقبل أيام فضيحة من العيار الثقيل و تعتيم السلطة الكولونيالية على مذبحة الآثار الأمازيغية في الصحراء الامازيغية, شركة متخصصة في إستغلال المقالع الحجرية وبرخصة مؤسساتية (إقليم سمارة) وبإرادة سياسية عنصرية إستهدف موقع أثري أمازيغي وتدمير و تخريب مئات من النقوش الصخرية التاريخية, تعبر حياة ايمازيغن القديمة, ويضم الموقع أكبر عدد من حروف تيفناغ ( الحروف الامازيغية), والعملية ليست لحظة عابرة أو نية فردية, بل هي سياسية ممنهجة وإرادة كولونيالية للتعتيم عن تاريخية تامازغا و إنكار الحقوق الطبيعية لإيمازيغن في جغرافيتهم.
فالتجاهل الممنهج للتراث المادي واللامادي المحلي, والحث بشكل غير مباشرعلى تدميره و تخريبه, يقود الى الاستنتاج ان السلطة الكولونيالية غير معنية وغير ملتزمة بقرارات منظمة اليونيسكو, وهي عضو فيها, وعلى هذا يتوجب على المنظمة التدخل لإنقاذ التراث التاريخي الحضاري الامازيغي من الإندثار على يد أعداء الحضارات الانسانية.
تدمير التراث الامازيغي مرتبط جدليا بتعريب الارض والإنسان, هدفه الإستراتيجي محو الذاكرة الجماعية ( غسل الدماغ) وكتابة تاريخ جديد مزيف للمنطقة وللشعب الامازيغي, خلق هوية مشوهة ميتافيزيقية لا علاقة لها بواقع المنطقة, خلقوا أكذوبة (((المغرب العربي))) وصدقها الجميع من الشوفينيين العروبيين و الإسلاميين الارهابيين, وحتى من يتحدث عن الاممية وتقرير مصير الشعوب, وللأسف بينهم موقع (الحوار المتمدن).
يبقى التشريع المحمدي المتزم المحرم والداعي لتدمير تراث الشعوب و محو الآثار التاريخية للحضارات الانسانية, حصان طروادة للقوى الشوفينية و الارهابية اليمينية واليسارية في طمس و تدمير التراث المادي و اللامادي للشعوب بهدف إنتاج هوية مزيفة ومفبركة لهذه الشعوب, وكأن البشرية نتاج صناعي على هوى إيديولوجيات القوى الاستعمارية لانتاج عالم خاص للعروبة.



#كوسلا_ابشن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعب الليبو و مصالح القوى الخارجية
- النظام العرقي والعمل السياسي المنظم
- 1 ماي وليد القهر الطبقي
- محمد رسول العروبة واللاإنسانية
- العنصرية العروبية تخترق المدافن
- إيغور أم إيغود!!!
- تسمية بربر والجهل المفاهيمي
- خطورة الايديولوجية العقائدية على حرية الشعوب
- - اليسار- الشوفيني و نقد النضال الامازيغي
- افراح الميلاد جزء من ثقافتنا
- العفو على الارهابيين الاسلاميين واستثناء المناضلين ايمازيغن
- من زعزعة الامن الروحي الى زعزعة الامن الولائي
- الاستبداد المطلق للمقيم العام العلوي الاستعماري
- التهميش والاقصاء نتيجة حتمية لسياسة التمييز القومي
- المهمشون أولى بأموالهم من الغير
- الريف بؤرة الثورة الامازيغية
- تهنئة للاخوة المسيحيين بالميلاد السعيد
- موقع الحركة الامازيغية من العرقية والقومية التحررية
- الكولونيالية وسياسة الابارتهايد والتمييز العنصري
- التضامن المطلق مع كمال فخار و قاسم سوفغالم المضربين عن الطعا ...


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كوسلا ابشن - دلالة تدمير التراث الانساني