أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سيف الدولة عطا الشيخ - ما بعد الإحتجاج 4















المزيد.....

ما بعد الإحتجاج 4


سيف الدولة عطا الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 6586 - 2020 / 6 / 7 - 01:33
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


4------------4
ما بعد الاحتجاج العربي
في المقالات السابقة, " العروبة بين الاحتجاج والثورة ", ولاحقاً مقالات "ما بعد الاحتجاج العربي ", كان التركيز الأكبر على نظام السلطة العليا, وكيفية تغييب الجماهير صاحبة الحق الوطني. وربما نكون قد وصلنا فيه إلى درجة الإشباع والتكرار غير المختلف , ذلك أنه وكلما حاولنا الخروج إلى ميادين التحرير نجد الكتابة تسحبنا دون وعينا إلى داخل هذا النظام. وربما يكون العالم بأثره, ومن خلال الربيع العربي قد وصل إلى قناعة تامة تؤكد أن الحكام العرب يمثلون وبجدارة فترة القرون المظلمة على الأرض وقراصنة النهب في البحار, وأن لا ثقة فيهم ولا في عهودهم ومواثيقهم. ولا أعتقد أن الأمر بهذه القسوة, فهنا لا توجد دولة مؤسسات مسئولة عن العلاقات النزيهة مع الآخر , فكل اتفاق أو مشاورة خاضعة لمزاج الشيوخ وبطانتهم , ومهما كان , فللحقل العربي خصوصيته المتناسلة من تمزق حضاري أدى إلى فراغ ثقافي نتج عنه فكر هجين لا ينتمي إلى الداخل المبعثر ولا إلى ذاك العقلاني المتعالي المتولد من ما تبقى من سلطة ملوكية إقطاعية أرضية, وتحت رعاية كنسية مهيمنةً على مفاهيم السماء . فبالمزج ما بين الخارج - الملوكي الكنسي الاقطاعي - والداخل المبعثر في شكله القبلي الطائفي, لا يكون النظام العربي غريب عن عروبته وإسلامه العروبي. ولأن فيه ما يحتاجه العالم الرأسمالي فيجب أن يستقر على هذا الوضع الجاهلي. بهذه الهُجنة الساذجة لم يجد العالم الأول والثاني غير عنصر المال كبنية مدخل للتفاعل مع هذا الهامش الاستثماري , ولقوة شهوة المال أصبح " الدولار " هو المعبود البديل, وهذا ما تعمل له أسواق الرأسمالية ألحديثة. وبعملها هذا تستبدل جلب الرقيق باستهلاكه داخل مواقعه ويتوازى الاستغلال البشري مع بضاعة مصانعهم التي تعمل بوقود نفس ألمستعمرات. وهكذا وبمثل ما كان " القطن " في السابق صار النفط هو البديل الحاضر. ولأن هذا النهب يحتاج إلى تجار استجلاب في الداخل, أصبح لزاماً على دول الأسواق الكبرى المحافظة على بدوية مناطق المنبع والاستهلاك. وحتى لا يفلت من النظام أي وعي مخالف قام الخبراء المحليين برسم منهاج ومقررات التربية والتعليم. وفي الجامعات تشكلت الإدارة من السلطات العليا والخاضعة مالياً وإدارياً للوكلاء. وفي هذا السياج التعليمي التلقيني لن يتخرج غير الحامل لبذور التبعية للسلطان. ومن رفض التدجين فهو إما في المعتقل أو متشرد في طرقات المدن البدوية. بهذا التفتيت لن تكون هناك فرصة لتأسيس مجتمع مدني متماسك داخل فكرة وطنية موحدة؛ بل قبائل مبعثرة داخل المدن تمارس النهب والسلب والقتل والتعذيب ومن يقوى منها يشكل مستعمرة يسميها تجاوزاً دولة ومن ثم يرفع شعارات الديمقراطية ومن ثم ينفرد الزعيم بشرعية العنف.
د. سمير أمين, وفي مقارنته بين المجتمعات الأوربية والعربية , في كتابه "مستقبل الجنوب في عالم متغيـر" يخلص إلى }أن دراسة ما يطلق عليه المجتمع المدني في البلدان العربية, وكذلك التحركات الاجتماعية, وما يدور من صراعات بينها, تكشف أن لا وجود لمجتمع مدني, وأن التحركات الاجتماعية لا ترقى إلى مستوى التحديات التي تواجهها شعوب المنطقة{ ص79 . في هذه الجملة يسقط المجتمع العربي في مرحلة بداوته القبلية. والسقوط يشير إلى أن هناك مرحلة مدنية قد سبقت هذه الانتكاسة. غير أنه أيضاً يمكن الاستبدال والقول أن المرحلة القائمة هي الأصل في التأسيس , إنها وبأسلوب مدرسة " فرانكفورت " إعادة بناء ولو أن البناء هنا لماضي قد تم تحويره ليناسب غرائز السلطة القبلية المدعومة بالطائفة الدينية. وفي وجود هذين العنصرين تتكاثف وصايا الكبار وبالتالي تتلاشى الحرية الابداعية .... إنه السكون غير المنتج وفي مقابله يكون الاستهلاك غير المرتبط بحقيقة الحياة المعاشة .... إنه استهلاك يهم مصانع ومؤسسات أوروبا الأمريكية أو العكس. ولنجاح التسويق توجب المحافظة على هذا الخمول الثقافي. وخير وأفضل من يقوم بهذه المهمة هم وكلاء الداخل ممثلين في سلطة الحكومات العربية ومن والاهم من مثقفين مدنيين ورجال دين يمارسونه باسلوب محاكم التفتيش المسيحية. ومن ثم أصبحت كل مفاهيم العدالة والمساواة ملحدة ويجب بترها. وبهذا يلتقون مع أسواق الرأسمالية الرافضة لأي وعي لا يدعم الاستهلاك. وفي هذه الدائرة القبلية وللتحكم الصارم فليس المطلوب الحاكم النزيه وإنما } ... جنرال شيمته الاغتيال أو ضابط شرطة متخصص في التعذيب, أو ملك يبني السجون التي يغيِّب فيها المواطنين فلا يروا النور أبدآ أو رئس لسلالة قبلية أو مهووس في حب الله{ 81. هذا بالضبط الشكل المتعالي لسلطة النظام العربي..... ولأن الهيبة الروحية قد تلاشت تحت صراع عسكرة ورأسمالية ألدين , وأن النُخبة المصنوعة من شهادة الجامعات السياسية, هي المروج والمحرض لهذا النظام, فإن هذه السلطة ولمتطلبات أمنها الشخصي لم تجد من يتناسب معها غير سواقط الزمن السالف, وبهذا السقوط الوطني تكتمل صورة أسوأ الأنظمة في العالم المعاصر.

لم تأتي عناصر النظام العربي من الخارج,.. وإنما من الداخل,.. من هنا, من ذات التكوين الذي تدور فيه الجماهير نفسها. والاختلاف فقط في شكل وتطبيق الوصايا سواء القبلية أو الطائفية ؛ إنها دائرة لا أركان لها ولذا لا يمكن لأي فرد الاختباء والاختفاء عن الرقيب الأمني الملازم للمجتمع القبلي في كامل حركاته وسكناته وحتى لحظة الحلم ..... وأخيراً, ولتداخل مؤسسات القبلية الرأسمالية الخارجية ووصاياها المتناقضة مع طبيعة ثقافة ما قبل التدوين الممارسة جماهيرياً , وفي لحظة وطنية خالصة؛ فإن كل ما هو قائم من زمن ما يسمي بالنهضة العربية وما أنتجته من أنظمة دنيوية أو دينية ليس أكثر من وهم وطني لا علاقة له بالوعي الجغرافي المتراكم ولا المكون للتعدد الثقافي العربي سواء القطري في عرقياته المتعددة, أو الكلية الحضارية التي كانت حركة الاسلام الفكرية والعلمية هي المؤسسة لها. فعكساً بل وضداً تماماً لهذا التوسع , نهضة القومية العربية لتعيد سيرة العرب والعجم. ومهما تزرع مفكروها بأن العروبة مفهوم لحضارة إسلامية فإنهم وفي لحظة التطبيق لا يخرجون من عنصرية التوجه المركزي المماثل للنازية والفاشستية واشتراكية الدولة ورأسمالية الغزو القديم. وقد كانت النتيجة تلك الحروب العالمية المدمرة. وعلى ضوء اتفاقيات ما بعد الحرب قام المنتصرون بضغط القوميات مع بعضها البعض حتى يسهل تقسيم الجغرافية المالية. ونتيجة لهذه الخرائط غير العادلة وفي اللحظة الوطنية الخالصة تفجرت الصراعات العرقية. وهذا بالضبط ما يظهر الآن في ليبيا والعراق وموريتانيا. أما السودان وسوريا واليمن ولبنان , فإنهم وبذات الكيفية يتقاسمون إشكالات القومية العربية وأيضاً قوميات الطوائف الدينية. فجنوب السودان وعندما كان الإشكال عروبي محلي بسيط لم يخرج الصراع من ديوان النظام الحاكم ونخبة الجنوب المماثلة للشمال , ولكن وبدخل عنصر القومية الدينية تكثف القتال ومن ثم أصبح الانفصال هو الحل الأمثل , وقد أيده الوصي الخارجي. أما اليمن الحزين , ولمصلحة القبلية السنية تم تعويمه داخل صراعات العنصرين أي القبلية والطائفية. ولهذا الاخفاق الاحتجاجي بدأت تلوح في الأفق مشكلة الجنوب والشمال متداخلة مع تنظيم القاعدة غير المفهوم سياسياً ودينياً .. وأخيراً , تظهر سوريا فتختلط كامل العناصر ويعيد العالم الكبير بناء الحرب الباردة ما بين المعسكرين. وبذات الطريقة تنقسم طوائف وقبائل لبنان ما بين المؤيد لنظام السلطة العائلية الطائفية , والمؤيد للجماهير والتي هي نفسها منقسمة. في هذا التشكيل ولكثافة الوصايا الداخلية والخارجية على أمارات الخليج لم تظهر نزاعات ذات تأثير إلا في محيط مملكة البحرين. فهنا توجد طائفة شيعية تبحث عن وجودها الوطني والمذهبي . ...
هذا هو وبطريقة سريعة تشكيل النظام العربي الذي خرجت الجماهير لإسقاط رموزه. ولأن هذه الجماهير ولطول انتظارها دخل الكهف الافلاطونية , لم ترى في نفسها أنها الشعب بل مجرد رعايا للزعيم الخالد لذلك كان هتافها " الشعب يريد إسقاط النظام ", وفي هذه الجملة يلاحظ المراقب أن الجماهير تنادي باسم الغائب أي " الشعب " وفي اعتقادي أن هذا الغياب يرجع إلى غياب المفكر العربي في دهاليز التراث ولم يهتم بالجماهير كعنصر أصيل في بناء الوطن . لهذا الغربة الفكرية لم تجد الجماهير مفاهيم واقعية نابعة من حركة نقدية علمية للحالة الثقافية الكلية لتكون شعاراً موجهاً لها نحو الثورة الجذرية. ونتيجة لهذا الإخفاق ولقوة ركائز النظام السلطوي العام سقطت كل الشعارات.... بما فيها الغائب الحاضر أي الشعب نفسه وقد أخذ يسحب جسده المتهالك مخلفاً الشهداء والجرحى ومشردين بلا مدن ونازحين بلا وطن ولاجئين بلا هوية...... وهكذا وبمثل ما كان مصير الأجداد في مواجهة الغزو الاستعماري المباشر ووكلائهم من تجار الرق والإقطاع في الداخل , أتي دور الأحفاد لمقاومة أسواق العولمة الأمريكية الأوروبية خارجياً, وسماسرتهم من شيوخ القبائل السياسية والطوائف الدينية داخلياً ,.... , ونتيجة لذلك أعادة دول السوق الرأسمالية نظرتها التجارية وصارت تبحث عن وكلاء جدد يمارسون الوصايا والنهب في بلدانهم. وبالرغم من إرثها الحضاري الإسلامي لم يستطع الفكر العربي العثور على فكرة دولة سليمة من عيوب الماضي وتخلف الحاضر.......
خاتمة :
في معظم المقالات السابقة كنا نحاول وبقدر الامكان الابتعاد عن الاستشهاد النصي ورسم هامش الاقتباس , لقد كان الاعتماد الكلي على المتابعة الإعلامية وما يتفاعل من تداعيات ذهنية ومن ثم الإخراج بشكل أكثر موضوعية , لهذا كثر التكرار والذي كنت أحاول من خلاله, ترحيل مفاهيم القومية والقبلية والطائفية والوصايا من مقال لآخر ؛ ففي اعتقادي أن هذه المسميات هي ركائز الحالة العربية الراهنة , وفي كل هذا كنا نبحث عن مبدأ التناقض الذي أدى إلى الانقلاب الجماهيري. غير أنه ولما صار " ما بعد الاحتجاج " لم نجد ما يدل على الاختلاف المتناقض ما بين الجماهير والنظام العربي الكلي , إنها حالة لم تصل إلى مرحلة الكم القابل للتحول الكيفي. هكذا تباعدت أبجديات الثورة ولم يبقى غير الاحتجاج غير المثمر. ومع صعود الجماعات الاسلامية إلى المنصة ولمعاناتهم السابقة فإن ما هو قادم لن يكون أقل من الانتقام الديني بعد أن استنفد الانتقام الدنيوي أغراضه .... والويل للجماهير ونخبتها إن لم تنتبه لما هو قادم من تحت الأرض العربية والإسلام السياسي المدعوم من مؤسسات الرأسمالية صاحبة ورفيقة الرموز السابقة......



#سيف_الدولة_عطا_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بعد الإحتجاج 3
- ما بعد الإحتجاج العربي 2
- ما بعد الإحتجاج 1
- العروبة بين الإحتجاج والثورة 3
- العروبة بين الإحتجاج والثورة 2
- العروبة بين الإحتجاج والثورة
- قضية التراث 3
- قضية التراث 2
- قضية التراث
- الفسفة والنقد
- الشفاهية والكتابة
- ديالكتيك الطبيعة
- قراءة في - الحق في الفلسفة - جاك ديريدا


المزيد.....




- لقاء مع عدد من الناشطات والناشطين العماليين في العراق بمناسب ...
- صادق خان يفوز بولاية ثالثة لرئاسة بلدية لندن.. ويعزز انتصار ...
- الختان، قضية نسوية!
- جرائم الشرف، كوسيلة للإدامة بالأنظمة الإسلامية القومية في ال ...
- الرئيس السوري يؤكد أهمية المحاسبة داخل حزب البعث العربي الاش ...
- التصور المادي للإبداع في الادب والفن
- حوار مع العاملة زينب كامل
- شاهد كيف رد السيناتور بيرني ساندرز على انتقاد نتنياهو لمظاهر ...
- وثائق: تأييد عبد الناصر لفلسطينيي غزة أزعج بريطانيا أكثر من ...
- شاهد لحظة مقاطعة متظاهرين مؤيدون للفلسطينيين حفل تخرج في جام ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سيف الدولة عطا الشيخ - ما بعد الإحتجاج 4