أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود جلبوط - أنا والسياسة الواقعية أو الواقعية السياسية














المزيد.....

أنا والسياسة الواقعية أو الواقعية السياسية


محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 1588 - 2006 / 6 / 21 - 11:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أأخطأت في انجرافي نحو العمل في حقل السياسة أم السياسة ضلت طريقها فعثرت علي صدفة , سيان , فلم يعد يهم كثيرا كيف عثرنا بها أم تعثرنا , المهم أن للسياسة المتبعة التي وعيتها منذ نعومة أظفاري لا تستهويني , وأن السياسة التي حلمت بها هي سياسة أخرى مختلفة تحكمها قوانين أخرى لا أرى من الواقعية حيزا لتطبيقها , فكانت ككل المفاهيم والشعارات التي حلمنا فيها طوال عمرنا كملاذ لنا للخلاص لنا و للبشرية ( كالحرية والتحرر والتحرير و الاشتراكية , والعدل , والمساواة , والديموقراطية , والاحترام المتبادل , وقبول الآخر , والعقلانية والعلمانية , وأن لا يتم القتل على الهوية , دينية كانت أو لا دينية , أو على أساس المناطق الجغرافية , أو لأي إفرازات لمكونات شرقنا المتوسط ), غير واقعية وغير قابلة للتطبيق .
كل المفاهيم الإنسانية التي حاولنا جعلها واقعية وقابلة للتطبيق مطلع الشباب عاندتها سياسة يسمونها واقعية , لا يتوفر في تركيبتي الشخصية ما يمكن أن توظفه لخدمة قوانينها , فأنا من ناحية لا أتمتع بنزعة قيادية أو تزعمية أو إعلامية , ولا استعدادا للخنوع لأكون مطية .
و أنا ما صرت من أهل السياسة إلا بحكم الضرورة , فمنذ أن فتحت عيني على الدنيا وجدت نفسي بحكم الضرورة الاستعمارية لاجئا بلا وطن بالجريرة , حاولت إزالة الذل عني في ضم مساهمتي الفردية للذين ساهموا من اللاجئين من أبناء جلدتي لاستعادة الوطن والكرامة المهدورة .
ولأني ولدت لعائلة فقيرة لاجئة لأنها فقدت الوطن , بت فقيرا أيضا بالجريرة , وترعرعت فقيرا لا أملك سوى قوة عملي المنهوبة , حلمت بالاشتراكية خلاصا لألمي من خلال الخلاص الجماعي .
ولأن روحي متمردة لا ترضى الذل والخنوع وتصبو للحرية وللفضاء الواسع الغير مقيد بتابو اجتماعي كان أم سياسي ثرت على القهر والاستبداد , و بذا لم يكن في تركيبة شخصيتي المتواضعة سوى ما يؤهلني لأن أكون فدائيا , أو متظاهرا محتجا , أو متمردا على كل ما يدعو لإلغاء العقل والخضوع , أو سجين رأي , أو منفيا .
فصرت سياسيا غصبا عني , فكانت هذه السياسة الواقعية جدا نقمة علي و طامة كبرى , فنفّرت مني عائلتي وأبنائي والمحيط الاجتماعي الخائف , و مذ أن عثرتني هذه السياسة أخمدت فيّ كل الجوانب الأخرى في شخصيتي , ميولي ونزعاتي وهواياتي , فأنا أذكر أني كنت أحب لعب كرة القدم , وكنت أحب الشعر والموسيقى وقراءة القصص والروايات و كنت أرغب أن أكون عازف عود , وكنت أحب أن أكون من هواة رياضة الطيران وممارسيها والتجول في هدوء الطبيعة , لكن نشاطي المبكر في السياسة استولى على كل وقتي , فانخرطت بالسياسة بحكم الضرورة , فأسرتني و خربت فيّ كل رغباتي وهواياتي وطموحاتي و حياتي العائلية , فكان دوري المميز فيها لاجئا , فدائيا , ملاحقا , معتقلا , منفيا .
و فشلت على مدار 35 سنة من عمري التي قضيتها في سراديب هذه السياسة أن أساهم في تغيير أو تعديل قوانينها التي حكمتها مئات السنين , ومازالت , إلى قوانين أكثر أخلاقية وإنسانية حلمت دائما فيها ورغبت أن تحكمها لتكون أكثر إنصافا وأقل كذبا , دون جدوى , وفشلت هذه السياسة الواقعية السائدة بأن تجعل مني سياسيا واقعيا ناجحا مؤيدا لها ولواقعيتها ,
لأن شروط النجاح في ظل هذه السياسة الواقعية أو الواقعية السياسية هي في أن تكون وصوليا لكي تتمكن لأن تكون شخصية سياسية معروفة , أو من الوصول لمنصب أو موقع قيادي تراه مناسبا لمؤهلاتك , أو لكي تدافع عن نفسك أمام كل الذين تختلف معهم أو يختلفون معك .
أن تكون متزلفا لكل قادتك ولكل محيطك السياسي كان أم الاجتماعي أم الإعلامي و لتكفل قبول الرضا من القادة لتبوء منصبا أو مقاما أو لضمان شعبيتك عند الناس لتزكيتك له أو لقبول وجهة نظرك إن اختلفت مع أحدهم مع ما يتطلب من انتهازية تحقق لك انتهاز الفرصة بالوقت المناسب .
وأن تتلون لكل فصل لون , ولكل مناسبة لافتة , فأنت تحتاج لكل الإشارات السياسية المرورية يمينا , وسط , يسار , وسط اليسار , يسار الوسط ....إلخ
وعليك ألاّ تنتقد أحد لكي لا يزعل منك أحد , وأن تتقن ذرف الدموع أمامهم لاستدرار العطف لتصور أنك مظلوم في أي خصومة تنشأ بينك وبين أحد .
أن تكون متعصبا تعبيرا عن إخلاصك لمبادئك , وليبراليا جدا عندما يتطلب الأمر ذلك , واشتراكيا على رأسماليا على عامل على مثقف على بورجوازي على أحمر وعلى أخضر وعلى...وعلى..إلخ. وإلا فأنت لا طعم لك ولا لون , ولا يرى فيك الرفاق أو الإخوان أو الأصدقاء أو المنظمات الإنسانية ما يشجع للتعامل معك أو الحرص على عضويتك أو التنسيق معك .
وإذا قررت فكاكا من هذه السياسة الواقعية جدا لأنها لم تجد فيك من مؤهلات الشخصية ما ينسجم مع هذه السياسة , ستكتشف أن أغلب سنوات العمر قد علقت كالأشنيات في مستنقعها فيعز عليك مغادرتها لألا تصبح عاريا من عمرك الذي مضى , ويعز عليها تركك لأنك وأمثالك ضرورة لواقعيتها السياسية أو لهذا الواقع السياسي بسبب ما تتمتع من الصفات الآنفة الذكر سابقا , فتعيش أسير العمر الذي انقضى في خياشيمها , وتبقى هي تتطلع إلى تطويعك وتأهيلك للدخول إلى محرابها لتنسى حلمك في المساهمة في بناء وممارسة سياسة أخرى تحكمها قوانين أخرى أكثر أخلاقية للاستعاضة عنها , فتضطر لأن تستسلم لقوانين الاضطرارية وتسلم أمورك للأحداث الأقوى منك ومن حلمك في تغيير قوانينها الواقعية , فتدعها تسير كما سارت دائما لتدعك لصمتك .




#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ذاكرة معتقل سابق ...الذاكرة الأخيرة
- هل الأول من أيار عيد للعمل أم عيد للعمال ؟
- ويرحل الحمام
- قصة قصيرة ...موعد في 8 آذار
- -إن درجة تحرر المرأة هي مقياس التحرر بشكل عام-
- محاولة في الغوص في العلاقة بينها وبينه , الرجل والمرأة
- قصة قصيرة......زمن الذاكرة
- حانت ساعة العمل لمنظري الصهيونية لتحقيق رؤاهم
- إنعتاق
- قصة قصيرة جدا - وتكتمل ألوان قوس قزح
- لماذا يحمل الواحد منا في بنيتنا في داخله ضده
- غدر
- نحن صنعنا من الجلاد إله
- ابن العم رياض الترك..الختيار الشاب
- مشاركة بمناسبة السنة الرابعة لانطلاق موقع الحوار المتمدن
- حالة طواريء.......قصة قصيرة
- دعوة تحذير متواضعة لدعاة التغيير الديموقراطي في الوطن العربي
- انتظار - قصة قصيرة جدا
- وتشرق الشمس من جديد
- صمت الحوارية...وحديث العيون


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود جلبوط - أنا والسياسة الواقعية أو الواقعية السياسية