أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف أيوب - قراءة في الرسائل السياسية التي بثها مسلسل -الاختيار- للمصريين















المزيد.....


قراءة في الرسائل السياسية التي بثها مسلسل -الاختيار- للمصريين


أشرف أيوب
(Ashraf Ayuop)


الحوار المتمدن-العدد: 6583 - 2020 / 6 / 4 - 17:15
المحور: الادب والفن
    


خطورة الدراما أو السينما عند تناول التاريخ أو السيرة الذاتية للشخصيات التاريخية أو السياسية أو العسكرية أو الدينية أو الفنية والثقافية، تكون منحازة منذ لحظة اختيار الفترة التاريخية أو الشخصية، وأن هناك رسائل سياسية أو أفكار يراد تسيِّدها، وتكريم للشخص ذاته أي انحياز لشخصية البطل، وإبراز كل ما هو إيجابي في الشخصية وتجنب سلبياتها أو تبرير بعضها عبر وضعها في سياق درامي يجعلها لا تخصم من رصيد الشخصية.

كثيراً ما تكون الحقيقة صعبة القبول.. بعدما استقرت صورة ذهنية لدي العامة نحتتها السينما والدراما في عقولهم عن الأشخاص، فلم يتصور أحد ولن يصدق أن صلاح الدين الأيوبي غير الفنان أحمد مظهر محرر للقدس من الصلبيين في فيلم الناصر صلاح الدين الذي أخرجه يوسف شاهين، ولا يعلم أنه كان أعرج، وأحول طبقا للمنمنمة شديدة الدقة التي رسمها العالم والمهندس إسماعيل الجزري (مرفق الصورة).. وأنه من أعاد اليهود للقدس بعد أن طردهم منها الصلبيين، ومارس عنف بالغ لقمع الثورات ضده بسبب قيامه بإزالة أصول المذهب الشيعي الإسماعيلي الذي أسسته الدولة الفاطمية وفرض المذهب الأشعري وعزل قضاة الشيعة واستبدلهم بقضاة شافعيين. (https://akhbarelyom.com/news/newdetails/2990148/1/%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA--%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%83%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D9%8A-%D9%84%D9%80-%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-(2)..-%D8%A3%D8%B9%D8%B1%D8%AC--%D9%88%D8%B4%D9%83%D9%88%D9%83-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%B9%D9%8A%D9%86%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86%D9%89)

وأيضاً ما قدمت به شخصية "أدهم الشرقاوي" بعد ملحمة أدهم الشرقاوي التي قدمتها الإذاعة صيف عام 1962من أداء المطرب الكبير الراحل محمد رشدي:
"منين أجيب ناس لمعنات الكلام يتلوه
شبه المؤيد إذا حفظ العلوم وتلوه
الحادثة اللي جرت على سبع شرقاوي
الاسم أدهم لكن النقب شرقاوي
مواله أهل البلد جيل بعد جيل غنوه"

وبعد ما نسجه الخيال الشعبي لشخصية "أدهم الشرقاوي" كبطل قاوم السلطة الظالمة وضحك عليها في كل جولاته معها، لدرجة أنه قاوم المحتل الانجليزي.. وساعد عمر المختار ضد الايطاليين، فقدمته السينما في فيلم بطولة عبد الله غيث مع أغنيات عبد الحليم.. وقدمته الدراما بمسلسل لعزت العلايلي، لم يصدق الناس الحقيقية التي تقول بها السلطة أنه شقي ولص وقاتل، وأن من قتله أحد أفراد الشرطة الشاويش محمد خليل، وليس صديقه بدران الذي جندته السلطة، ليصبح البطل الشعبي الأسطوري أدهم الشرقاوي الشهير روبن هود العرب.

نأتي لمسلسل "الاختيار" الذي عرضت حلقاته خلال شهر رمضان 1441هـ والذي تناول السيرة الذاتية للعقيد شهيد أحمد صابر منسي (4 أكتوبر 1978ـ7 يوليو 2017)، قائد الكتيبة 103 صاعقة، بشمال سيناء، والتي جسدها أمير كرارة، خلال الفترة ما بين سقوط حكم الإخوان في ٣٠ يونيو ٢٠١٣ لغاية الهجوم الإرهابي على كمين مربع البرث في 7 يوليو 2017 تاريخ استشهاد العقيد منسي ورفقاءه.
والذي قال عنه المتحدث العسكري العقيد أ. ح / تامر الرفاعي، خلال مداخلة هاتفية مع خالد أبو بكر، ببرنامج "كل يوم" المذاع على شاشة "إكسترا نيوز": "إن الأعمال الدرامية من أسرع الوسائل التي تصل للمواطنين".. مما يعني أن المسلسل المقصود به توصيل رسائل سياسية للمواطنين ورد على تساؤلاتهم عن حقيقة ما حدث خلال تلك الفترة والتي أجبت عليها في شهادتي عنها والتي نشرتها على موقعي الفرعي في موقع الحوار المتمدن وتحت عنوان "حقيقية ما يحدث في سيناء" في مجلة الوعي العربي (هذا هو اللنك لمن يريد أن يعرف الحقيقة http://elw3yalarabi.org/elw3y/2017/05/22/%d8%ad%d9%82%d9%8a%d9%82%d8%a9-%d9%85%d8%a7-%d9%8a%d8%ac%d8%b1%d9%8a-%d9%81%d9%8a-%d8%b3%d9%8a%d9%86%d8%a7%d8%a1-%d8%a8%d9%82%d9%84%d9%85-%d8%a3%d8%b4%d8%b1%d9%81-%d8%a3%d9%8a%d9%88%d8%a8/)
في البداية المجد للشهداء الذين راقت دمائهم الذكية في أرض ارتوت بالكثير من الدماء على مدار التاريخ، المجد للمنسي ورفقائه وأبناء الفقراء من الجنود، وكل منسي من أبناء سيناء قضى نحبه من الرصاص الطائش أو التعذيب داخل المقرات الأمنية أو جزت رقابهم من الدواعش أو مَن قاموا باختطافهم، ومَن هُجر وبُوِّرت أرضه وأُقتلع زرعه وهُدم بيته.

يجب أن نعلم أن مهمة الكتيبة 103 صاعقة هي تأمين عملية تهجير رفح وقراها من السكان وهي التي تقع في الأراضي المتاخمة للحدود حسب القرار الجمهوري بقانون 444 لسنة 2012.. وأن قرية البرث إحدى تلك القري التي تم تهجيرها بالكامل بلا رجعة.

وهذا السبب لاختيار شخصية أحمد منسي دون غيره لتوصيل تلك الرسائل رغم أن هناك عشرات الضباط من كل الرتب من ملازم إلى لواء من الجيش والشرطة استشهدوا في عمليات مواجهه أو استهداف طريقهم بالتلغيم بعبوات ناسفة.. ويرجع أيضا للمقارنة التي أجراها السيسي بين منسي وعشماوي كلٍ وفريقه كضابط جيش وهذا ما جعلنا نقول بأن "دود المش منه فيه" أي معركة الإرهاب يقودها ضابطا جيش يتنافسا على مَن يمتلك ناصية الدين الصحيح وهو ما سنسرده.

غيب المسلسل التوصيف السياسي لمن أطلقوا على أنفسهم ولاية سيناء بعد أن بايعوا أبو بكر البغدادي وانضمامهم لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وهي الجماعات الصهيو-وهابية الداعشية لارتباط هذا التنظيم بالسي أي أيه والموساد.. وقدم تنظير على لسان أحمد منسي بالإجابة على سؤال لماذا نقول عليهم التكفيريين وليس الإرهابيين، هل الرسالة المقصودة هو التراجع عن الشعار التي تخوض قواتنا عمليتها تحته "الحرب على الإرهاب" واستبداله بـ "مواجهة وتصفية التكفيريين".. أم للتدليل على أن ما يدور في #سيناء حرب داخلية كما تروج الدوائر الغربية والأمريكية وكيان الصهاينة، وليس لها علاقة بما يدور في المنطقة أو الترتيبات لإعادة رسم خريطة جيوسياسية جديدة لها.

توصيف "التكفيريين" أصبح هو المعتمد لدى مكتب شئون القبائل في المخابرات الحربية.. ويرجع صك هذا التوصيف على المتسلفة الوهابيين منذ بداية الألفية إلى الصوفيين (اتباع الشيخ عيد أبو جرير (الجريرات) ولهم العديد من الأضرحة – اتباع زاوية الشيخ زويد – اتباع الشيخ نصار – اتباع الشيخ رضوان التيجاني - وغيرهم)، حيث كانت أول معارك المتسلفة الوهابيين كانت مع الصوفيين ـ وليس مع النظام الذي كان متفرج على هذه المعركة أو كأنها تلقى قبول و هوى منه ـ باستهداف مقامات وأضرحة رموزهم ومشايخهم، لأنها بدع، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة كفر، فقد نجحوا في البداية بنقل رفات ضريح الشيخ رضوان من المسجد التيجاني القديم، ثانيها تسوية ضريح الشيخ نصار داخل مقابر العريش بالأرض واخفاء معالمة، لكنهم فشلوا في المواجهة مع اتباع الشيخين عيد أبو جرير والشيخ زويد لأن غالبيتهم من منتسبي أحد أكبر قبائل سيناء (قبيلة السواركة) ورموز عديدة منهم من منتسبي مكتب شئون القبائل بالمخابرات الحربية ومنظمة سيناء العربية التي كانت تواجه كيان عصابات الصهاينة (إسرائيل).. حتى أطلقوا عليهم اتباع الضلال، حتى وصلت إلى أن الأبن يكفر أبيه ويحرم تناول ذبحه ويعتزل أهله..

وبدء هذا التوصيف يشيع عقب تفجيرات فندق طابا وما تلاها من تفجيرات التي قامت بها جماعة التوحيد والجهاد ـ الاسم الذي كان يستخدمه جناح تنظيم القاعدة في العراق ـ التي أطلق عليها الصوفيين جماعة التكفيريين، في حين أن تلك الجماعات تنسب لنفسها أنها أممية وتتبع أيديولوجيا تنظيم القاعدة، وتنشد دولة الخلافة لتنشر دعوتها للعالمين وتطهير سيناء من اليهود.. وبعد اعتقالات طابا انقسمت لجماعتين احتفظ أفرادها في العريش باسم التوحيد والجهاد، أما أفرادها في الشيخ زويد ورفح الأكثر تشداً سموا جماعتهم أنصار بيت المقدس وبسبب تشددهم صنفت أمنياً وصوفياً جماعة التكفير والهجرة.

وبعد ثورة يناير واستغلالاً للفراغ الأمني كان أول أعمال جماعة أنصار بيت المقدس الثورية أو الجهادية (الإرهابية) التخلص من البدع ومظاهر الكفر بتفجير ضريح الشيخ زويد في 15 مايو 2011، وعقب 30 يونيو قاموا بتفجير ضريحي الشيخ "سليم جرير" في منطقة مزار غرب العريش، وضريح الشيخ حميد في منطقة المغارة بوسط سيناء في أغسطس 2013.. وهي الظاهرة التي شهدتها أغلب محافظات الجمهورية.

وفي 14 أكتوبر 2016 اختطف الدواعش الشيخ الصوفي سليمان أبو حراز (في نهاية العقد التاسع من عمره) من أمام منزله بقرية المزرعة جنوب مدينة العريش على مرأى من أبنائه وتحت تهديد السلاح، وهو شيخ مسن وضرير ومن كبار مشايخ الصوفية في سيناء، وبعد شهر من اختطافه في 18 نوفمبر عام 2016 نشر الدواعش صور وفيديو لإعدام الشيخ بجز رأسه وفصلها عن جسده، بدعوى ممارسته السحر والدجل، وإعدام شخص أخر يدعى قطيفان المنصوري.

وفي يوم الجمعة 24 نوفمبر 2017 قاموا بمقتلة قرية الروضة التابعة لبئر العبد وأغلب سكانها من آل جرير سواركة المتصوفين من اتباع الشيخ عيد أبو جرير بعدما اقتحموا مسجدها، ليطلقوا النار على كل من صادفهم من رجال خارج وداخل المسجد والتي راح ضحيتها 313 مواطن بينهم 26 طفل، وهو ما يشكل نسبة 25% من الذكور بالقرية، ثم قاموا بحرق سيارات السكان المحليين المحيطة بالمسجد لمنع اسعاف أي من الناجين..

وبعد هذه المقتلة التحق عدد من الصوفيين بالعمل مع منسي وهو ما نوه عنه عبد القادر مبارك من خلال قراءته لمسلسل "الاختيار" المنشور بتاريخ /05/262020 في صحيفة المشهد: "ولا يعرف قيمة وقدر بطولات الشهيد المنسي سوى شرفاء أبناء سيناء الذين رافقوه وحاربوا معه والذين كان يعشقهم ويعتمد عليهم في كل بطولاته،......، إن الشهيد البطل صبري أبو جرير كان يرافق الشهيد منسي في كل مداهماته وكان يحظى باحترام وثقة المنسي حيث أنه من اعز الناس لديه، وكان دليله الخاص ويركب معه الآلية العسكرية في كل طلعاته في الفترة التي سبقت استشهاده. "

من هنا نرى أن الصوفية كانت ذات تأثير على العمل الذي أشرفت عليه الشئون المعنوية وعلى المؤلف وكاتب السيناريو باهر دويدار.. فتم تجسيد شخصية الشيخ سليمان أبو حراز في المسلسل، ولكن لم ينس المؤلف أن يقدم لنا تنظيره أخرى دفاعاً عن بن تيمية الذي كان محل شكوى من المتصوفة في عصره لأنه تكلم في القائلين بوحدة الوجود وهم بن عربي وبن سبعين والقونوي والحلاج، جاءت التنظيرة على لسان أحمد منسي في مواجهة هشام عشماوي الذي يتبنى أفكار بن تنمية بحذافيرها، حيث قال موجهاً كلامه للجنود: "إن فتاوى بن تنمية المتشددة "المتطرفة" التي تدعو للعنف بنت ظرفها التاريخي حيث كانت وقت غزوات المغول وهجوم التتار على الشام ومصر، فهو فقيه من علماء أهل السنة والجماعة".. وهي مغازلة للسلفيين المتعاونين مع الجيش والذي استهدفهم الدواعش ومنهم سامي كامل الكاشف.. ولم ينس أن يتناول دور "فرقة الموت" التي جسدها في دور سالم.

سالم أبو لافي (سالم أبو العرانيس)، روبن هود سيناء، كما يراه أتباعه، أو أدهم الشرقاوي السيناوي كما حاولت أن تقدمه لنا الدراما من خلال مسلسل "الاختيار".. هو أحد المهربين، والمطلوب الأول للداخلية، والهارب من سيارة ترحيلات السجون، والمتهم بقتل ضابط وعسكري أثناء هروبه عام 2010. وكان محكوم عليه بمؤبد غيابي أسقط عنه بعفو رئاسي.. في هذه الحرب كان لابد من تخليق رمز فكان أبو لافي الذي أصبح شهيد وله كتائب على غرار كتائب المقاومة الفلسطينية.. وهو ما أكد عليه فريق عمل "الاختيار".

كان أحد تدابير النظام نحو تفريغ المنطقة (ج) من السكان هو تبوير الأرض المزروعة، فقام باقتلاع كل ما زرعه المزارع السيناوي عبر مئات السنين وزادوا عليها بعد عام 1982 من اشجار زيتون وموالح ولوز وخوخ، ومنع إعادة زراعتها من جديد.. وفي المنطقة المتاخمة للحدود التي تشمل مركز #رفح مدينته وقراها بجانب الزراعات تم تقويض كل المنشئات، وبالتالي أصبحت تلك المنطقة مكشوفة تماماً، ومنها قرية البرث التي شهد سوق الدخان (السجاير الرويال) بها اغتيال سالم أبو لافي و12 شخص أخر من أتباعه، كما كمين "مربع البرث" الذي شهد استشهاد منسي ورفاقه، وكانت مسئولية الكتيبة (103) صاعقة بقيادة العقيد أحمد منسي هو تأمين تنفيذ تلك الأعمال، بجانب العمليات القتالية ضد الجماعة الصهيو-وهابية الداعشية.

وظهر على السطح التسمية التي استنسخها سكان المنطقة (ج) ـ من رفح حتى شرق العريش مروراً بالشيخ زويد حسب الملاحق الأمنية لكامب ديفيد ـ للكتيبة ١٠٣، ما عرف بـ "فرقة الموت" الاسم المحبب لأعضائها، حيث خلقت حالة رعب لكل سكان المنطقة، عن طريق متعاونين أطلق عليهم العرايشية اسم "البشمرجة"، محاكاة لقوات البشمرجة الكردية العراقية شبه الرسمية، ومعظم هؤلاء ممن لديهم سجل جنائي أو أحكام غيابية صدرت بحقهم في قضايا سابقة وتم إسقاطها مقابل التعاون مع الجيش.. لأن هناك مناطق لا تستطيع قوات إنفاذ القانون دخولها بدون متعاونين من أهل المنطقة، يعرفوا بدقة التوزيع الجغرافي والديمغرافي، ولا يظهروا إلا ملثمين، وعن طبيعة نشاطهم يقول أحدهم: إنهم قاموا بتنفيذ عمليات نوعية داخل الشيخ زويد، أغلبها تمثل في القبض على أفراد مطلوبين للجيش من منازلهم واغتيالات.. وأيضاَ ظهورهم كعناصر ثابتة على أكمنة الجيش للتعرف على الأشخاص المطلوبين، وكمحققين مع المحتجزين لتسهيل انتزاع المعلومات منهم داخل معسكرات الجيش. في أحيان أخرى كان هؤلاء المدنيون يرافقون حملات الجيش أثناء مداهمتها لقرى جنوب الشيخ زويد وجنوب مدينة رفح وغربها وشرق الماسورة.

فلم تلق البشمرجة رضا شعبي ـ كما حاول أن يروج لها المسلسل وتسويفها كأحد رسائل التبرير للاعتماد عليهم ـ فهي لا تخضع لقيادات ورؤوس القبائل والعائلات، لأنها ستخلق فتنة قبلية قد تصعب السيطرة عليها مستقبلاً.. وهذا ما دفع العديد من منتسبيها للانسحاب والاختفاء التدريجي وأيضاً عقدهم اتفاق مع الدواعش حول مناطق النفوذ جاءت تفاصيله من خلال مداخلة هاتفية مع وائل الإبراشي، حيث دخل إبراهيم العرجاني متحدثاً باسم قبيلة الترابين ـ وهو أحد المقربين من السيسي والنافذين المدنيين في بزنس الجيش في سيناء، والذي ظهر مع السيسي أثناء إعداد برنامجه الانتخابي حول استغلال ثروات سيناء وجبل الحلال وهو ما أشار له مسعد أبو فجر ـ عندما طل علينا المقاول الفاسد محمد علي بدعوته لثورة على السيسي ـ كأحد شهود عيان بلقاء بين السيسي وتاجر هيروين ومهربين (سالم أبو لافي ورجاله) وعلاقتهم الوثيقة بمحمود السيسي ـ قال: "من يهزر في أمن الدولة هيموت، لأنه خائن، وأكبر دليل على ذلك أنه لا يوجد تكفيري واحد يستطيع المرور من منطقة الشيخ زويد"... وقصده المدينة فقط ولكن جنوبها والفضاء المحيط حولها للدواعش حتى الحدود حينذاك.

جسد لنا المسلسل 3 شخصيات سيناوية محورية في الأحداث أحدهم صوفي ضحية (الشيخ سليمان أبو حراز) كرمز للاعتداء على الصوفيين وأضرحتهم وأبشع حادث لهم مقتلة قرية الروضة، والثاني شهيد تعاون مع منسي ورفيق طريق مواجهة الدواعش (سالم أبو لافي (سالم أبو العرانيس))، والثالث عميل له علاقات بكيان عصابات الصهاينة "إسرائيل" (مسعد أبو فجر).

وعندما اختار النظام الحل الأمني كحل وحيد للتعامل مع سيناء وأهلها ومواجهته للجماعة الصهيو-وهابية الداعشية، بحصار السكان وجعل سيناء معسكر كبير قام بتفتيش فرش متاع للمصريين سكانها شمل الهوية والعقيدة والأصل وأسباب بقائهم أحياء.. لم يُظهر في المسلسل إلا ما تعاون معه في خطته وحربه على الإرهاب للسيطرة على سيناء الصوفي والخارج على القانون والمتعاطف مع الصهاينة كما لمح المسلسل.

فالرسائل التي وراء تجسيد الشخصيات الثلاث ليس تبييض وجه السيناوية وانصافهم كما يرى المحتفيين بالمسلسل، فالرسالة الأولي اتهام بأننا نتعاون مع الصهاينة فالممثل الوحيد لسيناء في لجنة إعداد دستور 2014 هو ممثل الموساد، وللتغطية على مشاركة كيان عصابات الصهاينة وزناناتها (طيارة بدون طيار) في عمليات داخل سيناء دعماً لقوات الجيش داخل سيناء..

الرسالة الثانية أننا لم نجد أحد نعتمد عليه إلا الخارجين على القانون ـ طالما الحل أمني بالطبع نعم من خلال صفقات معهم ـ من تجار هيروين ومخدرات والتهريب عبر الأنفاق وتجار البشر، وهم مَن ينوبوا عن السيناوية خوض معاركنا الوطنية، لأن كل المصريين سكان سيناء حاضنة شعبية للدواعش، كما كان يروج الإعلام عبر برامج التوك شو ومواقع التواصل الاجتماعي برعاية رسمية عند كل حادث.

الرسالة الثالثة أن السيناوية راضون عن كل ما يجري في سيناء ويضحون بالغالي والنفيس، من أجل دولتهم، وموافقون على تهجيرهم من مدنهم وقراهم بلا رجعة، وهدم بيوتهم وتبوير أرضهم واقتلاع كل أخضر ومثمر زرعوه أجدادهم، وتجويعهم توقيفهم مع تعذيبهم داخل المقرات الأمنية نساء وأطفال وشيوخ بسبب المعاملة الإنسانية التي لازمت تلك العمليات من ضباط وأفراد الجيش.

أما كل الانتهاكات وجرائم الحرب كانت منسوبة للبشمرجة التي لها دور مواز لدور قوات إنفاذ القانون في دفع الناس للتهجير، عن طريق ممارسة بعض عناصرها البلطجة على الأهالي وتصفية حسابات شخصية وقبلية تحت غطاء حماية الجيش.. واحتكار كافة طرق التهريب وتسهيل تهريب السجائر ماركة "رويال" لأنهم يمتلكون السلطة والنفوذ وتصاريح طوارئ للمرور على الأكمنة، وأن من يعارضهم أصبح عرضة للاعتقال، وأن أحداً لم يعد يستطيع مواجهتهم خشية التعرض للتنكيل والتعذيب والقتل داخل المقرات الأمنية.. والجماعات الداعشية بدورها كانت تروع الناس بتصفية كل متعاون مع قوات إنفاذ القانون في الشوارع والميادين وعلى مقربة من ارتكازات وكمائن الجيش، وتوزيع بيانات بالالتزام بما يروه هم صحيح الدين.. وإلا العقاب... في المحصلة، وبعيداً عن خطاب الانطلاق، جميع مَن يحمل السلاح يصب في النهاية لتفريغ المنطقة خدمة للمشروع الصهيو-أمريكي.

بعد أن انتهت عملية تفريغ مدينة رفح وقراها التي تقع في زمام المنطقة المتاخمة للحدود بالكامل، كان لابد من التخلص من كل العناصر والترتيبات التي أدت إلي تفريغ المنطقة المتاخمة للحدود، ولخلق واقع جديد وعناصر جديدة، حيث تم تأمين الحدود الجنوبية لكيان عصابات الصهاينة (إسرائيل)، حدودنا مع فلسطين المحتلة عام 1948، حيث تم خلق توازن بين الجماعة الصهيو-وهابية وجماعات التهريب (البشمرجة) من خلال أنفاق تم تركها بعلم وبالتنسيق مع الصهاينة، حيث كان هناك اتفاق ضمني بعدم المواجهة، حتى صدرت تعليمات للدواعش بإشعال الموقف.

ففي 2 إبريل، 2017 المتحدث العسكري يعلن السيطرة على جبل الحلال، و في 16 إبريل، 2017 نهاية التفاهمات بين مهربي السجاير الرويال (ترابين) والدواعش واشتعال حرب بينهم، في 20 إبريل 2017 فيديو تسريب سيناء على قناة مكملين عن القتل خارج إطار القانون، و في 22 إبريل، 2017 أهل السنة والجماعة بسيناء تصدر بياناً للمصالحة بين مهربي السجاير الرويال (ترابين) والدواعش، وفي 25 إبريل 2017 كان رفض الوساطة بخطف قابله حرق، و في 3 مايو 2017 الصهيوني يوني بن مناحم يكتب: "داعش يتورط في سيناء"، وفي 4 مايو 2017 ترباني غزاوي من دواعشها يدعى "أبو هاشم الترباني" يبث كلمة صوتيه داعمة لأقرانه في جنوب رفح، و في 7 مايو 2017 زنانات العدو الصهيوني تقصف مناطق جنوب رفح ووسط سيناء، وفي 10 مايو 2017 كان يوم حاسم حيث تواترت أنباء عن نتائج المعارك، و في 15 مايو 2017 أصدر مَن أطلوا على أنفسهم أحرار قبيلة السواركة بياناً مطول ومشروط للمشاركة في حرب القبائل المقدسة.

وكانت نتائج 10 مايو 2017 مقتل الفلسطيني تامر الشاعر "الدبور" أحد أبرز تجار الانفاق والتهريب "28 سنة"، وربن هود سيناء سالم لافي (أبو العرانيس) و11 فرد أخرين من قبيلة "الترابين" كانوا مجتمعين داخل سوق البرث للدخان (السجاير الرويال)، في منطقة البواطي جنوب قرية البرث جنوب مدينة #رفح، حيث اقتحمت سيارتين عسكريتين دفع رباعي (حسب تسريبات صحفية أن الدواعش استولوا عليها من الجيش في وقت سابق) يستقلها مسلحين من ولاية سيناء، وعندما اقتربوا منهم وعند المسافة صفر فتحوا عليهم النار، ولم يتعاملوا معها ظناً منهم أن السيارتين العسكريتين تابعه للجيش فلم يتعاملوا معها.

وبعد أن أنجز الدواعش مهمتهم، دفع الجيش المصري في اعقاب الهجوم بأكثر من 17 عربة همر ومروحيات لمكان الاعتداء لمساندة عشيرة الترابين، التي كانت تتعرض على مدار ثلاث أسابيع لتصعيد مسلح بينها وبين مسلحي تنظيم داعش، كانت ذروته يوم 10 مايو 2017.


مع انتهاء الحلقة الأخيرة من مسلسل "الاختيار" كانت الحلقة 31 الإعلان عن حملة مكبرة لاجتثاث التكفيريين من سيناء بالتعاون مع القبائل



#أشرف_أيوب (هاشتاغ)       Ashraf_Ayuop#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيناء بين التنمية الرأسمالية والتنمية على أساس وطني
- رفض السيسي فكرة بأن ما قام به في رفح تهجير لوي لعنق الحقيقة
- الاعتداد بملكية أبناء سيناء، ووضع النقاط فوق الحروف
- الدولة التي قلصت حدودنا الشرقية
- رشاقة التفاصيل
- التعليم المصري بين التاريخ وصناعة المستقبل من 1952 حتى 2018
- مرام
- ضابط جدع تايه
- وانكشف المستور، صفقة القرن تحت إشراف الأمم المتحدة
- الحلف الصهيو_أمريكي يستعجل الوقت نحو تمهيد الأرض لإبرام التو ...
- شهادتي للتاريخ (3-3) حربهم على الإرهاب (اكتوبر 2014/ يوليو20 ...
- شهادتي للتاريخ (2-3) حربهم على الإرهاب (اكتوبر 2014/ يوليو20 ...
- شهادتي للتاريخ (1-2) حربهم على الإرهاب (اكتوبر 2014/ يوليو20 ...
- سيناء قضية وطنية وتيران وصنافير مصريتان
- سيناء مازالت تعاني من سياسات مبارك بالإدماج وسياسات السيسي ب ...
- لما تخبطها يعلى صوتها.. تعرفون الاجابة طبعاً
- العلاقات السعودية الأمريكية على صفيح ملتهب
- القرض يفرض على نظام مبارك/السيسي خيار وحيد
- أضلاع مثلث الثورة المضادة بقيادة السيسي ضمان أمن إسرائيل ثم ...
- ديالوج


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف أيوب - قراءة في الرسائل السياسية التي بثها مسلسل -الاختيار- للمصريين