أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد جمعة - -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (14)















المزيد.....

-خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (14)


احمد جمعة
روائي

(A.juma)


الحوار المتمدن-العدد: 6568 - 2020 / 5 / 19 - 18:11
المحور: الادب والفن
    


خرج لاهثاً مسعوراً، كاد يصطدم بكل ما يصادفه، وقف وسط الشارع، تلفت حوله، فحص الوقت في معصمه كانت الساعة تشير للثانية وسبعة وعشرين دقيقة بعد الظهر، حسم وجهته، ركب التاكسي وتوجه للعيادة للقاء الدكتور سهيل الكردي، ربما هي الآن هناك مستلقية في الغرفة الزجاجية على السرير الطويل الضيق عاريةً تمهيداً لِتَوَلى رعاية شخص ما سَقيم كحاله، جلس خلف السائق وراح يمسح بنظراته الطريق واضعاً يده اليمنى أعلى مقبض نافذة السيارة، فيما يده الأخرى أمسكت بجهاز الهاتف، لم يلحظ مشاة طول المسافة التي قطعها على الشارع الرئيسي المؤدي لمبنى العيادة، قرر ألا يتسرع في الاندفاع نحوها بعاطفته التي بدأت بعد لحظة الاختفاء تفتر، لا يشعر بخوف أو فزع عليها فلا يمكن أن تكون اختُطِفَت أو تعرضت لشر وهي تسير كتفها بكتفه وإلا تعرض هو ذاته معها للشر، رَجَح السبب في رأسه لسلوك غريب، لم ير منها ما يدل على أنها غريبة الأطوار، بل هو الذي كان يخشى أن تظن هي فيه بأنه غريب الأطوار، ألقى برأسه إلى الوراء، ونظر لسقف السيارة الذي بدا له ملطخاً بسائل زيتي اللون"لعل زبوناً فتح زجاجة شبانيا" لخص الحادثة في خياله ثم عاد يتطلع للشارع، لمح هذه المرة بعض المشاة يسيرون بمحاذاة البنايات المطلة على الشارع الذي تقع فيه العيادة، تأهب وهو يخرج محفظته، ولدى اقتراب السيارة من المكان ألتف ليطلب من السائق الوقوف حيث لم ير العنوان، اعترض سائق الأجرة على التوقف مباشرة لأن ذلك ممنوع في تلك الزاوية، وحينما تجاوز المكان بعدة أمتار توقفت السيارة وخرج منها عائداً بضع خطوات للوراء، وقف ثم سار ثم وقف، عاد مرة أخرى أدراجه للوراء، كانت البناية ذاتها ونفس الواجهة الحديثة ولكن من دون الواجهة الرصاصية ذات اللوح المعدني، حينما دنا أكثر وتمعن في الواجهة لمح فجأة جرس العيادة هو نفس الطراز الذي كان على العيادة وهو عبارة عن كرة مجوفة بلاستيكية بنية اللون يتوسطها زر، لكنه تذكر بأن البوابة السابقة كانت مختلفة ولم يقرع الجرس فقد جاء مرات عدة خلال هذا الشهر وجزء من الشهر المنصرم من دون أن يقرع الجرس، أشعل السيجارة ووقف عند حافة الرصيف يفكر في اقتحام المكان، قرر أن ينتهي من الدخان ثم يُغِيرْ على المكان، كانت هناك سيدة مُسنة تحمل كيساً ثقيلاً تمر أمامه وخلفها سار رجل مسن هو الآخر، يقود كلباً متوسط الحجم لونه بني فاتح.
ولج البناية، وقف أمام باب داخلي من الألمنيوم بيج اللون، حينما فتحه واجه فجأة صالون حلاقة نسائياً وثلاثة حلاقين من الرجال، اثنان من الشباب والآخر في منتصف العمر وعدد من النساء متفاوتات الأعمار، التَفَتت النساء نحوه فيما جمد مكانه وكأنه تعرض لرصاصة في قدمه، كانت نظرات النساء بعضهن من الفضول ظلت مسمرة عليه فيما عادت أخريات يتصفحن المجلات وَلَهَتْ بعضهن عنه.
"يستحيل،كانت العيادة هنا.
نازلة وحلت عليه تلك الساعة التي وجد نفسه متصلباً مكانه والعيون مسمرة عليه، فقد شَكيمَته وقارب للحظة على الإنهيار، تذكر تقي والده لو علم بالنتيجة التي آلت إليها محاولاً البحث عن فتاته القاطنة عقله منذ أيام ولم تغادره بعد" وداعاً للحلم" ليس بعد، راودته كوابيس كأنه في نومٍ عميق بينما هو واقف كالصخرة على هضبة من سراب الظهيرة حين اشتداد حَمَّارَةُ القَيْظ، وهي الأيام الشديدة الحرارة التي رواها له تقي عن أيامهم الغابرة حين لا مكيفات لتبريد الهواء ولا ثلاجات للتبريد، لا يجد تفسيراً لهذه الومضة التي طرقت ذاكرته وهو جامد أمام عيون الموجودين بالمكان، تجرأ وتقدم خطوتين للأمام، فَرَدَ وجهه المتجهم وتحكم في توازنه النفسي والجسدي وسأل أقرب حلاق كان بمواجهته ونبرة صوته تدل على ضراوة المحنة التي وجد نفسه فيها.
"كان هنا مركزٌ طبيٌ للتحاليل والفحوصات؟
جاءه الجواب صارماً من غير صوت وبهزة خشنة سريعة من رأس الحلاق، وهو يحمل ازدراءً لسؤاله مستهزئاً به، وحين رأى وجه سفيان وقد شُفْطَ منه الدم بدا بنظرة مشفقة كما لو عَلِم بأنه خُدع، وقال بنبرة أقل ازدراءً من الاولى، وهو يشير بسبابته للجزء الخارجي الموازي لواجهة المكان.
"لا، لم تكن هنا عيادة، لعلك تقصد الجانب الآخر الذي أُغلق بالأمس، بعد شهور من استئجاره.
توقف الرجل والتقط أنفاسه وبحث في وجه سفيان مع بقية نظرات الآخرين في الصالون، وهي تتابع حديث الاثنين بفضول إنجليزي، استطرد الحلاق حين رأى رد فعل الآخر مساوياً للصدمة في سمات الذهول على وجهه المتورد حمرة.
"يبدو ان هناك حالة إحتيال.
قفزت امرأة عن مقعدها في منتصف العمر، بدينة عند الأرداف ذات بشرة حادة البياض وعينين سوداوين بدت إحداهما أوسع من الأُخرى واقترحت بصوت حمل نبرة التعاطف.
"لا أنصحك أن تبلغ الشرطة لأنك لن تتوصل إلى شيء معهم، بل ستتورط أكثر.
برح الصالون بسرعة، تَوارَى عن العيون الشاخصة فيه بفضولٍ قاس، فارق محيط المكان وراح يهرول على الرصيف متعثراً من هول الصدمة، ومن قْدَم وسوء حجارة الرصيف، هرع مُسرعاً من غير هُدى كما لو انفجر بداخله لغم، طاف عقله تلك اللحظات باحتمالات مخيبة، تراءت له وجوه شيري، تقي، دكتور سهيل، اقتحم منظر فتاته الغارقة في بحيرة الدم بشقة الجفير، سالت البقع الزرقاء على الشوارع والأرصفة، انْبَلَجَت وجوه والدته شفيقة، شقيقيه شريف وحامد، شقيقاته الثلاث، جميلة بالذات بوجهها المُبْتَهج أزلياً وبشرتها البيضاء الناصعة المُتضاربة مع بشرة بقيتهم، مع سماتها الملائكية، رباب الثرثارة بوجهها الصارم كأنها حارسة زنزانة، وهُما المدللة، ظل يهرول حتى بلغ منه الإنْهاك أوْجه، حينها دَلف لمقهى عند ناصية من طريق لم يتبين معالمه رغم عبوره مرات من قبل، طلب قهوة سوداء وزجاجة مياه معدنية وقطعة جيز كيك وراح يتأمل الشارع عبر مساحة زجاجية تطل على الخارج، أغارت أَيْقُونة شيري عليه بوجهها الكرستالي ذي السَيْما الدمثة ونظرتها الشيطانية غير المطابقة لملاح وجهها مع البشرة الرهيفة، تناول بالشوكة قطعة من الكيك واحتسى رشفة من قهوته وعاد يسرح مع الوجه الذي أَغْار عليه وراح يتحسس بشرتها بخياله، ألف سؤال مر بذهنه وهو يغوص متأملاً تلك السيمات الرهيفة التي تبث رسائل الحنان والتعاطف وربما مشاعر أكثر تطرفاً من مجرد التعاطف، لقد كانت القبلة العابرة الخاطفة غالية الثمن إذ تجاوزت الثلاثين ألف جنيهاً استرلينياً حتى الآن "يا له من ثمن باهظ لقبلة ماسيَّة " وبحركة عفوية تحسس شفتيه بإصبعه كأنما لو كان يود التأكد من وجود أَطْلالها.
انتصب من مكانه وخرج لواجهة المقهى على الطرف من الشارع، أشعل سيجارة وراح ينفث دخانها وفكر لحظتها بعبارة المرأة الإنجليزية في الصالون"لا أنصحك أن تبلغ الشرطة لأنك لن تتوصل إلى شيء معهم، بل ستتورط أكثر "هل هي تعرف التقاليد الإنجليزية؟ أم متورطة في المسألة؟ دهس عَقَب السيجارة على الرصيف ودَلف المقهى من جديد، وجد طاولته نظيفة رغم أنه لم ينتهِ منها، ابتسم ولاذ بالفرار من المقهى ومن الشارع ومن التفكير في كل ما حوله باستثناء شيئٍ وحدٍ ظل عالقاً في رأسه "كيف أصبح مثل شيري من دون شيري؟" كان يعني، كيف أُجْري العملية من دون شيري التي اتَكَل على وعدها؟ تَلَفْت حوله في الشارع الذي بدا له طويلاً وضبابياً كسماء لندن في هذا الوقت من نهاية فصل الخريف، طوق نفسه بحزمة من أفكار خاوية لا يلوي على هدف، التَمس من شيري العذر وهو يردد بيقين.
"لا يبدو وجهها يعرف الخيانة.
****
هَيّجَ مشاعره تلقائياً وهو يحث الخطى من عيادة لأخرى، ومن مستشفى لآخر، قضى أياماً يبحث في المواقع الإلكترونية للوصول للصفحة الأولى من الموقع الذي امْتشق منه تفاصيل المركز الطبي الذي تبخر مع ضباب لندن الصباحي، أَوْلَجَ نفسه في تنقيب عن عيادة أخرى مماثلة، لكن ما زال بحاجة لشيري التي غَدَت قطعة جسيمة من العملية ذاتها. كيف يتسنى له الولوج للتحول بدون تلك النظرة التي لن ينساها؟ هذه المشاعر الهائجة في أعماقه أوقدت فيه حيوية خارقة للبحث عن المرأة الخيالية وقد تسربت من محيط حياته بعد أن تركت مَنْزلَةً في وجدانه لم يتوقعها من بين كل احتمالاته، كان يُدرك عبث محاولة الْتِقاطها من بين أكوام البشر في جزيرة كبريطانيا تعجُ بأطياف الجنسيات العالمية، الوان وأشكال المخلوقات في خضم هذا الطوفان البشري، رغم هذا الإدراك لكنه تجاسر على المحاولة ليبقى مستيقظاً حتى يغيب عن الوعي كالمصاب برصاصة وهناك من يحاول أن يبقيه صاحياً حتى لا يرحل، هذا ما اسْتَحدثهُ لنفسه كي يظل واعياً حتى الانتهاء من التحويل، ما انْفَك يتقصى الأمكنة، ارتاد المنتزهات ومقاهي الشيشة وتسلل حتى بعض الدهاليز السرية لبيع الحشيشة، يعرف أنها تتعاطى من وقت لآخر تدخينها ولعله يحظى بفرصة في أي من هذه الثغور، وأخيراً انتهى به المطاف يعرض صورتها التي التقطها لها من هاتفه على بعض رواد الملاهي والحانات ممن تَوَسَّم من سيماتهم جديرون بالثقة، اختبر كل الوسائل المتاحة له ما عدا اطلاع والده على ما جرت عليه الأمور خشيةَ أن يؤثر ذلك على تمويله المالي. تذكر للحظة وهو يدفع بجهاز الهاتف نحو شابة سوداء بدت مُتَطلبْة وهي تحاول دفعه للحديث معها على طرف نهاية مصطبة الحانة، ان صورة شيري لا يجب أن تكون محور تفاصيل في الحديث عنها، فقط ما يدل على معرفة شيء، استعاد هذا الفكرة حين لمس من أغلب الذين عرض عليهم الصورة فضولاً وقحاً في معرفة مزيد من التفاصل عنها، هل هي هاربة؟ قريبة؟ صديقة؟ مختطفة؟ حاول تجنب التورط في الحديث مع من يمتلك فطرة التطفل.
"الحب الذي يسبب المرض لصاحبه هو من نوع الفاسفوود.
لأول وهلة ضحك من قلبه، خرجت الضحكة مباغتة حتى هو ذاته لم يتوقعها، تطلع لوجه الفتاة وقد أدرك للتو متأخراً بأنها وسيمة رغم بعض البثور المطبوعة على طرف من خدها، بدت له عبارتها لطيفة، محت من ذهنة صورة المتطلبة، التي توهمها لوهلة، ابتسم لها ورفع كأسه ورفعت هي زجاجة الجعة نخب اللحظة.
"هل حدسي في مكانه؟
سألت الفتاة السمراء الداكنة ذات العينين الواسعتين الطويلتين الرماديتين، كانت هناك جلبة وسط الحانة، فيما صدحت الموسقى عند مُنْحَنى زاوية أخرى من الحانة عند مدخل باب يؤدي على ما يبدو لمطعم صغير ملحق بالمكان.
" تعيش في وهم النجاح خيراً من أن تعيش في واقع الفشل.
"ماذا يعني ذلك؟
مرة أُخرى سألت المرأة، كان الحديث يجري بصوت مرتفع خُيل إليه أنها تريد التواصل، فكر ألا يتورط في التفاصيل التي قد تفتح ثغرة لعلاقة من غير حتى تَخَيلها، تجنب الرد بعمق على تساؤلاتها واكتفى بابتسامة، احتسى من كأسه وقبل أن ينهض بادرته.
"انْتظر.
صمتت ثانية من الوقت، فيما ظل واقفاً ينظر نحوها متسائلاً بالنظر.
"هل بحثت في مركز الشرطة؟ حتى العشاق لهم ملفات في بريطانيا التائهة؟
قالتها وهي تضحك، نهضت وتركته يفكر، كما لو فتحت ثغرة في رأسه ليمسك خيطاً من المحتمل أن يؤدي إلى أثر.
"الحب الذي يسبب المرض لصاحبه هو من نوع الفاسفوود" ظل يستعيد عبارتها ويفحص مدلولاتها، وجد شيئاً غامضاً في الجملة، جذبه مضمونها ورأى فيه عمق الإيِحاء رغم مقارنة الحب بالفاسفوود، كما خمن حدسها الذي أرسلته من غير أن تعرف التفاصيل عنه، وجد في عبارتها الأخرى حول البحث في مركز الشرطة مَعْبَراً قد يقوده لنتيجة محتملة "كل شيء قائم على الاحتمالات" همس في سره ونهض عالقاً بذات البشرة السوداء، طويلة القامة كما لمحها وهي تنهض وهي أشبه بالهاربة، في وقت كان فيه هو الهارب منها متخيلاً أنها متطفلة، لم يرها في المكان، هرع للخارج، طل على الشارع فوجده خالياً من المارة، عاد أدراجه للحانة متلفتاً حوله وسط صخب المكان وزحمته، بدا كما لو يفقد الأشياء بسرعة حتى تلك البسيطة التي ظن في وقت ما لا تهمه، أو حتى تجعله يتململ منها، تطلع في وجوه الرواد، تأمل حركتهم وانْسيابهم العفوي وعدم مبالاتهم به كما لو أنه غير موجود في المكان، وحدها تلك اليانعة بسمرتها الداكنة وهي ترتدي الجينز الأسود والقميص الكحلي الغامق ما جعلها تبدو كتلة سوداء متحركة في حانة هي الأخرى معتمة، كان ضوء الصالة كئيباً وحتى الموسيقى بدت ركيكة بلا لحن ولا كلمات لا تدل على محتوى سوى إيقاع صاخب لم يَعره أي من الموجدين اهتماماً، وحده ربما من اختار تلك الموسيقى والأغاني مهتماً.
بعد أن جَلا عن الحانة إثر الإحباط الذي انْتابَه، سعى لأكثر من ليلة على زيارة المكان لعله يحظى بفرصة وجودها من جديد، دأب في الوقت ذاته على زيارة المنتزهات والمرور بالملاهي والمقاهي والبحث في أطراف المدينة، وصادف في الوقت ذاته أن انعطف فكره شارداً تجاه وجه فتاة الحانة السمراء متعلقاً بسرعة بديهيتها وبذكاء فطرتها وخيل إليه لو صاحبها من الممكن أن تساعده في التقصي حتى لو بأجر يدفعه لها، رأى نفسه كالغريق المتمسك بقشة، وجد مشقة في تظليل عقله الباطن الذي يوجهه بأفكاره الساطعة وهي تُحَمسه لاستغلال فتاة الحانة التي لم يَتَبيّن حتى اسمها ومع ذلك سعى لفرض مساعدتها له من غير صفة سوى إعجابه بعبارة نطقتها قد تكون خارجة من فم ثملة، مع كل هذه الأفكار المطموسة في سريرته المتهكمة والمتلاحقة طوال الأيام التالية، لم تعِقْه عن مطاردة شبحها، لتصبح بدورها مغامرة أخرى تُصَعْد من تقصيه لتجعله يبحث عن شبحين، شيري وحسناء سوداء، وكلتاهما تبعثان على صنع عالم من الصدف، يلتقي بناس بلا مواعيد وبلا تخطيط، كانت الأولى من غير تصميم أو رسم سوى خطة عشوائية غامضة وضعت شيري في طريقه بعيادة هي غير مُصَمَّم لها، لتأتي صدفة بَحْثهِ عن الأولى ويقوده للأخرى في حانة كئيبة معتمة في ضاحية المدينة، بدتا كريشتين طارتا في الهواء، شيري وقع في شبكتها الضارية منذ بدايتها، والأخرى حجة للأولى" حياة المرء حقل تُزْرع فيه كل الأشجار المثمرة وغير المثمرة، والعبرة في الحصاد"حاول تذكر تلك العبارة ربما كانت في الرواية التي قرأها"الدنيا ريشة في هواء"!! كل ما جرى حَوْلَهُ مطابق لما يجري في الرواية!
حين وقع قبل منتصف الليل من فوق فراشه على الأرض، ضحك من نفسه لأنها الليلة الوحيدة التي لم يشرب فيها وهَجَعَ في قيلولة مسائية إثر نوبة نعاس دامية بعد جولة نهارية في الشوارع والمقاهي، ومع ذلك سقط، نهض بعدها وفحص الساعة، وجدها الساعة الحادية عشرة وتسع دقائق، توجه نحو النافذة وأزاح الستارة، طل برأسه، رأى بعض المارة وعدداً من السيارات العابرة مع الأضواء تشع من عمودي كهرباء في واجهة البناية التي يسكنها، استعاد وعيه من نومه الطارئ، وتذكر أن الليلة نهاية الأسبوع وهذا سبب الجلبة في الخارج، حَلَق واغتسل وارتدى سروال جينز أزرق فاتح اللون يفضله في إجازات نهاية الأسبوع، مع قميص بنفسجي داكن وجاكيت أسود، أفلت من الشقة وتملص من أفكاره النهارية كلها وقرر أن يثمل في "بار الفتاة السودء"، هكذا كان يسميه في سره.



#احمد_جمعة (هاشتاغ)       A.juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (13)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (12)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (11)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (9)
- -خريف الكرز- رواية مُنعت في بعض الدول. ج (9)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (8)
- هل يكون الكاظمي بوابة الساعدي القادم أم يصبح أتاتورك العراق؟ ...
- ثورة كورونا في طور التشكل...
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج(7)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج 6)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج 5)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (4)
- المحظور الخلاق في الرواية...
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (3)
- -خريف الكرز- الرواية التي مُنعت في بعض الدول. ج (2)
- -خريف الكرز- الرواية التي مُنعتْ في بعض الدول. ج (1)
- ماذا يحصل عندما تقود الحملان الأسود؟؟!
- الحرب القادمة بين عالمين...
- حب محرم - من رواية الخراف الضالة...
- رسالة من العتمة (........) يسرا البريطانية


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد جمعة - -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (14)