أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد السعد - قراءة لديوان (نثار الياقوت) للشاعر الدكتور مجبل المالكي















المزيد.....

قراءة لديوان (نثار الياقوت) للشاعر الدكتور مجبل المالكي


أحمد السعد

الحوار المتمدن-العدد: 6565 - 2020 / 5 / 16 - 18:23
المحور: الادب والفن
    


القصیدة الشعریة تتحرك باتجاه ما أرید لها أن تكون بوصفها فیضاً تلقاءيا للمشاعر المتجسدة عبر اللغة المنسابة بعذوبة ، إذا ما عرفنا أن الترتیب التقلیدي المجاور للمعنى المادي یصعد الوظیفة الایقونية ، فیحل محل اللغة الشعریة المقترنة بالمعنى الشعري المتحققة عبر التوظیف الفني الماهر للعناصر التي تؤثث النص الشعري وعلى حد قول (فالیري) : ( الشعر حدیث غریب ، وكأنه من صنع شخص ّ غیر المتكلم ، موجه إلى شخص غیر القارئ ، وموجز القول إنه لغة في لغة ).
أحتوت مجموعة الشاعر (نثار الياقوت ) مائة وعشرة مقطوعة شعريه قصيره هي صور متحركة يتكثف فيها المعنى ويلتحم مع الصوره مشكلا ثنائية متكامله . المقطوعات جميعها منظومة وليست منثوره وهو ما منحها القدره على التكثيف تتجلى فيها روعة الصنعة الشعريه ويتبين منها الجهد الذي بذله الشاعر في تحديد ثيمته الشعريه وتفجيرها في اسطر قليله مبتعدا عن الآطالة ومكثفا الحالة الشعريه بلغه سلسه جميله ورشيقه . أنها تجربة شعريه متميزه كونها تنبع من تجربة غنيه جاءت بعد نتاجات غزيره قدمها الشاعر في رحلته الشعريه جاوزت الثلاثين عاما تتجلى فيها صور النضج الشعري وتبلور التجربة . المقطوعات الشعريه تغريك بقراءتها لسلاستها ورشاقة لغتها وجمال الصور التي تتحرك داخلها لتمنح القارئ نوعا من الخدر اللذيذ :
” هبطت دمعة فوق خد الكمان
باغتت عازفا عاشقا ....
فالتوى وتر
خلخل المهرجان "
هذا نموذج لصوره تتحرك داخل النص الشعري تباغتك نهايتها وتصدمك وأنت تواصل القراءة مدفوعا برغبتك الجامحه بأن تتوغل عميقا في أستجلاء مكونات الصوره وخلفيتها وأجزاءها المتحركه ، فهي نابضه ، حيه وهي ليست استيتيكيه ثابته بل تجذبك الى الدخول في عوالمها وتترك لك حرية التجوال في فضاءاتها اللامتناهيه . انها تسجيل لحالات شعوريه فياضه يختلج فيها الآحساس بالوجد واللوعه والآلم متماهيا مع تفاصيل الصوره التي لاتتجزأ بل يشد بعضها بعضا بوشائج تتضح كلما توغلنا في القراءه .سبق وان قلت ان المقطوعات الشعريه التي تضمنتها المجموعه تسجيل لحالات شعوريه ووجدانيه خالصه فلا تشعر وانت تقرأها ان هناك (انا) طاغيه والشاعر يستخدم ضمير الغائب بدل ضمير الآنا لذلك يمكن ان يكون من في الصوره اي منا في لحظة تجلي وجدانيه او في استغراق حلمي لذيذ او في لوعة الم وحشرجة موت . لكن الشاعر يعود الى ذاته بين الحين والآخر ليشركنا معه في رحلة الغربة حين يشده الحنين الى ارض الفراتين لكن الدروب مازالت مغلقة وسبل العيش شحت :
"القنوات كلها مشغولة
فمن ترى يفتح لي قناة ؟
افتيت عمري بالرحيل عاشقا
وفي دمي يهاجر الفرات "
فهو عاشق مهاجر ، افنى عمره في الغربة عن وطنه لكن وطنه يهاجر معه ، يحمله معه هوية وأنتماء ، الفرات (يهاجر) في داخل الشاعر ، فالفرات هناك مسجون بين ضفتيه ، لايحيد عنهما ، لكنه في داخل روح الشاعر يهاجر معه ، يحملان معا هم الغربة ويتقاسمان الوجد والشعر . الصورة الشعرية تعتمد على حاسة البصر والسمع والشاعر يتجاوز الحواس ليمنح اللمحة الشعريه أفقا اكثر رحابة وغنى وتنوعا وتناغما وأتساعا .
القصیدة الشعریة ، فضاء دلالي تتجلى من خلاله لغة الشاعر التي هي (لغته الخاصة ، إنه غارق فیها كلیة ولا یمكن فصله عنها ، إنه یفید من كل كلمة وشكل وتعبیر بناءاً على غرضه المقصود .. إنها -أي اللغة- ذلك التعبیر الصافي ، فلا ینبغي أن تكون هناك مسافة بین الشاعر وخطابه )تودوروف- المبدأ الحواري)
للشاعر فضاءاته التي يحلق فيها وحيدا مستمتعا بسعتها ومطلقا طاقاته الشعوريه واللغويه متجاسدا مع اللحظة المستغرقه لعمق مشاعره في اللحظة التي تكونت فيها القصيدة وولدت .اللحظة المقتنصه تتحول بين يدي الشاعر الى صورة متحركة تستمد صيرورتها من عمق المعاناة اليوميه وتتناغم بأتساق مع اللغة الشفيفه فتداعب احاسيسنا بتشكيلاتها وتجلياتها المكانيه والزمانيه . يقول ادونيس "ولما كانت اللغة خطاباً أدبیاً رفیعاً ، فإنها تمثل التجلي بعینه الذي یسمو بالمشاعر والأفكار بما یجعل ً النص حافلا بالمعاني والدلالات ، لاسیما وأن للنص ((مستویین : الأول : هو النص كإمكانیة لمعاني محتملة ، أي كبؤرة للدلالات ، والثاني : هو النص كمجموعة من المعاني التي كونتها القراءات المختلفة ، (الناقد ، القار ئ (هو في هذا المستوى ، شریك في معنى النص. ویستطرد أ ً دوئیس قائلا :(أن قیمة العمل الشعري لا تكمن في ّ مدى كونه (واقعیاً) أو(حقیقاً) أو كونه (یمثل) أو(یعكس)وأنما تكمن في مدى قدرته على جعل اللغة تقول أكثر مما تقوله عادة ، أي خلق علاقات جدیدة بین اللغة والعالم ، وبين الإنسان والعالم" .ادونيس – سياسة الشعر)
لايتحقق للشاعرتوافق الصورة الشعريه ومناخ القصيده مالم يكن ملما بأدق التفاصيل التي تمكنهمنها وبما يمتلك من امكانيات فنيه ولغويه عاليه ان يسحب وراءه القارئ الى اقتحام اجواء القصيده ويفتح امامه مغاليق الأفكار والمعاني والصور وتداعياتها وأهتزازات الصورة ومكوناتها وأرتباط كل ذلك بالزمان والكان لينتج تفاهما بين الشاعر والقارئ وأتفاقا على خط شروع واحد : الولوج الى عالم القصيده والأنغماس في ماينثال منها على وجدان القارئ وهو منشغل بأقتحام عالمها الجميل الذي تركه الشاعر عند بابه .
" هذه السدرة الآدمية تبقى ،
وتسقط اوراق كل السنين .
جذرها في لظى البحر مخضوضر
والشموس التي ادمنت حبها...
طبعت وشمها في ربيع الغصون "
لاتغادر النص الا وتقف عنده طويلا فتتنفس اجواء القصيده ومناخاتها وتنصهر في الصورة حتى تكون عنصرا ما أو جزءا ما في عالمها السحري فالشموس التي ادمنت حب هذه السدرة الآدمية لم تغب بل تركت مواسمها ووشمت الغصون في ربيعها .
كل قصيدة في المجموعه هي صوره ! لكنها ليست صورة استيتيكيه ، وأنما متحركه ، بل مفعمة بالحركه تمتزج مكوناتها وتتفاعل بتلقائية وسلاسه فتنساب امام ناظريك طليقة كالطبيعة سهلة الأنقياد الى ذهنك مرتمية الى ادراكك تتنفسها وتعيشها وتتفاعل مع تفاصيلها حتى ادقها .



#أحمد_السعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الولد البلوري- قراءه متأنيه في مجموعة الشاعر احمد جاسم محمد
- الضياع بين دجلة والدانوب - قراءة فى قصائد مجموعة ( أطياف حال ...
- لماذا يهولون حجم حزب البعث ؟
- الشعارات والهتافات التى رددتها الجماهير يوم عاشوراء
- دور المثقف فى عملية التغيير
- خمس قصص قصيره جدا
- الحراك السياسى العراقى والولادات الجديده
- رسالة مفتوحه أسرة وكتاب وقراء الحوار المتمدن
- هل انتهى شهر عسل حكومة المالكى والأدارة الأمريكيه
- غرامة 400 الف دولار لصحفية سودانيه بسبب مقال حول لبنى الحسين
- هل تستبعد الأيادى الأمريكيه عن أنقلاب هندوراس ؟
- عن(أشرف) مرة أخرى
- يا ترانه الجميله ....أمك ما زالت تبحث عنك
- دفاعا عن حركة الجماهير الشعبيه من أجل الحقوق الديمقراطيه وال ...
- عن اشرف مرة أخرى
- بيان استغاثه
- حزب توده يفتح النار علىمرشد الثورة على الخامنئى
- من هم قراء الحوار المتمدن ؟
- حول الأسرة والمدرسة
- أنشطه ثقافية ينهض بها فرع البصرة للحزب الشيوعى العراقى


المزيد.....




- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد السعد - قراءة لديوان (نثار الياقوت) للشاعر الدكتور مجبل المالكي