أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد جمعة - -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (12)















المزيد.....

-خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (12)


احمد جمعة
روائي

(A.juma)


الحوار المتمدن-العدد: 6565 - 2020 / 5 / 16 - 01:10
المحور: الادب والفن
    


ثلاث فتيات من بنات هَوَى دلال اخْتَفَينَ في غضون بضعة أيام، لم يتهاون الإنجليز ورجال الشرطة المحليون في رصد الحادثة، مقتت بقية البنات الدار عقب سريان موجة الذعر وسطهن، من ناحية أخرى تذرع رجال الأمن بالبحث عن جندي بريطاني هارب من الخدمة، عاثوا في الحي فساداً ولم يتركوا ثقباً حتى ثقوب الرجال والنساء إلا وفتشوها، تحروا عن كل ما يحوم في الحي من السكان، وتتبعوا كل خيط ينسل من محيط الحي، نقبوا القمامة وفتشوا البيوت المهجورة وتفحصوا حتى أجساد بنات الهَوَى بحثاً عن خدوش أو جروح أو علامات حديثة تدل على عنف يشير لاحتمال فتك أو هتك، لم يصيبوا شيئاً رغم كل الذعر الذي استأثر بسكان الحي، تسلط الهلع على منزل دلال الذي تحول إلى زوبعة، ذرفت على إثرها نساء الدار الدموع لدى اجْتياح جنود الاحتلال لأجساد العاهرات دون إرادَتَهن في كل مرة يُغيرون فيها على المنزل بحجة تعقب الجندي الهارب من الخدمة، لم يتحدث أحد عن اخْتفاء أو موت، كان حديث المدينة برمتها عن جندي يجري التحري عنه، راح جواسيس قوات الاحتلال من السكان المحليين يصيخون السمع لكل شاردةً وواردة في الحي، من ثرثرة النساء في مجالس الضحى حتى هرطقات الرجال العاطلين والكهول في المقاهي الشعبية المطلة على السواحل وفي الأحياء، امْتدَت آذان هؤلاء العسس إلى دور الطرب وبيوت الهوى السرية ومنازل العزاب ودور السهر، كان الأمر كما لو كانت ثورة ضدهم، فهمت دلال خلال تقصيها المستمر من بعض أفراد الجيش الإنجليزي الذين على علاقة بها، بأن الجندي المختفي أو الهارب، أحد أبناء ضباط الجيش وفي الوقت ذاته عميل في وحدة المخابرات بالجيش.
"يا ساتر يا إله السماوات.
خَبَطَت صدرها بيدها كأنما تنتقم من نفسها وهي تخاطب نرجس وعدداً من بناتها المذعورات طوال الوقت، توقفت زيارات الزبائن من الرجال حينما وجدوا الدار تعج بجنود الاحتلال، بعض المتسللين الجسورين ممن يبدو أنهم لم يسيطروا على شبقهم وشهواتهم غامروا باقتحام الدار من وقت لآخر مستغلين تدني أسعار فتيات الهَوَى نتيجة التطويق الأمني على المنطقة، كانت دلال تهفو إلى فك الحصار الذي أحدق بهم حول الدار يوماً بعد يوم، حتى كادت تفقد الأمل إثر بدء سحب مدخراتها من صندوق التوفير الخاص بها، خَشيت أن تستنزف تلك المدخرات وَرَوّعَها مجرد التفكير بنضوب السيولة إثر تضاءل رواد زبائن الهوى، فعمدت لخفض اسعار بناتها وعدم دفع مستحقاتهن بعد المضاجعة بحجة أنها تُأَكلَهن وتُشَرِبَهن وتَأويهن وتحميهن والحالة لا تسمح بأكثر من ذلك، فقدوا البحبوحة، مرت أوقات عسيرة عليهم وخيمت الكآبة على الدار حتى بدت كالمقبرة تُطفئ فيها المصابيح توفيراً للزيت، وقلصت الوجبات إلى وجبتين، وأضحت دلال أكثر عصبية وتوتر، طَفَت الفتيات كالأسماك حينما تشوى على صفيح ملتهب، خوف وجوع وهَتْك وشتائم وصفعات على الوجه والمؤخرة، اكْتَفَينَ بكتم أوجاعهن حتى لا يزدن الطين بلة، في السر وخلف الجدارن السميكة وبعيداً عن عيون وآذان دلال وخدمها رِحَن يشْتكَين لِبعضهن، مزقت هؤلاء الفتيات حجاب الصمت بين بعضهن بعضاً ورحن يهمسن حول جوري وتقي وليلة الدم، فَلَجْن سريرة ما جرى منذ شهور، غابت جوري عن الدار واختفى تقي من يومها وصمتت دلال عن السؤال، بررت غياب جوري بعودة زوجها من الغوص وقد بَتَر سمك القرش ساقه اليسرى، فصلها من أعلى الفخذ عند حافة الخاصرة السفلى وتركه بلا ميزان حين اجْتث ساقه على حد تعبير دلال التي زارتها في الدار ونقلت لهن ملامح حياتها في ظل زوج اقْتُلِعت روحه حينما جُذت ساقه.
حين يعود جنود الاحتلال للتنقيب في أجزاء الدار كما يفعلون بين فينة وأخرى في المنازل المجاورة، يقتنصون الفرصة ويبدأ بعضهم في العبث مع الفتيات حتى يبلغ لهوهم حد المجون، ظلت دلال عند ذلك تناورهم، فتقدم لهم الشاي وتتبادل معهم الابتسامات، إلا بعضهم حين يأتي خارج نوبته العسكرية وهو عائم في الثمالة فاقداً السيطرة، يذيق الفتيات طعم المهانة بمعاملتهن بخساسة حين يخضهن بدناءة وهوان، يخلع ملابسهن ويدفعهن للركض عرايا ثم يسكب عليهن الشراب، كانت رائحة بعض هؤلاء الجنود زَنْخَة لا تطاق من الصنان والعرق وعدم الاستحام لأيام، لم تكن هناك حرب ولا حالة طوارئ ما دفع دلال لرش المكان بالعطر وإحراق البخور لتعطير المنزل بعدما يغرب هؤلاء، لم يكونوا جميعهم بمثل هذه الوضاعة، كان بعضهم يتسم بالهدوء والدماثة واللطف ما جعل فتيات الهوى يتوددن لهم، بل ويتدللن عليهم لولا رواية الجندي الهارب من الخدمة.
" لماذا يخفون القصة؟"
بقي هذا السؤال يتكرر على شفاه دلال لأيام في سرها من دون أن يطرف لها جفن في وجه الفتيات، لا أحد في الدار يعلم بشيء، ولم يجرؤ أحد على رفع رأسه في وجه الآخر، ولم تَطف كلمة عابرة عن جندي بريطاني، كل ما يعرفه قاطنو الدار وحتى سكان الحي هو جندي مفقود أو هارب، لم يجرؤ أحد طوال المدة على التطرق لجوري أو تقي بذكر، كانت دلال قد أعلنت حالة الطوارئ في دارها مثلما أعلن الجيش البريطاني الطوارئ في الحي.
في الصباح الهادئ مع كأس الشاي الأحمر الداكن، وعلبة البسكويت الإنجليزية المعدنية الزرقاء، ودخان سيجارة كاميل الجمل، صباح مفعم بالدخان ولون الشمس الوردي كما ظهر في عيني دلال وقد تنفست الاحتقان بعد فترة عصيبة مرت على الدار، لم تكن متيقنة حتى وهي تلتقط أنفاسها للتو مع الضابط الاسكتلندي الذي أبدى امتعاضه من سلوك الجنود الإنجليز الذين شبههم بالمنبوذين، لم تثق فيه لكنها سايرته وانْخرطت تتبادل الترهات معه، كان الضابط الاسكتلندي، يتحدث معها عن الدعارة ويقترح عليها حماية وكفالة من أن تتعرض لاذى من الجنود، مقابل نسبة تدفعها له، صور لها الفجور بضاعة نظيفة سيروج لها ويقنع مكتب المقيم السامي مستشار الحكومة بتنظيم التجارة وجعلها رسمية شرط أن تمنحة نسبة من المال مع أجمل بنات الهوى عندها بين وقت وآخر حين تجتاحه الرغبة.
" أنا لَسْتُ جَلَف، لا تقلقي بهذا الشأن، رغبتي ليست فظة.
"ما يهمك المال.
رد بسرعة جازماً.
"يس.
طرق صوت من الخارج لسيارة يقترب، شمر عن ساعده وتفحص ساعته الرصاصية ذات الرقعة الداخلية السوداء، حين توقفت السيارة، نهض وتأهب للمغادرة، فيما ظلت دلال على مقعدها تتطلع نحوه، مد سبابته تجاهها قائلاً.
"إذا أحاط القائد نفسه بمن يخبرونه بما يرغب فلن يعرف أبداً ما يجري في قصره، لنا لقاء.
حين خرج الضابط، دَلَفت نرجس من الباب قادمة من الصالة لفناء الدار، كان الوقت مازال مبكراً من الصباح، حين وصلت الفتاة نحو سيدتها وقفت وعيناها على كوب الشاي الذي ترك بقاياه الاسكتلندي وخرج، سحبته من فوق الطاولة ورشفته دفعةً واحدة ثم قالت بنبرة إقدام؟
" حين يرث الملوك تاجاً من الماس فليس ذلك بمستغرب، ولكن حين يرثون سيفاً من الدم، فذلك طبعهم.
فتحت المرأة الكبيرة ثغرها، إتسعت حدقتا عينيها، تطلعت للبسالة في ملامح الفتاة الواقفة أمامها وقد أنستها براعة عبارتها ما جرى للتو بينها وبين الضابط، واسْتَنبطت للوهلة الأولى حذاقة لسانها من خلال معاشرتها المتعاقبة للشاعر الكهل المتردد على الدار، والذي يتوسلها بالاسم، ابتسمت وهي تشير لها بالجلوس.
"ما شاء الله، لسانك يقطر براعة، هناك الكثير يفوتني في الدار مؤخراً.
ظلت الفتاة واقفة مترددة، لحين أدركت المرأة الجسيمة ما وراء نظرة نرجس التي عادة تتخفى وراء قناع الدعابات الكلامية.
"ماذا تخفين وراءكِ؟
"مؤخرتي.
"الأمر لا يُضْحك.
"تعبت من الحياة، أشعر كأني ريشة في الهواء معلقة، لا قرار ولا استقرار، لا طعم للبهجة، ألْتَمس منكِ الرحيل مؤقتاً.
علت وجهها ابتسامة مقتضبة بلا عاطفة، عرت ملامحها فبدت دون رد فعل، نظرت في عينيها كمن تستكشف ما تخفيه وراء رغبتها المفاجئة بالرحيل المباغت، فقد تدربت دلال طوال الوقت على ترويض بنات هواها وسَبَرَت أغوارهن، كانت تعرف وراء كل فتاة قصة، ووراء كل طلب والتماس أمر غامض يخفي الهدف منه، فقد تمرست على كشف محاولات الاسْتعطاف والاسْتجداء المتكررة من فتياتها.
"هل شَبَعتِ؟
ثم استطردت وقد تذكرت أمراً بدا وكأنها أجلت البوح به لحين.
"تزامن إلتماسك الغياب مع طلب التماس جوري، أي أمر تُضْمِران؟
نظرة التوسل التي أبدتها الفتاة لم ترق للمرأة الكبيرة ما دفعها للقول.
"لم يحن الوقت، أنا أعْتمد عليكن، جوري عاد زوجها ولم تعد تأتي وهذا ما يثير رَيْبَتي، ما علاقتكِ بها؟ راوية هربت ولا نعلم عنها شيء، وطاهرة معطوبة من الأسفل وكلفتها طعام وشراب ونوم بلا جدوى، من أين أعيش؟
حل صمت، نهضت المرأة الكبيرة من فوق الكرسي لدى سماعها صوت الباب يُفتح، دَلفَ أحد الرجال طويل القامة، نحيف في عقد الأربعينات، أسمر البشرة، يرتدي ثوباً بنياً، حيا المرأة الكبيرة التي تَفَحصَت ساعتها، التَفتَت نحو نرجس آمرة بنبرة حاسمة.
" خذيه معك ولنا حديث بعد ذلك.
رد الرجل بصوت لا يكاد يُسْمع ونظرته إلى الأرض.
"أريد جوري.
تأملته دلال، كشفت عن وجهها الآخر وهو يغلي بسحنة غاضبة، وعرى سيماتها سريرتها الباطنة، ردت قائلة بغلاظة .
"خذها معك أو فارق الآن.


****


طار الغبار في وجه جوري حين أراقت رقية العمياء التراب في الهواء بالمخمة، قفزت الفتاة من مكانها بامْتعاض وبان عليها السخط، راحت تمسح وجهها دون أن تصدر صوتاً مدركة أن العجوز الكفيفة تعلم بوجودها على العتبة وتعمدت كسح التراب في وجهها، كان الوقت ضُحى وخيوط الشمس بدت كسولة لا تصدر حرارة مع أفول فصل الخريف ودنو فصل الشتاء وبرودة النسمات، حين صدر سعال من جوري توقفت العجوز عن الكنس وتطلعت حولها ونظراتها نحو الأعلى وطرف المكان، استدارت حولها وقالت بنبرة من تفاجأت بالفتاة.
"ظَنَنتُكِ متوارية، منذ متى هنا؟
"منذ ذَرَرْتِ التراب في وجهي وأنا هنا.
مطت الكفيفة شفتيها وتركت المخمة جانباً والْتفتت نحو جوري وقالت بصوت مرتفع كأنها تود أن يصل بعيداً.
"تحققي من حالة زوجك، لم يذق طعاماً لشيء منذ يومين، تيقني من صحته، المسكين لا يَكْف عن الصمت.
لم ترد عليها، اكتفت بتغيير مطرحها، عادت الأخرى تَكْسح التراب ولكن للجهة الأخرى عن مكان وجود الزوجة.
حين جاء صوت المؤذن متلاشياً من على بعد، رددت العجوز"لا إله إلا الله، محمد رسول الله.
ثم أردفت موجهة الكلام للزوجة بلهجة آمرة، ولكن باردة كتيار الهواء القادم من جهة الشمال.
"ذِكْري الله.
انْتصَبت جوري محتدة بغضب، أدارت رأسها عن المرأة المسنة، وسارت نحو الداخل مرددة بصوت ضاوٍ.
"لعنة الله عليج عجوز النار.
إقْتحَمت الدار ساخطة، مُذْعنة لشعورها بالركون للهدوء وحفظ سماتها أن تفضح غضبها من الدنيا حيث تراءى لها وجه الأيام الآتية بوجود زوج قضم سمك القرش فخذه وهو في مقتبل العمر، بداية الحياة معها رَكَنَها لعجوز كفيفة همها التنصت على كل حركة وتشم كل رائحة تنسل من داخل وخارج الدار، كانت ترى فيها فاقدة للبصر، لكنها عوضتها بمقايضة العمى بالبصيرة الثاقبة لما وراء الحجاب. دلفت حجرة راشد الذي كان مستنداً على كنبة وراء ظهره، مد رجله السوية وغطى بقطعة دثار سوداء داكنة طرف ساقه المبتورة وأمسك بيده محفة راح يكش بها الذباب الذي بدأ يتكاثر مع بدء انْبلاج الرطوبة وتعفن الهواء مع تصاعد روائح حرق نفايات البلدية على مقربة من منازل طرف الحي، اقتربت منه فيما كان سابحاً في ملكوت السماء كأنه يلمتس منها أمراً جللاً، كان يرتدي ثوباً عتيقاً كحلي اللون من الصوف القديم، وجاكيت أسود طويلاً وعريضاً يفيض على جسمه النحيف، وحوله صحن به حفنة بحجم قبضة اليد من التمر وكأس من المعدن نصفه ماء، جلست بمحاذاته وأمسكت يده ونظرت إلى وجهه الدامي المُحْتقن بالدمع المُتجمد في مقلة عينية منذ وقتٍ طويل، ظهرت بشرته داكنة السيما، عيناه غاصتا للداخل وتضاءلت حدقتاه، أَعرْضَ بنظراته قانطاً وكف عن النظر للسقف واكتفى بتدوير نظراته في أرجاء الغرفة، جهم مقطب الملامح وقد بدا في هامة الكَمد. دَنَت منه والتصقت بكتفه وقد جَنّ الصمت بينهما، تسللت يدها الساخنة كعادتها نحو يده وأمسكت بها وراحت تضغط برأفة وكأنها تعتذر عن أمرٍ ما مجهول يحظر عليها أن تفصح عنه.
"نهدر سنيناً في الانتظار وحين نصل ندرك أن انْتظارنا كان سراباً، نحن يا خوي ريشة مُحلقة في هواء ذليل حاله كحال هذه الدنيا، لن أتخلى عنك ولن تتخلى عني، وما من دابةً على الأرض إلا على الله رزقها.
بدا صاغر الوجه، في نظرته ذل ووهن مُسْتَضْعف، ضاعفت من ضغطها على راحة يده لعلها تُخفف وطأة الانكسار ودت لو بيدها تسيل دموعه المحتقنة ويفيض قلبه من تحجر الوريد فيه، كان غليظ النظرة رغم المهانة في السيما، مالت نحوه وقبلت وجنته، قائلة بنبرة محفزة محاولة إزالة الحاجز المُثًبط المتجسد في النظرة الميتة والجسم المُسْند على الحائط مستسلماً لقدر الصمت.
"رايات سوداء رفْرَفَت على بعض البيوت، ونوح وندب وَلْولَت على إثرها طيور الدار، أحْمِد الله لم تُرفْرف راية سوداء على منزلي، أنت حي تُرزق وهذه نعمة يا رَجلي.
تسللت رائحة بخور من الخارج، أدركت أن العجوز تشعل النيران في الفناء لتطرد الشياطين والمقصودة هي، ابتسمت قائلة لزوجها "أَنتَ حي يا عمري"
لوهلة، ارتجفت يده الصغيرة الضامرة، وسحب بها قطعة الخرقة السوداء البالية التي تستر فخذه ورفع حافة ثوبه عن ساقه المبتورة فبرزت كومة اللحم المستديرة، مُهشمة، نظر في عينيها كأنه يتسول تعبيراً منها عن حالته، خَرَت دمعة من عينيها وركعت برأسها وقبلت فخذه، ثم سحبت طرف قطعة القماش وأعادت تغطية ساقه وقالت بجلد متخفية وراء نبرة متماسكة.
"حدثني عن الواقعة؟ أرغب بقسوة البحر وشدته معرفة ما جرى في القاع.
كانت ترمي بدفعه للحديث عن الواقعة لانْتزاعه من صمته وعزلته وتحريضه على العودة للحياة، لا تحتمل هذا الصمت واحتباس الدمع في المقلتين ولا صوت العجوز الكفيفة تُقَرعها بإيحاءات رمزية، كان المنزل منذ عودته من البحر قد انْتكَس على عقب، ورغم أن الراية السوداء لم تُرفرف عليه مع بعض المنازل التي فقدت عاهلها، لكن الغروب أشبه بالغسق والصباح كأنه آخر الليل، حتى الشموع والموقد لا يحفلان بشيء سوى صمتهما المطبق، فالضوء يوقد عندما تستعير الشمس ضوءها بضوء القمر ولا شيء يتحرك سوى محفة طرد الذباب وبعض النسمات الباردة المُعلنة عن بوادر الشتاء.
"اروِ لي ماذا جرى هناك.



#احمد_جمعة (هاشتاغ)       A.juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (11)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (9)
- -خريف الكرز- رواية مُنعت في بعض الدول. ج (9)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (8)
- هل يكون الكاظمي بوابة الساعدي القادم أم يصبح أتاتورك العراق؟ ...
- ثورة كورونا في طور التشكل...
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج(7)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج 6)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج 5)
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (4)
- المحظور الخلاق في الرواية...
- -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (3)
- -خريف الكرز- الرواية التي مُنعت في بعض الدول. ج (2)
- -خريف الكرز- الرواية التي مُنعتْ في بعض الدول. ج (1)
- ماذا يحصل عندما تقود الحملان الأسود؟؟!
- الحرب القادمة بين عالمين...
- حب محرم - من رواية الخراف الضالة...
- رسالة من العتمة (........) يسرا البريطانية
- بحر الشهوات مقطع من رواية -قمر باريسي-
- خريف سنمار الإخباري


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد جمعة - -خريف الكرز- الرواية التي منعت في بعض الدول. ج (12)