أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - قصة من وحي صورة














المزيد.....

قصة من وحي صورة


محمد الدرقاوي
كاتب وباحث

(Derkaoui Mohamed)


الحوار المتمدن-العدد: 6551 - 2020 / 5 / 1 - 05:18
المحور: الادب والفن
    


ماتت زوجته اثر أول وضع لها بعد سنة ونصف من زواج ، من وقع الصدمة اصابه شلل نصفي ، فقد معه القدرة على الحركة والنطق ، بسرعة طارت به أسرته الى فرنسا من أجل العلاج ..
في عيادته الفرنسية كانت صورة معلقة بحجم كبير تغطي جدار غرفة تم وضعه فيها ،كأن ادارة العيادة تعمدت وضع هذه الصورة أمامه حتى ينام وهو يتأملها وتكون أول ما يقع عليه بصره حين يصحو..
كان يتطلع اليها كابله لا يميز لها خطوطا ولا تثير في نفسه معنى
كان عنها مشغولا بإلفه التي فقدها، بمامضى من اسعد ايامه ، بهدية الوضع عايدة ابنته .. هل لحقت بأمها ام مازالت على قيد الحياة ؟
بعد شهر من علاج صحا ذات صباح على بكاء رضيعة بجانبه ..
على التو عرفها .. صورة ناطقة من ضحى زوجته بكل دقة تقاطيعها ، بغمازة الخد الأسيل ، .........
احتضنها و قد شهق شهقة عميقة جعلته يستعيدالنطق ..
ـ رباه !! ..إني اتكلم ...
بكى كما لم يبك رجل من قبل وكلما ازداد بكاء ازداد راحة وقدرة على التلفظ بالكلمات .. بعد وقت طويل دخل عليه طبيب .. كان يكلمه فيسمعه ، يسأله فيجيبه ...
أخذ الطبيب الصغيرة من يده وسلمها الى ممرضة كانت قد لحقت به ثم قال بفرنسية راقية وكلمات هادئة موحية :
هل لاحظت الصورة التي أمامك .. كيف وجدتها؟
رفع راسه اليها ، اندهش وكأنه يراها لأول مرة حدق فيها ثم أجاب :
ـ ما ركزت فيها بعد
مسك الطبيب بيدي مريضه ثم قال :
أين انت الآن ؟
تبسم في وجه الطبيب و قد توهم انه يمزح معه ،ودون أن ينتظر الطبيب ردا قال:
انت في عيادة ، خارج وطنك ،أتيت لانك تملك مالا ،ولك نسب، واهل اتوا بك هنا للعلاج من شيء تافه .. نمتَ مدة، ثم ارتحت ،وحين صحوت وجدت هدية.. الصغيرة عايدة؛ ورغم ذلك ما تربعت على وجهك بسمة ولا غزا الفرح عينيك ، أعرف لماذا؟ وأدرك خسارتك ..لكن العالم بعدها لا زال يسير ، لم يتوقف ، ولن يتوقف ،وربما حين تخرج من هنا ستجده أجمل بكثير مما تركته قبل أن تحل بك واقعة كعثرة في طريق ..لا أظنك بعد العثرة ستظل ممددا على الأرض وأنت قادر على الوقوف ،والا كنت كالطفل الذي يسقط ويترقب من يمد له يدا .. أنت رجل شاب بقوة وقدرة ، أليس كذلك ؟
تبسم من بين دمعة غلبته ، تنهد ثم قال في شبه همس : وهو كذلك
تابع الطبيب كلامه وقد تعمد تجاهل دمعة مريضه :
ارفع راسك ، واعد النظر في الصورة التي أمامك ، في هؤلاء الذين يملأون مساحة الصورة ، هم فقراء بسطاء ،لا مال لهم ولا مكانا كافيا للنوم ،ورغم ذلك استطاعوا النوم براحة ،ومعهم قطتهم وكلبهم ودجاجة هي التي ترعاهم..
ضحك الطبيب وهو يترقب اثر كلامه في نفس مخاطبه ثم تابع :
تمعن سقف البيت الذي ينامون فيه ، كيف يقطر ماء تحت وابل الأمطار.. وحدها المظلة جعلها الاب وقاية ؛ورغم ذلك فالبسمة على كل الشفاه النائمة على سرير مكسور مدعم بطوب وحجر ..
مرة أخرى يصمت الطبيب قليلا وقد أدرك ان مريضه يتابعه بانتباه وتفكير ثم قال :
لو قارنت بينك وبين الصورة لوجدت ان المال والنسب لايصنعان الحياة ،وان السعادة ليست بالمال والزوجة والاولاد ،السعادة الحقيقة هي ان تعي نفسك وتعي ان الحياة لن تتوقف سيان واجهتها او انزويت عنها ،وان ماهو مكتوب الوقوع سيقع ،واستغرب كيف أنك مسلم ولم تتعلم حكمة يرددها المسلمون : اذا ذهب ما في الجيب اتاك الله بمافي الغيب ..
سعد ، ياصغيري !! ..لديك مشكلة ..صح .. ولكن وحدك القادر على حلها،
اقتناعك بحقيقة الوجود.. ببساطة الحياة هي علاجك ،بسمتك هي دواؤك ، وبدء خطوات أخرى في الحياة جديرة أن تخمد الماضي ليصير رمادا للهيب ..
سعد ،يا صغيري !! ..لقد أتيتني ميتا فأحياك الله ،وغدا لنا موعد مع مباراة في كرة الطائرة ستشاركني فيها ؛انهض لتستحم، فطاقم العيادة ينتظرك للاحتفال بحياتك الجديدة ..
عانقه الطبيب وضمه الى صدره ثم همس في أذنه :
اقرأ قليلا من كتابكم المقدس
بسرعة رتل :أفمن كان ميتا فأحييناه
صدق الله العظيم



#محمد_الدرقاوي (هاشتاغ)       Derkaoui_Mohamed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ارحل
- نوافذ القيود
- ابقي معي
- نصوص للصغار
- هرمت ..لكن ..
- حين تكلمت عائشة وعي ووعي
- ماشاء الله فعل
- الواو..
- وله في راية بيضاء
- رضوض - من ذكريات الكتاب-
- جئتك مولاتي عاشقا
- في عيدها
- زمن
- عدالة الله
- نساء مررن من هنا
- عرقنا لقاح
- معا يا حبيبتي
- نفوس بعنادها متناحرة
- تجربة صادمة
- امنحيني فرصة


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - قصة من وحي صورة