أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - هل لا يزال الدكتاتور صدام حسين يعيش عالمه النرجسي المريض؟















المزيد.....

هل لا يزال الدكتاتور صدام حسين يعيش عالمه النرجسي المريض؟


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 1581 - 2006 / 6 / 14 - 10:50
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


من يتابع الجلسات الأخيرة لمحكمة الجنايات الخاصة, وبشكل خاص الجلسة 33, يجد أمامه شخصية تعيش عالمها الخاص, عالم صدام حسين ما قبل السقوط, عالم الهيمنة والعظمة والعنف والقسوة البالغة, عالم رجل شرير كان يحكم الملايين من البشر, فعبر إشارة من يده أو كلمة ينطق بها أو إشارة من جفنه لتكون قانوناً يصدر لحراسه وأتباعه والمؤتمرين بأمره, أو باختصار لجلاوزته, لينهي بها حياة إنسان أو جمهرة من الناس, أو ليبني قصراً بحمامات ذهبية من أموال النفط والشعب العراقي. رجل كان يعشق الوقوف أمام المرآة ليتطلع إلى وجهه النحس ليرى فيه الجمال كله حتى عشق صورته, كان يخطب أمام المرآة فعشق صوته وراح يزيد من خطبه اليومية ويفرض صورته وصوته على محطات التلفزة, وصورته و "حكمه!" وكلماته الفارغة على الصحف والمجلات والكتب وفي الشوارع وغرف الدور السكنية والمدارس والمساجد ودور العبادة كلها, وكذلك في مؤسسات الدولة والمصانع والجامعات والمدن والأرياف والبوادي والطابوق الذي تبنى بها قصوره المذهبة. كان الرجل يعتقد أنه ينطق ذهباً وحِكَماً غنية عندما يتحدث عن الحسابات في الزمن المفقود!, كان الرجل يعيش حالة مرضية مرعبة حالة عشق الذات إلى حد الخطيئة القاتلة. وجلبت له هذه العلة المرضية علة أخرى هو الشعور بالعظمة والعملقة والقيام بما لم يقم به الأوائل ولن يجرأ على عمله القادمون من الحكام في العراق والعالم العربي. ولم يبتلي هذه الدكتاتور الأهوج بهاتين العلتين بل أصيب بعلة السادية والرغبة في التعذيب ومشاهدة الناس وهم يقتلون بين يديه أو بين يدي أتباعه من الناس وليشرك آخرون بقتل الناس كما فعل برفاقه في قيادة حزب البعث والحكم في العام 1979. كان الرجل لا يستطيع أن ينام, كما يبدو, دون أن يسمع بقتل عدد من الناس أو تعذيبهم حتى الموت أو أنين الضحايا, وكان يمارس اللعبة لا كحاكم يصدر الأوامر, بل كان يطلق النار بيديه على من يريد الخلاص منهم مباشرة, وكان يحمل السيف العربي في الساحات العامة ليهدد بها من يجرأ على طلب الحكم, فدونه الموت الزئام. كان المعلول يمتطي ظهر الحصان العربي الأبيض ليتشبه بفرسان العرب ويسير به الخيلاء في شوارع بغداد ليعلن للعالم بأنه أول حاكم عراقي يحكم العراق منذ 800 عاماً, إذ كان جميع الحكام الذين سبقوه من غير العراقيين, وهو تزوير فاضح للتاريخ العراقي. إنه العراقي الأول الذي يحكم البلاد بعد هذه القرون الثمانية! مع حقيقة أن الفترة الواقعة بين 258 حتى سقوط النظام الملكي لم يكن هناك حاكماً عراقياً بالمعنى المحدود للكلمة, ونسي حكام العراق فيما بعد.
شارك مرة في اجتماع لتقييم التنمية الانفجارية التي عقدها وزير التخطيط عدنان الحمداني, الذي قتل على يديه, في جمعية الاقتصاديين العراقيين, وكان المتحدث حينذاك الدكتور فخري قدوري, رئيس الجمعية ورئيس المكتب الاقتصادي لمجلس قيادة الثورة. فسلط المصور التلفزيوني عدسة الكاميرا باتجاه المتحدث الجديد بعد أن كانت مسلطة صوب صدام حسين وهو يخط بيديه الملوثتين بدماء العراقيين بعض الملاحظات, فنادى على حرسه الخاص الذي كان يقف وراء الدكتاتور وقال له بصوت مسموع: قل لهذا الكلب أن يوجه عدسة الكاميرا نحو ويبقيها, وأشار بقلمه صوب المصور التلفزيوني. فارتعب المصور حقاً ووجه الكاميرا صوب الدكتاتور حتى نهاية الاجتماع.
تذكرت وأنا أتابع شاشة التلفزيون حين بدأ صدام حسين يتحدث بطريقة مسرحية محاولاً استعادة "أمجاده" أو بتعبير أدق مخازيه المقبورة كـ" معلمٍ ومثقفٍ ينطق حكماً" ليلقن السيد رئيس المحكمة أسلوب التعامل مع شهود الدفاع والإثبات, تماماً كما كان يفعل في جلسات مجلس قيادة الثورة المليء بالجهلة والأفاقين, وكان المحامي الرئيسي للمتهم ينظر إلى رئيسه البائس فاغراً فمه مشدوهاً ومفتوناً بعظمته وهو يتحدث عن قطع رؤوس العراقيين المرمية في شوارع بغداد وأن رجال المقاومة هم أكثر من يحس بالأمان من العراقيين.
هذا الدكتاتور لا يريد أن يتذكر الجرائم المتهم بها والتي ارتكبها هو وطغمته طوال أربعة عقود ومنذ العام 1963 في العراق, نسى هذا الجلاد المستبد بأمره أو تناسى تماماً أن جلاوزته كانوا يقومون بقتل الناس ويقطعون رؤوس الضحايا ويقطعون أجسادهم ويدفنوهم في مقابر جماعية أو يذوبونهم في التيزاب أو يضعونهم في أكياس لترمى في نهر دجلة, أو يدفعون إلى مكائن عملاقة لفرم اللحوم والعظام لترمى إلى الأسماك أثناء ما كان هذا المستبد بأمره حاكما على أهل العراق, نسي هذا الجلاد المتوحش أو تناسى أنه, وليس غيره, من اتخذ القرار وأمر بتهجير عشرات بل مئات الآلاف من الكرد الفيلية وعرب الجنوب الشيعة من النساء والأطفال والرجال والمرضى والشيوخ ليسيروا على أقدامهم وسط الألغام المبثوثة في الأراضي الحدودية بين العراق وإيران, والعدد الهائل من الشباب من الكرد الفيلية وعرب الجنوب الذين قتلوا لأنهم شباب كرد فيلية وعرب شيعة, نسى الدكتاتور أو تناسى المجازر التي أصدر بها قراراً لتنفذ في عمليات الأنفال والكيماوي في كردستان العراق في العام 1988 وضد شعب كردستان, ضد العوائل الكردية الكادحة حتى بلغ عدد القتلى والمفقودين بحكم المقتولين ما يزيد عن 182 ألف إنسان, هل نسى أم تناسى الجرائم التي ارتكبها نظامه بحق الألاف من الكرد البارزانية, هل نسى أو تناسى أنه كان السبب في موت ما يقرب من مليوني عراقي بسبب حروبه وعواقب تلك الحروب, هل نسى الدكتاتور ما فعلة بالمنتفضين في العراق في العام 1991 في العديد من المدن العراقية الكردستانية والعربية, هل نسى عدد القتلى من المعتقلين والمسجونين من الشيوعيين والديمقراطيين والإسلاميين من مختلف الأعمار ومن مختلف القوميات والأديان والمذاهب والاتجاهات الفكرية والسياسية, بمن فيهم جمهرة كبيرة من البعثيين من قيادة قطر العراق أم من أعضاء وقياديي حزبه ذاته.
راح يتباكى الدكتاتور الأرعن على من تقطع رؤوسهم في العراق, في حين يدرك أن من يقطع الرؤوس هم من أتباعه ومن القوى الإسلامية السياسية المتطرفة من أتباع بن لادن وأيمن الظواهري وأبو مصعب الزرقاوي التي جلبها للعراق لتحمي نظامه ضد احتمال قيام حرب في العراق, إلا أنها لم تنفعه, ولكنها تحولت إلى وبالٍ على الشعب العراقي, وهو ما كان يريده, إذ كان يردد باستمرار سوف لن أترك لحكم في العراق إلا على أرض] خربة وعلى جثث الموتى. ولم يكن وحده يردد ذلك, بل كان يعيد ذكره عضو القيادة القطرية لحزب البعث حينذاك نعيم حداد وغيره من قادة البعث.
وقف الدكتاتور خطيباً في محكمة الجنايات محاولاً أن يعظ المحكمة, بما لم يتعظ به حين حكم العراق. ولم يفقد العراق عدداً من الناس بقدر ما فقده أثناء حكم الدكتاتور. هذا الإنسان المشوه والنرجسي والسادي والمصاب بجنون العظمة وانفصام الشخصية نسى أو تناسى أنه كان السبب وراء دخول القوات الأجنبية إلى العراق, وأن هذه القوات, التي لم يكن فينا من يحلم أو يرغب بأي شكل من الأشكال في دخولها إلى العراق, هي في الواقع المعاش ورغم كل الأخطاء التي ترتكبها, ارحم من الدكتاتور صدام حسين وطغمته على شعب العراق.
لقد قدم الدكتاتور بسياساته على امتداد فترة حكمه أكبر خدمة ممكنة لمن يسميهم اليوم بالقوات المحتلة, ولم نجد في تاريخ العراق شخصية قدمت خدمات فعلية لاحتلال العراق بقدر ما قدمه الدكتاتور نفسه. وبعد كل هذا وذاك يحاول أن يغمز ويلمز القاضي والادعاء العام بأنهم منصّبون من قوات الاحتلال, وينصحهم بالتروي, في حين أنه يدرك صحة الاتهامات الموجهة له وللطغمة الباغية, وأن القاضي وهيئة المحكمة يعبرون بصدق عن مصالح الشعب العراقي أولاً وأخيراً, بغض النظر عن المسرحية التي يحاول المتهمون وهيئة الدفاع ممارستها لإحراج المحكمة.
كم أتمنى أن تنتهي المحاكمة الخاصة بالدجيل, لتبدأ المحكمة بمحاكمة صدام حسين وطغمته بشأن عمليات مجازر الأنفال وحلبچة وضحايا الانتفاضة الشعبية في العام 1991 والكثير من الدعاوى الأخرى التي يفترض أن يقيمها الأفراد الذين تسبب صدام حسين ونظامه بإلحاق الأذى بهم وبعائلاتهم أو تسبب في موت ذويهم, وكذلك الأموال التي سرقت من قوت وخزينة الشعب, بما فيها الـ 5% من حصة كولبنكيان التي أصبحت من حصة صدام حسين, كما جاء في كتاب الدكتور جواد هاشم الموسوم "مذكرات وزير عراقي مع البكر وصدام حسين" المنشور في الموقع الإلكتروني "صوت العراق أيضاً.

حزيران/ يونيو 2006 كاظم حبيب



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل من مستجدات في الوضع السياسي الراهن في العراق ؟
- عجز فاضح وبداية غير مشجعة!عجز فاضح وبداية غير مشجعة!
- من أجل نهوض جديد وتعاون فعال للقوى الديمقراطية في العراق!
- ماذا تريد المظاهرات الصدرية في مدينة الثورة؟
- من يساهم في استمرار انفراط عقد الأمن في العراق؟
- تصريحات بوش وبلير ومرارة الواقع العراقي الراهن!
- ماذا يكمن وراء الضجة ضد إقليم كردستان العراق؟
- هل ما تزال البصرة حزينة ... وهل ما تزال مستباحة؟
- مع مَن مِن العرب يفترض خوض الحوار حول المسألة الكردية؟
- المزيد من العناية بأطفال كردستان, بناة الحياة الجديدة!
- هل العراق سفينة تشتعل فيها النيران ينبغي نهب ما فيها قبل فوا ...
- الفرق بين الصدرين كالبعد بين السماء والأرض!
- جولة استطلاعية في ضيافة قناة عشتار الفضائية في عنكاوة
- الأخ الفاضل السيد نيجرفان بارزاني, رئيس وزراء إقليم كردستان ...
- الإرهاب الطائفي السياسي في العراق إلى أين!
- أربيل ولقاء أسبوع المدى الثقافي العراق!
- التجمع العربي لنصرة القضية الكردية ومهماته الفعلية؟
- النقد البناء سبيلنا لتطوير العملية السلمية والديمقراطية في ا ...
- واجب الجميع التوقف عن تصعيد الصراع الطائفي في العراق!
- لا ولن يكون الاحتلال في العراق نهاية التاريخ!


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - هل لا يزال الدكتاتور صدام حسين يعيش عالمه النرجسي المريض؟