أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (حساء الوطواط) ح11















المزيد.....

رواية (حساء الوطواط) ح11


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6535 - 2020 / 4 / 12 - 10:14
المحور: الادب والفن
    


حضر صلاح سريعا إلى ردهة الطوارئ في المستشفى دون حتى يسأل عما يدور فلقد أدرك تماما أن ميمي بحاجة لمن يقف معها أو يسأل عنها، الوضع جيد وتحت السيطرة ولا يوجد ما يشير إلى إصابتها بوباء كرورنا، أنه فقط تهيج وحساسية في الجهاز التنفسي نتيجة أستنشاقها لغازات مهيجة أضرت بها وسريعا ما ستعود لحالتها الطبيعية، فقط هي بحاجة إلى ساعة أو ساعتين تحت جهاز التنفس، هكذا هو كل ما أخبرته الطبيبة المعالجة في الردهة، حاولت أن تخبره بما جرى لكن الوضع قد لا يسمح لها، سحب كرسيا وجلس إلى جوارها ليهمس......... حتى لو كانت مصابة بالوباء لا يمكن أن يتركها، أشارت له بالسكوت وأنتظارها حتى تخرج، هناك كلام كثير ستدلي به له وحده... صبرا أيها الرجل.
في أشد أزمتها الصحية لم تفكر مطلقا بغير ما تعني لها هذه اللعبة من فرح خاص وأستثنائي، إنها كادت ذلك الرجل الذي تمقته بقدر ما تمقت كل تاريخها مذ عرفت الكنغ، لم يكن خيارها ولا قدرها أن تكون هكذا وعليها أن تتحدى الموت في لعبتها الجديدة، نزعوا عنها جهاز التنفس وكتبت لها الطبيبة المعالجة بعض العلاج والمهدئات ولم يعد هناك من خطر..... وأن عليها أن تغادر الآن.. أمسكت بيد صلاح بقوة وهي تخرج لتستنشق الهواء وكأنها تتعرف عليه لأول مرة، طلبت منه الأتصال بالكنغ ليخبره أن ميمي قد تكون مصابة بالوباء وعليه أن لا يعود للشقة قبل أسبوعين كي لا يصاب هو الأخر... (أعرف ذلك وقد أخبرني أحدهم) هكذا رد وبكل برود وكأن الأمر لا يعنيه... قالت هذا هو المطلوب فعلا.
دخلت شقتها وهي في أعلى درجات الإطمئنان والسكينة الروحية، فلم يعد هناك من أمل برجوع الكنغ للمكان لهذه الفترة على الأقل، ولم يعد هناك من خوف أن يطل بنزوته مرة أخرى ذاك المسمى ابو إيمان، إنها حرة الآن تماما من كل قيد أو شرط، الساعة تشير إلى إنقضاء نصف الليل منذ مدة، ستكون متفرغة تمام للكثير مما يدور في بالها من أفكار لم تسمح لها الأيام الماضية أن تنجز شيئا منها، لا بد أن تتهيأ ليوم جديد وتأخذ قسطا من الراحة وتنام كأنها لا تدرك صباح الغد كالمعتاد، أطفأت الأنوار وأسدلت الستائر ومسحت كل الهم الذي رافقها مساء الليلة الفائتة، إنك لوحدك الآن يا بنت لا تخافي بعد الآن..... فحواء معك تتدبر....
أستغرقت بنوم طويل لم تصحو إلا على صوت مؤذن الجامع القريب من عمارة السكن، يبدو أنها مرهقة فعلا أو أنها مسترخية تماما مما كانت تحمله من هم، أو قد يكون ذلك من تأثير الأدوية المهدئة التي تناولتها ليلة الأمس، هناك سعال خفيف ومتقطع ما زال يؤثر على حنجرتها، لا بد أن الحليب الساخن مع شيء من الزعفران ممكن أن يهدئ الأمر، لقد جربته كثيرا عندما تصاب أو يصاب أحد من حولها، قامت وأخذت حماما دافئا أنعشها وساقها إلى المطبخ لتعد ما تريد....
اليوم هو الاخير ما قبل فرض حظر التجوال الرسمي الذي أعلنته الحكومة، وقد يكون الكنغ في مكتبه أو قريبا منه لكنه بالتأكيد لن يجرؤ على الصعود للشقة خوفا من الإصابة بالوباء، فتحت جهاز الكمبيوتر المحمول لترى أخر الأخبار، لا تعرف بالضبط من أين تبدأ البحث.... مواقع التواصل تعج بالأخبار من كل مكان وكأن قيامة العالم تحدث فصولها نقلا وعلى الهواء مباشرة، أخبار السياسة وتشكيل الحكومة أكثر تعاسة من أخبار الكرونا، الأرقام المهولة والإصابات التي بدأت تتضخم وتنتقل من مدينة لمدينة ومن دولة لدولة لم تعد تشعر أحدا بالأمان.... يا له من عالم غريب... كم هو تافه واقع الإنسان وهو يتنقل من مصيبة لمصيبة وكأن جرائمه وظلمه لنفسه لا تكفي فسخرت الطبيعة غضبتها لتزيده أرقا وتعبا.
لا تعرف هل فتح جورج مكتب الصرافة اليوم أم هو كما أخبرها خارج بغداد؟ فتحت جهازه المحمول الذي عادة ما يتركه في الصالة قريبا من غرفة نومه، فهي تعرف أنه مرتبط مع الحاسبات في المكتب ويمكن لها حتى الإطلاع على حالة التواجد، لم تفتح أي حاسبة في المكتب اليوم إذا....... ولا حتى هناك أي نشاط على صفحته في الفيس بوك منذ أمس، ليس من عادته أن يغلق موقعه فهو يعمل من هنا ومن هاتفه الجوال، بالتأكيد أنه لم يعد من مكانه للآن، هناك ملفات عديدة على سطح المكتب بأسماء أشخاص هذا ما لفت أنتباهها، وهناك ملفات أخرى للصور ومحفوظات كثيرة تملأ سطح المكتب، دققت بكل الأسماء لكنها لا تعرف أي منهم، حاولت أن تجرب فتح واحدا منها، هناك أشياء كثيرة متنوعة في كل ملف منها حسابات وأرقام وإيصالات وصور ....
أستهوتها اللعبة لعلها تجد ما يرشدها لشيء مهم عنه أو حتى عن أبو إيمان أو رضاب أو الشركة، هناك ملفات مقفلة برمز وهناك ملفات لا تعرف تحديدا كيف يتسنى لها فتحها، بالصدفة وحدها عثرت على ملف تحت أسم (هام وخاص) فتحته كان عبارة عن مجموعة من الصور تخص أشخاصا تعرفهم من رواد الصيرفة وأخرين لا تعرفهم تحديدا ولكنهم قد يكونوا ممن مر يوما ما، هناك صور لجلسات مشتركة لمجموعة من الأشخاص بينهم رجال ونساء، لمحت صورة رجل معروف من الطبقة السياسية العليا، لا يعقل أن يكون هو من تعرفه!.... فليس فقط ممن يحملون وزنا كبيرا في الدولة .... ولكن من كان يجلس معهم في الصورة ابو إيمان ورضاب، وفي الصورة رجل غريب تعرفه جيدا ولا تتذكر من أين تعرفه، متأكدة تماما أن هذا الرجل ليس غريبا أبدا عن ذاكرتها، ماذا يمكنها أن تفعل... كيف لها أن تحتفظ بهذه الصورة أو تنقلها إلى جهازها المحمول، أتصلت بصلاح وسألته عن ذلك، أخبرها الامر لا يحتاج إلى مساعدة فقط حملي الملف وأي ملف على فلاشة ذاكرة وبعدها يمكن أن تخزنه في أي مكان.
نزلت بحذر شديد من الشقة وهي ملتفعة بإيشارب شتوي يغطي الشعر ومعظم الوجه، الجو بارد هنا في بغداد ولكن ليس لدرجة أن يراك الأخرون وكأنك ماضي لزيارة القطب الجنوبي، المهم لم يكن هناك ما تخشى منه فالكثير من المحلات قد أغلقت أبوابها وليس مكتب جورج وحده، الشارع عموما يبدو هادئا وحركة المرور أقل من المعدل في هذه الساعة من ساعات الذروة، تقريبا المحلات التي لها تماس مع حياة الناس نشطة وقد تكون مزدحمة قليلا، عبرت الشارع إلى الجهة المقابلة حيث تعمل سناء صديقتها تلك الشابة الممتلئة ذكاء وفطنة في محل لبيع الهواتف النقالة وصيانتها، طلبت منها قطعة تخزين (فلاشة) وسألت بعض الأسئلة وخرجت مسرعة نحو مخزن المواد الغذائية فقد لا تجد فرصة مرة أخرى للتسوق، كل شيء جرى سريعا مع الحذر الشديد وعادت مرة أخرى للشقة لتبدأ تنفيذ أول خطواتها في لعبة الحياة والموت.
لم يبقى ملف أو صورة يمكن نقله إلا وخزنته حتى ملف الحسابات التي تخص الصيرفة وميزانية الشركة، ها هي الآن لديها ما يمكن أن يكون في يوم من الأيام سلاحا في وجه من يريد بها أذى، المشكلة أن بعض الملفات لا يمكن فتحها إلا ببرنامج خاص أو يحتوي على كلمة مرور، لا بأس هناك من يستطيع صلاح أو ربما صديقتها سناء فكلاهما يعرفان كيف يعالج الوضع، المهم أنها تمتلك الآن الشيء الكثير من الأسرار التي لا تعرف حدودها ما لم تتمكن من الدخول إليها مباشرة....
كل ما تحت يدها الآن لا يملك أهمية قصوى سوى صور الرجل الغريب الذي لفت أنتباهها، عصرت مخها جيدا لتتذكر ولكن كلما أجهدت نفسها تبقى الصورة تحوم في وسط الذاكرة دون أن تتلقى جواب أ لربما لمحة عنه، هل من أن تستعين بصلاح لربما يعرفه أو يتذكر شيئا ما، الرجل ليس غريبا عنها تتذكر جيدا بحدسها الذاتي ربما أمكنها في لحظة أن تعرف من هو، لا بأس هو سيعرف لاحقا ما سيكون، سأخبره بالتأكيد أو ربما هو من يستطيع أن يساعد في فتح الملفات الباقية، أرسلت الصورة فورا على الماسنجر وطلبت الجواب سريعا، ربما يكون مفتاحا لأمور كثيرة أخر، تأخر الرد وهي تقضم بأظافرها محاولة منها أن تبدد قلقها من التأخير...رن هاتفها إنه هو المقاول الذي خدع سلام... ولكن كيف حصلت عليها الآن، هذا تطور لم يكن على البال ربما سنعود إلى سنوات إلى الوراء؟.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية (حساء الوطواط) ح10
- رواية (حساء الوطواط) ح9
- هل ساهم الإعلام الفوضوي في نشر وباء الكورونا؟
- رواية (حساء الوطواط) ح8
- رواية (حساء الوطواط) ح7
- رواية (حساء الوطواط) ح6
- رواية (حساء الوطواط) ح5
- رواية (حساء الوطواط) ح4
- رواية (حساء الوطواط) ح3
- رواية (حساء الوطواط) ح2
- رواية (حساء الوطواط) ح1
- عالم ما بعد الكورنالية الراهنة. تحولات كبرى وأزمات متجددة.
- العراق .... بعين العاصفة.ح2
- العراق .... بعين العاصفة.ح1
- حسابات الوهم وحسابات الدم
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح11
- كتابات يتيمة قبل الرحيل
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح10
- من يفكك الأزمة؟ ومن يؤزم الواقع؟ ح9
- بيان المعتزلة الجدد ج2


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (حساء الوطواط) ح11