أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - محمد أبو قمر - كورونا في خطابي الدين والثقافة














المزيد.....

كورونا في خطابي الدين والثقافة


محمد أبو قمر

الحوار المتمدن-العدد: 6522 - 2020 / 3 / 24 - 20:57
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    


بعض المواطنين في بعض مناطق من الاسكندرية والقاهرة خرجوا في بلكوناتهم وهم يكبرون تضرعا إلي الله للخلاص من وباء كورونا.
من الطبيعي جدا أن يدفع الشعور الجماعي بالخطر الناس إلي تصرف جماعي ما ، ففي بعض بلدان أوروبا كإيطاليا مثلا التي اجتاحها الوباء بطريقة أشد خطورة وحصد كثيرا من الأرواح في أيام قليلة خرج الناس في شرفاتهم يغنون ، وفي فرنسا راح الفرنسيون يصفقون بشكل جماعي للفرق الطبية ويهتفون لهم ، ولماذا نذهب بعيدا ففي مصر العظيمة خرجت مجموعات من الشباب الواعي الرائع علي هيئة فرق كل فريق يختص بمهمة محددة ، فريق يمر علي البيوت والدكاكين يشرح للمواطنين طرق الوقاية ويحثهم علي عدم الخروج إلا للضرورة ، فريق آخر راح ينظف الشوارع ، فريق ثالث اختص برش وتطهير الجدران وأبواب البيوت والأرضيات بالكلور ، حدث ذلك في مدينتي ورأيتهم بأم عيني وكنت أظنهم مكلفين بذلك من جهة حكومية لكنني فوجئت بأنهم يفعلون ذلك تطوعا لوعيهم بضرورة فعل شيء ما لمواجهة هذا الخطر الذي يدهم الجميع.
تتنوع التصرفات بالطبع وفقا لنوعية الوعي التي تتحكم بدورها في مسألة تفسير الظواهر والأحداث ، فمن يعتقد أن ظاهرة البرق أو الرعد جند من جنود الله يسلطهم علي البشر غير الذي يفسر هذه الظاهرة فيزيائيا ، ومن يعتقد أن التشنج الذي يصيب الشخص ناتج عن دخول أحد العفاريت إلي روحه غير الذي يدرك الأسباب المرضية التي أدت إلي هذه التشنجات.
بالطبع تختلف التصرفات نتيجة اختلاف المعتقدات ، وتختلف طرق المواجهات ، وتختلف المشاعر والأحاسيس ، ولا تكون الأفعال المترتبة علي الوعي بالظاهرة واحدة أبدا.
وقد عجبت كل العجب من التفسير الذي كتبه أحد الباحثين الحاملين لدرجة الدكتوراه في البحوث الفلسفية علي ما أعتقد عن تكبير بعض الناس في البلكونات ، إذ رأي فيما كتبه تصرف جماعي يبشر بالخير ، والخير الذي يقصده كما كتب هو توقعه أن يتطور هذا التكبير إلي إقدام الشعب المصري علي القيام بعمل ما يشبه – كما قال نصا – يشبه ما قام به المصريون في يناير 2011 ، أي أنه توقع فيما كتبه أن يتطور التكبير في البلكونات نتيجة اليأس والشعور بالخطر إلي ثورة.
وأمام هذا التفسير الحلمنتيشي أنا مضطر للقول بأن بعض المنتسبين إلي الفكر الماركسي الذي هو فكر علمي منهجي عقلاني يناهض الحلمنتيشية بكل أنواعها ، بعض هؤلاء يتعاملون مع الفلسفة الماركسية ومع تراثها الثقافي العظيم كما يتعامل السلفيون مع الاسلام ومع تراثه المعرفي والثقافي ، السلفية الماركسية هي ذاتها السلفية الاسلامية ، التحجر ذاته ، والوقوف علي حرفية النص ذاته ، والاستنتاجات ذاتها ، وربما هذا التوحد السلفي المنكر للزمن يفسر لك سهولة تحول كثير من سلفي الماركسية ليصبحوا سلفيين إسلاميين شديدي التطرف والعماء والغياب الكلي عما يجري في العالم والأمثلة من هؤلاء كثيرة ومعروفة للجميع.
التكبير في البلكونات – وإن كان تصرفا جماعيا ناتجا عن الشعور بالخطر والإحساس باليأس والرغبة في فعل شيء كما قال فيلسوفنا إياه- إلا أنه يوحي بجهل هؤلاء بحقيقة الخطر ، فالشعور بالخطر ياسيدي غير الوعي به وبأسبابه ، وهذا الجهل ناتج عن أسباب موضوعية تتعلق بالخطاب الخرافي الذي يستولي علي وجدان هؤلاء وعلي وعيهم ، فإذا أنت تعرضت – مثلا – لصعقة كهربائية فإنك إما تُصاب بالهلع متصورا أن قوة إلهية أو شيطانية تعمدت إيذاءك فترجو الله الذي ظننته يريد قتلك أن يرحمك أو تستعين بقوته ليحميك من الشيطان الذي تعتقد أنه يلاحقك بأفعاله المميتة ، وإما تمتص الصدمة ثم تمد يدك لتصلح الخلل الذي سبب لك هذا الأذي ، في الحالتين أنت شعرت بالخطر ، لكنك في الحالة الأولي أنت لا تعي شيئا عن هذا الخطر ، وفي الحالة الثانية لديك الوعي الذي يؤهلك لمقاومة هذا الخطر.
نحن نتعرض إلي خطاب خرافي أجهض قدراتنا علي الإدراك العقلاني للظواهر والحوادث والنوائب ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخري هناك في خلفية الصورة إذا نظرت جيدا من لا يريدنا أن نري ، يهمه أن نظل عميانا حيث إذا تمكنا من الرؤية الصحيحة ضاعت مصالحه ، وفقد مراكزه وسلطته ووساطته المقدسة ، وانتهت سيطرته تماما علي أفئدة الناس وعلي عقولهم وأعتقد أنه يقف وراء عملية التكبير هذه في البلكونات ، ومن ناحية ثالثة فإن الزيف الثقافي والفكري الذي يتبناه سلفيو الفكر والثقافة والذين تتوحد استنتاجاتهم وأغراضهم مع أفكار التخلف والارهاب والخراب ، هذا الزيف الثقافي الوهمي لعب الدور الأكثر إجراما في إفساح المجال لكي تلعب خفافيش الظلام لعبتها الحقيرة في هذا الغياب.
إذن فإن عملية التكبير في الشرفات لا تعني أبدا وعيا جماعيا بأخطار كورونا ، وإنما هؤلاء المساكين يشعرون فقط بالخطر، ولأن هناك خطاب غيبي خرافي يتسلط علي عقولهم ويفرغها من القدرة علي إدراك الأسباب الموضوعية لهذا الوباء ويحول بينها وبين التصرف العملي الذي يحميها منه فإنهم يتصرفون كما لو أنهم يحلمون ، والأكثر مدعاة للمرارة التي تصل إلي حد العلقم هو أن فصيلا من المثقفين يلعب أدوارا بائسة مشبوهة في تمرير هذا الزيف المركب.



#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مخدرات
- كيف ننجو؟؟!!
- صاحب المعالي
- من غير لف
- قول علي قول
- بعض مصادر الاختلال
- حالة حب مصرية
- الرسالة
- مأساة الذوق العام
- يا ابيض يا اسود
- إلهي ما يوعي يرجع
- حتي المسبحة!!
- الحلوة
- ليست صيني ولا تيواني
- مثقفون وعلماء
- حرب بلا بنادق
- الجميلة واللص
- جذر واحد
- رفع المبتدأ وشنق الخبر
- الجميلة فيوليت


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية / اريك توسان
- الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس ... / الفنجري أحمد محمد محمد
- التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19- / محمد أوبالاك


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - محمد أبو قمر - كورونا في خطابي الدين والثقافة